الاشتغال بما يفيد
مدة
قراءة المادة :
4 دقائق
.
الاشتغال بما يفيدعن أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه[1] قالَ: قالَ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "مِنْ[2] حُسْنِ إسْلاَمِ الْمَرءِ تَرْكُهُ مَا لاَ يَعْنِيهِ"؛ حديث حسن، رواه الترمذي وغيره هكذا[3].
درجة الحديث:
الحديث مرسل، وله شواهد كثيرة فهو حسن لغيره، وصححه الألباني.
أهمية الحديث:
قال ابن رحب الحنبلي: هذا الحديث أصل عظيم من أُصول الأدب.
مفردات الحديث:
• من حسن إسلام المرء: من كمال إسلامه وتمامه، وعلامات صدق إيمانه، والمرء يُراد به الإنسان، ذكرًا كان أم أنثى.
• ما لا يعنيه: ما لا يهمه من أمر الدين والدنيا.
ما يستفاد من الحديث:
1- أن الدين الإسلامي كله محاســن.
2- أن الأعمال في نظر الإسلام تتفاوت، منها ما هو حسن ومنها ما ليس بحسن.
3- أن من صفات المسلم الاشتغال بمعالي الأمور، والبعد عن السفاسِفِ ومُحَقِّرَات الشؤون.
4- وفيه: تأديب للنفس وتهذيب لها عن الرذائل والنقائص، وترك ما لا جدوى منه ولا نفع فيه.
5- من حسن وكمال إسلام المرء تركه ما لا تتعلق عنايته به، والاهتمام بما يعنيه[4].
6- أن عدم ترك الإنسان لما لا يعنيــه يدل على أن إسلامه ليس بحسن.
قال الغزالي: "علاج ترك ما لا يعني أن يعلم أن الموت بين يديه، وأنه مسؤول عن كل كلمـة تكلم بها، وأن أنفاســـه رأس ماله، وأن لسانه شبكتــه يقدر على أن يقتنص - أي: يصطاد - بها الحور العين، فإهماله وتضييعه فيما لا يعنيـــه خسران مبين".
وقال الحسن: "من علامــة إعراض الله عن العبد أن يجعل شغله فيما لا يعنيـــه ".
وقال معروف الكرخي: "كلام العبــد فيما لا يعنيـــه خِذلان من الله تعالى".
وقال مالك بن دينار: "إذا رأيت قساوة في قلبك، وضعفًا في بدنك، وحرمانًا في رزقك، فاعلــم أنك قد تكلمت فيما لا يعنيك".
وقيل للقمان: "ما بلغ بك ما نرى؟ قال: صدق الحديث، وأداء الأمانة، وترك ما لا يعنيني".
وقال يونس بن عبيد: "ترك كلمــة فيما لا يعني أفضل من صوم يوم".
وقال الشافعي: "ثلاثة تزيد في العقل: مجالسة العلماء، ومجالسة الصالحين، وترك الكلام فيما لا يعني"، وقال أيضًا: "من أراد أن ينور الله قلبه، فليترك الكلام فيما لا يعنيــــه".
7- ترك الفضول المذموم.
8- ينبغي للمسلم أن ينشغل بما يعنيه وينفعـــه.
9- اغتنام الحياة بالعمــل الصالح.
10- أن الإيمان يزيد وينقــص.
[1] تقدمت ترجمته في الحديث التاسع.
[2] ( من ) تبعيضية أو بيانية (التحفة الربانية في شرح الأربعين حديثًا النووية للشيخ إسماعيل الأنصاري / 53).
[3] رواه مالك وأحمد وصححه الألباني، انظر المشكاة 4839، (قواعد وفوائد من الأربعين النووية / 122).
[4] قال ابن رجب رحمه الله: "فمن عبَد الله عن استحضار قربه ومشاهدته بقلبه أو على استحضار قرب الله منه واطلاعه عليه، فقد حسن إسلامه ولزم من ذلك أن يترك كل ما لا يعنيه في الإسلام، ويشتغل بما يعنيه فيه، فإنه يتولد من هذين المقامين الاستحياء من الله، وترك كل ما يستحيى منه"؛ [جامع العلوم والحكم ص 209].