الصفحة 15 من 25

وأما أعياد المشركين: فجمعت الشبهة والشهوة، وهي باطلة، إذ لا منفعة فيها في الدين، وما فيها من اللذة العاجلة فعاقبتها الألم، فصارت زورا، وشهودها: حضورها. وإذا كان الله قد مدح ترك شهودها الذي هو مجرد الحضور برؤية أو سماع، فكيف بالموافقة بما يزيد على ذلك من العمل الذي هو عمل الزور لا مجرد شهوده؟!!

واعلم أنا لو لم نعلم من موافقتهم إلا ما قد أفضت إلى هذه القبائح، لكان عملنا بما وافقت الطباع عليه، واستدلالنا بأصول الشريعة: يوجب النهي عن هذه الذريعة، فكيف وقد رأينا من المنكرات التي أفضت إليها المشابهة، مما قد يوجب الخروج عن الإسلام بالكلية!!

وسر هذا: أن المشابهة تفضي إلى كفر أو معصية غالبا، أو تفضي إليهما في الجملة، وما أفضى إلى ذلك كان محرما.

فهذا بعض ما جاء من الأدلة في النهي عن مشابهة المشركين والكفار، ولكن رحم الله من تنبه للسر الذي سيق الكلام لأجله وهو: أن المشابهة في الهدي الظاهر، إنما نهي عنها، لأنها تورث نوع مودة وموالاة في الباطن، وتفضي أيضا إلى كفر أو معصية، وهذا هو السبب في تحريمها والنهي عنها. فإذا علمت ذلك، وتبين ما وقع فيه كثير من الناس أو أكثرهم من موالاة الكفار والمشركين، التي إنما نهي عن هذه الأمور خوفا من الوقوع فيها تبين لك أنهم وقعوا في نفس المحذور، وتوسطوا مفازة المهلكة.

والله الهادي إلى سواء الصراط.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام