خطب ومحاضرات
لا لمؤتمر بكين
الحلقة مفرغة
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبد الله ورسوله، بعثه بالهدى ودين الحق؛ ليظهره على الدين كله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعد:
فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله عز وجل، فنعم اللباس التقوى، ونعم الزاد التقوى.
أيها المسلمون: إن أهل العقل والعلم والنظر المتوازن، ليسوا بمغرمين ولا بمبالغين في تصوير أن وراء كل حدث مؤامرة، ولا من المتوهمين أن خلف كل حديث تآمراً، ولكنهم في ذات الوقت لن يكونوا من أولئك الذين يسلمون القياد، ويرخون الزمام؛ لتقودهم أفكار فاسدة، أو تضلهم دعوات ماكرة، أو يسيروا خلف كل ناعق.
إننا بين يدي مؤتمر سوف ينعقد قريباً هذه الأيام؛ ليتحدث ويوصي ويقرر عن المرأة والأسرة والبيت وشئونه، يتحدث عن التنمية والسلام والمساواة، مؤتمر منتسب إلى الأمم المتحدة .
كم تحدثوا وائتمروا عن التنمية والأمية، والتعليم والصحة، ورفع الفقر، وحقوق الإنسان، وكرامة الإنسان، وأعباء المديونية في العالم الثالث، وهذه كلها كلمات جميلة، ودعوات براقة، كل يحبها، وكل يتمنى تحقيقها، لقد مر على قيام هذه المنظمة خمسون عاماً فأي فقر رفع؟
وأي سلام رسخ؟
وأي كرامة للإنسانية حفظت؟
إن سيطرة القرار الغربي على مجريات الأمور، أضحت واضحة بينة، إنه وحده الذي يستصدر قرارات لها أثرها ونفاذها إذا شاء، وتكون الأخرى حبراً على ورق إذا شاء.
من هذه المسلمات يكون الحديث عن مؤتمر المرأة هذا، ومن هذه المنطلقات يكون النظر إلى هذا المؤتمر، إنه مؤتمر لا يعلو فيه إلا صوت الجمعيات المتطرفة التي أعلنت الحرب منذ زمن على الأسرة والحياة الكريمة والبيت الكريم، التطرف الذي دعا بغلوه إلى الحرية الجنسية، والتفسخ الخلقي، والدعارة المعلنة المقننة، دعوات ومقررات تصادم الفطرة وتنابذ كل القيم الإيمانية المستقرة في ضمائر الأسوياء من البشر.
وحينما يقال: إن التطرف هو الذي يعد أوراق عمل هذا المؤتمر وهو الذي يصوغ وثائقه وتوصياته، ليس هذا من جزاف القول، ولا من دعاوى الباطل.
إن جماعات التطرف النسائية لها دور فعال للإعداد، وإن أعضاء تلك الجمعيات نساء شاذات متعاطيات للسحاق، تطرف ينظر إلى مصطلح الأسرة والبيت العائلي نظر ازدراء وتنقص، ونظر رجعية ومخلفات القرون البائدة
القهر والعنف الذي تتعرض له المرأة
بلى. لقد حفل التاريخ ولا يزال يحفل بألوان من الأذى وقعت على المرأة، لقد حملت من القيود والمظالم بسبب التعسف المكروه في التقاليد والعادات الموروثة الجائرة في مختلف الحضارات والنظم، ولكن ما هو الحل؟
هل الحل كما يريد المؤتمر في تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة أنها علاقة صراع واستعباد واستبذال، علاقة تنافس غير شريف؟
سبحان الله! كل عالمهم صراع في صراع، وحروب شتى في ميادين شتى، البارد منها والساخن حتى أدخلوها على الرجل وأهل بيته! أما علموا أن العلاقة عندنا أهل الإسلام علاقة مودة ورحمة وطمأنينة وسكن؟! هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189] وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].
وإن كنا نستنكر الممارسات الخاطئة من بعض المسلمين، وخلطهم بين التقاليد والعادات الموروثة المخالفة لآداب الإسلام وأخلاقه، وبين تعاليم الإسلام الحقة الصحيحة.
هذه المرأة المقبورة أفلا يكون الخلاص لها إلا بالإباحية الجنسية، والشذوذ الجنسي، والتفسخ الأسري، وتقويض بنيان البيوت بالجريمة، ومحاربة الزواج المبكر، وفتح أبواب الإجهاض بسبب صحيح وبغير سبب؟! هل خلاصها أن تكون غانية في سوق الملذات والشهوات يستمتع بها الرجل ويستعبدها من طلوع الشمس إلى غروبها، ومن غروبها إلى طلوعها، في دور الأزياء وقاعات السينما، وشاشات التلفاز، وصالات المسارح، وشواطئ البحار والأنهار، وبيوت اللهو والدعارة، وأغلفة المجلات والصحف السيارة؟!
بل أقول ولا أخشى لائماً: حتى في ردهات مستشفياتهم وملاحاتهم الجوية، وأستحيي أن أقول: في دور تعليمهم ومحاضن تربيتهم!! هل هذا هو سبيل الخلاص من القهر الذي ينشدون والعنف الذي يقولون؟
إنها البيوت الخربة، والمسئولية الضائعة، حين ألقاها الرجل الغربي عن كاهله؛ فوقعت نساؤهم حيث وقعت، إهمال وتنصل من مسئولية الإنجاب والتربية؛ فأصبح ذكرهم وأنثاهم لنفسه لا لأمته، للذته لا لكرامته، فالفساد في مجتمعاتهم يستشري، والخراب إلى ديارهم يسري!
لم يتحدثوا عن المرأة المقهورة المعذبة.. المرأة المشردة.. المرأة المغتصبة من إفرازات حروب أنشئوها، وكوارث أثاروها من الظلم العلني والفقر المتدني، في شعوب تنتسب إلى الأمم المتحدة ، ما حال أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في فلسطين وكشمير والبوسنة و الشيشان و بورما و الصومال ؟
إن وثائق المؤتمر لا تكاد تعير هذا اهتماماً في مقابل احتضانها واحتفائها بالمدمنات والشاذات، والبغايا والمومسات، والمصابين والمصابات، بكل أمراض الجنس الفتاكة! هذا نبأ من أنباء مؤتمرهم.
التنمية النسوية
لا يقال ذلك -أيها الإخوة- إفكاً ولا افتياتاً، إنهم يقولون: إن عمل ربة الأسرة داخل بيتها عمل ليس له أجر!
إنهم يقولون: ذاك عمل لا مردود له!
إنهم يقولون: هذه خدمة مجانية وعمل غير منتج! هذه هي نظرتهم، وهذا هو ميزانهم.
تربية النشء والحفاظ على الكرامة، والاستقرار العائلي والنفسي ليس بعمل وليس له أجر ولا مردود وغير منتج..! هكذا قاس قائسهم وقدر مقدرهم، ألا فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر:19-20].
إنهم لا يعرفون الرحم ولا التراحم، ولا يعرفون البر ولا المروءة، أي خيانة أكبر من خيانة إهمال النشء وإهمال النسل؟
إنهم يعلمون -ولكنهم قوم بهت- أن السكينة والطمأنينة لا تكون إلا في بيوت مستقرة في ظلال أسرة حانية بنسائها ورجالها، وأطفالها وصباياها، أما الهمل والضياع في الأزقة والأرصفة وزوايا الوجبات السريعة فلا تبني أمة، ولا تجلب طمأنينة، بل إن حياة الطيور في أعشاشها، والسباع في أكنتها خير وأصلح من هذا الهمل الضائع.
أي امرأة عاملة تعنون؟ ما قهر الرجل ولا أذل المرأة ولا استعبدهما جميعاً إلا مثل هذه المبادئ المهلكة، والمقاييس الفاسدة، والحضارة المنتنة
الإباحية ودعوة التحلل والتفسخ
إذا كان هذا الإيدز بأرقامه المخيفة -وحق لها أن تخيف وأن ترعب- إن كنتم مخلصين فلماذا لا تطالبون بالقضاء على الأسباب، وعندكم علم اليقين أن معدل هذه الأمراض يزداد؟!
عجب وعجب! يعالجون ظواهر العرض، ويدعون أصل المرض! ينظرون إلى الأثر ويغفلون عن المؤثر! وَلَكِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ وَأَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ [المائدة:103].
ومع هذا ينادون بالسلوك الجنسي المأمون، ولقد جاء في الخبر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: {وما ظهرت الفاحشة في قوم حتى يعلنوا بها إلا فشت فيهم الأمراض التي لم تكن في أسلافهم }.
أيها الإخوة: هلا رجعت الأمم المتحدة وراجعت مع خبرائها وباحثيها، هل ما يعاني منه الغرب من مشكلات أخلاقية، وآثار الفساد الجنسي والخلقي وتفكك اجتماعي، هل هو موجود بالضرورة في بقاع العالم الأخرى؟ أم أنه نظر إلى الناس بعيون مريضة ومقاييس جائرة؟
إن هذه الطروحات والمعالجات هي -وربك- جالبات المرض، ومفسدات الأعراض، وناشرات الحرام.. هكذا تقول الأرقام والإحصائيات والدراسات والملفات.
إننا نقول بكل فخر وبكل ثقة: إن أهل الإسلام هم المستهدف الأول من هذه المبادئ الفاجرة؛ لأنهم -أعني أهل الإسلام- أكثر المجتمعات محافظة، فلا وجود يذكر للمشكلات والمصائب التي يئن منها أهل الغرب، ومن انزلق في مستنقعهم، لا مكان في بلاد الإسلام يذكر للأمراض الخبيثة التي تجرها الممارسات الشاذة، ولا الحمل الحرام في بنات المسلمين، ولكنهم لا يحبون الطهر ولا التطهر، والقاعدة القرآنية بينة شاهدة: الْخَبِيثَاتُ لِلْخَبِيثِينَ وَالْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثَاتِ وَالطَّيِّبَاتُ لِلطَّيِّبِينَ وَالطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّبَاتِ أُولَئِكَ مُبَرَّأُونَ مِمَّا يَقُولُونَ [النور:26]
إن هذا المؤتمر في أنبائه، يتحدث عن: القهر والعنف الذي تتعرض له المرأة..
بلى. لقد حفل التاريخ ولا يزال يحفل بألوان من الأذى وقعت على المرأة، لقد حملت من القيود والمظالم بسبب التعسف المكروه في التقاليد والعادات الموروثة الجائرة في مختلف الحضارات والنظم، ولكن ما هو الحل؟
هل الحل كما يريد المؤتمر في تصوير العلاقة بين الرجل والمرأة أنها علاقة صراع واستعباد واستبذال، علاقة تنافس غير شريف؟
سبحان الله! كل عالمهم صراع في صراع، وحروب شتى في ميادين شتى، البارد منها والساخن حتى أدخلوها على الرجل وأهل بيته! أما علموا أن العلاقة عندنا أهل الإسلام علاقة مودة ورحمة وطمأنينة وسكن؟! هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا [الأعراف:189] وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجاً لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ [الروم:21].
وإن كنا نستنكر الممارسات الخاطئة من بعض المسلمين، وخلطهم بين التقاليد والعادات الموروثة المخالفة لآداب الإسلام وأخلاقه، وبين تعاليم الإسلام الحقة الصحيحة.
هذه المرأة المقبورة أفلا يكون الخلاص لها إلا بالإباحية الجنسية، والشذوذ الجنسي، والتفسخ الأسري، وتقويض بنيان البيوت بالجريمة، ومحاربة الزواج المبكر، وفتح أبواب الإجهاض بسبب صحيح وبغير سبب؟! هل خلاصها أن تكون غانية في سوق الملذات والشهوات يستمتع بها الرجل ويستعبدها من طلوع الشمس إلى غروبها، ومن غروبها إلى طلوعها، في دور الأزياء وقاعات السينما، وشاشات التلفاز، وصالات المسارح، وشواطئ البحار والأنهار، وبيوت اللهو والدعارة، وأغلفة المجلات والصحف السيارة؟!
بل أقول ولا أخشى لائماً: حتى في ردهات مستشفياتهم وملاحاتهم الجوية، وأستحيي أن أقول: في دور تعليمهم ومحاضن تربيتهم!! هل هذا هو سبيل الخلاص من القهر الذي ينشدون والعنف الذي يقولون؟
إنها البيوت الخربة، والمسئولية الضائعة، حين ألقاها الرجل الغربي عن كاهله؛ فوقعت نساؤهم حيث وقعت، إهمال وتنصل من مسئولية الإنجاب والتربية؛ فأصبح ذكرهم وأنثاهم لنفسه لا لأمته، للذته لا لكرامته، فالفساد في مجتمعاتهم يستشري، والخراب إلى ديارهم يسري!
لم يتحدثوا عن المرأة المقهورة المعذبة.. المرأة المشردة.. المرأة المغتصبة من إفرازات حروب أنشئوها، وكوارث أثاروها من الظلم العلني والفقر المتدني، في شعوب تنتسب إلى الأمم المتحدة ، ما حال أمهاتنا وأخواتنا وبناتنا في فلسطين وكشمير والبوسنة و الشيشان و بورما و الصومال ؟
إن وثائق المؤتمر لا تكاد تعير هذا اهتماماً في مقابل احتضانها واحتفائها بالمدمنات والشاذات، والبغايا والمومسات، والمصابين والمصابات، بكل أمراض الجنس الفتاكة! هذا نبأ من أنباء مؤتمرهم.
ونبأ آخر يتحدث عن التنمية النسوية، إنه حديث كله أو جله عن ما أسماه بالمرأة العاملة، العمل شيء محمود، ومبتغى مقصود، ما دام منضبطاً بضابط الدين والخلق، والله لا يضيع عمل عامل من ذكر أو أنثى بعضهم من بعض، ولكن المرأة العاملة في عرفهم هي المتمردة على بيتها وأطفالها وشئون منزلها!!
لا يقال ذلك -أيها الإخوة- إفكاً ولا افتياتاً، إنهم يقولون: إن عمل ربة الأسرة داخل بيتها عمل ليس له أجر!
إنهم يقولون: ذاك عمل لا مردود له!
إنهم يقولون: هذه خدمة مجانية وعمل غير منتج! هذه هي نظرتهم، وهذا هو ميزانهم.
تربية النشء والحفاظ على الكرامة، والاستقرار العائلي والنفسي ليس بعمل وليس له أجر ولا مردود وغير منتج..! هكذا قاس قائسهم وقدر مقدرهم، ألا فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ * ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ [المدثر:19-20].
إنهم لا يعرفون الرحم ولا التراحم، ولا يعرفون البر ولا المروءة، أي خيانة أكبر من خيانة إهمال النشء وإهمال النسل؟
إنهم يعلمون -ولكنهم قوم بهت- أن السكينة والطمأنينة لا تكون إلا في بيوت مستقرة في ظلال أسرة حانية بنسائها ورجالها، وأطفالها وصباياها، أما الهمل والضياع في الأزقة والأرصفة وزوايا الوجبات السريعة فلا تبني أمة، ولا تجلب طمأنينة، بل إن حياة الطيور في أعشاشها، والسباع في أكنتها خير وأصلح من هذا الهمل الضائع.
أي امرأة عاملة تعنون؟ ما قهر الرجل ولا أذل المرأة ولا استعبدهما جميعاً إلا مثل هذه المبادئ المهلكة، والمقاييس الفاسدة، والحضارة المنتنة
استمع المزيد من الشيخ صالح بن حميد - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
حق الطريق وآداب المرور | 3705 استماع |
وسائل الإعلام والاتصال بين النقد الهادف والنقد الهادم | 3096 استماع |
اللغة .. عنوان سيادة الأمة | 3077 استماع |
الطلاق وآثاره | 3045 استماع |
لعلكم تتقون | 3009 استماع |
الماء سر الحياة | 2965 استماع |
من أسس العمل الصالح | 2941 استماع |
الزموا سفينة النجاة | 2890 استماع |
قضية البوسنة والهرسك.. المشكلة والحل | 2879 استماع |
بين السلام وإباء الضيم | 2861 استماع |