خطب ومحاضرات
جلسات رمضانية لعام 1411ه [7]
الحلقة مفرغة
الحمد لله رب العالمين، وأصلي وأسلم على نبينا محمد، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أما بعــد:
فإنه بمناسبة إقبال العشر الأواخر من شهر رمضان، والتي يمضي الناس أكثرَها في التهجد، فإن هذه الجلسة آخر جلسة في هذا العام، وذلك في ليلة الثلاثاء، الموافق للسابع عشر من شهر رمضان، عام: (1411هـ) اليوم السابع عشر الذي كلما مر يتذكر المسلمون فيه انتصاراً عظيماً لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، بل للأمة الإسلامية إلى يوم القيامة، انتصار الحق على الباطل، الانتصار الذي ارتفع به مجد الإسلام، وازداد المسلمون به إيماناً، ولم يكُ من الانتصارات التي لا يزداد بها المنتصرون إلا بطراً وعمىً عن الحق والعياذ بالله.
انتصار النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه انتصاراً يزدادون به شكراً وعبادة ورجوعاً إلى الله لا رجوعاً إلى ما كانوا عليه من الفسق واللغو، كما يفعله من يفعله من هذه الأمة.
ولهذا يجب على الأمة الإسلامية إذا أزال الله عنها ما تكره أن تشكر الله على هذه النعمة، وأن تزداد عبادة وتقرباً إلى الله؛ لأنها إن لم تفعل فستُسلب عنها النعمة التي عادت إليها على وجه أشد وأنكى من الأول؛ لأن الله سبحانه وتعالى يقول في كتابه: وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ * حَتَّى إِذَا فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً ذَا عَذَابٍ شَدِيدٍ [المؤمنون:67-77] أكبر من الأول: إِذَا هُمْ فِيهِ مُبْلِسُونَ [المؤمنون:77] آيسون من كل خير والعياذ بالله.
فنسأل الله تعالى أن يهدي الأمة الإسلامية، وأن يردها رداً جميلاً، وأن يجعل لها مما جرى في الأيام الماضية القريبة عبرة وعظة يحملها على الرجوع إلى الله، وعلى تحكيم كتاب الله بين عباد الله، وعلى البُعد عن المجون والسرف والترف الذي منه يكون التلف.
غزوة بدر الكبرى
فتح مكة
مشروعية الاعتكاف في رمضان
مشروعية زكاة الفطر
في هذا اليوم، وهو يوم بدر خرج النبي عليه الصلاة والسلام من المدينة يريد عيراً لقريش، يعني: حمولة جاءت من الشام إلى مكة، يريد أن يأخذها عليه الصلاة والسلام؛ لأن قريشاً هي التي اعتدت عليه، فلا يقول قائل: كيف يخرج يأخذ أموال الناس؛ لأن أموال قريش غير محترمة بالنسبة للرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه؛ حيث إنهم حرب للرسول عليه الصلاة والسلام وأصحابه، والحربي دمه غير محترم، وماله غير محترم، وهم الذين أخرجوا النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من ديارهم. فعلم كبير العير بخروج النبي صلى الله عليه وسلم إليهم وهو أبو سفيان، وكان ذلك اليوم مشركاً، فأرسل إلى أهل مكة يستنجدهم ويستصرخهم يقول: أنقذوا عيركم فخرجوا، ولكنهم والعياذ بالله خرجوا أشَرَاً وبطراً ورئاء الناس، وخرجوا بكبرائهم لِمَا أراد الله عزَّ وجلَّ، خرجوا بكبرائهم ورؤسائهم، يريدون النبي صلى الله عليه وسلم، وجمع الله بينهم وبين رسوله صلى الله عليه وسلم على غير ميعاد. فالتقوا في بدر، وكانوا ما بين (1900)، والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (300) رجل وبضعة عشر رجلاً فقط، ومع ذلك ليس معهم إلا سبعون بعيراً وفرسان فقط؛ ولكن الله سبحانه وتعالى نصرهم على عدوهم. قال الله تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا [الأنفال:12] الملائكة تثبت المؤمنين: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ [الأنفال:12] المؤمنون تثبيت، وهؤلاء رعب، والتثبيت يقتضي الثبات والمقاومة، والرعب يقتضي الخوف والهرب: سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْنَاقِ [الأنفال:12] يعني: لا تأتوا من أسفل، من فوق: وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانٍ [الأنفال:12] قال العلماء: يعني: كل البدن؛ حتى البنان الذي هو أطراف البدن يُضرب من قبل الملائكة. ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ شَاقُّوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَمَنْ يُشَاقِقِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ [الأنفال:13]. فانتصر المسلمون ولله الحمد، وقتلوا من قريش (70) رجلاً، وأسروا (70) رجلاً، قتلوا كبراءهم؛ أبا جهل ، وغيره، حتى إنهم صاروا حول قُلُب بدر جثثاً مضى عليها الزمن، وانصهرت من الشمس، ووَرمت، وجيَّفت، فسُحب منهم (24) رجلاً من أشراف قريش وأُلقوا في القَلِيب. ثم إن النبي عليه الصلاة والسلام أقام ثلاثة أيام في مكانه؛ لأن هذه من عادته عليه الصلاة والسلام أنه إذا ظهر على قوم أقام في عرصتهم ثلاثة أيام، ثم ركب راحلته ووقف على القَلِيب، وجعل يناديهم بأسمائهم وأسماء آبائهم: يا فلان بن فلان! يا فلان بن فلان! يكلمهم، يقول: (هل وجدتم ما وعد ربكم حقاً؟ فإني قد وجدتُ ما وعدني ربي حقاً -الله أكبر!- قالوا: يا رسول الله! كيف تكلمهم وهم جيَف؟! قال: ما أنتم بأسْمَعَ لِمَا أقول منهم) يعني: أنهم يسمعون أكثر منكم، يوبخهم عليه الصلاة والسلام، ويا حسرتهم والعياذ بالله على هذا التوبيخ! ثم رجع النبي عليه الصلاة والسلام غانماً معه الأسرى.
وفي هذا الشهر أيضاً حصل فتح مكة ؛ لكنه في العشرين من هذا الشهر، فتح مكة أم القرى ، التي كانت مملوءة شركاً وكفراً، ففُتِحت ولله الحمد، فصار بدل الكفر إيمان، وبدل الشرك توحيد ولله الحمد، وجعل النبي عليه الصلاة والسلام يطعن الأصنام التي أقيمت حول الكعبة ويقول: جاء الحق وزهق الباطل، وجعلت تتهاوى ولله الحمد. وهذا الشهر الكريم فيه عبادات الصيام والقيام، وقد تكلمنا عليهما، والزكاة كما هو الغالب عند كثير من المسلمين يخرجونها في هذا الشهر، وتكلمنا على ما شاء الله منها.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
جلسات رمضانية لعام 1411ه[6] | 2910 استماع |
جلسات رمضانية لعام 1411ه [4] | 2872 استماع |
جلسات رمضانية 1415ه [1] | 2822 استماع |
جلسات رمضانية لعام 1411ه [1-1] | 2748 استماع |
جلسات رمضانية لعام 1410ه[2] | 2713 استماع |
جلسات رمضانية 1412ه [1] | 2708 استماع |
جلسات رمضانية (1415ه)[5] | 2577 استماع |
جلسات رمضانية1410ه [2-3] | 2498 استماع |
جلسات رمضانية لعام 1411ه [5] | 2420 استماع |
جلسات رمضانية لعام 1411ه [2-1] | 2346 استماع |