سلسلة منهاج المسلم - (26)


الحلقة مفرغة

الحمد لله، نحمده تعالى ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعص الله ورسوله فلا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً.

أما بعد: فإن أصدق الحديث كتاب الله تعالى، وخير الهدي هدي سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة.

أيها الأبناء والإخوة المستمعون! ويا أيتها المؤمنات المستمعات! إننا على سالف عهدنا في مثل هذه الليلة ليلة الخميس من يوم الأربعاء ندرس كتاب منهاج المسلم.

وقد علمنا موقنين بأن العقيدة الإسلامية بمثابة الروح للجسد، فذو العقيدة الإسلامية الصحيحة حي، يسمع ويبصر، ويعطي ويمنع؛ وذلك لكمال حياته، ومن فقدها فهو ميت، لا يسمع ولا يبصر، ولا يعطي ولا يمنع؛ وذلك لموته.

والدليل على صحة هذا: أن أهل الذمة من أهل الكتاب إذا كانوا يعيشون معنا وتحت رايتنا لا نكلفهم بصيام ولا صلاة ولا زكاة ولا حج ولا جهاد؛ لأنهم أموات، والميت لا يكلف.

فالعقيدة الإسلامية التي مصدرها قال الله وقال رسوله صلى الله عليه وسلم بمثابة الروح، كأنها روح، صاحبها حي، وفاقدها ميت.

وإذا داخل العقيدة الإسلامية زيادة أو نقصان يصبح صاحبها كالمريض، يقوى على فعل شيء ويعجز عن آخر، يقدر على أن يقول ويعجز مرة أخرى أن يقول؛ وذلك لمرضه؛ لأن روحه مريضة، ليست بصحيحة ولا سليمة.

ومن أراد أن يرى برهاناً لذلك فليقرأ قول الله عز وجل: إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ [فاطر:28]. فالعارفون بربهم عز وجل العالمون بمحابه ومساخطه العالمون بوعده ووعيده وما أعد لأوليائه وما هيأ لأعدائه هؤلاء لا يعصون الله عز وجل، فلا يزنون ولا يسرقون، ولا يكذبون ولا يفترون، ولا يخدعون ولا يغشون، ولا يؤذون مؤمناً ولا مؤمنة، لا في عرض ولا مال ولا بدن؛ وذلك لكمال حياتهم، فهم أحياء.

وعلمنا أن أركان العقيدة الإسلامية التي تنبني عليها ستة أركان، فقد جاء جبريل عليه السلام وجلس بين يدي رسول الله في صورة رجل من خيرة الرجال، وسأل الرسول عن العقيدة، عن الإيمان فأجاب صلى الله عليه وسلم: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره )، وقد درسنا هذه الأركان ركناً بعد آخر.

ثم درسنا بعد ذلك واجب الإيمان بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فكما نؤمن بأنه لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن لقاء الله حق، وأن الجزاء حق نؤمن بأن الأمر بالمعروف حق والنهي عن المنكر كذلك، وتقدمت أدلة الكتاب والسنة، وسقنا الأدلة العقلية والبراهين على ذلك.

والآن ننتقل إلى [ الفصل السابع عشر: الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضليتهم، وإجلال أئمة الإسلام، وطاعة ولاة أمر المسلمين ] وهذه من متممات العقيدة ومكملاتها، الإيمان بوجوب محبة أصحاب رسول الله، من لم يحبهم ما آمن وما هو بمؤمن، ووجوب معرفة أفضليتهم وإجلال أئمة الإسلام وطاعة ولاة أمور المسلمين، هذا موضوع درسنا الليلة إن شاء الله.

قال المؤلف غفر الله له ولكم، ورحمه وإياكم: [ يؤمن المسلم ] الذي أسلم قلبه لله ووجهه، فقلبه لا يتقلب طول الحياة إلا في طلب رضا الله، ووجهه لا يقبل به على غير الله، فلا يرهب ولا يخاف ولا يطمع ولا يرجو إلا الله، وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ [النساء:125]، هذا المسلم الذي يسلم المسلمون من لسانه ويده كما بين ذلك الحبيب صلى الله عليه وسلم بقوله: ( المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده )، هذا المسلم الحي يؤمن [ بوجوب محبة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ] ومن لم يحب أصحاب رسول الله ما أحب رسول الله، ومن لم يحب رسول الله فهو كافر بالله وبلقاء الله[ وآل بيته] وأهل بيته أزواجه وذرياته، والمسلم يؤمن [ بأفضليتهم على من سواهم من المؤمنين والمسلمين ] فأصحاب رسول الله وآل بيت رسول الله أفضل من سائر المسلمين من غيرهم، نؤمن بهذا إيماننا بالله [ وأنهم فيما بينهم متفاوتون في الفضل ] فليسوا على مستوى واحد، فـأبو بكر أفضلهم [ وعلو الدرجة بحسب أسبقيتهم في الإسلام، فأفضلهم: الخلفاء الراشدون الأربعة: أبو بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم أجمعين، ثم العشرة المبشرون بالجنة، وهم الراشدون الأربعة ] وستة بعدهم وهم [ طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد وأبو عبيدة عامر بن الجراح وعبد الرحمن بن عوف ، ثم ] بعد ذلك [ أهل بدر ] (314) صحابياً، حضروا وقعة بدر وجاهدوا في سبيل الله ونصرهم الله، وأخبرهم الرسول في قوله: ( لعل الله قال: يا أهل بدر! اصنعوا ما شئتم فقد غفرت لكم ) [ ثم المبشرون بالجنة من غير العشرة: كـفاطمة الزهراء ] مبشرة والله [ ووالدتها خديجة ، وولديها الحسن والحسين وثابت بن قيس وبلال بن رباح وغيرهم، ثم أهل بيعة الرضوان، وكانوا ألفاً وأربعمائة ألف صحابي رضي الله تعالى عنهم أجمعين ] وبيعة الرضوان تمت في الحديبية على (20) كيلو من مكة بين مكة وجدة، وتم فيها صلح عجيب بين رسول الله والمشركين، وتسمى بيعة الرضوان؛ لأن الله قال: لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ... [الفتح:18] الآية. فإنه لما امتنعت قريش من الإذن للرسول بدخول مكة للعمرة وجرت مفاوضات وتصلبت قريش ما كان إلا أن أعلن الرسول الحرب والقتال، فبايعه (1400) رجل على أن يموتوا في سبيل الله، وهؤلاء هم أهل بيعة الرضوان. أي: رضوان الله عز وجل.

[ كما يؤمن المسلم ] المسلم بحق ما هو العلماني والبلشفي [ بوجوب إجلال أئمة الإسلام واحترامهم وتوقيرهم والتأدب معهم عند ذكرهم، وهم أئمة الدين وأعلام الهدى كالقراء والفقهاء والمحدثين والمفسرين من التابعين وتابعي تابعيهم ] رحمهم الله ورضي عنهم أجمعين. وهذه من جزئيات عقيدتنا.

قال: [ كما يؤمن المسلم بواجب طاعة ولاة أمور المسلمين وتعظيمهم واحترامهم، والجهاد معهم، والصلاة خلفهم، وحرمة الخروج عليهم ] وولاة الأمور هم الحاكمون بيض أو سود ( اسمعوا وأطيعوا ولو تأمر عليكم عبد حبشي رأسه كزبيبة ).

[ ولذا فهو] أي المسلم [ يلتزم حيال كل هؤلاء المذكورين بآداب خاصة ] فكل له آدابه [ أما أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وآل بيته فإنه: ]

أولاً: أن يحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم

[ أولاً: يحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم، إذ أخبر تعالى أنه يحبهم ويحبونه في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54] ] هذه الآية نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم، والدليل على ذلك: أنه أخبر تعالى في كتابه العزيز أنه يحبهم ويحبونه في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54] وهم أصحاب رسول الله [ كما قال في وصفهم: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] ] وقد نزلت هذه في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ) ] ترمونهم بالرماح وبالكلام [ ( فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ) ] هذا الكلام مدون في شريعة الإسلام، وطوائف وملل يفرقون بينهم، ويكفرون بعضهم، ويسبون بعضهم، لا إله إلا الله! ما حملهم على هذا إلا السياسة والحكم والسلطة والدولة، للحفاظ على مذهبهم؛ حتى يحكموا ويسودوا، وإلا كيف يسبون أصحاب رسول الله؟ وبينهم ألف وأربعمائة سنة، ويتقربون إلى الله ببغضهم، والله لم يأمرهم بهذا؟ قولوا: الحمد لله الذي نجانا مما وقع فيه هؤلاء الهالكون.

ثانياً: أن يؤمن بأفضليتهم على غيرهم من سائر المؤمنين والمسلمين

[ ثانياً: يؤمن بأفضليتهم على غيرهم من سائر المؤمنين والمسلمين؛ لقوله تعالى في ثنائه عليهم: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]. ] ولو تجتمع الأمة كلها اليوم وقبل اليوم لن تساوي صحابياً واحداً [ وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( لا تسبوا أصحابي ) ] فهيا نحفظ هذا الحديث، ونرجع به إلى بيوتنا كجوهرة نفيسة[ ( فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) ] لو أنفقت مثل أحد ذهباً والله ما بلغت حفنة الرجل منهم يتصدق بها أو نصف الحفنة، وهذا كمال لهم، فيجب أن يحبوا ويعظموا ويبجلوا، والهابطون الساقطون يسبونهم بأبشع السب والكلام، بل يكفرونهم.

ثالثاً: أن يرى أن الصديق أفضل الأصحاب ومن دونهم على الإطلاق ثم الخلفاء الثلاثة من بعده

[ ثالثاً: أن يرى أن أبا بكر الصديق أفضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن دونهم على الإطلاق ] والهابطون يكفرونه [ وأن الذين يلونه في الفضل هم: عمر ثم عثمان ثم علي رضي الله عنهم أجمعين؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لو كنت متخذاً من أمتي خليلاً لاتخذت أبا بكر ، ولكن أخي وصاحبي ). ] لو كنت متخذاً من الناس خليلاً لاتخذت أبا بكر ، ولكن خلتي مع ربي، وأبو بكر أخي وصاحبي. يقول: ( أخي وصاحبي ) وأنت تشتمه وتزعم أنك مسلم [ وقول ابن عمر رضي الله عنهما: قال: ( كنا نقول والنبي حي: أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي ) ] والرسول يسمع هذا، وهم يفضلون بعضهم على بعض [ ( فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكرها ) ] أي: بلغه أن الأصحاب يفضلون أبا بكر على عمر ، وعمر على عثمان وعلى علي ، فسمع ذلك ورضي به وما رده أبداً [ ولقول علي رضي الله عنه: خير هذه الأمة بعد نبيها: أبو بكر ثم عمر ، ولو شئت لسميت الثالث ] يعني: عثمان رضي الله عنهم أجمعين.

رابعاً: أن يقر بمزاياهم ويعترف بمناقبهم

[ رابعاً: أن يقر ] أي: المؤمن [ بمزاياهم ويعترف بمناقبهم، كمنقبة أبي بكر وعمر وعثمان في قول الرسول صلى الله عليه وسلم لأحد وقد رجف بهم وهم فوقه: ( اسكن أحد إنما عليك نبي وصديق وشهيدان ) ] هذه منقبة عظيمة للثلاثة، (اسكن أحد)، لما انتهت معركة أحد صعد الرسول على الجبل مع أبي بكر وعمر وعثمان في آخر النهار، لما علوا على الجبل اضطرب الجبل فرحاً، قال له الرسول: (اسكن)، لا تتحرك، (ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان). والصديق هذا هو أبو بكر ، والشهيدان عمر وعثمان ، إذ كلاهما قتل ظلماً وعدواناً في مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذه آية النبوة المحمدية، ( اسكن أحد ما عليك إلا نبي وصديق وشهيدان ).فـأبو بكر مات على فراشه موتاً من غير قتل ولا اغتيال، والشهيدان عمر وعثمان كلاهما قتل على أيدي المجرمين [ وكقوله لـعلي رضي الله عنه: ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ ) ] وهذه كلمة رسول الله لـعلي : ( أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى؟ ). وهو أخوه. أي: أن تكون بمنزلة أخي [ وقوله صلى الله عليه وسلم لـفاطمة : ( فاطمة سيدة نساء أهل الجنة )، وكقوله للزبير بن العوام : ( إن لكل نبي حوارياً وإن حواريي الزبير بن العوام )، وكقوله في الحسن والحسين : ( اللهم أحبهما فإني أحبهما )، وكقوله لـعبد الله بن عمر : (إن عبد الله رجل صالح )] هذه شهادة أبي القاسم [ وكقوله لـزيد بن حارثة مولاه: (أنت أخونا ومولانا). وقوله لـجعفر بن أبي طالب : ( أشبهت خلْقي وخلُقي )] (أشبهت خلْقي) ذاتي (وخلُقي) [وقوله لـبلال بن رباح : ( سمعت دف نعليك بين يدي في الجنة )]. ليلة الإسراء والمعراج لما دخل الجنة سمع صوت بلال يمشي. ( سمعت دف نعليك في الجنة ) [ وكقوله في سالم مولى أبي حذيفة وعبد الله بن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل قال: (استقرءوا القرآن من أربعة ) ] أي: خذوه من أربعة [ ( من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل ). وكقوله في عائشة : ( وفضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام ) ] وعائشة هي أم المؤمنين زوج رسول الله بنت أبي بكر الصديق ، ويوجد ممن ينتسب إلى المسلمين من يرميها بالفاحشة والفجور، ولا يتوب ولا يبكي، وهو بهذا ينسب رسول الله إلى الدياثة، ويقول: إنه مسلم! والذي يحزن لماذا ما نسأل ونتعلم؟ ولماذا لا نسأل أهل العلم لننجو ونسعد ونسلم، فلا نجلس على الباطل؟ لأننا ورثناه عن آبائنا أو أجدادنا [ وكقوله في الأنصار ] عامة سكان المدينة [ ( ولو أن الأنصار سلكوا وادياً أو شعباً لسلكت في وادي الأنصار، ولولا الهجرة لكنت امرءاً من الأنصار ) ] فيا ويل من يكفرهم أو يسبهم [ وقال: ( الأنصار لا يحبهم إلا مؤمن، ولا يبغضهم إلا منافق، فمن أحبهم أحبه الله، ومن أبغضهم أبغضه الله ) ] هذه دعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم [ ( وكقوله في سعد بن معاذ : اهتز العرش لموت سعد بن معاذ ). وكمنقبة أسيد بن حضير إذ كان مع أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في ليلة مظلمة، فلما خرجا من البيت وإذا نور بين أيديهما يمشيان فيه، فلما تفرقا تفرق النور معهما ] هذه الكرامات [ وكقوله لـأبي بن كعب : ( إن الله أمرني أن أقرأ عليك: لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا [البينة:1] قال: وسماني؟ قال: نعم، فبكى أبي ). وكقوله في خالد بن الوليد : ( سيف من سيوف الله مسلول ). وكقوله في الحسن : ( ابني هذا سيد، ولعل الله أن يجمع به بين فئتين من المسلمين ) ] وتم ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم [ وكقوله في أبي عبيدة : ( لكل أمة أمين، وإن أميننا ) ] أميننا أيتها الأمة [ ( أبو عبيدة بن الجراح ) ] رضي الله تعالى عنهم وأرضاهم أجمعين.

خامساً: أن يكف عن ذكر مساوئهم ويسكت عن الخلاف الذي شجر بينهم

قال: [ خامساً: يكف عن ذكر مساوئهم ] فإن حدثت سيئة لأحدهم فيجب أن لا نذكرها أبداً [ ويسكت عن الخلاف الذي شجر ووقع بينهم؛ وذلك لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( لا تسبوا أصحابي )، وقوله: ( لا تتخذوهم غرضاً بعدي )، وقوله: ( فمن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه )].

سادساً: أن يؤمن بحرمة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم وأنهن طاهرات مبرآت

[ سادساً: أن يؤمن بحرمة زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم، وأنهن طاهرات مبرآت، وأن يترضى عليهن، ويرى أن أفضلهن خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبي بكر ؛ وذلك لقول الله تعالى: النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ [الأحزاب:6] ].

[ أولاً: يحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم، إذ أخبر تعالى أنه يحبهم ويحبونه في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54] ] هذه الآية نزلت في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنحبهم لحب الله تعالى وحب رسوله صلى الله عليه وسلم لهم، والدليل على ذلك: أنه أخبر تعالى في كتابه العزيز أنه يحبهم ويحبونه في قوله: فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ [المائدة:54] وهم أصحاب رسول الله [ كما قال في وصفهم: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ [الفتح:29] ] وقد نزلت هذه في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم [ وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( الله الله في أصحابي، لا تتخذوهم غرضاً بعدي ) ] ترمونهم بالرماح وبالكلام [ ( فمن أحبهم فبحبي أحبهم، ومن أبغضهم فببغضي أبغضهم، ومن آذاهم فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله، ومن آذى الله يوشك أن يأخذه ) ] هذا الكلام مدون في شريعة الإسلام، وطوائف وملل يفرقون بينهم، ويكفرون بعضهم، ويسبون بعضهم، لا إله إلا الله! ما حملهم على هذا إلا السياسة والحكم والسلطة والدولة، للحفاظ على مذهبهم؛ حتى يحكموا ويسودوا، وإلا كيف يسبون أصحاب رسول الله؟ وبينهم ألف وأربعمائة سنة، ويتقربون إلى الله ببغضهم، والله لم يأمرهم بهذا؟ قولوا: الحمد لله الذي نجانا مما وقع فيه هؤلاء الهالكون.

[ ثانياً: يؤمن بأفضليتهم على غيرهم من سائر المؤمنين والمسلمين؛ لقوله تعالى في ثنائه عليهم: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100]. ] ولو تجتمع الأمة كلها اليوم وقبل اليوم لن تساوي صحابياً واحداً [ وقال رسول الله عليه الصلاة والسلام: ( لا تسبوا أصحابي ) ] فهيا نحفظ هذا الحديث، ونرجع به إلى بيوتنا كجوهرة نفيسة[ ( فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه ) ] لو أنفقت مثل أحد ذهباً والله ما بلغت حفنة الرجل منهم يتصدق بها أو نصف الحفنة، وهذا كمال لهم، فيجب أن يحبوا ويعظموا ويبجلوا، والهابطون الساقطون يسبونهم بأبشع السب والكلام، بل يكفرونهم.




استمع المزيد من الشيخ ابو بكر الجزائري - عنوان الحلقة اسٌتمع
سلسلة منهاج المسلم - (51) 4154 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (95) 4080 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (63) 3866 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (139) 3861 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (66) 3833 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (158) 3821 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (84) 3745 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (144) 3643 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (71) 3628 استماع
سلسلة منهاج المسلم - (101) 3606 استماع