الصفحة 156 من 392

فالآبار علوها يكون صافيًا نقيًا فهذه الطائفة النابتة في البصرة التي تطلب العلم

لا تطلبه من العلم الناقي منه والصافي والمُجمع عليه وإنما تُنقر في هذه المسائل

التي لا يترتب عليها عظيم اعتقاد ويخوضون فيها من غير آلة ولا برهان فيكون الفساد

حليفًا لهم، وهذا أيضًا قريب من معنى يتقفرون العلم، ويتقفرون: من القِفَار وهي

الصحراء، فعندما يسيرون لا يسيرون في الطرق الآهلة المزروعة المباركة، وإنما يسلكون

الطرق الوعرة الضيقة التي لا تسلكها السابلة، أي: الذين لا يمشون فيها، فهم متكلفون

في طلب العلم، مُتقاعرون في طلبه غير مستفيرين في طلبه، فطلبهم للعلم لا يحور عليهم

إلا بالندامة والخزي وهذه طائفة من أهل الأهواء لا يزدادون بطلب العلم إلا فجوراً

أو كبراً- والعياذ بالله- لماذا؟ لأنه لم يطلب العلم للعمل وقديمًا قالوا: «من طلب

العلم للعمل كسره علمه، ومن طلب العلم لغير ذلك لم يزدد به إلا فخرًا أو فجورًا».

أيضًا هؤلاء القوم يزدادون بالعلم بعداً عن الله -عز وجل- فتدك معاني القلوب من

قلوبهم، فيكون حالهم كحال هذا الجبل عندما ينزل عليه المطر فإنه يدك دكاً، كما يقول

الشاعر:

والعلم حرب للفتى المتعالي *** كالسيل حرب للمكان العالي

فهذه نابتة السوء التي نبتت في البصرة هذه النابتة مع أنهم يزعمون أنهم يطلبون

العلم ويتلمسون مسالكه إلا أنهم قالوا مقالة عظيمة أو قالوا مقولة عظيمة هذه

المقولة: أنه لا قدر، وأن الأمر أُنف، أنف بمعنى: مستأنف، أي: إن الله -تعالى- لا

يعلم الأمور إلا عند حصولها، أي إن الله -تعالى- لا يعلم أني سآتي إلى هذا المكان

إلا عندما أتيت، - تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً- وربي- سبحانه- وهو الجليل

لا يعلم أن إنساناً سيتزوج امرأة ما إلا عندما يتقدم ويحدث هناك العقد والبناء،

فينفون علم الله -تعالى- الأول عن الله -سبحانه وتعالى- فقال عبد الله بن عمر: (إذا

حجم الخط:
شارك الصفحة
فيسبوك واتساب تويتر تليجرام انستجرام