الأحكام المترتبة على اتحاد المسلمين - محمد بن شاكر الشريف
مدة
قراءة المادة :
16 دقائق
.
خلق الله تعالى الناس كلهم من نفس واحدة، ثم خلق من هذه النفس زوجها، ثم بثّ منهما البشر كلهم رجالاً ونساء ونشرهم في مشارق الأرض ومغاربها ليعبدوه وحده ولا يشركوا به شيئاً. خلق الله عباده حنفاء فجاءتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرّمت عليهم ما أحل الله لهم، وقد كان الناس في أول خلقهم محصورين في منطقة جغرافية واحدة، ثم أخذوا ينتشرون في ربوع الأرض، وقامت بإزاء ذلك دول: إمارات وممالك، أغرى الشيطان صدور بعضهم على بعض، فظهرت العداوات والبغضاء بينهم ونشأت الحروب وتربصت كل دولة بالأخرى تلتمس منها غرة حتى تضمها إليها وتستولي عليها.
ودعوة الإسلام تشمل الناس كلهم في كل مكان وجدوا فيه من أرض الله لتجمعهم على عبادة الله وحده لا شريك له وتسلك من استجاب منهم في دولة واحدة دار الإسلام المعبود فيها ربّ العالمين وحده لا شريك له، والإسلام دينهم الذي به يدينون والذي يؤلف بين المسلمين ويجمعهم على عقيدة واحدة وشريعة واحدة.
والدولة الواحدة تعني أن يكون المسلمون كلهم يجمعهم كيان سياسي واحد، لأن الأرض كلها لله، قال تعالى: {إنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} [الأعراف: من الآية 128]، والشريعة التي يجب أن تكون حاكمة فيها هي شريعة خالقها ومالكها كما بيّن ذلك في خطابه لداود عليه السلام: {يَا دَاوُودُ إنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ} [ص:26]، والحق محصور فيما شرعه الله، وما خالفه فهو الهوى الجامح الذي يورد صاحبه موارد الردى، ولا ينبغي أن تتعدد دول المسلمين، لأنه لا مسوغ له، ولأن التعدد يؤدي للضعف أمام العدو الذي يغريه بالعدوان، وربما أدّى للتنازع بين تلك الدول الإسلامية المتعددة؛ فتُراق الدماء في غير وجه حق.
وقد بيّن الله تعالى أن هذه الأمة المرحومة أمة واحدة ولها ربٌ واحد لا شريك له كما قال تعالى: {إنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ} [الأنبياء:92]، وقال: {وَإنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاتَّقُونِ} [المؤمنون:52]، والمراد بالأمة هنا الدين كما قال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: "قوله {أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً} يقول: دينكم دين واحد"، والدين هو أعظم ما يُوحِّد بين الناس ويُؤلف بينهم ويكون منهم أمة متجانسة.
وقد كان ملحوظاً من بعد تكوين دولة الإسلام في المدينة بعد هجرة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم إليها، حرص الإسلام على جمع المسلمين في دولة واحدة، ومن أجل ذلك شرعت الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام، فأثنى الله في كتابه على المهاجرين الذين تركوا أوطانهم وديارهم واستوطنوا دار الإسلام، وطلب الرسول صلى الله عليه وسلم من المؤمنين الذين يؤمنون بالله وما أنزل على رسوله، أن يتركوا بلادهم وديارهم ويتحولوا إلى دار الإسلام المدينة في ذلك الوقت ، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث بريدة أن الرسول صلى الله عليه وسلم "كان إذا أمر أميراً على جيش أو سرية أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله وأوصاه بوصايا متعددة منها دعوته لمن يؤمن بالله ورسوله ويستجيب لدعوة الإسلام"، يقول: «ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين، وأخبرهم أنهم إن فعلوا ذلك فلهم ما للمهاجرين، وعليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا أن يتحولوا منها، فأخبرهم أنهم يكونون كأعراب المسلمين، يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الغنيمة والفيء شيء إلا أن يجاهدوا مع المسلمين» ( صحيح مسلم ، رقم 1731).
كما قطع الله تعالى الولاية بين من لم يهاجر من المؤمنين ويترك بلاده ويتحول لدار الإسلام، وبين الذين هاجروا وتركوا أوطانهم وديارهم، فقال تعالى: {وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُم مِّن وَلايَتِهِم مِّن شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا} [الأنفال: من الآية 72]، وجعل لهم رغم ذلك على الدولة الإسلامية حق النصرة في الدين فقال تعالى: {وَإنِ اسْتَنصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ} [الأنفال: من الآية 72]، من غير أن يخل ذلك بالعهد أو الميثاق الذي يكون بين دولة المسلمين وبين من استنصروا عليهم، ومن ثم جاء الاستثناء في النصرة فقال تعالى: {إلاَّ عَلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ} [الأنفال: من الآية 72].
فالمستقر من أحكام فقه السياسة الشرعية أنه يجب أن تعم المسلمين دولة واحدة، وهي دولة الخلافة، وأن يكون ولي أمرهم جميعاً شخص واحد، وهو الخليفة، وهذه الدولة ليس هناك ما يمنع من تقسيمها إدارياً إلى وحدات أصغر يكون على كل واحدة منها أمير أو والٍ، بل التقسيم في هذه الحالة، خاصة مع امتداد رقعة دولة الإسلام وتغطيتها مساحات شاسعة في عدة قارات من العالم؛ هو المتعين؛ لضمان قيادة الدولة إلى تحقيق أهدافها من حفظ الدين وسياسة الدنيا به، فالصورة فيها تعدد، لكن الحقيقة أن الكل جميع في كيان واحد مرتبط بإمارة أو رئاسة عليا.
وعندما يصير المسلمون في دولة واحدة يتحقق لهم كثير من الأمور، منها:
1 - نشر دعوة الله في الخافقين حتى لا يعبد في الأرض غير الله تعالى، فتلك من أعظم المهام التي أخرج الله تعالى هذه الأمة لها، وإنما تتحقق على أكمل وجوهها عندما تكون بلاد المسلمين دولة واحدة، وفي نشر الدعوة وإيصالها للعالمين حياة للمسلمين والكافرين على حد سواء، أما المسلمون فبطاعتهم لله تعالى وإنفاذهم لأمره وإخراجهم الناس من الظلمات إلى النور بإذن ربهم وجهادهم في سبيل ذلك، وأما الكفار فبخروجهم من استعباد الطواغيت لهم الذين يجبرونهم على الكفر برب العالمين واستعادتهم إنسانيتهم التي من خلالها يُعتقون من ذل الاستعباد ويملكون حريتهم وقرارهم في الدين الذي به يدينون.
2 - القوة المفرطة الناتجة عن العدد الضخم الذي يزيد على مئات الملايين التي تكون كلها تحت إمرة واحدة ولها غايات واحدة متفق عليها، إضافة إلى اجتماع السلاح بعضه إلى بعض بأنواعه المختلفة، ما يجعل منها دولة مرهوبة الجانب، فلا يفكر أحد في العدوان عليها أو على أجزاء منها أو حتى على فرد من أفرادها في أي بقعة من الأرض حل بها، قال الله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ} [الأنفال:60].
واجتماع المسلمين وتوحدهم في دولة واحدة من أعظم أسباب القوة، وهذا من أكبر الأسباب التي تجعل أعداء الأمة يسعون بكل سبيل إلى تفريق الأمة وتفتيتها إلى عدة دويلات حتى تضعف ويسهل السيطرة عليها، وقد سعت دول الكفر مجتمعة إلى هذا ونجحت في تحقيقه عندما ابتعد المسلمون عن أحكام دينهم، ففي المرحلة الأولى قصمت عرى دولة الخلافة وحوّلتها من دولة واحدة إلى أكثر من خمسين دولة لا يربطها رابط سياسي أو اقتصادي، وفي المرحلة الثانية قسمت المقسم حتى قسمت الدولة الواحدة إلى دولتين كما حدث في السودان وفي إندونيسيا، وللأعداء خطط منشورة في ذلك في تقسيم بعض الدول ذات الثقل الكبير إلى عدد من الدويلات حتى تضعف هذه الدول ويحدث التناحر والتقاتل بينها على توزيع الثروة والمياه والديون فتنهار ولا تقوم لها قائمة.
3 - القوة الاقتصادية، فعندما يكون المسلمون دولة واحدة يقوى اقتصادهم لتوفر كثير من المعادن المهمة التي يحتاج إليها العالم في رقعة العالم الإسلامي، ولوجود مساحات شاسعة من الأراضي المزروعة أو القابلة للزراعة، فيحدث من جراء ذلك اكتفاء ذاتي ولا يحتاج المسلمون إلى الاستيراد من دول الكفر، ويصير حجم التجارة الداخلية بين الأقطار الإسلامية كبيراً جداً في ظل العملة الواحدة وفي ظل الانتقال الحر للسلع التجارية من قطر إلى قطر آخر دون عوائق أو ضرائب أو جمارك.
ومع قوة الاقتصاد يتمكّن المسلمون من تطوير الصناعة لديهم واقتحام هذا المجال الذي يكاد يكون مقصوراً على دول الكفر في الصناعات الكبيرة والصناعات العسكرية ومجال إنتاج الأسلحة، ومن نتيجة القوة الاقتصادية للمسلمين تصبح لديهم القدرة على أن تحتل رؤاهم الاقتصادية المكانة اللائقة بها في خضم الرؤى الاقتصادية المخالفة، حتى تتغلب المعاملات المالية الإسلامية على المعاملات المالية الربوية، ويبدأ العالم بالبحث عن صيغ للتعاملات بعيدة عن الصيغ الربوية حتى يتمكن من التعامل الاقتصادي مع دولة المسلمين.
4 - التكامل في جميع المجالات: في ظل الدولة الواحدة يكون هناك تكامل طبيعي بين الأقطار، تكامل لا يحتاج في إنشائه وتكوينه إلى قانون أو نظام، فتنتقل الأموال والسلع والعمالة من قطر إلى قطر بسهولة ويسر، ما لا يسمح بوجود التفاوت الكبير في دخول الناس في الأقطار المتعددة كما هو حادث في حالة كون تلك الأقطار دولاً منفصلة عن بعضها بعضاً.
كما لا يسمح وجود هذا التكامل بحدوث كوارث في قطر من الأقطار ولا يتفاعل معها بقية الأقطار إلا من باب الصدقة والإحسان، بل يشعر الجميع أنهم دولة واحدة، وأن رئيس الدولة أو الخليفة أو الإمام الأعظم مسؤول مسؤولية كاملة عن الأقطار جميعها بدرجة واحدة، وحينئذ يسعى إلى تلافي أثر الكارثة سعي المسؤول لا سعي المتصدق، ولا ينظر إلى القطر الذي يعيش فيه نظرة أرأف وأرحم من نظرته لبقية الأقطار على أنه بلده الذي يحظى بعنايته ورعايته، بل ينظر إلى الأقطار كلها نظرة واحدة، وهذا ما حمل عمر رضي الله تبارك وتعالى عنه حينما قال وهو في المدينة: "لو مات جمل ضائعاً على شط الفرات لخشيت أن يسألني الله عز وجل عنه".
5 - حرية التنقل، حيث ينتقل المسلم من أقصى الدولة في المشرق إلى أقصاها في المغرب بغير قيود ولا حواجز، ما يزيد من امتزاج المسلمين وتآلفهم وحدوث المصاهرة بينهم ويشعر المسلم أينما حل أنه في بلده وبين أهله، وقد كان ذلك موجوداً، حيث ينتقل المسلم من أقصى الغرب الإسلامي إلى أقصى الشرق دون معوقات أو حواجز أو تأشيرات دخول.
6 - توحد القوانين والأنظمة في جميع الأقطار الإسلامية إلا ما كان متأثراً بالعادات والأعراف، فهنا يراعى عادةً كل قطر وعُرفه، وتَوحُّد القوانين والأنظمة يُوحد بين تصورات الناس وتصرفاتهم، ما يحقق قدراً كبيراً من التجانس الذي لا يجعل المسلم يشعر بأي اختلاف أو غربة حين ينتقل من قطر إلى قطر.
وكون المسلمين مجتمعين في دولة واحدة ينتج عنه:
1 - لهم قيادة واحدة، سواء سمي القائم بها رئيساً أو أميراً، ويكون لهذه القيادة مجموعة معاونة على القيام بالأعمال المنوطة بها، سواء سموا مستشارين أو معاونين أو وزراء، واسم الوزارة هو الأليق بعملهم.
2 - وجود والٍ أو أمير لكل قطر مرتبط بالرئيس الأعلى أو الإمام؛ لأن له إمارة عليه، فيتقيد بالخطة العامة للدولة ويتصرف في حدود صلاحياته الممنوحة له ولا يبت في الأمور الكبرى التي لها تأثير في دولة الإسلام إلا بالرجوع إلى الرئيس الأعلى، الخليفة أو الإمام أو أمير المؤمنين، ويتخذ له مجموعة معاونة للقيام بما وجب عليه من الأعمال للقطر الذي يكون أميراً عليه.
3 - الاتفاقيات أو المعاهدات أو عقود الصلح التي يجريها الرئيس الأعلى تكون ملزمة لأقطار الدولة الإسلامية كلها، وكذلك شن الحرب التي يشنها الإمام تلزم الأقطار كلها بالموقف نفسه حتى يضع كل قطر إمكاناته المادية والعسكرية من عتاد وسلاح ورجال تحت تصرف الإمام.
4 - لا يصلح لقطر من الأقطار أن يعقد صلحاً منفرداً أو يوقع اتفاقية أو معاهدة بانفراد، وكذلك لا يشن الحرب بانفراد، بل ينبغي الرجوع في كل ذلك إلى الرئيس الأعلى ليصدر عن رأي محكم قد أقره الرئيس الأعلى ووزراؤه الملقى على كاهلهم معاونته في قيادة الدولة وإدارتها.
5 - وجود بيت مال عام للدولة كلها وفي الوقت نفسه بيت مال خاص لكل قطر من الأقطار.
مِن كل ما تقدم يتبيّن أنه يجب على المسلمين أن يسعوا ليكونوا في دولة واحدة تجمعهم، ويكون لهم رئيس أو أمير أو إمام واحد يأتلف عليه المسلمون بأجمعهم، وأن تكون علاقة أقطار المسلمين وقادتها بالدولة وإمامها علاقة الجزء بالكل والفرع بالأصل، لكن قد يحدث كما هو في أيامنا هذه أن ينفرط عقد الدولة الواحدة وتنقسم إلى عشرات من الدول، حيث يربو في أيامنا هذه عدد الدول الإسلامية على خمس وخمسين دولة، ويصبح من العسير أو المتعذر رجوع البلدان المقسَّمة إلى كيان واحد واجتماعهم على زعيم واحد، وفي هذه الحالة لا يمتنع أن تتعدد الدول ويكون لكل دولة رئيس ولا يكون رئيس منهم إماماً، بل أميراً على رقعة من الأرض بمن فيها من المسلمين، وكل أمير ينبغي عليه أن يعقد النية على أنه متى ما وجد الإمام فإنه يلقي إليه مقاليد السمع والطاعة وينتظر منه ما يأمر به فيه.
وقد افترض إمام الحرمين في القرن الخامس الهجري ما نحن فيه الآن وقال: "إذا خلا الدهر عن إمام في زمن فترة، وانفصل شطر من الخطة عن شطر، وعز نصب إمام واحد يشمل رأيه البلاد والعباد، فنصب أمير في أحد الشطرين للضرورة في هذه الصورة، ونصب أمير في القطر الآخر منصوب، ولم يقع العقد الواحد على حكم العموم إذا كان يتأتى ذلك، فالحق المتبع في ذلك أن واحداً منهما ليس إماماً، إذ الإمام هو الواحد الذي به ارتباط المسلمين أجمعين.
ولست أنكر تجويز نصبهما على حسب الحاجة، ونفوذ أمرهما على موجب الشرع، لكنه زمان خال عن الإمام.
فإن اتفق نصب إمام، فحقّ على الأميرين أن يستسلما له، يحكم عليهما بما يراه صلاحاً أو استصلاحاً" (غياث الأمم في التياث الظلم ، 178).
وإذا كان ما تقدم من كلام إمام الحرمين يُمثِّل الحل الفقهي لما نحن فيه، فإنه يجب على المسلمين السعي لتجاوز حالة الضرورة التي أوقعهم فيها سقوط الخلافة الإسلامية رسمياً عام 1924م، وإن كانت ساقطة حقيقة قبل ذلك بكثير منذ أن حلت القوانين الوضعية محل الشريعة الإسلامية، ومن ثم فينبغي أن تكون هذه القضية حية في قلوب المسلمين وأن يوليها الدعاة والشيوخ والمفكرون والكتّاب العناية اللائقة بها، وأن لا تخلو من أحاديثهم في كل حدث مناسب لذلك، فتقام الندوات وتلقى المحاضرات والخطب وتؤلف الكتب والرسائل وتنشر بكل سبيل في كل تجمع للمسلمين، مع السعي إلى إزالة كل شقاق واختلاف، سواء على مستوى الأفراد أو مستوى الدول، عن طريق تكوين جماعة أو جمعية تتخصص في الدعوة لهذه القضية، وعمل الأبحاث المتعلقة بها ونشرها والجواب عن كل ما يثار ضدها، وإذا قويت العزائم ونهضت الهمم، ومع توالي العمل وعدم اليأس أو الضعف؛ يوشك الأمر أن يُؤتي أكله، ومثل هذا لا ينتظر حدوثه في زمن وجيز، بل لو استمر العمل في تحقيقه وإنجازه عشر سنوات لم يكن ذلك كثيراً على تحقيق تلك الغاية النبيلة، ولعل قيام الثورات في عدة بلدان عربية وتوجه الأنظمة الجديدة لتحكيم الشريعة؛ مما يكون عاملاً من أهم العوامل المساعدة على تحقيق هذا الهدف العزيز.