الصفحة 70 من 101

الحجة عليهم فإن أصروا كفروا حينئذ، ولا يحكم بكفرهم قبل ذلك كما لم يحكم الصحابة بكفر قدامة بن مظعون وأصحابه لمّا غلطوا فيما غلطوا فيه من التأويل. إنتهى.

قال [1] شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: فإن من نشأ ببادية، أو كان حديث عهد بإسلام، وفعل شيئاً من المحرمات غير عالم بتحريمها، لم يأثم، ولم يحد، وإن لم يستند في استحلاله إلى دليل شرعي.

فمن لم يبلغه الحديث المحرم، واستند في الإباحة إلى دليل شرعي، أولى أن يكون معذوراً، ولهذا كان هذا مأجوراً محموداً لأجل اجتهاده ا- هـ.

و يُعلم بهذا أنّ من وقع منه الكفر كالزلّة أو الهفوة يدخل في هذا الباب.

قال [2] العلاّمة أبو بطين: و ليعلم أنّنا لم نجترئ على تكفير من وجدنا في كلامه ألفاظا شركية كصاحب البردة و أمثاله، و هذه زلاّت عظيمة ربّما لو نُبّهوا عليها لتنبّهوا، و لا نسبّ الأموات و قد أفضوا إلى ما قدّموا، و نسأل الله ألاّ يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا و أن يهب لنا من لدنه رحمة إنّه هو الوهّاب. إنتهى

وكون المجتهد المعذور المأجور له أجر إذا أخطأ، لا يعني أنه يجوز تقليده فيما أخطأ فيه، إذا عُلم خطؤه عند من يقلده، فتقليد العلماء في الحق والباطل، والصواب والخطأ هو من سنن أهل الكتاب الذين اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، كما قال تعالى: {اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّه} التوبة:31. وذلك لما أطاعوهم في تحليل الحرام، وتحريم الحلال!

تنبيه: و إذ نؤكّد بأنّ التأويل مانع من موانع الكفر إلاّ أنّنا نبّهنا بأن يكون التأويل سائغا محتملا، أمّا التأويل غير السائغ و غير المحتمل كتأويلات الباطنية فهذا لا يعدّ مانعا من موانع التكفير

\. الجهل: وإنّما يكون مانعا و عذرا إن كان من الجهل الّذي لا يتمكّن المكلّف من دفعه أو إزالته، أمّا ما كان متمكّنا من إزالته فقصّر و أعرض و لم يفعل فهو جهل من كسبه غير معذور به، قال [3] شيخ الإسلام ابن تيمية: إن العذر لا يكون عذراً إلاّ مع العجز عن إزالته، وإلاّ فمتى أمكن الإنسان معرفة الحق، فقصر فيه، لم يكن معذوراً. ا- هـ.

(1) - رفع الملام، ص56

(2) - الردّ على البردة، ص: 47

(3) - رفع الملام، ص114

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام