فتاوى نور على الدرب [738]


الحلقة مفرغة

السؤال: دعاء الكرب هل هو وارد: ( اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً وأنت تجعل الحزن إذا شئت سهلاً ) يقول: وما هو الحزن في هذا الدعاء؟

الجواب: هذا الدعاء المذكور لا أعلمه وارداً في إزالة الكرب. وأما الحزن فمعناه: الصعب.

السؤال: هل صيام ست من شوال تكون متتابعات أو متفرقات؟

الجواب: تجزئ سواء صامها متفرقة أو متتابعة، وسواء صامها ثاني يوم العيد أو أخرها إلى النصف أو إلى العشرين، المهم أن لا يخرج شوال إلا وقد صامها، ما لم يكن هناك عذر، كما لو نفست امرأة يوم العيد مثلاً ولم تتمكن من صيامها أي: صيام الست إلا بعد خروج شوال فلا حرج؛ لأنها أخرت الصيام لعذر، ومن أخر شيئاً مؤقتاً من العبادات لعذر فإنه يقضيه إذا زال ذلك العذر.

السؤال: هل الغسل يجزي عن الوضوء أم لابد من الوضوء بعد الغسل؟

الجواب: الغسل نوعان: غسل عن جنابة فيجزي عن الوضوء، وغسل للجمعة فلا يجزي عن الوضوء، وغسل للتبرد فلا يجزي عن الوضوء، غسل الجنابة يجزي عن الوضوء سواء نوى الوضوء معه أم لم ينو؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَإِنْ كُنْتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُوا [المائدة:6]، ولم يذكر وضوءاً، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الرجل الذي كان على جنابة ماءً وقال: ( خذ هذا وأفرغه على نفسك )، ولم يذكر له صلى الله عليه وآله وسلم ترتيباً، لكن الأفضل في غسل الجنابة أن يغسل الإنسان ما أصابه من التلويث، ثم يتوضأ وضوءاً كاملاً بغسل الوجه، واليدين إلى المرفقين، ومسح الرأس والأذنين، وغسل الرجلين، ثم يفيض الماء على رأسه حتى يظن أنه أرواه ثلاث مرات ثم يغسل سائر جسده، هذا هو الأفضل، ولو أن الإنسان كان في مسبح أو في بركة ونوى غسل الجنابة وانغمس في الماء ثم خرج لم يبق عليه إلا المضمضة والاستنشاق، فإذا تمضمض واستنشق ارتفعت الجنابة.

السؤال: السائل يستفسر عن الآية الكريمة في سورة التوبة، يقول الله تبارك وتعالى: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ [التوبة:37]؟

الجواب: النسيء بمعنى التأخير، كانت العرب في جاهليتها لتلاعبها تجعل المحرم صفراً، وصفراً محرماً، وشهر المحرم معروف أنه شهر لا يجوز فيه القتال، فيكيفون هذا على رغبتهم، إن كانت رغبتهم أن يقاتلوا في المحرم قاتلوا وأخروا تحريمه إلى صفر، أو أخروا التحريم إلى شهر آخر بعده، يقول عز وجل: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ [التوبة:37] يعني: يأتوا بشهر واحد محرماً فيحلوا ما حرم الله.

وفي الآية الكريمة دليل على أن الكفر يزيد وينقص كالإيمان يزيد وينقص، فالإيمان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية، والكفر يزيد بالسيئات الزائدة على أصل الكفر، ولهذا يعاقب الكافر عليها، أي: على السيئات الزائدة على الكفر، كما قال الله تبارك وتعالى: كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ * إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ * فِي جَنَّاتٍ يَتَسَاءَلُونَ * عَنِ الْمُجْرِمِينَ * مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ [المدثر:38-42] يعني يقولوا لهم: ما أدخلكم في النار؟ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ * وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ * وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ * وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ * حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ [المدثر:43-47]، وهذا دليل على أن لتركهم الصلاة وإطعام المسكين أثراً في تعذيبهم في سقر.

السؤال: الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم قبل الأذان أو بعد الأذان؟

الجواب: الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل الأذان ليست مشروعة، إذا أراد الإنسان أن يجعلها تابعة للأذان؛ لأنها مشروعة كل وقت، وأما الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الأذان فإنها مستحبة مطلوبة من الإنسان، فالمؤمن إذا سمع المؤذن فليقل مثل ما يقول المؤذن ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ثم يقول: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد )، ثم يدعو بما شاء؛ لأن الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد.

وقولنا: يقول مثل ما يقول المؤذن يستثنى منه حي على الصلاة حي على الفلاح، فإنه يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله.

السؤال: قول الإمام قبل أن يكبر: استووا واعتدلوا وتراصوا هل هذا وارد؟

الجواب: نعم وارد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولكن يجب أن نعلم أن هذه الكلمات لها معناها ومدلولها، بمعنى: أن الإمام لا يقولها إلا إذا رآهم لم يستووا ولم يتراصوا، أما إذا رآهم متراصين متساوين فلا حاجة أن يقولها. هذه واحدة.

ثانياً: على الإمام أن يلتفت إلى المأمومين لينظر هل استووا أم لا؟ فإذا لم يكونوا استووا فليسوهم ولو بيده؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان يمسح مناكب أصحابه وصدورهم، ويقول: استووا، ولما كثر المسلمون صار الخلفاء الراشدون يوكلون رجالاً ينظرون إلى الصفوف، فإذا أتوا وقالوا: إنها مستقيمة مستوية كبروا.

غالب الأئمة اليوم لا يقيمون لهذه الكلمات وزناً وإنما هي كلمات تقال حتى لو كان الصف من أقوم ما يكون، كلمات تقال ولا يعقب عليها إذا كان الصف معوجاً أو كان متباعداً، ولذلك تجد المأمومين لا يقيمون لها وزناً ولا يهتمون بقوله: استووا أو اعتدلوا أو تراصوا، لكن لو أن الإمام اعتبر معنى هذه الكلمات وسوى الصفوف بيده إذا لم تستو لكان لها فائدة.

ثم إن بعض الأئمة لا يصبر على أذى المأمومين إذا رآهم قد أحدقوا به نظراً شزراً خاف وعلى طول كبَّر، هذا يعتبر جبناً، فالواجب أن يكون الإنسان شجاعاً في دين الله عز وجل، لا يهمه أحد ويصبر، لا يكبر للإحرام حتى يراهم استووا تماماً، وهو إذا عود المأمومين هذا ألفوه ولم يقع منهم منكر، وقد جربنا هذا ورأينا أن الناس والحمد لله يحبون الخير لكنهم يحتاجون إلى عمل جد، وليعلم الإمام أن من أعظم مسئوليته هذه المسألة أن يأمر بإقامة الصفوف وتسويتها والتراص فيها والتقارب بينها.

السؤال: أنا شاب في العشرين من عمري، ترك والدي رحمه الله مبلغاً من المال كأتعاب، وقد قام أخي الكبير بتسجيل الأراضي التي قمنا بشرائها باسم الإخوة الذكور فقط، وأضاف مبلغاً عليه علماً بأني أريد حصتي نقداً ولا أريد الأرض؟

الجواب: نفتيه بأن نرده إلى الحاكم الشرعي هناك؛ لأن مسائل الخصومة أو ما يقدر أن يكون فيها خصومة لا يجيب عنها المفتي، إذا أجاب عنها المفتي فقد يكون عند خصمه ما لم يذكره للمفتي، هذا من جهة. وقد يكون رأي المفتي غير رأي الحاكم في المسائل الخلافية، لذلك ننصح إخواننا المفتين إذا عرضت عليهم أي مشكلة بين اثنين أن لا يفتوا فيها؛ لأن هذا ما فيه إلا جر النزاع، وربما ترفع القضية للحاكم ويحكم الحاكم بغير ما أفتى به هذا المفتي، فيتحدث الناس: قال المفتي: كذا وقال الحاكم: كذا، مع أنه قد يدلي عند الحاكم بحجة لم تذكر عند المفتي.

فنصيحتي لإخواني المفتين سواء في السعودية أو غيرها: أن لا يفتوا بما فيه نزاع، نعم لو فرض أن المستفتي سأل عن مسألة يكون الحق فيها عليه هو فهنا قد نقول: إن للمفتي رخصة أن يفتي بها؛ لأجل أن يقطع النزاع بين المستفتي وبين خصمه ويختصر الطريق، أما إذا كانت المسألة محتملة أن تكون لهذا أو لهذا أو هي له على خصمه، فهنا نقول: لا تفتي، حولها إلى الحاكم وذمتك بريئة.

السؤال: تقوم أحياناً زوجة عمي وزوجة خالي بالسلام علي بالمصافحة والتقبيل، فهل هذا محرم؟

الجواب: نعم هذا محرم، ولا يحل لامرأة أن تكشف وجهها لغير زوجها ومحارمها سواء كان أخا الزوج أو عم الزوج أو خال الزوج، ولا يحل لها أن تصافحه ولو من وراء حائل، ولا يحل لها أن تقبله، وهذا أشد وأعظم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( إياكم والدخول على النساء -أي: يحذر من الدخول على النساء، يعني: غير المحارم، - قالوا: يا رسول الله، أرأيت الحمو؟ -يعني: أقارب الزوج- قال: الحمو الموت )، يعني: فاحذروه، وإنما حذر النبي صلى الله عليه وآله وسلم من الحمو؛ لأن الحمو إذا دخل على بيت قريبه لا يستنكر ولا يستغرب فيدخل البيت بدون حياء ولا خجل ويكون خالياً بالمرأة، وخلو الرجل بالمرأة محرم حذر منه النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأخبر أنه ( ما من رجل يخلو بامرأة -يعني: ليست محرماً له- إلا كان ثالثهما الشيطان ).

السؤال: فتاة متزوجة حدث وأن أقام والدي حفل زواج وفيه ضرب بالطبول والأشياء المحرمة، فاتفقت أنا وزوجي على عدم الحضور للزواج والحمد لله لم نحضر، ولكن بعد ذلك قام والدي بتحريض من عمي بحرماني من زوجي مدة طويلة، وأخذ والدي وعمي يطلبان من زوجي الطلاق ولكن زوجي رفض الطلب، وبعد أن يئسوا من الطلاق طلب والدي من زوجي مبلغاً من المال وقدره خمسة عشر ألف ريال فقام زوجي بدفع ذلك المال مقابل أن يأخذني، وأسأل يا فضيلة الشيخ: ما حكم تصرف أبي وعمي؟ وما حكم المال الذي أخذه والدي؟

الجواب: هذه ثلاث مسائل:

المسألة الأولى: أن هذه السائلة وزوجها هجرا الحفل المشتمل على المحرم، وهذا شيء طيب وعمل صالح، أسأل الله أن يثيبهما على ذلك، وهذا هو الواجب على كل مؤمن أن يقدم طاعة الله عز وجل على كل طاعة ورضا الله على كل رضا، وأن يهجر المعاصي وأهلها حتى وإن كانت من أقرب قريب، هذه واحدة.

ثانياً: حرمان أبيها إياها من زوجها بتحريض من عمها محرم، وهو من أعمال السحرة والعياذ بالله، قال الله تعالى: فَيَتَعَلَّمُونَ مِنْهُمَا مَا يُفَرِّقُونَ بِهِ بَيْنَ الْمَرْءِ وَزَوْجِهِ [البقرة:102]، فمن حاول التفريق بين المرء وزوجه ففيه شبه من السحرة، وعمله يشبه عمل الساحر، وهذا حرام عليهما، وإذا كانت النميمة وهي نقل الكلام من شخص إلى آخر للتفريق بينهما من كبائر الذنوب فالتفريق بالفعل أعظم، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( لا يدخل الجنة نمام )، فعلى أبيها وعلى عمها أن يتوبا إلى الله عز وجل من هذا الذنب العظيم، وعليهما أيضاً أن يستسمحا من البنت ويطلبا الحل منها، فإن لم يفعلا فستكون خصماً لهما يوم القيامة وتأخذ من حسناتهما.

المسألة الثالثة: أخذ خمسة عشر ألف درهم من الزوج حرام وأكل للمال بالباطل، والزوج لم يعط أباها خمسة عشر ألفاً لسواد عينيه ولا عن رضا لكنه ألجأه إلى ذلك ليفك أسر زوجته، فما أخذه الأب حرام، ويجب على الأب فوراً أن يرد الدراهم الخمسة عشر ألفاً إلى الزوج. فإن قال الأب: الزوج أعطاني إياها، قلنا: نعم أعطاك إياها مكرهاً ليفك أسر زوجته، ولولا هذا ما أعطاك إياها.

وإنني في النهاية أنصح العم وغيره من أولئك الذين يقيمون الولائم على شكل محرم، وأقول: أهذا جزاء النعمة أن يسر الله الزواج لابنكما أو بنتكما أن تأتي بالأشياء المحرمة من الموسيقى أو الطبول؟! أو أقبح من ذلك أن يصور الحفل ويعرضه على الناس كسلعة من السلع، وأقبح من ذلك أن يصور بالفيديو الذي يظهر الصورة حية ليتداوله الناس فيرون هذه المرأة وجمالها، وهذه المرأة ودمامتها، وهذه المرأة وطولها، وهذه المرأة وقصرها، سبحان الله! أيكون هذا في مجتمع مسلم مؤمن بالله واليوم الآخر؟! إنني أحذر هذا وأمثاله من هذه الأشياء المحرمة وأقول: أقيموا الوليمة على حسب ما جاءت به الشريعة، دف للنساء بغناء نزيه بعيد عن الفتنة، هذا رخص به الشرع وإن كان فيه نوع لهو لكنه مرخص فيه من أجل المناسبة.

السؤال: أصيبت والدتي بارتفاع في ضغط الدم فنتج عن ذلك شلل نصفي بحيث إنها لا تستطيع أن تحرك أعضائها اليمنى، وضعفت ذاكرتها فأصبحت تنسى بعض الآيات القرآنية وكذلك الفاتحة وكذلك بعض الأذكار التي تقال في الصلاة، وثقل لسانها عن الكلام فلا تستطيع التفوه بالكلمة إلا بعد جهد كبير، فالسؤال: ما حكم صلاة والدتي إن تركت بعض الآيات أو الفاتحة أو بعض الأذكار الواجبة في الصلاة بعد اجتهادها؟

الجواب: أقول: إذا كانت لا تستطيع إلا هذا فهي معذورة؛ لقول الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقوله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، لكن لتحرص غاية الحرص على أن تأتي بالفاتحة والأذكار الواجبة بقدر المستطاع ولو أن يكون عندها أحد يذكرها، أما الشيء المستحب كقراءة ما زاد على الفاتحة، وقراءة ما زاد على سبحان ربي الأعلى في السجود، وسبحان ربي العظيم في الركوع وما أشبه ذلك، فلا بأس بتركه.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع