فقه العبادات [55]


الحلقة مفرغة

المقدم: في اللقاء الماضي سألنا عن الأخطاء التي تقع في الانصراف إلى المزدلفة والوقوف بها، وذكرتم من هذه الأخطاء الانصراف قبل غروب الشمس، والإسراع الشديد الذي يضر الحاج نفسه ويضر بالحجاج، والنزول قبل المزدلفة، والبقاء حتى صلاة الفجر ولم يقف في المزدلفة، وصلاة المغرب والعشاء في الطريق قبل المزدلفة مع بقاء الوقت، هل هناك أيضاً أخطاء يمكن أن يلفت نظر الحجاج إليها في الانصراف إلى المزدلفة والوقوف بها؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.‏

تأخير صلاة المغرب والعشاء إلى بعد خروج وقتها

نعم، هناك أخطاء، منها: عكس ما ذكرناه في الذين يصلون المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة، فإن بعض الناس لا يصلي المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة ولو خرج وقت صلاة العشاء، وهذا لا يجوز، وهو حرامٌ ومن كبائر الذنوب؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، قال الله تعالى فيهما: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت وحدده، وقال الله تعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1] ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]، فإذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة فإن الواجب عليه أن يصلي وإن لم يصل إلى مزدلفة، بل يصلي على حسب حاله، إن كان ماشياً وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها، وإن كان راكباً ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي ولو على ظهر سيارته؛ لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وإن كان عدم تمكنه من النزول في هذه الحال أمراً بعيداً؛ لأنه بإمكان كل إنسان أن ينزل ويقف على جانب الخط من اليمين أو اليسار ويصلي.

وعلى كل حال لا يجوز لأحد أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء حتى يخرج وقت صلاة العشاء، بحجة أنه يريد أن يطبق السنة، فلا يصلي إلا في مزدلفة، فإن تأخيره هذا مخالفٌ للسنة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخر لكنه صلى الصلاة في وقتها.

صلاة الفجر قبل دخول الوقت

ومن الأخطاء أيضاً في الوقوف في مزدلفة: أن بعض الحجاج يصلون الفجر قبل وقته، فتسمع بعضهم يؤذن قبل الوقت بساعة أو بأكثر أو بأقل، المهم أنهم يؤذنون قبل الفجر، ويصلون وينصرفون، وهذا خطأٌ عظيم؛ لأن الصلاة قبل وقتها غير مقبولة، بل محرمة؛ لأنها اعتداءٌ على حدود الله عز وجل، فإن الصلاة مؤقتة بوقتٍ حدد الشرع أوله وآخره، فلا يجوز لأحد أن يتقدم بالصلاة قبل دخول وقتها، فيجب على الحاج أن ينتبه لهذه المسألة، وألا يصلي الفجر إلا بعد أن يتيقن أو يغلب على ظنه دخول وقت الفجر.

صحيحٌ أنه ينبغي المبادرة بصلاة الفجر ليلة مزدلفة؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم بادر بها، ولكن لا يقتضي ذلك بأن تصلى قبل الوقت، فليحذر الحاج من هذا العمل.

الاندفاع من المزدلفة قبل المكث فيها

ومن الخطأ في الوقوف في المزدلفة: أن بعض الحجاج يدفعون منها قبل أن يمكثوا فيها أدنى مكث، فتجده يمر بها مروراً ويقول: إن المرور كافٍ، وهذا خطأٌ عظيم، فإن المرور غير كافٍ، بل السنة تدل على أن الحاج يبقى في مزدلفة حتى يصلي الفجر، ثم يقف عند المشعر الحرام يدعو الله تعالى حتى يسفر جداً، ثم ينصرف إلى منى، وقد رخص النبي عليه الصلاة والسلام للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل، وكانت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما ترقب غروب القمر، فإذا غاب القمر دفعت من مزدلفة إلى منى، وهذا ينبغي أن يكون هو الحد الفاصل؛ لأنه فعل الصحابي، والنبي عليه الصلاة والسلام أذن للضعفة في منى بأن يدفعوا بليل، ولم يبين في هذا الحديث حد هذا الليل، ولكن فعل الصحابي قد يكون مبيناً له وموضحاً له.

وعليه؛ فالذي ينبغي أن يحدد الدفع للضعفة ونحوهم ممن يشق عليهم مزاحمة الناس، ينبغي أن يقيد بذلك -أي: بغروب القمر- وغروب القمر في الليلة العاشرة يكون قطعاً بعد منتصف الليل، يكون حوالي بعد مضي ثلثي الليل.

وهذا ما يحضرني الآن من الأخطاء التي تقع في المبيت في المزدلفة.

نعم، هناك أخطاء، منها: عكس ما ذكرناه في الذين يصلون المغرب والعشاء قبل الوصول إلى مزدلفة، فإن بعض الناس لا يصلي المغرب والعشاء حتى يصل إلى مزدلفة ولو خرج وقت صلاة العشاء، وهذا لا يجوز، وهو حرامٌ ومن كبائر الذنوب؛ لأن تأخير الصلاة عن وقتها محرم بمقتضى دلالة الكتاب والسنة، قال الله تعالى فيهما: إِنَّ الصَّلاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا [النساء:103]، وبين النبي صلى الله عليه وسلم هذا الوقت وحدده، وقال الله تعالى: وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ [الطلاق:1] ، وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ [البقرة:229]، فإذا خشي الإنسان خروج وقت العشاء قبل أن يصل إلى مزدلفة فإن الواجب عليه أن يصلي وإن لم يصل إلى مزدلفة، بل يصلي على حسب حاله، إن كان ماشياً وقف وصلى الصلاة بقيامها وركوعها وسجودها، وإن كان راكباً ولم يتمكن من النزول فإنه يصلي ولو على ظهر سيارته؛ لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وإن كان عدم تمكنه من النزول في هذه الحال أمراً بعيداً؛ لأنه بإمكان كل إنسان أن ينزل ويقف على جانب الخط من اليمين أو اليسار ويصلي.

وعلى كل حال لا يجوز لأحد أن يؤخر صلاة المغرب والعشاء حتى يخرج وقت صلاة العشاء، بحجة أنه يريد أن يطبق السنة، فلا يصلي إلا في مزدلفة، فإن تأخيره هذا مخالفٌ للسنة؛ لأن الرسول عليه الصلاة والسلام أخر لكنه صلى الصلاة في وقتها.