الصفحة 139 من 153

"ومما يملأ النفس ألما وحزنا: أن صار أكثر الأمم التي تنتسب للإسلام إلى هذا الوصف المكروه، وقعوا في مثل هذا العمل الذي ذمّ اللهُ اليهودَ من أجله، وجعل جزاء مَنْ يفعله خزيا في الحياة الدنيا، وردا في الأخرة إلى أشد العذاب، فنرى أكثر الأمم المنتسبة للإسلام يعتقدون صحّة القرآن ويشهدون بذلك ويعرفونه، ويزعمون القيام بأمره، ثم هم يخالفونه في التشريع في شئونهم المالية والجنائية والخلقية، ولا يستحون أن يعلنوا أن تشريعه وتشريع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته لا يوافق العصر!"

ويجعلون من حقهم أن يشرعوا ما شاءوا، وافق الكتاب والسنة أم خالفه!

ويصطفون قوانين أوربا الوثنية الملحدة، ويشربونها في قلوبهم، يزعمونها أهدى وأنفع للناس مما أنزل إليهم من ربهم، ولا يتعظون بما أنذرهم به ربهم من المثل بالأمم قبلهم"."

"الشريعة ... مبناها على الحكم ومصالح العباد في المعاش والمعاد، وأنها عدل الله بين عباده ورحمته بين خلقه، وظله في أرضه وهي نوره الذي به أبصر المبصرون، وهداه الذي به اهتدى المهتدون، وشفاه التام الذي به دواء كل عليل، وطريقه المستقيم الذي من استقام عليه فقد استقام على سواء السبيل، فهي قرة العيون وحياة القلوب ولذة الأرواح، فيها الحياة والغذاء والدواء والنور والشفاء والعصمة، وكل خير في الوجود فإنما هو مستفاد منها وحاصل بها، وكل نقص في الوجود فسببه من إضاعتها، ولولا رسوم قد بقيت لخربت الدنيا وطوي العالم."

وهي العصمة للناس وقوام العالم، وبها يمسك الله السماوات والأرض أن تزولا، فإذا أراد الله تبارك وتعالى خراب الدنيا وطي العالم رفع إليه ما بقي من رسومها، فهي عمود العالم وقطب الفلاح والسعادة في الدنيا والآخرة" (20) ."

20 -"تحذير أهل الإيمان عن الحكم بغير ما أنزل الرحمن" (ص 48) .

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام