و اسأل أبا الجن اللّعين أتعرف ... الخلاّق أم أصبحت ذا نكران ...
و اسأل شرار الخلق أغلى أمّة ... لوطية هم ناكحو الذكران ...
و اسأل كذلك إمام كلّ معطّل ... فرعون مع قارون مع هامان ...
هل كان فيهم منكر للخالق ... الربّ العظيم مكوّن الأكوان ...
فليبشّروا ما فيهم من كافر ... هم عند جهم كاملوا الإيمان
ثمّ من الأدلّة على أنّ الإيمان ليس مجرّد المعرفة، بل هو إقرار بالقلب ونطق باللسان وعمل بالجوارح.
قال تعالى:"قُولُوا آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (136) "البقرة.
و وجه الدلالة أنّ الله إشترط القول في إيمانهم، و القول يلزم منه عمل.
-وأمّا الذين قالوا أنّ الإيمان قول فقط من الكرّامية فهذا مناقض، لأنّه إذا جعله قولا فقد أقرّ أنّه عمل وهو لا يدري، وتصديق ذلك في القرآن أنّ الله تعالى جعل القول عمل. قال تعالى:"يَسْتَخْفُونَ مِنْ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنْ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ مَا لاَ يَرْضَى مِنْ الْقَوْلِ وَكَانَ اللَّهُ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطًا (108) "النساء، فذكر سبحاه وتعالى القول ثم سمّاه عملا.
كما أنّ الله تعالى جعل إقرارا في القلب عملاً حيث قال:"... إِلاَ مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ ... (106) "النحل. وقال تعالى:"إِنْ تَتُوبَا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُمَا ... (4) "التحريم. وقال تعالى:"الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ ... (35) "الحج.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"... أَلاَ وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ أَلاَ وَهِيَ الْقَلْبُ" [1]
فإذا كان القلب مطمئنا مرّة، ويصغي أخرى، ويوجل ثالثة، ثمّ يكون منه الصّلاح والفساد فأيّ عمل أكثر من هذا؟؟.
ثمّ يلزم أهل هذا الرأي ممّن يدّعي أنّ المتكلم بالإيمان مؤمن: أن المنافقين مؤمنون، وأنّ إبليس الذي قص علينا ربُّنا نبأه في السجود لآدم فقال:"إِلاَ إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ (74) "ص، فجعله الله بالإستكبار كافرا وهو مُقرٌّ غير جاحد ألا تسمع:"قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (12) "الأعراف وقوله:"قَالَ رَبِّ بِمَا أَغْوَيْتَنِي .. (39) "الحجر. فهذا مُقِرّ بأنّ الله تعالى ربّه، فهل يجوز لمن يعرف الله وكتابه وما جاء من عنده أن يثبت الإيمان لإبليس اليوم؟!.
(1) - رواه البخاري (52) ومسلم (1599) وغيرهما من حديث النعمان بن بشير الأنصاري رضي الله عنه.