الصفحة 16 من 25

فمن ذلك: ما قولكم في رجل دخل هذا الدين وأحبه، ولكن لا يعادي المشركين، أو عاداهم ولم يكفرهم، أو قال: أنا مسلم ولكن ما اقدر أكفر أهل لا إله إلا الله، ولو لم يعرفوا معناها؟! ورجل دخل هذا الدين وأحبه، ولكن يقول: لا أتعرض القباب وأعلم أنها لا تضر ولا تنفع ولكن لا أتعرضها.

الجواب:

أن الرجل لا يكون مسلما إلا إذا عرف التوحيد، ودان به، وعمل بموجبه، وصدق الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، وأطاعه فيما نهى عنه وأمر به، وآمن به وبما جاء به.

فمن قال لا أعادي المشركين أو عاداهم ولم يكفرهم، أو قال: لا أتعرض أهل لا إله إلا الله، ولو فعلوا الكفر والشرك، وعادوا دين الله، أو قال: لا أتعرض القباب، فهذا لا يكون مسلما، بل هو ممن قال الله فيهم: {ويقولون نؤمن ببعض ونكفر ببعض ويريدون أن يتخذوا بين ذلك سبيلا. أولئك هم الكافرون حقا وأعتدنا للكافرين عذابا مهينا} .

والله سبحانه وتعالى: أوجب معاداة المشركين ومنابذتهم، وتكفيرهم، فقال: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوآدون من حآد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم} ، وقال تعالى: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين} ، وقال تعالى: {يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق يخرجون الرسول} الآيات والله أعلم. نقل من: جواب الشيخ حسين بن الشيخ محمد بن عبد الوهاب وأخيه عبد الله.

وفي أجوبة أخرى: ما قولكم في الموالاة والمعاداة، هل هي من معنى لا إله إلا الله، أو من لوازمها؟

الجواب:

أن يقال: الله أعلم، حسب المسلم أن يعلم أن الله افترض عليه عداوة المشركين، وعدم موالاتهم، وأوجب عليه محبة المؤمنين وموالاتهم، وأخبر أن ذلك من شروط الإيمان. ونفى الإيمان عمن يواد من حآد الله ورسوله، ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم، وأما كون ذلك من معنى لا إله إلا الله، أو من لوازمها: فلم يكلفنا الله بالبحث عن ذلك، وإنما كلفنا بمعرفة أن الله فرض ذلك وأوجبه، وأوجب العمل به. فهذا الفرض والحتم الذي لا شك فيه.

ومن عرف أن ذلك من معناها أو من لازمها، فهو حسن وزيادة خير، ومن لم يعرف: فلم يكلف بمعرفته، لاسيما إذا كان الجدال في ذلك والمنازعة فيه مما يفضي إلى شر واختلاف، ووقوع فرقة بين المؤمنين الذين قاموا بواجبات الإيمان، وجاهدوا في الله، وعادوا المشركين، ووالوا المسلمين، فالسكون عن ذلك متعين، وهذا ما ظهر لي على أن الاختلاف قريب من جهة المعنى. والله اعلم.

فهذا بعض الأدلة الدالة على وجوب مقاطعة الكفار والمشركين، وهي المسألة الأولى.

وأما المسألة الثانية وهي: الأشياء التي يصير بها المسلم مرتدا. فأحدها: الشرك بالله تعالى: وهو أن يجعل لله ندا من مخلوقاته، يدعوه كما يدعو الله، ويخافه كما يخاف الله، أو يتوكل عليه كما يتوكل على الله، أو يصرف له شيئا من عبادة الله.

فإذا فعل ذلك: كفر، وخرج من الإسلام، وإن صام النهار وقام الليل، والدليل على ذلك قوله تعالى: {وإذا مس الإنسان ضر دعا ربه منيبا إليه ثم إذا خوّله نعمة منه نسي ما كان يدعو إليه من قبل وجعل لله أنداد ليضل عن سبيله قل تمتع بكفرك قليلا إنك من أصحاب النار} وقوله تعالى: {ومن يدعوا مع الله إلها آخر لا برهان له به فإنما حسابه عند ربه إنه لا يفلح الكافرون} وغير ذلك من الآيات الدالة: على أن من أشرك مع الله تعالى في عبادته مخلوقا من المخلوقين، فقد كفر وخرج من الإسلام وحبطت أعماله، كما قال تعالى: {ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون} .

الثاني: إظهار الطاعة والموافقة للمشركين على دينهم والدليل، قوله تعالى: {إن الذين ارتدوا على أدبارهم من بعد ما تبين لهم الهدى الشيطان سول لهم وأملى لهم. ذلك بأنهم قالوا للذين كرهوا ما نزل الله سنطيعكم في بعض الأمر والله يعلم إسرارهم. فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم. ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبط أعمالهم} .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام