عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة". رواه أحمد وأبو داود والترمذي بسند صحيح عن العرباض بن سارية رضي الله عنه."
وقد أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، عن هذه الأمة أنها سوف تفترق على ثلاث وسبعين فرقة وحكم على جميعها بالهلاك والنار إلا واحدة وهي الجماعة ففي سنن أبي داود عن معاوية رضي الله عنه قال: قام فينا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال:"ألا إن من قبلكم من أهل الكتاب افترقوا على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين: اثنتان وسبعون في النار وواحدة في الجنة، وهي الجماعة".
والجماعة هي التي تسير على منهج النبي، صلى الله عليه وسلم، ومنهج الصحابة في الأقوال والأعمال، فإن الحق لا يعرف إلا من طريقهم فما فعلوه وأقروه فهو الحق، وما استهجنوه ونبذوه فهو الباطل، فمن كان على منهجهم فهو من الفرقة الناجية التي لا تزال ولله الحمد منصورة حتى يأتي أمر الله ومن كان على غير منهجهم فهو من الفرق الهالكة التي أخبر النبي، صلى الله عليه وسلم، أنها في النار، قال الإمام أحمد رحمه الله:"أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله، صلى الله عليه وسلم، والاقتداء بهم وترك البدع، وكل بدعة فهي ضلالة" [1] .
وقال الأوزاعي رحمه الله:"اصبر نفسك على السنة وقف حيث وقف القوم وقل بما قالوا. وكف عما كفوا عنه واسلك سبيل سلفك الصالح فإنه يسعك ما وسعهم" [2] .
ولا يكفي الأخذ بمنهج السلف في جانب وترك جوانب فإن هذا من اتباع الهوى بل الواجب والحتم الأخذ بجميع منهج السلف، فإنهم على الحق المبين ومذهبهم لا يكون إلا حقاً.
قال ابن قدامة رحمه الله في ذم التأويل ص"35":"فقد ثبت وجوب اتباع السلف رحمة الله عليهم بالكتاب والسنة والإجماع. والعبرة دلت عليه فإن السلف لا يخلوا من أن يكونوا مصيبين أو مخطئين، فإن كانوا مصيبين وجب اتباعهم لأن اتباع الصواب واجب. وركوب الخطأ في الاعتقاد حرام، ولأنهم إذا كانوا مصيبين كانوا على الصراط المستقيم، ومخالفهم متبع لسبيل الشيطان الهادي إلى صراط الجحيم، وقد أمر الله تعالى باتباع سبيله وصراطه ونهى عن اتباع ما سواه فقال: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) . [سورة الأنعام: 153] . وإن زعم زاعم أنهم"
(1) - طبقات الحنابلة [1/ 241] .
(2) - رواه أبو نعيم في الحلية [6/ 143] .