حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُبَيْدَةَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْمُؤَمَّلِ , وَحَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ السَّرَّاجُ ، قَالَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُثْمَانَ بْنِ كَرَامَةَ ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلَالٍ ، عَنْ شَرِيكِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي نَمِرٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ : مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ , وَمَا تَقَرَّبَ إِلَيَّ عَبْدِي بِشَيْءٍ أَفْضَلَ مِنْ أَدَاءِ مَا افْتَرَضْتُ عَلَيْهِ , وَمَا يَزَالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إِلَيَّ بِالنَّوَافِلِ حَتَّى أُحِبَّهُ , فَإِذَا أَحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذِي يَسْمَعُ بِهِ , وَبَصَرَهُ الَّذِي يُبْصِرُ بِهِ , وَيَدَهُ الَّتِي يَبْطِشُ بِهَا , وَرِجْلَهُ الَّتِي يَمْشِي بِهَا , فَلَئِنْ سَأَلَنِي عَبْدِي أَعْطَيْتُهُ , وَلَئِنِ اسْتَعَاذَنِي لَأَعَذْتُهُ , وَمَا تَرَدَّدْتُ عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ الْمُؤْمِنِ ، يَكْرَهُ الْمَوْتَ وَأَكْرَهُ إِسَاءَتَهُ , أَوْ مُسَاءَتَهُ
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلِيِّ بْنِ نَصْرٍ ، قَالَ : قُرِئَ عَلَى أَبِي مُحَمَّدِ بْنِ الْمُثَنَّى , وَحَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي كَبْشَةَ ، أَنَّ أَبَا عَامِرٍ الْعَقَدِيَّ ، حَدَّثَهُمَا , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَاحِدِ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَرْوِي عَنْ رَبِّهِ عَزَّ وَجَلَّ : قَالَ : مَنْ آذَى لِي وَلِيًّا فَقَدِ اسْتَحَلَّ مُحَارَبَتِي
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا نَافِعُ بْنُ يَزِيدَ ، حَدَّثَنِي عَيَّاشُ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ عِيسَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، قَالَ : وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَاعِدًا عِنْدَ قَبْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَبْكِي , فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ ? قَالَ : يُبْكِينِي شَيْءٌ سَمِعْتُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ يَسِيرَ الرِّيَاءِ شِرْكٌ , وَإِنَّ مَنْ عَادَى أَوْلِيَاءَ اللَّهِ فَقَدْ بَارَزَ اللَّهَ بِالْمُحَارَبَةِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَاعْلَمْ أَنَّ لِأَوْلِيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى نُعُوتًا ظَاهِرَةً , وَأَعْلَامًا شَاهِرَةً , يَنْقَادُ لِمُوَالَاتِهِمُ الْعُقَلَاءُ وَالصَّالِحُونَ , وَيَغْبِطُهُمْ بِمَنْزِلَتِهِمُ الشُّهَدَاءُ وَالنَّبِيُّونَ
وَهُوَ مَا حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ وَعَاصِمُ بْنُ عَلِيٍّ , قَالَا : حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، حَدَّثَنَا عُمَارَةُ بْنُ الْقَعْقَاعِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ جَرِيرٍ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ لَأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلَا شُهَدَاءَ , يَغْبِطُهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، فَقَالَ رَجُلٌ : مَنْ هُمْ ؟ وَمَا أَعْمَالُهُمْ ؟ لَعَلَّنَا نُحِبُّهُمْ , قَالَ : قَوْمٌ يَتَحَابُّونَ بِرُوحِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ , وَلَا أَمْوَالَ يَتَعَاطَوْنَهَا بَيْنَهُمْ , وَاللَّهِ إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ , وَإِنَّهُمْ لَعَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ , لَا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ , وَلَا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ , ثُمَّ قَرَأَ : {{ أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللَّهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ }} وَمِنْ نُعُوتِهِمْ : أَنَّهُمُ الْمُوَرِّثُونَ جُلَّاسَهُمْ كَامِلَ الذِّكْرِ , وَالْمُفِيدُونَ خِلَّانَهُمْ بِشَامِلِ الْبِرِّ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَلِيٍّ الْأَبَّارُ ، حَدَّثَنَا الْهَيْثَمُ بْنُ خَارِجَةَ ، حَدَّثَنَا رِشْدِينُ بْنُ سَعْدٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْوَلِيدِ التُّجِيبِيِّ ، عَنْ أَبِي مَنْصُورٍ ، مَوْلَى الْأَنْصَارِ , أَنَّهُ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الْجَمُوحِ ، يَقُولُ : إِنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : قَالَ اللَّهُ عزَّ وَجَلَّ : إِنَّ أَوْلِيَائِي مِنْ عِبَادِي وَأَحِبَّائِي مِنْ خَلْقِي الَّذِينَ يُذْكَرُونَ بِذِكْرِي , وَأُذْكَرُ بِذِكْرِهِمْ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَعْقُوبَ الْمُعَدِّلِ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عُلُّوِيَةَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا الْهَيَّاجُ بْنُ بِسْطَامٍ ، عَنْ مِسْعَرِ بْنِ كِدَامٍ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَخْنَسِ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ ؟ قَالَ : الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، وَحَدَّثَنَا أَبُو حُصَيْنٍ الْقَاضِي ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ الْعَطَّارُ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ ، عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ ، عَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ ، قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِخِيَارِكُمْ ؟ ، قَالُوا : بَلَى . قَالَ : الَّذِينَ إِذَا رُءُوا ذُكِرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَمِنْهَا : أَنَّهُمُ الْمُسَلَّمُونَ مِنَ الْفِتَنِ , الْمُوقَوْنَ مِنَ الْمِحَنِ
حَدَّثَنَا الْقَاضِي أَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْقَاسِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ ، حَدَّثَنَا الْحَكَمُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنِي مُسْلِمُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ضَنَائِنَ مِنْ عِبَادِهِ يُغَذِّيهِمْ فِي رَحْمَتِهِ , وَيُحْيِيهِمْ فِي عَافَيْتِهِ , إِذَا تَوَفَّاهُمْ تَوَفَّاهُمْ إِلَى جَنَّتِهِ , أُولَئِكَ الَّذِينَ تَمُرُّ عَلَيْهِمُ الْفِتَنُ كَقِطَعِ اللَّيْلِ الْمُظْلِمِ , وَهُمْ مِنْهَا فِي عَافِيَةٍ وَمِنْهَا : أَنَّهُمُ الْمَضْرُورُونَ فِي الْأَطْعِمَةِ وَاللِّبَاسِ , الْمَبْرُورَةُ أَقْسَامُهُمْ عِنْدَ النَّازِلَةِ وَالْبَأسِ
حَدَّثَنَا أَبُو إِسْحَاقَ بْنُ حَمْزَةَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبِ بْنِ يَزِيدَ ، وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ يُوسُفَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَزِيزٍ ، حَدَّثَنَا سَلَامَةُ بْنُ رَوْحٍ ، حَدَّثَنَا عَقِيلٌ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : كَمْ مِنْ ضَعِيفٍ مُتَضَعِّفٍ ذِي طِمْرَيْنِ لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ لَأَبَرَّهُ , مِنْهُمُ الْبَرَاءُ بْنُ مَالِكٍ . ثُمَّ إِنَّ الْبَرَاءَ لَقِيَ زَحْفًا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَقَدْ أَوَجَعَ الْمُشْرِكُونَ فِي الْمُسْلِمِينَ , فَقَالُوا لَهُ : يَا بَرَاءُ إِنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لَوْ أَقْسَمْتَ عَلَى رَبِّكَ لَأَبَرَّكَ , فَأَقْسِمْ عَلَى رَبِّكَ , فَقَالَ : أَقْسَمْتُ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ , فَمُنِحُوا أَكْتَافُهُمْ , ثُمَّ الْتَقَوْا عَلَى قَنْطَرَةِ السُّوسِ , فَأَوْجَعُوا فِي الْمُسْلِمِينَ , فَقَالُوا : أَقْسِمْ يَا بَرَاءُ عَلَى رَبِّكَ عَزَّ وَجَلَّ , قَالَ : أُقْسِمْ عَلَيْكَ يَا رَبِّ لَمَا مَنَحْتَنَا أَكْتَافَهُمْ , وَأَلْحَقْتَنِي بِنَبِيِّكَ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَمُنِحُوا أَكْتَافُهُمْ , وَقُتِلَ الْبَرَاءُ شَهِيدًا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ نَصْرٍ الصَّائِغُ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي حَازِمٍ ، عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ ، عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ رَبَاحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : رُبَّ أَشْعَثَ ذِي طِمْرَيْنِ تَنْبُو عَنْهُ أَعْيَنُ النَّاسِ , لَوْ أَقْسَمَ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَأَبَرَّهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَمِنْهَا إِنَّ لِيَقِينِهِمْ تَنْفَلِقُ الصُّخُورُ , وَبِيَمِينِهِمْ تَنْفَتِقُ الْبُحُورُ
حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ التُّسْتَرِيُّ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا دَاوُدُ بْنُ رُشَيْدٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ مُسْلِمٍ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ هُبَيْرَةَ ، عَنْ حَنَشٍ الصَّنْعَانِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، أَنَّهُ قَرَأَ فِي أُذُنِ مُبْتَلًى فَأَفَاقَ ، فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَا قَرَأْتَ فِي أُذُنِهِ ؟ قَالَ : قَرَأْتُ : {{ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا }} حَتَّى خَتَمَ السُّورَةَ , فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَوْ أَنَّ رَجُلًا مُوقِنًا قَرَأَهَا عَلَى جَبَلٍ لَزَالَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْكُوفِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ ، حَدَّثَنَا الصَّلْتُ بْنُ مَطَرٍ ، عَنْ قُدَامَةَ بْنِ حَمَاظَةَ ابْنِ أُخْتِ سَهْمِ بْنِ مِنْجَابٍ , قَالَ : سَمِعْتُ سَهْمَ بْنَ مِنْجَابٍ ، قَالَ : غَزَوْنَا مَعَ الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ , فَسِرْنَا حَتَّى أَتَيْنَا دَارِينَ , وَالْبَحْرُ بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ , فَقَالَ : يَا عَلِيمُ يَا حَلِيمُ يَا عَلِيُّ يَا عَظِيمُ إِنَّا عَبِيدُكَ , وَفِي سَبِيلِكَ نُقَاتِلُ عَدُوَّكَ , اللَّهُمَّ فَاجْعَلْ لَنَا إِلَيْهِمْ سَبِيلًا فَتَقَحَّمَ بِنَا الْبَحْرَ فَخُضْنَا مَا يَبْلُغُ لُبُودَنَا الْمَاءُ , فَخَرَجْنَا إِلَيْهِمْ
حَدَّثَنَا أَبُو حَامِدِ بْنُ جَبَلَةَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، وَالْوَلِيدُ بْنُ شُجَاعٍ ، قَالَا : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بَكْرٍ ، عَنْ حَاتِمِ بْنِ أَبِي صَغِيرَةَ ، عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ قَالَ : لَقَدْ رَأَيْتُ فِي الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ ثَلَاثَ خِصَالٍ , مَا مِنْهُنَّ خَصْلَةٌ إِلَّا وَهِيَ أَعْجَبُ مِنْ صَاحِبَتِهَا : انْطَلَقْنَا نَسِيرُ حَتَّى قَدِمْنَا الْبَحْرَيْنَ , وَأَقْبَلْنَا نَسِيرُ حَتَّى كُنَّا عَلَى شَطِّ الْبَحْرِ ، فَقَالَ الْعَلَاءُ : سِيرُوا , فَأَتَى الْبَحْرُ فَضَرَبَ دَابَّتَهُ فَسَارَ وَسِرْنَا مَعَهُ مَا يُجَاوِزُ رُكَبَ دَوَابِّنَا , فَلَمَّا رَآنَا ابْنُ مُكَعْبَرٍ عَامِلُ كِسْرَى قَالَ : لَا وَاللَّهِ لَا نُقَاتِلُ هَؤُلَاءِ , ثُمَّ قَعَدَ فِي سَفِينَةٍ فَلَحِقَ بِفَارِسَ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِنْهَا أَنَّهُمْ سُبَّاقُ الْأُمَمِ وَالْقُرُونِ , وَبِإِخْلَاصِهِمْ يُمْطَرُونَ وَيُنْصَرُونَ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنِ ابْنِ عَجْلَانَ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : لِكُلِّ قَرْنٍ مِنْ أُمَّتِي سَابِقُونَ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْخَزَرِ الطَّبَرَانِيُّ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي زَيْدٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ هَارُونَ الصُّورِيُّ ، حَدَّثَنَا الْأَوْزَاعِيُّ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : خِيَارُ أُمَّتِي فِي كُلِّ قَرْنٍ خَمْسُمِائَةٍ , وَالْأَبْدَالُ أَرْبَعُونَ , فَلَا الْخَمْسُمِائَةٍ يَنْقُصُونَ وَلَا الْأَرْبَعُونَ , كُلَّمَا مَاتَ رَجُلٌ أَبْدَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الْخَمْسِمِائَةِ مَكَانَهُ , وَأَدْخَلَ مِنَ الْأَرْبَعِينَ مَكَانَهُمْ , قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ دُلَّنَا عَلَى أَعْمَالِهِمْ . قَالَ : يَعْفُونَ عَمَّنْ ظَلَمَهُمْ , وَيُحْسِنُونَ إِلَى مَنْ أَسَاءَ إِلَيْهِمْ , وَيَتَوَاسُونَ فِيمَا آتَاهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ السَّرِيِّ الْقَنْطَرِيُّ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ قَيْسٍ السَّامِرِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ يَحْيَى الْأَرْمَنِيُّ ، حَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ عُمَارَةَ ، حَدَّثَنَا الْمُعَافَى بْنُ عِمْرَانَ ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي الْخَلْقِ ثَلَاثَمِائَةٍ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ أَرْبَعُونَ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ سَبْعَةٌ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ خَمْسَةٌ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ ثَلَاثَةٌ قُلُوبُهُمْ عَلَى قَلْبِ مِيكَائِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , وَلِلَّهِ تَعَالَى فِي الْخَلْقِ وَاحِدٌ قَلْبُهُ عَلَى قَلْبِ إِسْرَافِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَإِذَا مَاتَ الْوَاحِدُ أَبْدَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مَكَانَهُ مِنَ الثَّلَاثَةِ , وَإِذَا مَاتَ مِنَ الثَّلَاثَةِ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَهُ مِنَ الْخَمْسَةِ , وَإِذَا مَاتَ مِنَ الْخَمْسَةِ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَهُ مِنَ السَّبْعَةِ , وَإِذَا مَاتَ مِنَ السَّبْعَةِ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَهُ مِنَ الْأَرْبَعِينَ , وَإِذَا مَاتَ مِنَ الْأَرْبَعِينَ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَهُ مِنَ الثَّلَاثِمِائَةِ , وَإِذَا مَاتَ مِنَ الثَّلَاثِمِائَةِ أَبْدَلَ اللَّهُ تَعَالَى مَكَانَهُ مِنَ الْعَامَّةِ . فَبِهِمْ يُحْيِي وَيُمِيتُ , وَيُمْطِرُ وَيُنْبِتُ , وَيَدْفَعُ الْبَلَاءَ . قِيلَ لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ : كَيْفَ بِهِمْ يُحْيِي وَيُمِيتُ ؟ قَالَ : لِأَنَّهُمْ يَسْأَلُونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِكْثَارَ الْأُمَمِ فَيَكْثُرُونَ , وَيَدْعُونَ عَلَى الْجَبَابِرَةِ فَيُقْصَمُونَ , وَيَسْتَسْقَوْنَ فَيُسْقَوْنَ , وَيَسْأَلُونَ فَتُنْبِتُ لَهُمُ الْأَرْضُ , وَيَدْعُونَ فَيَدْفَعُ بِهِمْ أَنْوَاعَ الْبَلَاءِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدٌ أَبُو عَمْرِو بْنِ حَمْدَانَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ الضَّحَّاكِ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عَيَّاشٍ ، حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عَمْرٍو ، عَنْ خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ ، عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا حُذَيْفَةُ إِنَّ فِي كُلِّ طَائِفَةٍ مِنْ أُمَّتِي قَوْمًا شُعْثًا غُبْرًا , إِيَّايَ يُرِيدُونَ , وَإِيَّايَ يَتَّبِعُونَ , وَكِتَابَ اللَّهِ يُقِيمُونَ , أُولَئِكَ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ , وَإِنْ لَمْ يَرَوْنِي
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ سَهْلٍ ، حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ هَاشِمٍ ، ثنا سُلَيْمَانُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : مَنْ سَأَلَ عَنِّي - أَوْ سَرَّهُ أَنْ يَنْظُرَ إِلَيَّ - فَلْيَنْظُرْ إِلَى أَشْعَثَ شَاحِبٍ مُشَمِّرٍ , لَمْ يَضَعْ لَبِنَةً عَلَى لَبِنَةٍ , وَلَا قَصَبَةً عَلَى قَصَبَةٍ , رُفِعَ لَهُ عَلَمٌ فَشَمَّرَ إِلَيْهِ , الْيَوْمَ الْمِضْمَارُ وَغَدًا السِّبَاقُ , وَالْغَايَةُ الْجَنَّةُ أَوِ النَّارُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَمِنْهَا أَنَّهُمْ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الْعَاجِلَةِ فَرَفَضُوهَا , وَإِلَى ظَاهِرِ بَهْجَتِهَا وَزِينَتِهَا فَوَضَعُوهَا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ مَالِكٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، حَدَّثَنِي غَوْثُ بْنُ جَابِرٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ مُحَمَّدَ بْنَ دَاوُدَ يُحَدِّثُ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ وَهْبِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : قَالَ الْحَوَارِيُّونَ : يَا عِيسَى مَنْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ؟ قَالَ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ : الَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى بَاطِنِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى ظَاهِرِهَا , وَالَّذِينَ نَظَرُوا إِلَى آجِلِ الدُّنْيَا حِينَ نَظَرَ النَّاسُ إِلَى عَاجِلِهَا , فَأَمَاتُوا مِنْهَا مَا يَخْشَوْنَ أَنْ يَشِينَهُمْ , وَتَرَكُوا مَا عَلِمُوا أَنْ سَيَتْرُكُهُمْ , فَصَارَ اسْتِكْثَارُهُمْ مِنْهَا اسْتِقْلَالًا , وَذِكْرُهُمْ إِيَّاهَا فَوَاتًا , وَفَرَحُهُمْ مِمَّا أَصَابُوا مِنْهَا حُزْنًا , فَمَا عَارَضَهُمْ مِنْ نَيْلِهَا رَفَضُوهُ , وَمَا عَارَضَهُمْ مِنْ رِفْعَتِهَا بِغَيْرِ الْحَقِّ وَضَعُوهُ , وَخَلِقَتِ الدُّنْيَا عِنْدَهُمْ فَلَيْسُوا يُجَدِّدُونَهَا , وَخَرِبَتْ بُيُوتُهُمْ فَلَيْسُوا يُعَمِّرُونَهَا , وَمَاتَتْ فِي صُدُورِهِمْ فَلَيْسُوا يُحْيُونَهَا بَعْدَ مَوْتِهَا , بَلْ يَهْدِمُونَهَا فَيَبْنُونَ بِهَا آخِرَتَهُمْ , وَيَبِيعُونَهَا فَيَشْتَرُونَ بِهَا مَا يَبْقَى لَهُمْ , وَرَفَضُوهَا فَكَانُوا فِيهَا هُمُ الْفَرِحِينَ , وَنَظَرُوا إِلَى أَهْلِهَا صَرْعَى قَدْ خَلَتْ بِهِمُ الْمَثُلَاتُ , وَأَحْيَوْا ذِكْرَ الْمَوْتِ , وَأَمَاتُوا ذِكْرَ الْحَيَاةِ , يُحِبُّونَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ وَيُحِبُّونَ ذِكْرَهُ , وَيَسْتَضِيئُونَ بِنُورِهِ وَيُضِيئُونَ بِهِ , لَهُمْ خَيَرٌ عَجِيبٌ , وَعِنْدَهُمُ الْخَبَرُ الْعَجِيبُ , بِهِمْ قَامَ الْكِتَابُ وَبِهِ قَامُوا , وَبِهِمْ نَطَقَ الْكِتَابُ وَبِهِ نَطَقُوا , وَبِهِمْ عُلِمَ الْكِتَابُ وَبِهِ عَمِلُوا , وَلَيْسُوا يَرَوْنَ نَائِلًا مَعَ مَا نَالُوا , وَلَا أَمَانًا دُونَ مَا يَرْجُونَ , وَلَا خَوْفًا دُونَ مَا يَحْذَرُونَ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَهُمُ الْمَصُونُونَ عَنْ مُرَامَقَةِ حَقَارَةِ الدُّنْيَا بِعَيْنِ الِاغْتِرَارِ , الْمُبْصِرُونَ صُنْعَ مَحْبُوبِهِمْ بِالْفِكْرِ وَالِاعْتِبَارِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ وَرْقَاءَ ، . قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ : وَالصَّوَابُ وَفَاءُ بْنُ إِيَاسٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا قَالَ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مُوسَى وَهَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِلَى فِرْعَوْنَ قَالَ : لَا يَغُرَّنَكُمَا لِبَاسُهُ الَّذِي أَلْبَسْتُهُ , فَإِنَّ نَاصِيَتَهُ بِيَدِي , فَلَا يَنْطِقُ وَلَا يَطْرِفُ إِلَّا بِإِذْنِي , وَلَا يَغُرَّنَكُمَا مَا مُتِّعَ بِهِ مِنْ زَهْرَةِ الدُّنْيَا وَزِينَةِ الْمُتْرَفِينَ , فَلَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا مِنْ زِينَةِ الدُّنْيَا بِشَيْءٍ يَعْرِفُ فِرْعَوْنُ أَنَّ قُدْرَتَهُ تَعْجِزُ عَنْ ذَلِكَ لَفَعَلْتُ , وَلَيْسَ ذَلِكَ لِهَوَانِكُمَا عَلِي , وَلَكِنِّي أَلْبَسْتُكُمَا نَصِيبَكُمَا مِنَ الْكَرَامَةِ عَلَى أَنْ لَا تُنْقِصَكُمَا الدُّنْيَا شَيْئًا , وَإِنِّي لَأَذُودُ أَوْلِيَائِي عَنِ الدُّنْيَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي إِبِلَهُ عَنْ مَبَارِكِ الْعُرَّةِ ، وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ زَهْرَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي إِبِلَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ ، أُرِيدُ أَنْ أُنَوِّرَ بِذَلِكَ مَرَاتِبَهُمْ , وَأُطَهِّرَ بِذَلِكَ قُلُوبَهُمْ , فِي سِيمَاهُمُ الَّذِي يُعْرَفُونَ بِهِ , وَأَمْرِهِمُ الَّذِي يَفْتَخِرُونَ بِهِ , وَاعْلَمْ أَنَّهُ مَنْ أَخَافَ لِي وَلِيًّا , فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْعَدَاوَةِ , وَأَنا الثَّائِرُ لِأَوْلِيَائِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السَّرِيِّ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ الْقَطَّانُ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، عَنْ جُوَيْبِرٍ ، عَنِ الضَّحَّاكِ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا . وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ سَهْلِ بْنِ عَسْكَرٍ ، ثنا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، ثنا عَبْدُ الصَّمَدِ بْنُ مَعْقِلٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ وَهْبَ بْنَ مُنَبِّهٍ ، يَقُولُ : لَمَّا بَعَثَ اللَّهُ تَعَالَى مُوسَى وَأَخَاهُ هَارُونَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ إِلَى فِرْعَوْنَ قَالَ : لَا يُعْجِبَنَّكُمَا زِينَتُهُ وَلَا مَا مُتِّعَ بِهِ , وَلَا تَمُدَّا أَعْيُنَكُمَا إِلَى ذَلِكَ , فَإِنَّهَا زَهْرَةُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَةُ الْمُتْرَفِينَ , فَإِنِّي لَوْ شِئْتُ أَنْ أُزَيِّنَكُمَا مِنَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ لِيَعْلَمَ فِرْعَوْنُ حِينَ يَنْظُرُ إِلَيْهَا أَنَّ مَقْدِرَتَهُ تَعْجِزُ عَنْ مِثْلِ مَا أُوتِيتُمَا لَفَعَلْتُ , وَلَكِنِّي أَرْغَبُ بِكُمَا عَنْ ذَلِكَ وَأَزْوِيهِ عَنْكُمَا , وَكَذَلِكَ أَفْعَلُ بِأَوْلِيَائِي , وَقَدِيمًا مَا خِرْتُ لَهُمْ فِي ذَلِكَ , فَإِنِّي لَأَذُودُهُمْ عَنْ نَعِيمِهَا وَرَخَائِهَا كَمَا يَذُودُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ غَنَمَهُ عَنْ مَرَاتِعِ الْهَلَكَةِ , وَإِنِّي لَأُجَنِّبُهُمْ سَلْوَتَهَا وَعِيشَتَهَا كَمَا يُجَنِّبُ الرَّاعِي الشَّفِيقُ إِبِلَهُ عَنْ مَبَارَكِ الْعُرَّةِ , وَمَا ذَلِكَ لِهَوَانِهِمْ عَلَيَّ , وَلَكِنْ لِيَسْتَكْمِلُوا نَصِيبَهُمْ مِنْ كَرَامَتِي سَالِمًا مَوْفُورًا , لَمْ تَكْلَمْهُ الدُّنْيَا وَلَمْ يُطْغِهِ الْهَوَى , وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَمْ يَتَزَيَّنَ الْعِبَادُ بِزِينَةٍ أَبْلَغَ فِيمَا عِنْدِي مِنَ الزُّهْدِ فِي الدُّنْيَا , فَإِنَّهَا زِينَةُ الْمُتَّقِينَ , عَلَيْهِمْ مِنْهَا لِبَاسٌ يُعْرَفُونَ بِهِ مِنَ السَّكِينَةِ وَالْخُشُوعِ , سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ , أُولَئِكَ هُمْ أَوْلِيَائِي حَقًّا حَقًّا , فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَاخْفِضْ لَهُمْ جَنَاحَكَ , وَذَلِّلْ لَهُمْ قَلْبَكَ وَلِسَانَكَ , وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَهَانَ لِي وَلِيًّا أَوْ أَخَافَهُ فَقَدْ بَارَزَنِي بِالْمُحَارَبَةِ وَبَادَأَنِي , وَعَرَّضَ لِي نَفْسَهُ وَدَعَانِي إِلَيْهَا , وَأَنَا أَسْرَعُ شَيْءٍ إِلَى نُصْرَةِ أَوْلِيَائِي , أَفَيَظُنُّ الَّذِي يُحَارِبُنِي أَنْ يَقُومَ لِي ؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُعَادِينِي أَنْ يُعْجِزَنِي ؟ أَوْ يَظُنُّ الَّذِي يُبَارِزُنِي أَنْ يَسْبِقَنِي أَوْ يَفُوتَنِي ؟ فَكَيْفَ وَأَنَا الثَّائِرُ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ؟ لَا أَكِلُ نُصْرَتَهُمْ إِلَى غَيْرِي . زَادَ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى فِي حَدِيثِهِ : فَاعْلَمْ يَا مُوسَى أَنَّ أَوْلِيَائِي الَّذِينَ أَشْعَرُوا قُلُوبَهُمْ خَوْفِي , فَيَظْهَرُ عَلَى أَجْسَادِهِمْ فِي لِبَاسِهِمْ وَجَهْدِهِمُ الَّذِي يَفُوزُونَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ , وَأَمَلُهُمُ الَّذِي بِهِ يُذْكَرُونَ , وَسِيمَاهُمُ الَّذِي بِهِ يُعْرَفُونَ , فَإِذَا لَقِيتَهُمْ فَذَلِّلْ لَهُمْ نَفْسَكَ
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِكْلِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْبَارِي : قُلْتُ لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ : صِفْ لِيَ الْأَبْدَالَ , فَقَالَ : إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دَيَاجِي الظُّلَمِ ، لَأَكْشِفَنَّهَا لَكَ عَبْدَ الْبَارِي , هُمْ قَوْمٌ ذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقُلُوبِهِمْ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَلَالِهِ فَهُمْ حُجَجُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ , أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ , وَرَفَعَ لَهُمْ أَعْلَامَ الْهِدَايَةِ إِلَى مُوَاصَلَتِهِ , وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَبْطَالِ لِإِرَادَتِهِ , وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ , وَطَهَّرَ أَبْدَانَهُمْ بِمُرَاقَبَتِهِ , وَطَيَّبَهُمْ بِطِيبِ أَهْلِ مُجَامَلَتِهِ , وَكَسَاهُمْ حُلَلًا مِنْ نَسْجِ مَوَدَّتِهِ , وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانَ مَسَرَّتِهِ , ثُمَّ أَوْدَعَ الْقُلُوبَ مِنْ ذَخَائِرِ الْغُيُوبِ , فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَتِهِ , فَهُمُومُهُمْ إِلَيْهِ ثَائِرَةٌ , وَأَعْيُنُهُمْ إِلَيْهِ بِالْغَيْبِ نَاظِرَةٌ , قَدْ أَقَامَهُمْ عَلَى بَابِ النَّظَرِ مِنْ قُرْبِهِ , وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِي أَطِبَّاءِ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْرِي فَدَاوُوهُ , أَوْ مَرِيضٌ مِنْ فُرَاقِي فَعَالِجُوهُ , أَوْ خَائِفٌ مِنِّي فَأَمِّنُوهُ , أَوْ آمِنٌ مِنِّي فَحَذَّرُوهُ , أَوْ رَاغِبٌ فِي مُوَاصَلَتِي فَهَنُّوهُ , أَوْ رَاحِلٌ نَحْوِي فَزَوِّدُوهُ , أَوْ جَبَانٌ فِي مُتَاجَرَتِي فَشَجِّعُوهُ , أَوْ آيِسٌ مِنْ فَضْلِي فُعِدُوهُ , أَوْ رَاجٍ لِإِحْسَانِي فَبَشِّرُوهُ , أَوْ حَسَنُ الظَّنِّ بِي فَبَاسِطُوهُ , أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاظِبُوهُ , أَوْ مُعَظِمٌ لِقَدْرِي فَعَظِّمُوهُ , أَوْ مُسْتَوْصِفُكُمْ نَحْوِي فَأَرْشِدُوهُ , أَوْ مُسِيءٌ بَعْدَ إِحْسَانٍ فَعَاتِبُوهُ , وَمَنْ وَاصَلَكُمْ فِيَّ فَوَاصِلُوهُ , وَمَنْ غَابَ عَنْكُمْ فَافْتَقِدُوهُ , وَمَنْ أَلْزَمَكُمْ جِنَايَةً فَاحْتَمِلُوهُ , وَمَنْ قَصَّرَ فِي وَاجِبِ حَقِّي فَاتْرُكُوهُ , وَمَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً فَنَاصِحُوهُ , وَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَعُودُوهُ , وَمَنْ حَزِنَ فَبَشِّرُوهُ , وَإِنِ اسْتَجَارَ بِكُمْ مَلْهُوفٌ فَأَجِيرُوهُ , يَا أَوْلِيَائِي لَكُمْ عَاتَبْتُ , وَفِي إِيَّاكُمْ رَغِبْتُ , وَمِنْكُمُ الْوَفَاءُ طَلَبْتُ , وَلَكُمُ اصْطَفَيْتُ وَانْتَخَبْتُ , وَلَكُمُ اسْتَخْدَمْتُ وَاخْتَصَصْتُ , لِأَنِّي لَا أُحِبُّ اسْتِخْدَامَ الْجَبَّارِينَ , وَلَا مُوَاصَلَةَ الْمُتَكَبِّرِينَ , وَلَا مُصَافَاةَ الْمُخَلِّطِينَ , وَلَا مُجَاوَبَةَ الْمُخَادِعِينَ , وَلَا قُرْبَ الْمُعْجِبِينَ , وَلَا مُجَالَسَةَ الْبَطَّالِينَ , وَلَا مُوَالَاةَ الشَّرِهِينَ . يَا أَوْلِيَائِي جَزَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْجَزَاءِ , وَعَطَائِي لَكُمْ أَجْزَلُ الْعَطَاءِ , وَبَذْلِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْبَذْلِ , وَفَضْلِي عَلَيْكُمْ أَكْثَرُ الْفَضْلِ , وَمُعَامَلَتِي لَكُمْ أَوَفَى الْمُعَامَلَةِ , وَمُطَالَبَتِي لَكُمْ أَشَدُّ الْمُطَالَبَةِ , أَنَا مُجْتَنِي الْقُلُوبِ , وَأَنَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، وَأَنَا مُرَاقِبُ الْحَرَكَاتِ ، وَأَنَا مُلَاحِظُ اللَّحَظَاتِ ، أَنَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْخَوَاطِرِ , أَنَا الْعَالِمُ بِمَجَالِ الْفِكْرِ , فَكُونُوا دُعَاةً إِلَيَّ , لَا يُفْزِعْكُمْ ذُو سُلْطَانٍ سُوَائِي , فَمَنْ عَادَاكُمْ عَادَيْتُهُ , وَمَنْ وَالَاكُمْ وَالَيْتُهُ , وَمَنْ آَذَاكُمْ أَهْلَكْتُهُ , وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ جَازَيْتُهُ , وَمَنْ هَجَرَكُمْ قَلَيْتُهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الشَّغِفُونَ بِهِ وَبِوِدِّهِ , وَالْكَلِفُونَ بِخِطَابِهِ وَعَهْدِهِ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مَنْصُورٍ الْمَدَايِنِيُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْمُسَيَّبِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا , عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ : يَا رَبِّ أَخْبِرْنِي بِأَكْرَمِ خَلْقِكَ عَلَيْكَ , قَالَ : الَّذِي يُسْرِعُ إِلَى هَوَايَ إِسْرَاعَ النِّسْرِ إِلَى هَوَاهُ , وَالَّذِي يَكَلَفْ بِعِبَادِي الصَّالِحِينَ كَمَا يَكْلَفُ الصَّبِيُّ بِالنَّاسِ , وَالَّذِي يَغْضَبُ إِذَا انْتُهِكَتْ مَحَارِمِي غَضَبَ النَّمِرِ لِنَفْسِهِ , فَإِنَّ النَّمِرَ إِذَا غَضِبَ لَمْ يُبَالِ أَقَلَّ النَّاسُ أَمْ كَثُرُوا
حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَصْقَلَةَ ، حَدَّثَنَا أَبُو عُثْمَانَ سَعِيدُ بْنُ عُثْمَانَ الْحَنَّاطُ ، حَدَّثَنَا أَبُو الْفَيْضِ ذُو النُّونِ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْمِصْرِيُّ ، قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَصَفْوَةً مِنْ خَلْقِهِ , وَإِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَخِيَرَةً , فَقِيلَ لَهُ : يَا أَبَا الْفَيْضِ فَمَا عَلَامَتُهُمْ ؟ قَالَ : إِذَا خَلَعَ الْعَبْدُ الرَّاحَةَ , وَأَعْطَى الْمَجْهُودَ فِي الطَّاعَةِ , وَأَحَبَّ سُقُوطَ الْمَنْزِلَةِ . ثُمَّ قَالَ : مَنَعَ الْقُرَانُ بِوَعْدِهِ وَوَعِيدِهِ مُقَلَ الْعُيُونِ بِلَيْلِهَا أَنْ تَهْجَعَا فَهِمُوا عَنِ الْمَلِكِ الْكَرِيمِ كَلَامَهُ فَهْمًا تَذِلُّ لَهُ الرِّقَابُ وَتَخْضَعَا وَقَالَ لَهُ بَعْضُ مَنْ كَانَ فِي الْمَجْلِسِ حَاضِرًا : يَا أَبَا الْفَيْضِ مَنْ هَؤُلَاءِ الْقَوْمُ يَرْحَمُكَ اللَّهُ ؟ فَقَالَ : وَيْحَكَ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ جَعَلُوا الرُّكَبَ لِجِبَاهِهِمْ وِسَادًا , وَالتُّرَابَ لِجُنُوبِهِمْ مِهَادًا , هَؤُلَاءِ قَوْمٌ خَالَطَ الْقُرْآنُ لُحُومَهُمْ وَدِمَاءَهُمْ فَعَزَلَهُمْ عَنِ الْأَزْوَاجِ ، وَحَرَّكَهُمْ بِالْإِدْلَاجِ فَوَضَعُوهُ عَلَى أَفْئِدَتِهِمْ فَانْفَرَجَتْ , وَضَمُّوهُ إِلَى صُدُورِهِمْ فَانْشَرَحَتْ , وَتَصَدَّعَتْ هِمَمُهُمْ بِهِ فَكَدَحَتْ , فَجَعَلُوهُ لِظُلْمَتِهِمْ سِرَاجًا , وَلِنَوْمِهِمْ مِهَادًا , وَلِسَبِيلِهِمْ مِنْهَاجًا , وَلِحُجَّتِهِمْ إِفْلَاجًا , يَفْرَحُ النَّاسُ وَيَحْزَنُونَ , وَيَنَامُ النَّاسُ وَيَسْهَرُونَ , وَيُفْطِرُ النَّاسُ وَيَصُومُونَ , وَيَأْمَنُ النَّاسُ وَيَخَافُونَ , فَهُمْ خَائِفُونَ , حَذِرُونَ , وَجِلُونَ , مُشْفِقُونَ , مُشَمِّرُونَ , يُبَادِرُونَ مِنَ الْفَوْتِ , وَيَسْتَعِدُّونَ لِلْمَوْتِ , لَمْ يَتَصَغَّرْ جَسِيمُ ذَلِكَ عِنْدَهُمْ لِعِظَمِ مَا يَخَافُونَ مِنَ الْعَذَابِ , وَخَطَرِ مَا يُوعَدُونَ مِنَ الثَّوَابِ , دَرَجُوا عَلَى شَرَائِعِ الْقُرْآنِ , وَتَخَلَّصُوا بِخَالِصِ الْقُرْبَانِ , وَاسْتَنَارُوا بِنُورِ الرَّحْمَنِ , فَمَا لَبِثُوا أَنْ أَنْجَزَ لَهُمُ الْقُرْآنُ مَوْعُودَهُ , وَأَوْفَى لَهُمْ عُهُودَهُمْ , وَأَحَلَّهُمْ سُعُودَهُ , وَأَجَارَهُمْ وَعِيدَهُ , فَنَالُوا بِهِ الرَّغَائِبَ , وَعَانَقُوا بِهِ الْكَوَاعِبَ , وَأَمِنُوا بِهِ الْعَوَاطِبَ , وَحَذِرُوا بِهِ الْعَوَاقِبَ , لِأَنَّهُمْ فَارَقُوا بَهْجَةَ الدُّنْيَا بِعَيْنٍ قَالِيَةٍ , وَنَظَرُوا إِلَى ثَوَابِ الْآخِرَةِ بِعَيْنٍ رَاضِيَةٍ , وَاشْتَرَوُا الْبَاقِيَةَ بِالْفَانِيَةِ , فَنِعْمَ مَا اتَّجَرُوا رَبِحُوا الدَّارَيْنِ , وَجَمَعُوا الْخَيْرَيْنِ , وَاسْتَكْمَلُوا الْفَضْلَيْنِ , بَلَغُوا أَفْضَلَ الْمَنَازِلَ بِصَبْرِ أَيَّامٍ قَلَائِلَ , قَطَعُوا الْأَيَّامَ بِالْيَسِيرِ ، حِذَارَ يَوْمٍ قَمْطَرِيرٍ , وَسَارَعُوا فِي الْمُهْلَةِ , وَبَادَرُوا خَوْفَ حَوَادِثِ السَّاعَاتِ , وَلَمْ يَرْكَبُوا أَيَّامَهُمْ بِاللَّهْوِ وَاللَّذَّاتِ , بَلْ خَاضُوا الْغَمَرَاتِ لِلْبَاقِيَاتِ الصَّالِحَاتِ , أَوْهَنَ وَاللَّهِ قُوَّتَهُمُ التَّعَبُ , وَغَيَّرَ أَلْوَانَهُمُ النَّصَبُ , وَذَكَرُوا نَارًا ذَاتَ لَهَبٍ , مُسَارِعِينَ إِلَى الْخَيْرَاتِ , مُنْقَطِعِينَ عَنِ اللَّهَوَاتِ ، بَرِيئُونَ مِنَ الرِّيَبِ وَالْخَنَا , فَهُمْ خُرْسٌ فُصَحَاءُ , وَعُمْيٌ بُصَرَاءُ , فَعَنْهُمْ تَقْصُرُ الصِّفَاتُ , وَبِهِمْ تُدْفَعُ النَّقَمَاتُ , وَعَلَيْهِمْ تَنْزِلُ الْبَرَكَاتُ , فَهُمْ أَحْلَى النَّاسِ مَنْطِقًا وَمَذَاقًا , وَأَوْفَى النَّاسِ عَهْدًا وَمِيثَاقًا , سِرَاجُ الْعِبَادِ , وَمَنَارُ الْبِلَادِ , مَصَابِيحُ الدُّجَى , وَمَعَادِنُ الرَّحْمَةِ , وَمَنَابِعُ الْحِكْمَةِ , وَقَوَامُ الْأُمَّةِ , تَجَافَتْ جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ , فَهُمْ أَقْبَلُ النَّاسِ لِلْمَعْذِرَةِ , وَأَصْفَحَهُمْ لِلْمَغْفِرَةِ , وَأَسْمَحَهُمْ بِالْعَطِيَّةِ , فَنَظَرُوا إِلَى ثَوَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِأَنْفُسٍ تَائِقَةٍ , وَعُيُونٍ رَامِقَةٍ , وَأَعْمَالٍ مُوَافِقَةٍ , فَحَلُّوا عَنِ الدُّنْيَا مَطِيِّ رِحَالِهِمْ , وَقَطَعُوا مِنْهَا حِبَالَ آمَالِهِمْ , لَمْ يَدَعْ لَهُمْ خَوْفُ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ أَمْوَالِهِمْ تَلِيدًا وَلَا عَتِيدًا , فَتَرَاهُمْ لَمْ يَشْتَهُوا مِنَ الْأَمْوَالِ كُنُوزَهَا , وَلَا مِنَ الْأَوْبَارِ خُزُوزَهَا , وَلَا مِنَ الْمَطَاءِ عَزِيزَهَا , وَلَا مِنَ الْقُصُورِ مَشِيدَهَا , بَلَى وَلَكِنَّهُمْ نَظَرُوا بِتَوْفِيقِ اللَّهِ تَعَالَى لَهُمْ وَإِلْهَامِهِ إِيَّاهُمْ , فَحَرَّكَهُمْ مَا عَرَفُوا بِصَبْرِ أَيَّامٍ قَلَائِلَ , فَضَمُّوا أَبْدَانَهُمْ عَنِ الْمَحَارِمِ , وَكَفُّوا أَيْدِيَهُمْ عَنْ أَلْوَانِ الْمَطَاعِمِ ، وَهَرَبُوا بِأَنْفُسِهِمْ عَنِ الْمَآثِمِ ، فَسَلَكُوا مِنَ السَّبِيلِ رَشَادَهُ , وَمَهَّدُوا لِلرَّشَادِ مِهَادَهُ , فَشَارَكُوا أَهْلَ الدُّنْيَا فِي آخِرَتِهِمْ , عَزُّوا عَنِ الرَّزَايَا وَغُصَصِ الْمَنَايَا , هَابُوا الْمَوْتَ وَسَكَرَاتِهِ وَكُرْبَاتِهِ وَفَجَعَاتِهِ , وَمِنَ الْقَبْرِ وَضِيقِهِ , وَمُنْكَرٍ وَنَكِيرٍ , وَمِنِ ابْتِدَارِهِمَا وَانْتِهَارِهِمَا وَسُؤَالِهِمَا , وَمِنَ الْمَقَامِ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ عَزَّ ذِكْرُهُ , وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو نُعَيْمٍ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمْ مَصَابِيحُ الدُّجَى , وَيَنَابِيعُ الرُّشْدِ وَالْحِجَى , خُصُّوا بِخَفِيِّ الِاخْتِصَاصِ , وَنُقُّوا مِنَ التَّصَنُّعِ بِالْإِخْلَاصِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ ، وَأَبُو أَحْمَدَ مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ ، فِي جَمَاعَةٍ , قَالُوا : ثنا الْفَضْلُ بْنُ الْحُبَابِ ، ثنا شَاذُّ بْنُ فَيَّاضٍ ، ثنا أَبُو قَحْذَمٍ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، قَالَ : مَرَّ عُمَرُ بِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا وَهُوَ يَبْكِي , فَقَالَ : مَا يُبْكِيكَ يَا مُعَاذُ ؟ فَقَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : أَحَبُّ الْعِبَادِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْأَتْقِيَاءُ الْأَخْفِيَاءُ , الَّذِينَ إِذَا غَابُوا لَمْ يُفْتَقَدُوا , وَإِذَا شَهِدُوا لَمْ يُعْرَفُوا , أُولَئِكَ هُمْ أَئِمَّةُ الْهُدَى , وَمَصَابِيحُ الْعِلْمِ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُوسَى إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ الْهَرَوِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَمْرُو بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ السِّنْجَارِيُّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حَسَّانَ ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ ثَابِتِ بْنِ ثَوْبَانَ ، مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ جَدِّي : شَهِدْتُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَجْلِسًا فَقَالَ : طُوبَى لِلْمُخْلِصِينَ , أُولَئِكَ مَصَابِيحُ الْهُدَى تَتَجَلَّى عَنْهُمْ كُلُّ فِتْنَةٍ ظَلْمَاءُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْوَاصِلُونَ بِالْحَبْلِ , وَالْبَاذِلُونَ لِلْفَضْلِ , وَالْحَاكِمُونَ بِالْعَدْلِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُوسَى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ إِسْحَاقَ السَّيْلَحِينِيُّ ، حَدَّثَنَا ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ أَبِي عِمْرَانَ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَتَدْرُونَ مَنِ السَّابِقُونَ إِلَى ظِلِّ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؟ قَالُوا : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ قَالَ : الَّذِينَ إِذَا أُعْطُوا الْحَقَّ قَبِلُوهُ , وَإِذَا سُئِلُوهُ بَذَلُوهُ , وَحَكَمُوا لِلنَّاسِ كَحُكْمِهِمْ لِأَنْفُسِهِمْ رَوَاهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ إِسْحَاقَ ، مِثْلَهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْمُنبَسِطُونَ جَهْرًا , الْمُنْقَبِضُونَ سِرًّا , يَبْسُطُهُمْ رُوحُ الِارْتِيَاحِ وَالِاشْتِيَاقِ , وَيُقْلِقُهُمْ خَوْفُ الْقَطِيعَةِ وَالْفِرَاقِ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زَكَرِيَّا ، حَدَّثَنَا سَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ ، حَدَّثَنَا الْوَلِيدُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْحَرَّانِيُّ ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ بْنُ مِهْرَانَ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ قَيْسٍ ، عَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عِيَاضِ بْنِ غَنْمٍ ، أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ مِنْ خِيَارِ أُمَّتِي - فِيمَا نَبَّأَنِي الْمَلَأُ الْأَعْلَى فِي الدَّرَجَاتِ الْعُلَى - قَوْمًا يَضْحَكُونَ جَهْرًا مِنْ سَعَةِ رَحْمَةِ رَبِّهِمْ , وَيَبْكُونَ سِرًّا مِنْ خَوْفِ شِدَّةِ عَذَابِ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ , يَذْكُرُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ فِي بُيُوتِهِ الطَّيِّبَةِ , وَيَدْعُونَهُ بِأَلْسِنَتِهِمْ رَغَبًا وَرَهَبًا , وَيَسْأَلُونَهُ بِأَيْدِيهِمْ خَفْضًا وَرَفْعًا , وَيَشْتَاقُونَ إِلَيْهِ بِقُلُوبِهِمْ عَوْدًا وَبَدْءًا , مَؤُونَتُهُمْ عَلَى النَّاسِ خَفِيفَةٌ , وَعَلَى أَنْفُسِهِمْ ثَقِيلَةٌ , يَدِبُّونَ فِي الْأَرْضِ حُفَاةً عَلَى أَقْدَامِهِمْ دَبِيبَ النَّمْلِ بِغَيْرِ مَرَحٍ , وَلَا بَذَخٍ , وَلَا مُثْلَةٍ , يَمْشُونَ بِالسَّكِينَةِ , وَيَتَقَرَّبُونَ بِالْوَسِيلَةِ , يَلْبَسُونَ الْخُلْقَانَ , وَيَتَّبِعُونَ الْبُرْهَانَ , وَيَتْلُونَ الْفُرْقَانَ , وَيُقَرِّبُونَ الْقُرْبَانَ , عَلَيْهِمْ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى شُهُودٌ حَاضِرَةٌ , وَأَعْيُنٌ حَافِظَةٌ , وَنِعَمٌ ظَاهِرَةٌ , يَتَوَسَّمُونَ الْعِبَادَ , وَيَتَفَكَّرُونَ فِي الْبِلَادِ , أَجْسَادُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَعْيُنُهُمْ فِي السَّمَاءِ , أَقْدَامُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَقُلُوبُهُمْ فِي السَّمَاءِ , وَأَنْفُسُهُمْ فِي الْأَرْضِ وَأَفْئِدَتُهُمْ عِنْدَ الْعَرْشِ , أَرْوَاحُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَعُقُولُهُمْ فِي الْآخِرَةِ , لَيْسَ لَهُمْ هَمٌّ إِلَّا أَمَامُهُمْ , قُبُورُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَمُقَامُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ , ثُمَّ تَلَا هَذِهِ الْآيَةَ : {{ ذَلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِي وَخَافَ وَعِيدْ }} قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الْمُبَادِرُونَ إِلَى الْحُقُوقِ مِنْ غَيْرِ تَسْوِيفٍ , وَالْمُوفُونَ الطَّاعَاتِ مِنْ غَيْرِ تَطْفِيفٍ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْأَيْلِيُّ ، ثَنَا عُمَرُ بْنُ يَحْيَى الْأَيْلِيُّ ، ثَنَا حَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ ، عَنْ أَبِي جَنَابٍ الْكَلْبِيِّ ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ مِنْ مُوجِبَاتِ اللَّهِ ثَلَاثًا : إِذَا رَأَى حَقًّا مِنْ حُقُوقِ اللَّهِ لَمْ يُؤَخِّرْهُ إِلَى أَيَّامٍ لَا يُدْرِكُهَا , وَأَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الصَّالِحَ الْعَلَانِيَةَ عَلَى قِوَامٍ مِنْ عَمَلِهِ فِي السَّرِيرَةِ , وَهُوَ يَجْمَعُ مَعَ مَا يَعْمَلُ صَلَاحَ مَا يَأْمَلُ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : فَهَكَذَا وَلِيُّ اللَّهِ وَعَدَّدَ بِيَدِهِ ثَلَاثًا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، ثَنَا مَيْسَرَةُ بْنُ عَبْدِ رَبِّهِ ، عَنْ حَنْظَلَةَ بْنِ وَدَاعَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ خَوَاصَّ يُسْكِنُهُمُ الرَّفِيعَ مِنَ الْجِنَّانِ , كَانُوا أَعْقَلَ النَّاسِ , قُلْنَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ وَكَيْفَ كَانُوا أَعْقَلَ النَّاسِ ؟ قَالَ : كَانَتْ هِمَّتُهُمُ الْمُسَابَقَةَ إِلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ , وَالْمُسَارَعَةَ إِلَى مَا يُرْضِيهِ , وَزَهِدُوا فِي فُضُولِ الدُّنْيَا وَرِيَاسَتِهَا وَنَعِيمِهَا , وَهَانَتْ عَلَيْهِمْ فَصَبَرُوا قَلِيلًا وَاسْتَرَاحُوا طَوِيلًا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَقَدْ رَوَيْنَا بَعْضَ مَنَاقِبِ الْأَوْلِيَاءِ , وَمَرَاتِبِ الْأَصْفِيَاءِ , فَأَمَّا التَّصَوُّفُ فَاشْتِقَاقُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْإِشَارَاتِ , وَالْمُنَبِّئِينَ عَنْهُ بِالْعِبَارَاتِ مِنَ الصَّفَاءِ وَالْوَفَاءِ , وَاشْتِقَاقُهُ مِنْ حَيْثُ الْحَقَائِقِ الَّتِي أَوْجَبَتِ اللُّغَةُ , فَإِنَّهُ تَفَعُّلٌ مِنْ أَحَدِ أَرْبَعَةِ أَشْيَاءَ : مِنَ الصُّوفَانَةِ , وَهِيَ بَقْلَةٌ وَغْبَاءُ قَصِيرَةٌ , أَوْ مِنْ صُوفَةَ , وَهِيَ قَبِيلَةٌ كَانَتْ فِي الدَّهْرِ الْأَوَّلِ تُجِيزُ الْحَاجَّ وَتَخْدِمُ الْكَعْبَةَ , أَوْ مِنْ صُوفَةِ الْقَفَا , وَهِيَ الشَّعَرَاتِ النَّابِتَةِ فِي مُتَأَخِّرِهِ , أَوْ مِنَ الصُّوفِ الْمَعْرُوفِ عَلَى ظُهُورِ الضَّأْنِ . وَإِنْ أُخِذَ التَّصَوُّفُ مِنَ الصُّوفَانَةِ الَّتِي هِيَ الْبَقْلَةُ فَلِاجْتِزَاءِ الْقَوْمِ بِمَا تَوَحَّدَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِصُنْعِهِ وَمَنَّ بِهِ عَلَيْهِمْ مِنْ غَيْرِ تَكَلُّفٍ بِخَلْقِهِ , فَاكْتَفَوْا بِهِ عَمَّا فِيهِ لِلْآدَمِيِّينَ , صُنْعٌ كَاكْتِفَاءِ الْبَرَرَةِ الطَّاهِرِينَ مِنْ جُلَّةِ الْمُهَاجِرِينَ فِي مَبَادِئِ إِقْبَالِهِمْ وَأَوَّلِ أَحْوَالِهِمْ . وَهُوَ مَا
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ ، قَالَ : أَخْبَرَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنْ قَيْسِ بْنِ أَبِي حَازِمٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ ، يَقُولُ : وَاللَّهِ إِنِّي لَأَوَّلُ الْعَرَبِ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَلَقَدْ كُنَّا نَغْزُوا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ مَا لَنَا طَعَامٌ نَأْكُلُهُ إِلَّا وَرَقُ الْحُبْلَةِ وَهَذَا السَّمُرُ , حَتَّى قَرِحَتْ أَشْدَاقُنَا وَحَتَّى إِنَّ أَحَدَنَا لَيَضَعُ كَمَا تَضَعُ الشَّاةُ مَا لَهُ خِلْطٌ وَإِنْ أُخِذَ مِنَ الصُّوفَةِ الَّتِي هِيَ الْقَبِيلَةُ , فَلِأَنَّ الْمُتَصَوِّفُ فِيمَا كُفِيَ مِنْ حَالِهِ , وَنَعِمَ مِنْ مَالِهِ , وَأُعْطِيَ مِنْ عُقْبَاهُ , وَحَفِظَ مِنْ حَظِّ دُنْيَاهُ أَحَدِ أَعْلَامِ الْهُدَى لِعُدُولِهِمْ عَنِ الْمُوبِقَاتِ , وَاجْتِهَادِهِمْ فِي الْقُرُبَاتِ , وَتَزَوُّدِهِمْ مِنَ السَّاعَاتِ , وَتَحَفُّظِهِمْ لِلْأَوْقَاتِ , فَسَالِكُ مَنْهَجِهِمْ نَاجٍ مِنَ الْغَمَرَاتِ , وَسَالِمٌ مِنَ الْهَلَكَاتِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْفَتْحِ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ صَدَقَةَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ النُّورِ الْخَزَّازُ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ الْكُوفِيُّ ، ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ ، كَرَّمَ اللَّهُ وَجْهَهُ قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَا عَلِي إِذَا تَقَرَّبَ النَّاسُ إِلَى خَالِقِهِمْ فِي أَبْوَابِ الْبِرِّ فَتَقَرَّبْ إِلَيْهِ بِأَنْوَاعِ الْعَقْلِ تَسْبِقْهُمْ بِالدَّرَجَاتِ وَالزُّلْفَى عِنْدَ النَّاسِ فِي الدُّنْيَا وَعِنْدَ اللَّهِ فِي الْآخِرَةِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ الْحَسَنِ ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْفِرْيَابِيُّ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ هِشَامِ بْنِ يَحْيَى بْنِ يَحْيَى الْغَسَّانِيُّ ، ثَنَا أَبِي ، عَنْ جَدِّي ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ الْخَوْلَانِيِّ ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ الْغِفَارِيِّ ، قَالَ : جَلَسْتُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا كَانَتْ صُحُفُ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ ؟ فَقَالَ : أَمْثَالٌ كُلُّهَا , وَكَانَ فِيهَا : وَعَلَى الْعَامِلِ مَا لَمْ يَكُنْ مَغْلُوبًا عَلَى عَقْلِهِ أَنْ يَكُونَ لَهُ سَاعَاتٌ : سَاعَةٌ يُنَاجِي فِيهَا رَبَّهُ تَعَالَى , وَسَاعَةٌ يُحَاسِبُ فِيهَا نَفْسَهُ , وَسَاعَةٌ يُفَكِّرُ فِي صُنْعِ اللَّهِ تَعَالَى , وَسَاعَةٌ يَخْلُو فِيهَا بِحَاجَتِهِ مِنَ الْمَطْعَمِ وَالْمَشْرُوبِ وَإِنْ أُخِذَ مِنْ صُوفِ الْقَفَا , فَمَعْنَاهُ أَنَّ الْمُتَصَوِّفَ مَعْطُوفٌ بِهِ إِلَى الْحَقِّ , مَصْرُوفٌ بِهِ عَنِ الْخَلْقِ , لَا يُرِيدُ بِهِ بَدَلًا , وَلَا يَبْغِي عَنْهُ حَوَلًا
حَدَّثَنَا الْقَاضِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْعَبَّاسِ الطَّيَالِسِيُّ ، ثَنَا عَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ ، أَنْبَأَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ عَيَّاشٍ ، عَنْ حُمَيْدٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : أُتِيَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ يَوْمَ النَّارِ إِلَى النَّارِ , فَلَمَّا بَصُرَ بِهَا قَالَ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ تَوْبَةَ ، ثَنَا سَلَّامُ بْنُ سُلَيْمَانَ الدِّمَشْقِيُّ ، ثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي حُصَيْنٍ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّارِ قَالَ : حَسْبِيَ اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ
حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الرِّفَاعِيُّ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ الرَّازِيُّ ، عَنْ عَاصِمِ ابْنِ بَهْدَلَةَ ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، قَالَ : قَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّارِ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ وَاحِدٌ فِي السَّمَاءِ , وَأَنَا فِي الْأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، ثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ الْقَوَارِيرِيُّ ، ثَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَامِرٍ الْأَحْوَلِ ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عَامِرٍ ، عَنْ نَوْفٍ الْبِكَالِيِّ ، قَالَ : قَالَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ : يَا رَبُّ إِنَّهُ لَيْسَ فِي الْأَرْضِ أَحَدٌ يَعْبُدُكَ غَيْرِي , فَأَنْزَلَ اللَّهُ ثَلَاثَةَ آلَافِ مَلَكٍ فَأَمَّهُمْ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، ثَنَا شَيْبَانُ ثَنَا أَبُو هِلَالٍ ، ثَنَا بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ ، قَالَ : لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي النَّارِ جَأَرَتْ عَامَّةُ الْخَلِيقَةِ إِلَى رَبِّهَا , فَقَالُوا : يَا رَبُّ خَلِيلُكَ يُلْقَى فِي النَّارِ , فَائْذَنْ لَنَا أَنْ نُطْفِئَ عَنْهُ , قَالَ : هُوَ خَلِيلِي لَيْسَ لِي فِي الْأَرْضِ خَلِيلٌ غَيْرُهُ , وَأَنَا رَبُّهُ لَيْسَ لَهُ رَبٌّ غَيْرِي , فَإِنِ اسْتَغَاثَكُمْ فَأَغِيثُوهُ , وَإِلَّا فَدَعُوهُ . قَالَ : فَجَاءَ مَلَكُ الْقَطْرِ فَقَالَ : يَا رَبُّ خَلِيلُكَ يُلْقَى فِي النَّارِ , فَائْذَنْ لِي أَنْ أُطْفِئَ عَنْهُ بِالْقَطْرِ , قَالَ : هُوَ خَلِيلِي لَيْسَ لِي فِي الْأَرْضِ خَلِيلٌ غَيْرُهُ , وَأَنَا رَبُّهُ لَيْسَ لَهُ رَبٌّ غَيْرِي , فَإِنِ اسْتَغَاثَكَ فَأَغِثْهُ , وَإِلَّا فَدَعْهُ . فَلَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ دَعَا رَبَّهُ ، فَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ }} , قَالَ : فَبَرَدَتْ يَوْمَئِذٍ عَلَى أَهْلِ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ , فَلَمْ يَنْضَجْ بِهَا كُرَاعٌ
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ السِّنْدِيُّ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ عَلُّوَيْهِ ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عِيسَى ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ بِشْرٍ ، قَالَ : قَالَ مُقَاتِلٌ وَسَعِيدٌ : لَمَّا جِيءَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَخَلَعُوا ثِيَابَهُ , وَشَدُّوا قِمَاطَهُ , وَوُضِعَ فِي الْمَنْجَنِيقِ , بَكَتِ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ وَالْجِبَالُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالْعَرْشُ وَالْكُرْسِيُّ وَالسَّحَابُ وَالرِّيحُ وَالْمَلَائِكَةُ , كُلٌّ يَقُولُونَ : يَا رَبُّ إِبْرَاهِيمُ عَبْدُكَ يُحْرَقُ بِالنَّارِ , فَائْذَنْ لَنَا فِي نُصْرَتِهِ , فَقَالَتِ النَّارُ وَبَكَتْ : يَا رَبُّ سَخَّرْتَنِي لِبَنِي آدَمَ , وَعَبْدُكَ يُحْرَقُ بِي , فَأَوْحَى اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَيْهِمْ : إِنَّ عَبْدِي إِيَّايَ عَبَدَ , وَفِي جَنْبِي أُوذِيَ , إِنْ دَعَانِي أَجَبْتُهُ , وَإِنِ اسْتَنْصَرَكُمْ فَانْصُرُوهُ . فَلَمَّا رُمِيَ اسْتَقْبَلَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ بَيْنَ الْمَنْجَنِيقِ وَالنَّارِ فَقَالَ : السَّلَامُ عَلَيْكَ يَا إِبْرَاهِيمُ أَنَا جِبْرِيلُ , أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ قَالَ : أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا حَاجَتِي إِلَى اللَّهِ رَبِّي . فَلَمَّا قُذِفَ فِي النَّارِ كَانَ سَبَقَهُ إِسْرَافِيلُ فَسَلَّطَ النَّارَ عَلَى قِمَاطِهِ , وَقَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : {{ يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ }} , فَلَوْ لَمْ يَخْلِطْهُ بِالسَّلَامِ لَكُزَّ فِيهَا بَرْدًا
حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيٍّ ، ثَنَا يَحْيَى بْنُ مُحَمَّدٍ ، مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، ثَنَا يُوسُفُ الْقَطَّانُ ، ثَنَا مِهْرَانُ بْنُ أَبِي عُمَرَ ، ثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ أَبِي خَالِدٍ ، عَنِ الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : أُخْبِرْتُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ كَانَ فِيهَا - مَا أَدْرِي إِمَّا خَمْسِينَ , وَإِمَّا أَرْبَعِينَ يَوْمًا - قَالَ : مَا كُنْتُ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ قَطُّ أَطْيَبَ عَيْشًا مِنِّي إِذْ كُنْتُ فِيهَا , وَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْشِي وَحَيَاتِي كُلَّهَا مِثْلَ عَيْشِي إِذْ كُنْتُ فِيهَا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى : وَإِنْ أُخِذَ مِنَ الصُّوفِ الْمَعْرُوفِ , فَهُوَ لِاخْتِيَارِهِمْ لِبَاسَ الصُّوفِ , إِذْ لَا كُلْفَةَ لِلْآدَمِيِّينَ فِي إِنْبَاتِهِ وَإِنْشَائِهِ , وَإِنَّ النُّفُوسَ الشَّارِدَةَ تُذَلَّلَ بِلِبَاسِ الصُّوفِ , وَتُكْسَرُ نَخْوَتُهَا وَتَكَبُّرُهَا بِهِ , لِتَلْتَزِمَ الْمَذِلَّةَ وَالْمَهَانَةَ , وَتَعْتَادَ الْبُلْغَةَ وَالْقَنَاعَةَ . وَقَدْ ذَكَرْنَا شَوَاهِدَهُ فِي كِتَابِ لُبْسِ الصُّوفِ مُجَوَّدًا . وَقَدْ كَثُرَتْ أَجْوِبَةُ أَهْلِ الْإِشَارَةِ فِي مَائِيَّتِهِ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْعِبَارَةِ , وَجَمَعْنَاهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ , وَأَقْرَبُ مَا أَذْكُرُهُ مَا حُدِّثْتُ عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ الصَّادِقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ , أَنَّهُ قَالَ : مَنْ عَاشَ فِي ظَاهِرِ الرَّسُولِ فَهُوَ سُنِّيٌّ , وَمَنْ عَاشَ فِي بَاطِنِ الرَّسُولِ فَهُوَ صُوفِيٌّ . وَأَرَادَ جَعْفَرٌ بِبَاطِنِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَخْلَاقَهُ الطَّاهِرَةِ , وَاخْتِيَارَهُ لِلْآخِرَةِ , فَمَنْ تَخَلَّقَ بِأَخْلَاقِ الرَّسُولِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَتَخَيَّرَ مَا اخْتَارَهُ , وَرَغِبَ فِيمَا فِيهِ رَغِبَ , وَتَنَكَّبَ عَمَّا عَنْهُ نَكَبَ , وَأَخَذَ بِمَا إِلَيْهِ نَدَبَ , فَقَدْ صَفَا مِنَ الْكَدَرِ , وَنُحِّيَ مِنَ الْعَكَرِ , وَنُجِّيَ مِنَ الْغِيَرِ , وَمَنْ عَدَلَ عَنْ سَمْتِهِ وَنَهْجِهِ , وَعَوَّلَ عَلَى حُكْمِ نَفْسِهِ وَهَرَجِهِ , وَسَعَى لِبَطْنِهِ وَفَرْجِهِ , كَانَ مِنَ التَّصَوُّفِ خَالِيًا , وَفِي التَّجَاهُلِ سَاعِيًا , وَعَنْ خَطِيرِ الْأَحْوَالِ سَاهِيًا
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثَنَا دَاوُدُ بْنُ الْمُحَبَّرِ ، ثَنَا نَصْرُ بْنُ طَرِيفٍ ، عَنْ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ ، أَنَّ أَبَا بَكْرٍ الصِّدِّيقَ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ خَرَجَ ذَاتَ يَوْمٍ فَاسْتَقْبَلَهُ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ : بِمَ بُعِثْتَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : بِالْعَقْلِ , قَالَ : فَكَيْفَ لَنَا بِالْعَقْلِ ؟ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : إِنَّ الْعَقْلَ لَا غَايَةَ لَهُ , وَلَكِنْ مَنْ أَحَلَّ حَلَالَ اللَّهِ وَحَرَّمَ حَرَامَهُ سُمِّيَ عَاقِلًا , فَإِنِ اجْتَهَدَ بَعْدَ ذَلِكَ سُمِّيَ عَابِدًا , فَإِنِ اجْتَهَدَ بَعْدَ ذَلِكَ سُمِّيَ جَوَادًا , فَمَنِ اجْتَهَدَ فِي الْعِبَادَةِ وَسَمَحَ فِي نَوَائِبِ الْمَعْرُوفِ بِلَا حَظٍّ مِنْ عَقْلٍ يَدُلُّهُ عَلَى اتِّبَاعِ أَمْرِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَاجْتِنَابِ مَا نَهَى اللَّهُ عَنْهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْأَخْسَرُونَ أَعْمَالًا , الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عِمْرَانَ بْنِ الْجُنَيْدِ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِكَ ، ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ عِيسَى ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : قَسَّمَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ الْعَقْلَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَجْزَاءَ , فَمَنْ كُنَّ فِيهِ كَمُلَ عَقْلُهُ , وَمَنْ لَمْ يَكُنَّ فِيهِ فَلَا عَقْلَ لَهُ : حُسْنُ الْمَعْرِفَةِ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَحُسْنُ الطَّاعَةِ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَحُسْنُ الصَّبْرِ عَلَى مَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَكَيْفَ يُنْسَبُ إِلَى التَّصَوُّفِ مَنْ إِذَا عُورِضَ فِي حَقِيقَةِ مَعْرِفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , كَلَّ عَنْهَا وَخَلَطَ فِيهَا , وَإِذَا طُولِبَ بِمُوجَبِ الطَّاعَةِ فِيهَا جَهِلَهَا وَتَخَبَّطَ فِيهَا , وَإِذَا امْتُحِنَ بِمِحْنَةٍ يَجِبُ الصَّبْرُ عَلَيْهَا وَعَنْهَا جَزِعَ وَعَجَزَ . وَسَادَةُ عُلَمَاءِ الْمُتَصَوِّفَةِ تَكَلَّمَتْ فِي التَّصَوُّفِ وَأَجَابَتْ عَنْ حُدُودِهِ وَمَعَانِيهِ وَأَقْسَامِهِ وَمَبَانِيهِ . فَقَدْ كَتَبَ إِلَيَّ جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ نُصَيْرٍ الْخَوَّاصُ قَالَ : وَحَدَّثَنِي عَنْهُ ازْدِيَارُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْفَارِسِيُّ قَالَ : سَمِعْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ ، رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، يَقُولُ : وَسُئِلَ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ : اسْمٌ جَامِعٌ لِعَشَرَةٍ مَعَانِي : التَّقَلُّلُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مِنَ الدُّنْيَا عَنِ التَّكَاثُرِ فِيهَا , وَالثَّانِي : اعْتِمَادُ الْقَلْبِ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ السُّكُونِ إِلَى الْأَسْبَابِ , وَالثَّالِثُ : الرَّغْبَةُ فِي الطَّاعَاتِ مِنَ التَّطَوُّعِ فِي وُجُودِ الْعَوَافِي , وَالرَّابِعُ : الصَّبْرُ عَنْ فَقْدِ الدُّنْيَا عَنِ الْخُرُوجِ إِلَى الْمَسْأَلَةِ وَالشَّكْوَى , وَالْخَامِسُ : التَّمْيِيزُ فِي الْأَخْذِ عِنْدَ وُجُودِ الشَّيْءِ , وَالسَّادِسُ : الشُّغْلُ بِاللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ عَنْ سَائِرِ الْأَشْغَالِ , وَالسَّابِعُ : الذِّكْرُ الْخَفِيُّ عَنْ جَمِيعِ الْأَذْكَارِ , وَالثَّامِنُ : تَحْقِيقُ الْإِخْلَاصِ فِي دُخُولِ الْوَسْوَسَةِ , وَالتَّاسِعُ : الْيَقِينُ فِي دُخُولِ الشَّكِّ , وَالْعَاشِرُ : السُّكُونُ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَالْوَحْشَةِ , فَإِذَا اسْتَجْمَعَ هَذِهِ الْخِصَالَ اسْتَحَقَّ بِهَا الِاسْمَ , وَإِلَّا فَهُوَ كَاذِبٌ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ يَعْقُوبَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مَيْمُونٍ ، قَالَ : سَأَلْتُ ذَا النُّونِ , رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ ، عَنِ الصُّوفِيِّ فَقَالَ : مَنْ إِذَا نَطَقَ أَبَانَ نُطْقُهُ عَنِ الْحَقَائِقِ ، وَإِنْ سَكَتَ نَطَقَتْ عَنْهُ الْجَوَارِحُ بِقَطْعِ الْعَلَائِقِ
حَدَّثَنَا أَبُو مُحَمَّدٍ ازْدِيَارُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، ثَنَا جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، قَالَ : قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الْمُزَيَّنُ : التَّصَوُّفُ قَمِيصٌ قَمَّصَهُ اللَّهُ أَقْوَامًا , فَإِنْ أُلْهِمُوا عَلَيْهِ الشُّكْرَ , وَإِلَّا كَانَ خَصْمَهُمْ فِي ذَلِكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ
وَسُئِلَ الْخَوَّاصُ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ : اسْمٌ يُغَطَّى بِهِ عَنِ النَّاسِ ، إِلَّا أَهْلَ الدِّرَايَةِ , وَقَلِيلٌ مَا هُمْ
سَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ نَصْرَ بْنِ أَبِي نَصْرٍ الطُّوسِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْمُثَاقِفِ يَقُولُ : سَأَلْتُ الْجُنَيْدَ بْنَ مُحَمَّدٍ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ : الْخُرُوجُ عَنْ كُلِّ خُلُقٍ دَنِيٍّ , وَالدُّخُولُ فِي كُلِّ خُلُقٍ سُنِّيٍّ
وَسَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ الطُّوسِيَّ يَقُولُ : سَمِعْتُ أَبَا الْحَسَنِ الْفَرْغَانِيَّ يَقُولُ : سَأَلْتُ أَبَا بَكْرٍ الشِّبْلِيَّ : مَا عَلَامَةُ الْعَارِفِ ؟ فَقَالَ : صَدْرُهُ مَشْرُوحٌ , وَقَلْبُهُ مَجْرُوحٌ , وَجِسْمُهُ مَطْرُوحٌ . قُلْتُ : هَذَا عَلَامَةُ الْعَارِفِ , فَمَنِ الْعَارِفُ ؟ قَالَ : الْعَارِفُ الَّذِي عَرَفَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ , وَعَرَفَ مُرَادَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَعَمِلَ بِمَا أَمَرَ اللَّهُ , وَأَعْرَضَ عَمَّا نَهَى عَنْهُ اللَّهُ , وَدَعَا عِبَادَ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ . فَقُلْتُ : هَذَا الْعَارِفُ , فَمَنِ الصُّوفِيُّ ؟ فَقَالَ : مَنْ صَفَّا قَلْبُهُ فَصَفَى , وَسَلَكَ طَرِيقَ الْمُصْطَفَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , وَرَمَى الدُّنْيَا خَلْفَ الْقَفَا , وَأَذَاقَ الْهَوَى طَعْمَ الْجَفَا , قُلْتُ لَهُ : هَذَا الصُّوفِيُّ , مَا التَّصَوُّفُ ؟ قَالَ : التَّأَلُّفُ وَالتَّطَرُّفُ , وَالْإِعْرَاضُ عَنِ التَّكَلُّفِ . قُلْتُ لَهُ : أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَا التَّصَوُّفُ ؟ فَقَالَ : تَسْلِيمٌ ، تَصْفِيَةُ الْقُلُوبِ لِعَلَّامِ الْغُيُوبِ فَقُلْتُ لَهُ : أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَا التَّصَوُّفُ ؟ فَقَالَ : تَعْظِيمُ أَمْرِ اللَّهِ , وَشَفَقَتِهِ عَلَى عِبَادِ اللَّهِ . فَقُلْتُ لَهُ : أَحْسَنُ مِنْ هَذَا مَنِ الصُّوفِيُّ ؟ قَالَ : مَنْ صَفَا مِنَ الْكَدَرِ , وَخَلُصَ مِنَ الْعَكَرِ , وَامْتَلَأَ مِنَ الْفِكَرِ , وَتَسَاوَى عِنْدَهُ الذَّهَبُ وَالْمَدَرُ
وَسَمِعْتُ أَبَا الْفَضْلِ نَصْرَ بْنَ أَبِي نَصْرٍ يَقُولُ : سَمِعْتُ عَلِي بْنَ مُحَمَّدٍ الْمِصْرِيَّ يَقُولُ : سُئِلَ السَّرِيُّ السَّقْطِيُّ عَنِ التَّصَوُّفِ فَقَالَ : التَّصَوُّفُ خُلُقٌ كَرِيمٌ , يُخْرِجُهُ الْكَرِيمُ إِلَى قَوْمٍ كِرَامٍ
سَمِعْتُ أَبَا هَمَّامٍ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ مُجِيبٍ الصُّوفِيَّ , وَسُئِلَ عَنِ الصُّوفِيِّ ، فَقَالَ : لِنَفْسِهِ ذَابِحٌ , وَلِهَوَاهُ فَاضِحٌ , وَلِعَدُوِّهِ جَارِحٌ , وَلِلْخَلْقِ نَاصِحٌ , دَائِمٌ الْوَجَلَ , يُحْكِمُ الْعَمَلَ , وَيُبْعِدُ الْأَمَلَ , وُيَسُدُّ الْخَلَلَ , وَيُغْضِي عَلَى الزَّلَلِ , عُذْرُهُ بُضَاعَةٌ , وَحُزْنُهُ صِنَاعَةٌ , وَعَيْشُهُ قَنَاعَةٌ , بِالْحَقِّ عَارِفٌ , وَعَلَى الْبَابِ عَاكِفٌ , وَعَنِ الْكُلِّ عَازِفٌ , تَرْبِيَةُ بِرِّهِ , وَشَجَرَةُ وُدِّهِ , وَرَاعِي عَهْدِهِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَذَكَرْنَا فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ كَثِيرًا مِنْ أَجْوِبَةِ مَشْيِخَتِهِمْ فِي التَّصَوُّفِ , وَاخْتِلَافِ عِبَارَاتِهِمْ , وَكُلٌّ قَدْ أَجَابَ عَنْ حَالِهِ وَيَشْتَمِلُ كَلَامُ الْمُتَصَوِّفَةِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ : فَأَوَّلُهَا إِشَارَاتُهُمْ إِلَى التَّوْحِيدِ . وَالثَّانِي كَلَامُهُمْ فِي الْمُرَادِ وَمَراتِبِهِ , وَالثَّالِثُ فِي الْمُرِيدِ وَأَحْوَالِهِ . ثُمَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنَ الثَّلَاثَةِ مَسَائِلُ وَفُرُوعٌ , يَكْثُرُ تِعْدَادُهَا , فَأَوَّلُ أُصُولِهُمُ الْعِرْفَانُ , ثُمَّ إِحْكَامُ الْخِدْمَةِ وَالْإِدْمَانِ
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَمْدَانَ ، ثَنَا الْحَسَنُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ ، ثَنَا أُمَيَّةُ بْنُ بِسْطَامٍ ، ثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، ثَنَا رَوْحُ بْنُ الْقَاسِمِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أُمَيَّةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَيْفِيٍّ ، عَنْ أَبِي مَعْبَدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ لَمَّا بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى الْيَمَنِ قَالَ : إِنَّكَ تَقْدُمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ , فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , فَإِذَا عَرَفُوا اللَّهَ فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ خَمْسَ صَلَوَاتٍ فِي يَوْمِهِمْ وَلَيْلَتِهِمْ , فَإِذَا فَعَلُوا فَأَخْبِرْهُمْ أَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ فَرَضَ عَلَيْهِمْ زَكَاةً تُؤْخَذُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَتُرَدُّ عَلَى فُقَرَائِهِمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْعَبَّاسِ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَرْبِيُّ ، ثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ ، ثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ ، ثَنَا خَالِدُ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمِسْوَرِ ، أَنَّ رَجُلًا ، أَتَى النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلِّمْنِي مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ , قَالَ : مَا فَعَلْتَ فِي رَأْسِ الْعِلْمِ فَتَطْلُبَ الْغَرَائِبَ ؟ قَالَ : وَمَا رَأْسُ الْعِلْمِ ؟ قَالَ : هَلْ عَرَفْتَ الرَّبَّ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : فَمَا صَنَعْتَ فِي حَقِّهِ ؟ قَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ , قَالَ : عَرَفْتَ الْمَوْتَ ؟ قَالَ : نَعَمْ , قَالَ : مَا أَعْدَدْتَ لَهُ ؟ قَالَ : مَا شَاءَ اللَّهُ ، قَالَ : انْطَلِقْ فَاحْكُمْ هَاهُنَا , ثُمَّ تَعَالَ أُعَلِّمْكَ مِنْ غَرَائِبِ الْعِلْمِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَمَبَانِي الْمُتَصَوِّفَةِ الْمُتَحَقِّقَةُ فِي حَقَائِقِهِمْ عَلَى أَرْكَانٍ أَرْبَعَةٍ : مَعْرِفَةُ اللَّهِ تَعَالَى , وَمَعْرِفَةُ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ , وَمَعْرِفَةُ النُّفُوسِ وَشُرُورِهَا وَدَوَاعِيهَا , وَمَعْرِفَةُ وَسْوَاسِ الْعَدُوِّ وَمَكَائِدِهِ وَمَضَالِّهِ , وَمَعْرِفَةُ الدُّنْيَا وَغُرُورِهَا وَتَفْتِينَهَا وَتَلْوِينِهَا , وَكَيْفَ الِاحْتِرَازُ مِنْهَا وَالتَّجَافِي عَنْهَا , ثُمَّ أَلْزَمُوا أَنْفُسُهُمْ بَعْدَ تَوْطِئَةِ هَذِهِ الْأَبْنِيَةِ دَوَامَ الْمُجَاهَدَةِ , وَشِدَّةَ الْمُكَابَدَةِ , وَحِفْظَ الْأَوْقَاتِ , وَاغْتِنَامَ الطَّاعَاتِ , وَمُفَارَقَةَ الرَّاحَاتِ , وَالتَّلَذُّذَ بِمَا أُيِّدُوا بِهِ مِنَ الْمُطَالَعَاتِ , وَصِيَانَةَ مَا خُصُّوا بِهِ مِنَ الْكَرَامَاتِ , لَا عَنِ الْمُعَامَلَاتِ انْقَطَعُوا , وَلَا إِلَى التَّأْوِيلَاتِ رَكَنُوا , رَغِبُوا عَنِ الْعَلَائِقِ , وَرَفَضُوا الْعَوَائِقَ , وَجَعَلُوا الْهُمُومَ هَمًّا وَاحِدًا , وَمُزَايَلَةَ الْأَعْرَاضِ طَارِفًا وَتَالِدًا ، وَاقْتَدَوْا بِالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ , وَفَارَقُوا الْعُرُوضَ وَالْعِقَارَ , وَآثَرُوا الْبَذْلَ وَالْإِيثَارَ , وَهَرَبُوا بِدِينِهِمْ إِلَى الْجِبَالِ وَالْقِفَارِ احْتِرَازًا مِنْ مُوَامَقَةِ الْأَبْصَارِ أَنْ يَوْمَى إِلَيْهَا بِالْأَصَابِعِ , وَيُشَارُ لِمَا أَنِسُوا بِهِ مِنَ التُّحَفِ وَالْأَنْوَارِ , فَهُمُ الْأَتْقِيَاءُ الْأَخْفِيَاءُ , وَالْغُرَبَاءُ النُّجَبَاءُ , صَحَّتْ عَقِيدَتُهُمْ فَسَلِمَتْ سَرِيرَتُهُمْ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ خَلَّادٍ ، ثَنَا الْحَارِثُ بْنُ أَبِي أُسَامَةَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ الْوَاقِدِيُّ ، ثَنَا بُكَيْرُ بْنُ مِسْمَارٍ ، عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ ، سَمِعَهُ يُخْبِرُ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ يَقُولُ : إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعَبْدَ التَّقِيَّ الْغَنِيَّ الْخَفِيَّ
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ مَالِكٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، ثَنَا سُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ رَجَاءٍ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنِ ابْنِ أَبِي مُلَيْكَةَ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : أَحَبُّ شَيْءٍ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى الْغُرَبَاءُ , قِيلَ : وَمَنِ الْغُرَبَاءُ ؟ قَالَ : الْفَرَّارُونَ بِدِينِهِمْ , يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَعَ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ عَلَيْهِمَا السَّلَامُ
حَدَّثَنَا أَبُو غَانِمٍ سَهْلُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْفَقِيهُ الْوَاسِطِيُّ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ ، ثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ وَهْبٍ ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ يَزِيدَ ، ثَنَا أَبُو عَوَانَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ أَبِي وَائِلٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ ، قَالَ : إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ عَبْدًا اقْتَنَاهُ لِنَفْسِهِ , وَلَمْ يَشْغَلْهُ بِزَوْجَةٍ وَلَا وَلَدٍ
وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ : يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لَا يَسْلَمُ لِذِي دِينٍ دِينُهُ إِلَّا رَجُلٌ يَفِرُّ بِدِينِهِ مِنْ قَرْيَةٍ إِلَى قَرْيَةٍ , وَمِنْ شَاهِقٍ إِلَى شَاهِقٍ , وَمِنْ جُحْرٍ إِلَى جُحْرٍ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا عَبَّاسُ بْنُ الْفَضْلِ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَائِشَةَ ، قَالَ : ثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ مُسْلِمٍ الْقَسْمَلِيُّ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ يَزِيدَ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ مِنْ أَغْبَطِ أَوْلِيَائِي عِنْدَنَا مُؤْمِنًا خَفِيفَ الْحَاذِ ذَا حَظٍّ مِنْ صَلَاةٍ وَصِيَامٍ , أَحْسَنَ عِبَادَةَ رَبِّهِ , وَأَطَاعَهُ فِي سِرَّهِ , وَكَانَ غَامِضًا فِي النَّاسِ لَا يُشَارُ إِلَيْهِ بِالْأَصَابِعِ , وَكَانَتْ مَعِيشَتُهُ كَفَافًا , وَصَبَرَ عَلَى ذَلِكَ فَعُجِّلَتْ مَنِيَّتُهُ , وَقَلَّتْ بَوَاكِيهِ , وَقَلَّ تُرَاثُهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : لَهُمُ الْأَحْوَالُ الشَّرِيفَةُ , وَالْأَخْلَاقُ اللَّطِيفَةُ , مَقَامُهُمْ مَنِيفٌ , وَسُؤَالُهُمْ ظَرِيفٌ
حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ ، ثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ بَرَّةَ الصَّنْعَانِيُّ ، ثَنَا هِشَامُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو الْوَلِيدِ الْمَخْزُومِيُّ ، ثَنَا مُوسَى بْنُ جَعْفَرِ بْنِ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عَبْدِ الْقُدُّوسِ بْنِ حَبِيبٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ لَهُ : يَا غُلَامُ أَلَا أَحْبُوكَ , أَلَا أَنْحِلُكَ , أَلَا أُعْطِيكَ ؟ , قَالَ : قُلْتُ : بَلَى , بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللَّهِ , قَالَ : فَظَنَنْتُ أَنَّهُ سَيَقْطَعُ لِي قِطْعَةَ مِنْ مَالٍ , فَقَالَ : أَرْبَعٌ تُصَلِّيهِنَّ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ , فَتَقْرَأُ أُمَّ الْقُرْآنَ وَسُورَةً , ثُمَّ تَقُولُ : سُبْحَانَ اللَّهِ , وَالْحَمْدُ لِلَّهِ , وَلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ , وَاللَّهُ أَكْبَرُ , خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً , ثُمَّ تَرْكَعُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا , ثُمَّ تَرْفَعُ فَتَقُولُهَا عَشْرًا , ثُمَّ تَفْعَلُ فِي صَلَاتِكَ كُلِّهَا مِثْلَ ذَلِكَ , فَإِذَا فَرَغْتَ قُلْتَ بَعْدَ التَّشَهُّدِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ تَوْفِيقَ أَهْلِ الْهُدَى , وَأَعْمَالَ أَهْلِ الْيَقِينِ , وَمُنَاصَحَةَ أَهْلِ التَّوْبَةِ , وَعَزْمَ أَهْلِ الصَّبْرِ , وَجَدَّ أَهْلِ الْخَشْيَةِ , وَطِلْبَةَ أَهْلِ الرَّغْبَةِ , وَتَعَبُّدَ أَهْلِ الْوَرَعِ , وَعِرْفَانَ أَهْلِ الْعِلْمِ حَتَّى أَخَافَكَ , اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ مَخَافَةً تَحْجِزُنِي عَنْ مَعَاصِيكَ ، وَحَتَّى أَعْمَلَ بِطَاعَتِكَ عَمَلًا أَسْتَحِقُّ بِهِ رِضَاكَ , وَحَتَّى أُنَاصِحَكَ فِي التَّوْبَةِ خَوْفًا مِنْكَ , وَحَتَّى أُخْلِصَ لَكَ النَّصِيحَةَ حُبًّا لَكَ , وَحَتَّى أَتَوَكَّلَ عَلَيْكَ فِي الْأُمُورِ حَسَنَ الظَّنِّ بِكَ , سُبْحَانَ خَالِقِ النُّورِ , فَإِذَا فَعَلْتَ ذَلِكَ يَا ابْنَ عَبَّاسٍ غَفَرَ اللَّهُ لَكَ ذُنُوبَكَ , صَغِيرَهَا وَكَبِيرَهَا , قَدِيمَهَا وَحَدِيثَهَا , سِرَّهَا وَعَلَانِيَتَهَا , وَعَمْدَهَا وَخَطَأَهَا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : هُمُ السُّفَرَاءُ إِلَى الْخَلْقِ , وَالْأُسَرَاءَ لَدَى الْحَقِّ , أَزْعَجَهُمُ الْفَرَقُ , وَهَيَّمَهُمُ الْقَلَقُ
حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْكِنَانِيُّ ، ثَنَا أَبُو الْحَرِيشِ الْكِلَابِيُّ ، ثَنَا عَلِيُّ بْنُ يَزِيدَ بْنِ بَهْرَامَ ، ثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ أَبِي كَرِيمَةَ ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ , أَنَّهُ قَالَ : يَا مُعَاذُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَدَى الْحَقِّ أَسِيرٌ , يَعْلَمُ أَنَّ عَلَيْهِ رَقِيبًا عَلَى سَمْعِهِ , وَبَصَرِهِ , وَلِسَانِهِ , وَيَدِهِ ، وَرِجْلِهِ ، وَبَطْنِهِ ، وَفَرْجِهِ ، حَتَّى اللَّمْحَةُ بِبَصَرِهِ , وَفُتَاتُ الطِّينِ بِأُصْبُعِهِ , وَكُحْلُ عَيْنَيْهِ , وَجَمِيعُ سَعْيِهِ , إِنَّ الْمُؤْمِنَ لَا يَأْمَنُ قَلْبَهُ , وَلَا يُسْكِنُ رَوْعَتَهُ , وَلَا يَأْمَنُ اضْطِرَابَهُ , يَتَوَقَّعُ الْمَوْتَ صَبَاحًا وَمَسَاءً , فَالتَّقْوَى رَقِيبُهُ , وَالْقُرْآنُ دَلِيلُهُ , وَالْخَوْفُ حُجَّتُهُ , وَالشَّرَفُ مَطِيَّتُهُ , وَالْحَذَرُ قَرِينُهُ , وَالْوَجَلُ شِعَارُهُ , وَالصَّلَاةُ كَهْفُهُ , وَالصِّيَامُ جَنَّتُهُ , وَالصَّدَقَةُ فِكَاكُهُ , وَالصِّدْقُ وَزِيرُهُ , وَالْحَيَاءُ أَمِيرُهُ , وَرَبُّهُ تَعَالَى مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ كُلِّهِ بِالْمِرْصَادِ , يَا مُعَاذُ إِنَّ الْمُؤْمِنَ قَيْدُهُ الْقُرْآنُ عَنْ كَثِيرٍ مِنْ هَوَى نَفْسِهِ وَشَهَوَاتِهِ , وَحَالَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَنْ يَهْلِكَ فِيمَا يَهْوَى بِإِذْنِ اللَّهِ , يَا مُعَاذُ إِنِّي أُحِبُّ لَكَ مَا أُحِبُّ لِنَفْسِي , وَأَنْهَيْتُ إِلَيْكَ مَا أَنْهَى إِلَيَّ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ , فَلَا أَعْرِفَنَّكَ تُوَافِينِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَأَحَدٌ أَسْعَدُ بِمَا أَتَاكَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْكَ حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرِو بْنُ حَمْدَانَ ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ سُفْيَانَ ، ثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، ثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، عَنْ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْقُشَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِي حَاجِبٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُعَاذٍ ، وَعَنْ غَالِبِ بْنِ شَهْرٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، وَعَنْ مَكْحُولٍ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ ، عَنْ مُعَاذٍ ، بَلَغَ بِهِ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : يَا مُعَاذُ , فَذَكَرَ نَحْوَهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : حُبُّهُمْ لِلْحَقِّ , وَفِي الْحَقِّ يُحْيِيهِمْ وَيُفْنِيهِمْ , وَعَمَّنْ سِوَاهُ مِنَ الْخَلْقِ يُلهِيهِمْ وَيُسْلِيهِمْ
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ جَعْفَرٍ ، ثَنَا يُونُسُ بْنُ حَبِيبٍ ، ثَنَا أَبُو دَاوُدَ ، ثَنَا شُعْبَةُ ، أَخْبَرَنِي قَتَادَةُ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ ، يُحَدِّثُ , أَنَّ النَّبِيَّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : مَنْ يَكُنِ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا , وَأَنْ يُقْذَفَ الرَّجُلُ فِي النَّارِ أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ أَنْ يَرْجِعَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ مِنْهُ , وَأَنْ يُحِبَّ الرَّجُلُ الْعَبْدَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ - أَوْ قَالَ : فِي اللَّهِ - عَزَّ وَجَلَّ شَكَّ أَبُو دَاوُدَ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ جَعْفَرِ بْنِ حَمْدَانَ ، ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، قَالَ : حَدَّثَنِي أَبِي ، ثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ ، ثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَنَسٍ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ ، قَالَ : ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ بِهِنَّ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ : أَنْ يَكُونَ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا , وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ , وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْقَذَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ مِنْهُ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ تُوقَدَ لَهُ نَارٌ فَيَقْذَفُ فِيهَا قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : فَقَدْ ثَبَتَ بِمَا رُوِّينَا مِنْ حَدِيثِ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ وَغَيْرِهِ , أَنَّ التَّصَوُّفَ أَحْوَالٌ قَاهِرَةٌ , وَأَخْلَاقٌ طَاهِرَةٌ , تَقْهَرُهُمُ الْأَحْوَالُ فُتَأْسِرُهُمْ , وَيَسْتَعْمِلُونَ الْأَخْلَاقَ فَتُظْهِرُهُمْ , تَحْلُوا بِخَالِصِ الْخِدْمَةِ , فَكُفُوا طَوَارِقَ الْحَيْرَةِ , وَعُصِمُوا مِنَ الِانْقِطَاعِ وَالْفَتْرَةِ , وَلَا يَأْنَسُونَ إِلَّا بِهِ , وَلَا يَسْتَرِيحُونَ إِلَّا إِلَيْهِ , فَهُمْ أَرْبَابُ الْقُلُوبِ الْمُتَسَوِّرُونَ بِصَائِبِ فَرَاسَتِهِمْ عَلَى الْغُيُوبِ , الْمُرَاقِبُونَ لِلْمَحْبُوبِ , التَّارِكُونَ لِلْمَسْلُوبِ , الْمُحَارِبُونَ لِلْمَحْرُوبِ , سَلَكُوا مَسْلَكَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ , وَمَنْ نَحَى نَحْوَهُمْ مِنَ الْمُتَقَشِّفيِنَ وَالْمُتَحَقِّقِينَ الْعَالَمِينَ بِالْبَقَاءِ وَالْفَنَاءِ , وَالْمُمَيِّزِينَ بَيْنَ الْإِخْلَاصِ وَالرِّيَاءِ , وَالْعَارِفِينَ بِالْخَطْرَةِ وَالْهِمَّةِ وَالْعَزِيمَةِ وَالنِّيَّةِ , وَالْمُحَاسِبِينَ لِلضَّمَائِرِ , وَالْمُحَافِظِينَ لِلسَّرَائِرِ الْمُخَالِفِينَ لِلنُّفُوسِ , وَالْمُحَاذِرِينَ مِنَ الْخُنُوسِ بِدَائِمِ التَّفَكُّرِ وَقَائِمِ التَّذَكُّرِ طَلَبًا لِلتَّدَانِي , وَهَرَبًا مِنَ التَّوَانِي , وَلَا يَسْتَهِينُ بِحُرْمَتِهِمْ إِلَّا مَارِقٌ , وَلَا يَدَّعِي أَحْوَالَهُمْ إِلَّا مَائِقٌ , وَلَا يَعْتَقِدُ عَقِيدَتَهُمْ إِلَّا فَائِقٌ , وَلَا يَحِنُّ إِلَى مُوَالَاتِهِمْ إِلَّا تَائِقٌ فَهُمْ سُرُجُ الْآفَاقِ , وَالْمَمْدُودُ إِلَى رُؤْيَتِهِمْ بِالْأَعْنَاقِ , بِهِمْ نَقْتَدِي وَإِيَّاهُمْ نُوَالِي إِلَى يَوْمِ التَّلَاقِ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : بَدَأْنَا بِذِكْرِ مَنِ اشْتُهِرَ مِنَ الصَّحَابَةِ بِحَالٍ مِنَ الْأَحْوَالِ , وَحُفِظَ عَنْهُ حَمِيدُ الْأَفْعَالِ , وَعُصِمَ مِنَ الْفُتُورِ ، وَالْإِكْسَالِ , وَفُصِّلَ لَهُ الْعُهُودُ وَالْحِبَالُ , وَلَمْ يَقْطَعْهُ سَآمَةٌ وَلَا مَلَالٌ , فَمِنَ الْمُهَاجِرِينَ أَوَّلُهُمْ