قُلْتُ لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ : " صِفْ لِيَ الْأَبْدَالَ , فَقَالَ : " إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دَيَاجِي الظُّلَمِ ، لَأَكْشِفَنَّهَا لَكَ عَبْدَ الْبَارِي , هُمْ قَوْمٌ ذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقُلُوبِهِمْ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَلَالِهِ فَهُمْ حُجَجُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ , أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ , وَرَفَعَ لَهُمْ أَعْلَامَ الْهِدَايَةِ إِلَى مُوَاصَلَتِهِ , وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَبْطَالِ لِإِرَادَتِهِ , وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ , وَطَهَّرَ أَبْدَانَهُمْ بِمُرَاقَبَتِهِ , وَطَيَّبَهُمْ بِطِيبِ أَهْلِ مُجَامَلَتِهِ , وَكَسَاهُمْ حُلَلًا مِنْ نَسْجِ مَوَدَّتِهِ , وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانَ مَسَرَّتِهِ , ثُمَّ أَوْدَعَ الْقُلُوبَ مِنْ ذَخَائِرِ الْغُيُوبِ , فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَتِهِ , فَهُمُومُهُمْ إِلَيْهِ ثَائِرَةٌ , وَأَعْيُنُهُمْ إِلَيْهِ بِالْغَيْبِ نَاظِرَةٌ , قَدْ أَقَامَهُمْ عَلَى بَابِ النَّظَرِ مِنْ قُرْبِهِ , وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِي أَطِبَّاءِ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْرِي فَدَاوُوهُ , أَوْ مَرِيضٌ مِنْ فُرَاقِي فَعَالِجُوهُ , أَوْ خَائِفٌ مِنِّي فَأَمِّنُوهُ , أَوْ آمِنٌ مِنِّي فَحَذَّرُوهُ , أَوْ رَاغِبٌ فِي مُوَاصَلَتِي فَهَنُّوهُ , أَوْ رَاحِلٌ نَحْوِي فَزَوِّدُوهُ , أَوْ جَبَانٌ فِي مُتَاجَرَتِي فَشَجِّعُوهُ , أَوْ آيِسٌ مِنْ فَضْلِي فُعِدُوهُ , أَوْ رَاجٍ لِإِحْسَانِي فَبَشِّرُوهُ , أَوْ حَسَنُ الظَّنِّ بِي فَبَاسِطُوهُ , أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاظِبُوهُ , أَوْ مُعَظِمٌ لِقَدْرِي فَعَظِّمُوهُ , أَوْ مُسْتَوْصِفُكُمْ نَحْوِي فَأَرْشِدُوهُ , أَوْ مُسِيءٌ بَعْدَ إِحْسَانٍ فَعَاتِبُوهُ , وَمَنْ وَاصَلَكُمْ فِيَّ فَوَاصِلُوهُ , وَمَنْ غَابَ عَنْكُمْ فَافْتَقِدُوهُ , وَمَنْ أَلْزَمَكُمْ جِنَايَةً فَاحْتَمِلُوهُ , وَمَنْ قَصَّرَ فِي وَاجِبِ حَقِّي فَاتْرُكُوهُ , وَمَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً فَنَاصِحُوهُ , وَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَعُودُوهُ , وَمَنْ حَزِنَ فَبَشِّرُوهُ , وَإِنِ اسْتَجَارَ بِكُمْ مَلْهُوفٌ فَأَجِيرُوهُ , يَا أَوْلِيَائِي لَكُمْ عَاتَبْتُ , وَفِي إِيَّاكُمْ رَغِبْتُ , وَمِنْكُمُ الْوَفَاءُ طَلَبْتُ , وَلَكُمُ اصْطَفَيْتُ وَانْتَخَبْتُ , وَلَكُمُ اسْتَخْدَمْتُ وَاخْتَصَصْتُ , لِأَنِّي لَا أُحِبُّ اسْتِخْدَامَ الْجَبَّارِينَ , وَلَا مُوَاصَلَةَ الْمُتَكَبِّرِينَ , وَلَا مُصَافَاةَ الْمُخَلِّطِينَ , وَلَا مُجَاوَبَةَ الْمُخَادِعِينَ , وَلَا قُرْبَ الْمُعْجِبِينَ , وَلَا مُجَالَسَةَ الْبَطَّالِينَ , وَلَا مُوَالَاةَ الشَّرِهِينَ . يَا أَوْلِيَائِي جَزَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْجَزَاءِ , وَعَطَائِي لَكُمْ أَجْزَلُ الْعَطَاءِ , وَبَذْلِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْبَذْلِ , وَفَضْلِي عَلَيْكُمْ أَكْثَرُ الْفَضْلِ , وَمُعَامَلَتِي لَكُمْ أَوَفَى الْمُعَامَلَةِ , وَمُطَالَبَتِي لَكُمْ أَشَدُّ الْمُطَالَبَةِ , أَنَا مُجْتَنِي الْقُلُوبِ , وَأَنَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، وَأَنَا مُرَاقِبُ الْحَرَكَاتِ ، وَأَنَا مُلَاحِظُ اللَّحَظَاتِ ، أَنَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْخَوَاطِرِ , أَنَا الْعَالِمُ بِمَجَالِ الْفِكْرِ , فَكُونُوا دُعَاةً إِلَيَّ , لَا يُفْزِعْكُمْ ذُو سُلْطَانٍ سُوَائِي , فَمَنْ عَادَاكُمْ عَادَيْتُهُ , وَمَنْ وَالَاكُمْ وَالَيْتُهُ , وَمَنْ آَذَاكُمْ أَهْلَكْتُهُ , وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ جَازَيْتُهُ , وَمَنْ هَجَرَكُمْ قَلَيْتُهُ "
حَدَّثَنَا أَبُو الْحَسَنِ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ مِقْسَمٍ ، حَدَّثَنَا الْعَبَّاسُ بْنُ يُوسُفَ الشِكْلِيُّ ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ ، قَالَ : قَالَ عَبْدُ الْبَارِي : قُلْتُ لِذِي النُّونِ الْمِصْرِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ : صِفْ لِيَ الْأَبْدَالَ , فَقَالَ : إِنَّكَ لَتَسْأَلُنِي عَنْ دَيَاجِي الظُّلَمِ ، لَأَكْشِفَنَّهَا لَكَ عَبْدَ الْبَارِي , هُمْ قَوْمٌ ذَكَرُوا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ بِقُلُوبِهِمْ تَعْظِيمًا لِرَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ لِمَعْرِفَتِهِمْ بِجَلَالِهِ فَهُمْ حُجَجُ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى خَلْقِهِ , أَلْبَسَهُمُ النُّورَ السَّاطِعَ مِنْ مَحَبَّتِهِ , وَرَفَعَ لَهُمْ أَعْلَامَ الْهِدَايَةِ إِلَى مُوَاصَلَتِهِ , وَأَقَامَهُمْ مَقَامَ الْأَبْطَالِ لِإِرَادَتِهِ , وَأَفْرَغَ عَلَيْهِمُ الصَّبْرَ عَنْ مُخَالَفَتِهِ , وَطَهَّرَ أَبْدَانَهُمْ بِمُرَاقَبَتِهِ , وَطَيَّبَهُمْ بِطِيبِ أَهْلِ مُجَامَلَتِهِ , وَكَسَاهُمْ حُلَلًا مِنْ نَسْجِ مَوَدَّتِهِ , وَوَضَعَ عَلَى رُءُوسِهِمْ تِيجَانَ مَسَرَّتِهِ , ثُمَّ أَوْدَعَ الْقُلُوبَ مِنْ ذَخَائِرِ الْغُيُوبِ , فَهِيَ مُعَلَّقَةٌ بِمُوَاصَلَتِهِ , فَهُمُومُهُمْ إِلَيْهِ ثَائِرَةٌ , وَأَعْيُنُهُمْ إِلَيْهِ بِالْغَيْبِ نَاظِرَةٌ , قَدْ أَقَامَهُمْ عَلَى بَابِ النَّظَرِ مِنْ قُرْبِهِ , وَأَجْلَسَهُمْ عَلَى كَرَاسِي أَطِبَّاءِ أَهْلِ مَعْرِفَتِهِ , ثُمَّ قَالَ : إِنْ أَتَاكُمْ عَلِيلٌ مِنْ فَقْرِي فَدَاوُوهُ , أَوْ مَرِيضٌ مِنْ فُرَاقِي فَعَالِجُوهُ , أَوْ خَائِفٌ مِنِّي فَأَمِّنُوهُ , أَوْ آمِنٌ مِنِّي فَحَذَّرُوهُ , أَوْ رَاغِبٌ فِي مُوَاصَلَتِي فَهَنُّوهُ , أَوْ رَاحِلٌ نَحْوِي فَزَوِّدُوهُ , أَوْ جَبَانٌ فِي مُتَاجَرَتِي فَشَجِّعُوهُ , أَوْ آيِسٌ مِنْ فَضْلِي فُعِدُوهُ , أَوْ رَاجٍ لِإِحْسَانِي فَبَشِّرُوهُ , أَوْ حَسَنُ الظَّنِّ بِي فَبَاسِطُوهُ , أَوْ مُحِبٌّ لِي فَوَاظِبُوهُ , أَوْ مُعَظِمٌ لِقَدْرِي فَعَظِّمُوهُ , أَوْ مُسْتَوْصِفُكُمْ نَحْوِي فَأَرْشِدُوهُ , أَوْ مُسِيءٌ بَعْدَ إِحْسَانٍ فَعَاتِبُوهُ , وَمَنْ وَاصَلَكُمْ فِيَّ فَوَاصِلُوهُ , وَمَنْ غَابَ عَنْكُمْ فَافْتَقِدُوهُ , وَمَنْ أَلْزَمَكُمْ جِنَايَةً فَاحْتَمِلُوهُ , وَمَنْ قَصَّرَ فِي وَاجِبِ حَقِّي فَاتْرُكُوهُ , وَمَنْ أَخْطَأَ خَطِيئَةً فَنَاصِحُوهُ , وَمَنْ مَرِضَ مِنْ أَوْلِيَائِي فَعُودُوهُ , وَمَنْ حَزِنَ فَبَشِّرُوهُ , وَإِنِ اسْتَجَارَ بِكُمْ مَلْهُوفٌ فَأَجِيرُوهُ , يَا أَوْلِيَائِي لَكُمْ عَاتَبْتُ , وَفِي إِيَّاكُمْ رَغِبْتُ , وَمِنْكُمُ الْوَفَاءُ طَلَبْتُ , وَلَكُمُ اصْطَفَيْتُ وَانْتَخَبْتُ , وَلَكُمُ اسْتَخْدَمْتُ وَاخْتَصَصْتُ , لِأَنِّي لَا أُحِبُّ اسْتِخْدَامَ الْجَبَّارِينَ , وَلَا مُوَاصَلَةَ الْمُتَكَبِّرِينَ , وَلَا مُصَافَاةَ الْمُخَلِّطِينَ , وَلَا مُجَاوَبَةَ الْمُخَادِعِينَ , وَلَا قُرْبَ الْمُعْجِبِينَ , وَلَا مُجَالَسَةَ الْبَطَّالِينَ , وَلَا مُوَالَاةَ الشَّرِهِينَ . يَا أَوْلِيَائِي جَزَائِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْجَزَاءِ , وَعَطَائِي لَكُمْ أَجْزَلُ الْعَطَاءِ , وَبَذْلِي لَكُمْ أَفْضَلُ الْبَذْلِ , وَفَضْلِي عَلَيْكُمْ أَكْثَرُ الْفَضْلِ , وَمُعَامَلَتِي لَكُمْ أَوَفَى الْمُعَامَلَةِ , وَمُطَالَبَتِي لَكُمْ أَشَدُّ الْمُطَالَبَةِ , أَنَا مُجْتَنِي الْقُلُوبِ , وَأَنَا عَلَّامُ الْغُيُوبِ ، وَأَنَا مُرَاقِبُ الْحَرَكَاتِ ، وَأَنَا مُلَاحِظُ اللَّحَظَاتِ ، أَنَا الْمُشْرِفُ عَلَى الْخَوَاطِرِ , أَنَا الْعَالِمُ بِمَجَالِ الْفِكْرِ , فَكُونُوا دُعَاةً إِلَيَّ , لَا يُفْزِعْكُمْ ذُو سُلْطَانٍ سُوَائِي , فَمَنْ عَادَاكُمْ عَادَيْتُهُ , وَمَنْ وَالَاكُمْ وَالَيْتُهُ , وَمَنْ آَذَاكُمْ أَهْلَكْتُهُ , وَمَنْ أَحْسَنَ إِلَيْكُمْ جَازَيْتُهُ , وَمَنْ هَجَرَكُمْ قَلَيْتُهُ قَالَ الشَّيْخُ رَحِمَهُ اللَّهُ : وَهُمُ الشَّغِفُونَ بِهِ وَبِوِدِّهِ , وَالْكَلِفُونَ بِخِطَابِهِ وَعَهْدِهِ