الصفحة 67 من 101

بوحدانيته ... ولو كان القول كما قال الّذين زعموا أنّه لا يكفر بالله أحد إلّا من حيث يعلم لوجب أن يكون هؤلاء القوم في عملهم الذي أخبر الله منهم أنّهم كانوا يحسبون فيه أنّهم يحسنون صنعة مثابين مأجورين عليه، ولكن القول بخلاف ما قالوا، فأخبر جلّ ثناؤه أنّهم بالله كفرة وأنّ أعمالهم حابطة إنتهى.

وقال إبن حجر في باب من ترك قتال الخوارج: وفيه أنّ من المسلمين من يخرج من الدّين من غير أن يقصد الخروج منه، ومن غير أن يختار دينا على الإسلام. إنتهى

والمقصود أنّ العبارة في إشتراط العمد والقصد و إنتفاؤه كمانع من موانع التكفير أن يقصد إتيان الفعل المكفر، لا أن يقصد الكفر به.

قال [1] الشيخ محمد بن عبد الوهاب في تاريخ نجد (ص:452) المسألة الرابعة إذا نطق بكلمة الكفر ولم يعلم معناها صريح واضح أنّه يكون نطق بما لا يعرف معناه وأمّا كونه أنّه لا يعرف أنّها تكفره فيكفي فيه قوله:"لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم"فهم يعتذرون للنبيّ صلى الله عليه وسلم ظانين أنّها لا تكفر اهـ

فليس من موانع التكفير بإتفاق أهل العلم، قول الكفر على سبيل الهزل واللعب واللهو والمزاح.

قال [2] شيخ الإسلام: من قال بلسانه كلمةَ الكفرِ من غير حاجةٍ عامداً لها عالماً بأَنَّها كلمة كفرٍ فإِنَّه يكفرُ بذلك ظاهراً وباطناً، ولأنَّا لا نجوِّز أَنْ يقال: إِنَّه في الباطن يجوز أَنْ يكونَ مؤمناً، ومن قال ذلك فقد مَرَق من الإسلام، قال سبحانه:"مَنْ كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلاّ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالإِيمَانِ وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَليْهِمْ غَضَبٌ مِنْ اللهِ وَلهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ" [3] ومعلومٌ أَنَّه لم يُرِدْ بالكفر هنا إعتقاد القلب فقط، لأَنَّ ذلك لا يُكره الرَّجل عليه، وهو قد إستثنى من أُكْرِه ولم يُرِدْ من قال وإعتقد، لأَنَّه إستثنى المُكرَه وهو لا يُكرَه على العقد والقول، وإِنَّما يُكرَه على القول فقط، فعلِم أَنَّه أراد من تكلَّم بكلمة الكفر فعليه غضبٌ من الله وله عذابٌ عظيم وأَنَّه كافرٌ بذلك إلاَّ من أُكرِه وهو مطمئنٌّ بالإيمان، ولكن من شرح بالكفر صدراً من المُكرَهين فإِنَّه كافرٌ أيضاً، فصار من تكلَّم بالكفر كافراً إلاَّ من أُكرِه فقال بلسانه كلمةَ الكفر وقلبه مطمئنٌّ بالإيمان، وقال تعالى في حقِّ المستهزئين:"لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ".إنتهى

قال [4] إبن الجوزي: الجد واللعب في إظهار كلمة الكفر سواء.

(1) - بواسطة رسالة المتمّمة لكلام أئمّة الدعوة للشيخ علي الخضير

(2) - الصارم المسلول (ص 524)

(3) - سورة النحل: 106.

(4) - زاد المسير، 3/ 465

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام