خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8870"> جلسات رمضانية 1410 ه - 1415 ه
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
جلسات رمضانية لعام 1410ه[2]
الحلقة مفرغة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه وسلم.
وبعد:
فإننا في هذه الجلسة سنتحدث -إن شاء الله- عن الصيام وما يتعلق به من أحكام وذلك للأهمية؛ لأن كثيراً من الناس يجهل حكمة الصوم ويجهل كثيراً من مسائله، فنبدأ أولاً بذكر حكمة الصوم.
ما هي الحكمة من أن الله عز وجل فرض على عباده الصوم بل جعله أحد أركان الإسلام التي لا يقوم الإسلام إلا بها، مع أن فيه تعباً على الجسم وعلى النفس، يتجنب الإنسان فيه مشتهياته من الأكل والشرب والنكاح، ويلحقه من الضعف، ضعف النفس، وضعف البدن، ولا سيما في الأيام الطويلة الحارة، ما يجعله أو ما يلحقه المشقة؟
فنقول جواباً على هذا السؤال: يجب أن نعلم قبل كل شيء أن الله سبحانه وتعالى من أسمائه الحكيم، وقد تكرر في القرآن كثيراً، والحكيم هو ذو الحكمة الذي يضع الأشياء في مواضعها وَمَنْ أَحْسَنُ مِنْ اللَّهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ .. أَلَيْسَ اللَّهُ بِأَحْكَمِ الْحَاكِمِينَ وبناءً على هذه العقيدة التي يجب أن يعتقدها كل مسلم، وهي أن الله عز وجل له الحكمة في شرعه وقدره، بناءً على ذلك يرضى المسلم ويسلم بشرع الله عز وجل، كما يرضى ويسلم بقضاء الله وقدره، قال الله تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ [التغابن:11] قال علقمة -أحد أصحاب عبد الله بن مسعود رضي الله عنه-: هو الرجل تصيبه المصيبة فيعلم أنها من عند الله فيرضى ويسلِّم، ولما سئلت عائشة رضي الله عنها: [ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك فنؤمر بقضاء الصوم ولا نؤمر بقضاء الصلاة] .
فوظيفة المسلم الإيمان بقضاء الله وقدره، والإيمان بشرع الله وحكمه، فنقول: إن الله لم يشرع الصيام إلا لحكمٍ عظيمة، أهمها وأجلها وأعظمها: التقوى. تقوى الله عز وجل، لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ [البقرة:183] هذه الحكمة، من أجل تقوى الله عز وجل، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للصائم: (إذا سابه أحد أو شاتمه فليقل: إني صائم) أي: لا يسبه ويرد عليه بالمثل، ليقل: إني امرؤ صائم، والصائم لا يسب ولا يشتم ولا يصخب، بل عنده الطمأنينة والوقار والسكينة، وتجنب المحرمات والأقوال البذيئة؛ لأن الصوم جنة، يتقي به الإنسان محارم الله ويتقي به النار يوم القيامة، هذه أعظم حكم الصيام.
ومن حكم الصيام: تعويد الإنسان على المشقة، على تحمل المشقات والتعب، لأن الترف والنعيم وتيسر الأكل والشرب لن يدوم، فيعوِّد الإنسان نفسه على تحمل المشاق.
ومن حكم الصوم كسر حدة النفس؛ لأن النفس إذا كمل لها نعيمها، من أكل وشرب ونكاح، حملها ذلك على الأشر والبطر ونسيان الغير، وأصبح الإنسان كالبهيمة ليس له هم إلا بطنه وفرجه، فإذا كبح جماح نفسه وعودها على تحمل المشاق، وتحمل الجوع، وتحمل الظمأ، وتحمل اجتناب النكاح، صار في هذا تربية عظيمة لها.
ومن حكم الصوم: أن الإنسان يذكر به نعمة الله عز وجل، بماذا؟ بتيسير الأكل والشرب والنكاح، لأن الإنسان لا يعرف الشيء إلا بضده، كما قيل: وبضدها تتبين الأشياء.
الإنسان لا يدري قدر النعمة إلا إذا فقدها، وانظر الآن مثالاً قريباً: لو أن النفس حبس، أي: صار الإنسان لا يستطيع أن يتنفس لوجد المشقة العظيمة، مع أننا نتنفس ونحن نتكلم، نتنفس ونحن نأكل، نتنفس ونحن نشرب، نتنفس ونحن في اليقظة، نتنفس ونحن في المنام، ولا نشعر بهذه النعمة العظيمة.
