فهذه الآيات ونحوها من الآيات الدالة على وجوب طاعة الرسول وامتثال أمره والنهي عن مخالفته عامة تشمل العقائد والأحكام آحاداً أو غيره، فمن فرق بينهما فقد فرّق بين متماثلين وفرق بين ما سوى الله ورسوله بينهما وهذا من أعظم الضلال. قال تعالى: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) .
ومن رد أخبار الآحاد فهو من أعظم المخالفين لأمر النبي، صلى الله عليه وسلم، وله حظ وافر من الفتنة المذكورة في الآية.
ومن أصابته الفتنة فقد هلك نسأل الله السلامة والعافية، والله لو تدبر طالب الحق هذا القول -أعني رد خبر الآحاد في العقائد- لعلم شناعته واضطرابه وتناقضه وفساده، وعلم جهالة القائل به وضلاله وخروجه عن الصراط المستقيم الذي كان عليه النبي، صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وأئمة الهدى من بعدهم.
الوجه الثاني: أن قول السقاف:"فالله عز وجل ليست له صورة بلا شك"قول فاسد ترده الأحاديث الصحيحة الثابتة عن النبي، صلى الله عليه وسلم، في إثبات الصورة لله تعالى وقد تقدم منها حديث معاذ، وعبد الرحمن بن عائش، وجابر بن سمرة وغيرها.
كحديث أبي هريرة الذي في الصحيحين وقد تلقاه سائر العلماء من أهل المشرق والمغرب بالقبول واتفقوا على تصحيحه وأنه من أصح الأحاديث ولم ينازع في ذلك أحد إلا من أضله الشيطان من أهل التجهم فأجاب على الحديث بخيله ورجله وأوهم ضعف الحديث، وهذا من أعظم الإلحاد والضلال والبعد عن العدل وقول الصدق.
وقد جاءت أيضاً عدة أحاديث غير ما تقدم ذكرها تثبت الصورة لله تعالى. ففي الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن ناساً في زمن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قالوا: يا رسول الله، هل نرى ربنا يوم القيامة؟ قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم:"نعم". الحديث، وفيه"حتى إذا لم يبق إلا من كان يعبد الله تعالى من بر وفاجر أتاهم رب العالمين سبحانه وتعالى في أدنى صورة من التي رأوه فيها".
وفي حديث أبي هريرة في الصحيحين وقد تقدم ذكره:"فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول: أنا ربكم فيقولون أنت ربنا".