وإنَّ الحكم بما أنزل الله من توحيد الربوبية المعروف بتوحيد المعرفة والإثبات إذ هو من مقتضى ربوبيته تعالى وكمال ملكه وتصرفه لا شريك له في شيء من ذلك، فالتشريع حق خالص لله وحده لا شريك له، فمن شرع غير ما أنزل الله فهو ممن نازع الله في شيء من هذا التوحيد وجعل من نفسه ندا لله، قال تعالى: {أَمْ لَهُمْ شُرَكَاءُ شَرَعُوا لَهُمْ مِنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَنْ بِهِ اللَّهُ} [الشورى: 21] ، وقال الله تعالى: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحَاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلالًا بَعِيدًا} [النساء: 60] ، فأخبر سبحانه وتعالى أن الاحتكام إلى غير كتابه وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم إضلال من الشيطان، وهو من صنيع المنافقين: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ تَعَالَوْا إِلَى مَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَإِلَى الرَّسُولِ رَأَيْتَ الْمُنَافِقِينَ يَصُدُّونَ عَنْكَ صُدُودًا} [النساء: 61] ، إنَّ التحاكم إلى شرع الله من مقتضى شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدًا عبده ورسوله.