وحديث الباب ليس من روايتهم عنه فإذا كان حديثه ليس من روايتهم عنه يعتبر به في المتابعات والشواهد وقد تقدم قول أحمد في حديث ابن لهيعة"وهو يقوي بعضه ببعض".
وحديثه في هذا الباب لم يذكر إلا شاهداً يقوي حديث الأعمش المتقدم وكثيراً ما يحسن بعض أهل الحديث ما هو دون هذين الطريقين.
والحاصل أن هذا الحديث مما تقوم به الحجة.
ولو تنزلنا وسلمنا أن هذا الحديث ضعيف كما ذهب إلى ذلك ابن خزيمة رحمه الله ومن وافقه ممن جاء بعده.
فإثبات الصورة لله تعالى ثابت من قوله، صلى الله عليه وسلم:"خلق الله آدم على صورته". لأن أهل القرون المفضلة لم يتنازعوا في كون الضمير يعود على الله وهذا الذي فهمه أهل العلم والدين الذين صنفوا في السنة فإنهم يذكرونه محتجين به على إثبات الصورة، وقد تقدم النقل عن أبي القاسم الأصبهاني وغيره من أهل العلم والدين.
الوجه الثالث: أن قول السقاف:"لأنه بين أن المخلوقات ومنها الإنسان مركبة من صورة وهو سبحانه (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) ". قول ناشئ عن سوء فهم وتعطيل لما يستحقه الرب جل وعلا فكون الرب جل وعلا له صورة والمخلوق له صورة لا يلزم منه مماثلة ولا مشابهة كما أننا إذا أثبتنا لله تعالى الحياة والعلم والقدرة ونحو ذلك مما وصف الله به نفسه، وأثبتنا للمخلوق الحياة والعلم والقدرة لا يلزم منه أن تكون حياة المخلوق كحياة الخالق ولا قدرته وعلمه كعلم الخالق وقدرته.
فمن نفى عن الله تعالى الصورة أو المحبة أو الرضى أو غير ذلك مما وصف الله به نفسه أو وصفه به رسوله محمد، صلى الله عليه وسلم، مستدلاً بقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) . فيلزمه نفي العلم والحياة والقدرة عن الله وإن أثبت الحياة والعلم والقدرة لزمه إثبات الصورة والمحبة والرضى والغضب ونحو ذلك مما جاءت به النصوص.
واستدلال السقاف على نفي الصورة بقوله تعالى: (لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ) من أقبح أنواع الجهل فإن الآية يراد بها إثبات الصفات لله تعالى مع نفي المماثلة لا نفي الصفات برهان ذلك أن الله تعالى قال عقب النفي: (وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ) . فأثبت لنفسه السمع والبصر بعد النفي.
فمن استدل بهذه الآية على نفي الصفات فقد سلك مسلك الجهمية النفاة.