وكم مرة يتنفس الإنسان في الدقيقة.. في الساعة.. في اليوم.. في الشهر.. في السنة، ولا تعرف هذه النعمة، أو لا تعرف قدر هذه النعمة إلا إذا فقدتها، ولهذا إذا أصيب الإنسان بضيق النفس يجد الحرج العظيم، نسأل الله لنا ولكم العافية، لا يلتذ لا بنوم ولا بأكل ولا بشرب ولا بمخاطبة أحد، إذاً إذا صمت وامتنعت عن الأكل والشرب والنكاح عرفت قدر نعمة الله عليك بالأكل والشرب والنكاح، ففيه تذكر نعمة الله.
ومن حكمة الله عز وجل في إيجاب الصوم: أن يذكر الإنسان إخوة له مصابين بالجوع والعطش وفقد النكاح، فيرحمهم ويحنو عليهم ويعطيهم مما أعطاه الله عز وجل، ولهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان، ينفق ويجود عليه الصلاة والسلام.
وهذه الذكرى -أي: ذكرى إخوانك المعوزين- تحملك على أن تتصدق عليهم، وأن تتبرع لهم، وأن تحسن إليهم، والحكم كثيرة في الصوم، لكن كثير من الناس اليوم نجد يوم صومهم ويوم فطرهم سواء، لا تجد عند الإنسان سكينة الصوم ولا الوقار ولا تجنب السب والشتم والكذب والخيانة أبداً، يوم فطره ويوم صومه سواء عنده، وهذا نقص عظيم في الصوم.
أما ما يصام عنه من الأمور الحسية، يعني: نحن الآن ذكرنا حكمة الصوم.
ًما هي الأشياء التي يصام عنها؟
الأشياء التي يصام عنها هي التي يسميها العلماء المفطرات، أو مفسدات الصوم، وهي الأكل والشرب والنكاح والقيء وخروج الدم بالحجامة والحيض والنفاس. هذه المنصوص عليها وفيها أشياء مقيسة ليست منصوصاً عليها.
فالأكل والشرب والنكاح منصوص عليها في قوله تعالى: فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ [البقرة:187].
القيء منصوص عليه في حديث أبي هريرة الذي رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم: (من ذرعه القيء فلا قضاء عليه) ذرعه يعني: غلبه: (ومن استقاء عمداً فليقض).
خروج الدم بالحجامة منصوص عليه أيضاً في قوله صلى الله عليه وسلم: (أفطر الحاجم والمحجوم) هذه خمسة.
خروج دم الحيض والنفاس منصوص عليه في قوله صلى الله عليه وسلم: (أليس إذا حاضت لم تصل ولم تصم) وقد أجمع العلماء على إلحاق النفاس بالحيض.
بقي علينا أشياء ليست منصوصاً عليها منها ما كان بمعنى الأكل والشرب، وهي: الإبر المغذية التي يستغنى بها عن الأكل والشرب، يعني: أن الإنسان إذا تناولها اكتفى بها عن الأكل والشرب، هذه تلحق بالأكل والشرب قياساً.
ومنها: خروج المني بشهوة بفعل من الإنسان، فإنه يفطر، من العلماء من قال: إنه ملحق بالجماع، لأن كلاً منهما يوجب الغسل، فكان كلٌ منهما مفسد للصوم ومنهم من قال: إنه منصوص عليه، وذلك أن خروج المني بشهوة هو أعلى أنواع الشهوة، والصوم صوم عن الأكل والشرب والشهوة، لقوله تعالى في الحديث القدسي: (يدع طعامه وشرابه وشهوته من أجلي).
على كل حال، خروج المني بشهوة بفعل من الصائم يفسد الصوم هذا عليه والأئمة الأربعة: مالك وأبو حنيفة والشافعي وأحمد وأما خروج المذي بشهوة فلا يفسد الصوم، ولا يمكن أن يلحق بالمني لأن المذي لا يوجب الغسل، وليس هو الشهوة ولهذا يخرج من الإنسان من غير أن يشعر به بخلاف المني، وعلى هذا فلا يصح إلحاقه بالمني، والأصل بقاء الصوم وصحته حتى يقوم دليل على فساده، وهذه قاعدة ينبغي لطالب العلم أن يحفظها: كل ما ثبت في الشرع فإنه لا ينقض إلا بالشرع، يعني: ما ثبت بدليل شرعي لا ينقض إلا بدليل شرعي، فإذا ثبت هذا الصيام لا يمكن أن يفسده إلا بدليل من الشرع، ولا دليل على أن المذي ناقض ومفسد للصوم، وهذا هو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو أيضاً مذهب الظاهرية وهو صحيح.
ذكرنا الأكل، والشرب، والنكاح، وخروج القيء عمداً، وخروج الدم بالحجامة، وخروج دم الحيض والنفاس، وما كان بمعنى الأكل والشرب، وخروج المني بشهوة، بفعل من الصائم.
هذه الأشياء المفطرة هل فيها كفارة؟
الجواب: لا ليس فيها كفارة إلا واحداً فقط وهو الجماع، الجماع فيه كفارة بشرط أن يكون في نهار رمضان ممن يجب عليه الصوم، فإن كان في غير نهار رمضان مثل أن يكون الإنسان يقضي قضاءً، يعني: عليه أيام من رمضان يقضيها فحصل الجماع فإنه ليس فيه كفارة، فإذا كان في نهار رمضان ممن لا يجب عليه الصوم، فكذلك ليس فيه كفارة، مثل: أن يكون الإنسان مسافراً، ومعه أهله وقد صام هو وأهله، ولكن في أثناء النهار أتى أهله، فإنه ليس عليه كفارة ولا إثم أيضاً؛ لأن المسافر يجوز أن يفطر بأي شيء كان، مما أحله الله عز وجل، إذاً عليه القضاء لأنه أفطر فعليه القضاء، وما عدا الجماع ليس فيه كفارة حتى لو أنزل الإنسان فإنه لا كفارة عليه، لكن إذا كان صومه واجباً فعليه إثم وعليه القضاء.
ثم هذه المفطرات لا تفطِّر إلا إذا تناولها الإنسان عالماً ذاكراً قاصداً.
عالماً: وضده الجاهل.
ذاكراً: وضده الناسي.
قاصداً: وضده غير القاصد.
فلو أن الإنسان أكل وشرب يظن أن الفجر لم يطلع فتبين أنه طالع فليس عليه قضاء، بل صومه صحيح، لأنه جاهل ولو أكل ناسياً فصومه صحيح، ولو أكل مكرهاً أتاه إنسان وهدده بالحبس أو بالقتل أو بضرب يؤلمه، حتى أكل فلا قضاء عليه وصومه صحيح، وكذلك لو تمضمض ودخل الماء إلى جوفه بدون قصد فصومه صحيح، لأنه غير قاصد.
ما هو الدليل على أن الجاهل والناسي وغير القاصد لا يفطر؟
الدليل عموم وخصوص، أي: هناك أدلة عامة وأدلة خاصة، وأنا أقول لكم: الأدلة العامة يجب إبقاؤها على عمومها فلا يخرج منها أي صورة إلا بدليل، هذا أيضاً خذوها: الأدلة العامة يجب إبقاؤها على عمومها فلا يخرج منها أي صورة، أي: ما يخرج منها أي شيء إلا بدليل، لأن كلام الله عز وجل وكلام رسوله صلى الله عليه وسلم محكم جاء باللغة العربية، فما كان داخلاً تحت الدلالة فإنه باقٍ على ما دل عليه اللفظ إلا بدليل.
الأدلة العامة: قوله تعالى: رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا [البقرة:286] في أي شيء؟ لا تؤاخذني في أي شيء؟ في كل شيء يقع منا خطأ أو نسيان فلا تؤاخذنا فيه (قال الله: قد فعلت) هذه القاعدة العامة العظيمة من الله عز وجل إذا ادعى إنسان أن شيئاً خارجاً منها قلنا له: عليك الدليل.
دليل آخر من القرآن: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].
إذاً ما لا نقصده فليس علينا جناح فيه ما وقع منا بغير قصد فليس علينا جناح فيه: وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ [الأحزاب:5].
هناك أدلة خاصة في مسألة الأكل جاهلاً أو ناسياً عدي بن حاتم رضي الله عنه أراد أن يصوم، فجعل تحت وسادته عقالين يعني: حبلين يعقل بهما البعير، وجعل يأكل ويشرب وينظر إلى العقالين الأسود والأبيض، لما تبين الأسود من الأبيض أمسك ظناً منه أن قوله تعالى: وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ [البقرة:187] أن المراد به الخيط الحبل، فلما أصبح أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (ذلك بياض النهار وسواد الليل) ولم يأمره بالإعادة مع أن الذي يأكل حتى يبين العقال الأسود والأبيض سوف يأكل وقد ارتفع النهار وقد ارتفع الفجر، لم يأمره بالإعادة لأنه جاهل بالحكم، يظن أن هذا معنى الآية.
أيضاً الجاهل بالوقت يظن أن الوقت وقت إفطار وقت أكل وليس كذلك، ما رواه البخاري عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت: أفطرنا في يوم غيمٍ على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ثم ظهرت الشمس، أكلوا وأفطروا في يوم غيم ظن منهم أن الشمس قد غربت، وبعد ذلك ظهرت الشمس إذاً أكلوا في النهار، لكن جهلاً منهم، جهلاً بالوقت، ما علموا أن الشمس لم تغرب، ولم يأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقضاء، ما أمرهم، لو كان القضاء واجباً لأمرهم به كما أمر الذي أساء في صلاته قال له: (صل فإنك لم تصل) لو كان القضاء واجباً لأمرهم به، ولو أمرهم به لنقل إليه لا يمكن أن يترك؛ لأنه لو أمر به لكان من الشرع، والشرع محفوظ لابد أن يصل إلى آخر الأمة كما وصل إلى أولهم.
إذاً نقول: لا قضاء، وكما أن هذا مقتضى دلالة الحديث، فهو أيضاً مقتضى الأدلة العامة، رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا، وهو كذلك مقتضى القياس على ما صح به الحديث: (من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه) والجهل والنسيان صنوان، يعني: قرينان فإذا عفي عن الإنسان بالنسيان، عفي عنه في جهل ولا فرق.
أما عدم القصد فيؤخذ من قوله تعالى: مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْأِيمَانِ وَلَكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [النحل:106] ووجه الأخذ من هذه الآية أن الله رفع حكم الكفر عمن أكره عليه فما دون الكفر من معاصي من باب أولى، كما جاء في الحديث أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه).
هذه لمحة وجيزة سريعة فيما يتعلق بالمفطِّرات ولكن يجب أن نعلم أن الإنسان مأمور بالصوم عن أمرين عن أمور حسية وهي هذه المفطرات، وعن أمور معنوية وهي قول الزور والعمل به والجهل، فعلينا أن نحفظ صيامنا حتى يكون نافعاً مؤثراً، وحتى نتربى به، فلا يخرج رمضان إلا وقد تأثرنا بهذا الصوم، نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكره وشكره وحسن عبادته.
حكم شم البخور للصائم
وقت الإمساك عن الطعام في رمضان
انتقاض الصوم بالنية
حكم من زاد ركوعاً في صلاة الوتر
حكم إخراج النقود بدلاً عن الإطعام على من لا يستطيع الصوم
حكم تنبيه الصائم إذا سها فأكل أو شرب
حكم من جامع زوجته في نهار رمضان ناسياً أو جاهلاً
المسافر لا يفطر إلا بعد خروجه من البلد
الدعاء المأثور عند الإفطار
حكم رؤية الدم بعد تيقن الطهر للمرأة الصائمة
تصفيد الشياطين في رمضان
الجواب: يجب أولاً أن نعلم قاعدة مهمة، وهي: أن ما ثبت في الكتاب والسنة فلن يخالف الواقع أبداً، فإن وجد في الواقع المحسوس المعلوم ما ظاهره أنه يخالف الكتاب والسنة، فماذا نصنع؟
نقول: يجب تأويل الكتاب والسنة لأن فهمنا يكون حينئذ خطأً، يكون الله ما أراد هذا الذي فهمنا، ولا الرسول صلى الله عليه وسلم أراد هذا الذي فهمنا.
إذا حصل في الواقع ما يخالف ظاهر الكتاب والسنة، يؤول ويكون فهمنا أن المراد به ما خالف الظاهر فهماً خطأً، لأن كلام الله ورسوله لا يمكن أن يناقض الواقع إطلاقاً، فهذا الذي ذكره السائل أن رمضان تصفد فيه الشياطين، ولا يخلصون إلى ما كانوا يخلصون إليه في غيره، والواقع كما قال: يوجد أناس من الفسقة يزداد فسقهم في رمضان، فالشياطين الآن مصفدة عنهم أم مصفدة فيهم؟ والله أعلم مصفدة فيهم.
على كل حال العلماء رحمهم الله قالوا: إن في بعض روايات هذا الحديث تصفد مردة الشياطين، وليست الشياطين كلها تصفد، إنما تصفد المردة، وبناءً على ذلك تسلط غير المردة على هؤلاء الفسقة، ولا مانع، وبعضهم قال: إنها تصفد الشياطين كلها، وذكر المردة في بعض الألفاظ لا يقتضي التخصيص؛ لأن لدينا قاعدة وهي: أن ذكر بعض أفراد العام بحكم مطابق للعام لا يكون ذلك تخصيصاً.
إذاً كيف يحمل؟ يقال: يحمل بالنسبة لأهل الحق والإيمان تصفد الشياطين عنهم فلا يخلصون إلى ما يخلصون إليه في غير، وحينئذٍ نتخلص من تسليط الشياطين على الفسقة في هذا الشهر.