هكذا أوحى إليه شيطانه فإن تعجب فعجب كل العجب، هكذا يلبّس الحق بالباطل والنور بالظلام، ويصدق فيه وفي أمثاله قوله تعالى {لِمَ تَلْبِسُونَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [آل عمران: 71] ، فالقوم بلغ بهم السفّه واللعب بعقول من يستمعون إليهم هذا المبلغ، ويوجد من يصدقهم بهذا الكذب الفاضح، فهذا الشخص ممن يرغّب به الطواغيت فيدعونه ليلقي عندهم محاضرات دينية - زعموا - فهم يحبون هذا وأمثاله ممن نصب نفسه محاميا عنهم فيلقي الشبهات على السذّج والجهّال فيلبّس عليهم أمر دينهم في دورات (تضليلية) علمية زعموا!!، فهؤلاء الطواغيت يحبون دين المرجئة، فالرجل موظف عند حكومته ويأخذ أوامره منهم، ولا يقول إلا ما يسمح له به ولي نعمته، وإلا فقل لي - بربك - أي مقارنة بين عبد ارتكب معصية في خاصة نفسه، وبين طاغوت يحكم بين عباد الله بقوانين ودساتير مختلطة من كل لون يستبدل بها شريعة رب الأرباب بل إنه ينسخ ما رأى غيره أصلح منه بحسب عقله النتن أو مَنْ أطلق عليهم اسم (المشَرِّعين) أو (المجلس التشريعي) !!
فجعل من نفسه ندا لله تعالى، وأما دعواهم أنه إن اعتقد الحاكم بغير ما أنزل الله: أن حكم الله أفضل وأكمل وأنه لم يستبح هذا وأنه يعترف بذنبه وتقصيره وخطأه فهذا فاعلٌ لكبيرة!!
فالجواب أنه قد تقدّم من النصوص أن الحكم بغير ما أنزل شرك بالله، فلا يقبل فيه أي عذر، وإن دعواه هذه لمن الكذب - أعني قوله: إن حكم الله أفضل وأكمل وأنه لم يستبح هذا وأنه يعترف بذنبه وتقصيره وخطأه - فإن الذي يضع قوانين تشريعية مع علمه بحكم الله وبمخالفة هذه القوانين لحكم الله قد بدّل الشريعة، فهو كافر مشرك بالله لأنه لم يرغب بهذه القوانين عن شريعة الله إلا وهو يعتقد أنها خير للعباد والبلاد من شريعة الله!، قال الشيخ رشيد رضا كما في"فتاواه"1/ 232 - 233: