فهرس الكتاب
الصفحة 132 من 196

والقول الوجيز فيه أن يسلك بهم مسلك المرتدين فى النظر فى الدم والمال والنكاح والذبيحة ونفوذ الأقضية وقضاء العبادات، أما الأرواح فلا يسلك بهم مسلك الكافر الأصلي، إذ يتخير الإمام فى الكافر الأصلي بين أربع خصال: بين المن والفداء والاسترقاق والقتل. ولا يتخير فى حق المرتد، بل لا سبيل إلى استرقاقهم ولا إلى قبول الجزية منهم ولا إلى المن والفداء، وإنما الواجب قتلهم وتطهير وجه الأرض منهم، هذا حكم الذين يحكم بكفرهم من الباطنية، وليس يختص جواز قتلهم ولا وجوبه بحالة قتالهم، بل نغتالهم ونسفك دماءهم فإنهم مهما اشتغلوا بالقتال جاز قتلهم، وإن كانوا من الفرقة الأولى التى لم يحكم فيهم بالكفر وهو أنهم عند القتال يلتحقون بأهل البغى، والباغي يقتل ما دام مقبلا على القتال وإن كان مسلما؛ إلا أنه إذا أدبر وولى لم يتبع مدبرهم ولم يوقف على جريحهم، أمّا من حكمنا بكفرهم فلا يتوقف فى قتلهم إلى تظاهرهم بالقتال وتظاهرهم على النضال.

فإن قيل: هل يقتل صبيانهم ونساؤهم؟ قلنا: أما الصبيان فلا، فإنه لا يؤاخذ الصبى، وسيأتى حكمهم، وأما النسوان فإنا نقتلهم مهما صرحن بالاعتقاد الّذي هو كفر على مقتضى ما قررناه، فإن المرتدة مقتولة عندنا بعموم قوله صلى اللّه عليه وسلم: «من بدل دينه فاقتلوه» «1» . نعم، للإمام أن يتبع فيه موجب اجتهاده، فإن رأى أن يسلك فيهم مسلك أبى حنيفة ويكف عن قتل النساء فالمسألة فى محل الاجتهاد، ومهما بلغ صبيانهم عرضنا الإسلام عليهم، فإن قبلوا قبل إسلامهم وردت السيوف عن رقابهم إلى قربها «2» . وإن أصروا على كفرهم متبعين فيه آباءهم مددنا سيوف الحق إلى

(1) متفق عليه.

(2) قربها: أغمادها.

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام