الصفحة 157 من 392

لقيتم أولئك فأخبروهم أني بريء مني وأنهم برءاء مني ووالذي يحلف به عبد الله بن عمر

لو أنفق أحدهم مثل أحد ذهبًا ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر سمعت عمر بن الخطاب)

ثم ساق حديث جبريل المشهور.

هنا فائدة عظيمة في قوله: إنه لن يُقبل به حتى يؤمن بالقدر ثم ساق حديث جبريل وفيه

سؤال جبريل للنبي -عليه الصلاة والسلام-:(ما الإيمان؟ فقال للنبي -عليه الصلاة

والسلام-: الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره

وشره)إذن: الإيمان بالقدر أصل من أصول الدين وركن ركين من أصول الاعتقاد إن اهتز

أو اختل يختل هذا البنيان الاعتقادي العظيم. أرأيتم كيف أن الصحابي الجليل عبد الله

بن عمر -رضي الله تعالى عنه وعن أبيه- كَفَّرَ هؤلاء القدرية الأُول الذين نفوا علم

الله -عز وجل-؟! فهذا دليل واضح على أن هدم هذا الركن هدم للإيمان، إذن: الإيمان

بالقدر ركن من أركان الدين.

النقطة الثانية: قبل أن أخوض فيها، أريد أن أبين مسألة ربما تلتبس على أذهان بعض

إخواني الفضلاء، مسألة القضاء والقدر، والعلاقة بين القضاء والقدر هل القضاء هو

القدر أم أن هناك الفارق بين القضاء والقدر؟ هذان قولان موجودان، فهناك من سوى بين

القضاء والقدر بأن الكل بمعنى واحد ويقصد بالقضاء كما يقصد بالقدر: حكم الله -عز

وجل- وتقديره أو تقدير الله -سبحانه وتعالى- وحكمه على عباده. فالله -تبارك وتعالى-

قدر شيئًا ما على عباده وحكم به عليهم فهذا قضاء وهذا أيضًا قدر، وهذا المفهوم هو

ما يمكن أن نتلمسه ونقف عليه جليًا في كتاب القضاء والقدر للحافظ البيهقي- عليه

رحمة الله- وكذلك يمكن أن نتلمسه في غير موضع في كتاب العلامة ابن القيم- عليه رحمة

الله- وكتابه: شفاء العليل.

المعنى الثاني: أن القضاء أسبق، فالقضاء هو الحكم العام المتعلق بعلم الله -عز

وجل- إذن: الحكم العام الإجمالي المتعلق بعلم الله -عز وجل- هذا هو القضاء، أما

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام