فقه العبادات [59]


الحلقة مفرغة

المقدم: تحدثنا في لقاءٍ ماضٍ عن الذين يرسلون نقوداً لبعض البلاد الإسلامية ليذبح هديهم أو أضحيتهم هناك، ثم أردتم نصيحة المسلمين لمعرفة مقاصد الشريعة، إلا أن وقت البرنامج لم يسعفنا بذلك، فهل لكم تعليق على هذا الموضوع؟

الشيخ: الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه أجمعين.

نعم الأمر كما ذكرتم أن بعض المؤسسات تطلب من المسلمين أن يسلموا لها قيمة الهدي أو قيمة الأضاحي ليذبح في بلادٍ غير أهلها، وهم محتاجون إلى الطعام وغيره، وذكرنا أن الهدايا لها محل معين وهو مكة المكرمة، وأنه يجب أن يكون الذبح هناك: في جزاء الصيد، وفي هدي التمتع والقران، وفي الفدية الواجبة لترك واجب، وأما الواجبة لفعل المحظور فلا يجوز أن تكون في غير الحرم -أي: في مكة- وأما دم الإحصار فحيث وجد سببه، هكذا ذكر أهل العلم رحمهم الله، ولا يجوز أن تخرج عن مكة وتذبح في مكانٍ آخر.

وأما تفريق لحمها فيكون في مكة، إلا إذا استغنى أهل مكة فيجوز أن تفرق في البلاد الإسلامية في أقرب البلاد، هذا بالنسبة للهدي.

أما الأضاحي فإنها تضحى في بلاد المضحين، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ينقل عنه أنه ضحى إلا في محل إقامته في المدينة، والأفضل أن يباشرها بنفسه، فإن لم يستطع فإنه يوكل من يذبحها أمامه، ليشهد أضحيته، وسبق لنا ما يحصل من المحظور في نقل الأضاحي إلى بلادٍ أخرى.

وإنني بهذه المناسبة أوجه نصيحةً لإخواني المسلمين ليعلموا أنه ليس المقصود من ذبح الهدايا والأضاحي مجرد اللحم، فإن هذا يحصل بشراء الإنسان لحماً كثيراً فيوزعها على الفقراء، لكن المقصود الأهم هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح، فإن التقرب إلى الله تعالى بالذبح من أفضل الأعمال الصالحة، كما قال الله تعالى: قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ [الأنعام:162-163]، وقال تعالى: فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ [الكوثر:2]، وقال الله تعالى: لَنْ يَنَالَ اللَّهَ لُحُومُهَا وَلا دِمَاؤُهَا وَلَكِنْ يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنْكُمْ [الحج:37].

وكون الإنسان يدفع دراهم لتذبح أضحيته في مكان الحاجة من بلاد المسلمين يغني عنه أن يدفع دراهم ليشترى به الطعام من هناك ويوزع على الفقراء، وربما يكون هذا أنفع لهم، حيث يشترى ما يليق بحالهم ويلائمهم، وربما تكون الأطعمة هناك أرخص أيضاً.

فنصيحتي للمسلمين أن يتولوا ذبح ضحاياهم في بلادهم، وأن يأكلوا منها، ويطعموا منها، ويظهروا شعائر الله تعالى بالتقرب إليه بذبحها، وألا ينسوا إخوانهم المسلمين المتضررين في مشارق الأرض ومغاربها المحتاجين إلى الأموال والمعونة لهم، فيكونون في هذه الحال بين الحسنين: بين حسن ذبح الأضاحي في بلادهم، وحسن نفع إخوانهم المسلمين في بلادهم.

المقدم: شكراً، أثابكم الله. آخر أعمال الحج الوداع، فهل هناك أخطاء ترون أن بعض الحجاج يقعون فيها، نأمل إذا كان هناك أخطاء أن توضحوها للإخوة المسلمين؟

الشيخ: نعم، طواف الوداع يجب أن يكون آخر أعمال الحج؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا ينصرف أحد حتى يكون آخر عهده بالبيت)، وقال ابن عباس رضي الله عنهما: (أمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت، إلا أنه خفف عن الحائض).

فالواجب أن يكون الطواف آخر عملٍ يقوم به الإنسان من أعمال الحج، والناس يخطئون في طواف الوداع في أمور:

عدم جعل طواف الوداع آخر المناسك

أولاً: أن بعض الناس لا يجعل الطواف آخر أمره، بل ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع، وقد بقي عليه رمي الجمرات، ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يغادر، وهذا خطأ، ولا يجزئ طواف الوداع في مثل هذه الحال؛ وذلك لأنه لم يكن آخر عهد الإنسان بالبيت الطواف، بل كان آخر عهده رمي الجمرات.

البقاء في مكة بعد طواف الوداع

ومن الخطأ أيضاً في طواف الوداع: أن بعض الناس يطوف للوداع ويبقى في مكة بعدها، وهذا يوجب إلغاء طواف الوداع، وأن يأتي ببدله، نعم لو أقام الإنسان في مكة بعد طواف الوداع لشراء حاجةً في طريقه، أو لتحميل العفش، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به.

الرجوع القهقرى عند الخروج من المسجد بعد الطواف

ومن الخطأ في طواف الوداع: أن بعض الناس إذا طاف للوداع وأراد الخروج من المسجد رجع القهقرى، أي: رجع على قفاه، يزعم أنه يتحاشى بذلك تولية الكعبة ظهره، وهذا بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من أصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أشد منا تعظيماً لله تعالى ولبيته، ولو كان هذا من تعظيم الله وبيته لفعله صلى الله عليه وسلم، وحينئذٍ فإن السنة إذا طاف الإنسان للوداع أن يخرج على وجهه ولو ولى البيت ظهره في هذه الحالة.

الانصراف إلى باب المسجد الحرام والتوجه إلى الكعبة لتوديعها

ومن الخطأ أيضاً: أن بعض الناس إذا طاف للوداع ثم انصرف ووصل إلى باب المسجد الحرام اتجه إلى الكعبة وكأنه يودعها، فيدعو أو يسلم أو ما أشبه ذلك، وهذا من البدع أيضاً؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ولو كان خيراً لفعله النبي صلى الله عليه وسلم.

هذا ما يحضرني الآن.

أولاً: أن بعض الناس لا يجعل الطواف آخر أمره، بل ينزل إلى مكة ويطوف طواف الوداع، وقد بقي عليه رمي الجمرات، ثم يخرج إلى منى فيرمي الجمرات ثم يغادر، وهذا خطأ، ولا يجزئ طواف الوداع في مثل هذه الحال؛ وذلك لأنه لم يكن آخر عهد الإنسان بالبيت الطواف، بل كان آخر عهده رمي الجمرات.

ومن الخطأ أيضاً في طواف الوداع: أن بعض الناس يطوف للوداع ويبقى في مكة بعدها، وهذا يوجب إلغاء طواف الوداع، وأن يأتي ببدله، نعم لو أقام الإنسان في مكة بعد طواف الوداع لشراء حاجةً في طريقه، أو لتحميل العفش، أو ما أشبه ذلك، فهذا لا بأس به.

ومن الخطأ في طواف الوداع: أن بعض الناس إذا طاف للوداع وأراد الخروج من المسجد رجع القهقرى، أي: رجع على قفاه، يزعم أنه يتحاشى بذلك تولية الكعبة ظهره، وهذا بدعة لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أحدٌ من أصحابه، ورسول الله صلى الله عليه وسلم أشد منا تعظيماً لله تعالى ولبيته، ولو كان هذا من تعظيم الله وبيته لفعله صلى الله عليه وسلم، وحينئذٍ فإن السنة إذا طاف الإنسان للوداع أن يخرج على وجهه ولو ولى البيت ظهره في هذه الحالة.