فتاوى نور على الدرب [731]


الحلقة مفرغة

السؤال: تقول بأنها امرأة مطلقة منذ تسع سنوات، ولديها أولاد ومن تلك الفترة لم تر أو تسمع أي شيء عن أولادها، حيث إن الأب يمنعهم من زيارة أمهم، تقول: هل أكون بذلك آثمة، وهل يلحقني ذنب حيث إنني لم أحاول أن أكلمهم بسبب أن الوالد، أي: والد هؤلاء الأطفال يمنعني من ذلك؟

الجواب: أخاطب أولاً الأب، وأقول: إنه لا يحل له أن يمنع أولاده من زيارة أمهم، إذا كان له أن يمنعها من زيارتهم، أي: أن تزورهم هي في بيته فالبيت بيته، لكن ليس له الحق في أن يمنع أولادها أن يزوروها في بيتها، وأخشى أن يعاقب هذا الرجل الذي حال بين الأم وأولادها، بأن يحول الله تعالى بينه وبين أحبته، إما في الدنيا وإما في الآخرة، وماذا يضره إذا زار هؤلاء الأولاد أمهم في الأسبوع مرة يوماً أو يومين، أما بالنسبة للأم فعليها أن تصبر وتحتسب الأجر، وتسأل الله عز وجل أن يسخر زوجها للسماح لهم بزيارتها.

السؤال: رجل سأل رجلاً غنياً ميسور الحال أن يعطيه مالاً ليتبلغ به إلى الحج إلى بيت الله الحرام لأداء فريضة الحج، فأعطاه مالاً، فهل حج الرجل صحيح؟

الجواب: حجه صحيح، لكن سؤاله الناس من أجل الحج غلط، ولا يحل له أن يسأل الناس مالاً يحج به، ولو كانت الفريضة، لأن هذا سؤال بلا حاجة، إذ أن العاجز ليس عليه فريضة، وسؤال الناس بلا حاجة أخشى أن يقع السائل للناس بلا حاجة في هذا الوعيد الشديد: ( أن الرجل لا يزال يسأل الناس حتى يأتي يوم القيامة وليس في وجهه مزعة لحم )، والعياذ بالله، لأنه قشر وجهه بسؤال الناس، فكانت العقوبة أن قشر وجهه من أجل هذا السؤال، وليتق الله امرؤٌ في نفسه، فلا يسأل إلا عند الضرورة التي لو لم يسأل لهلك أو تضرر.

السؤال: ما المقصود بالدف الذي يعنيه كثير من الناس، وبأنه يعلن به عن النكاح، وهل الزغاريد التي ترددها النساء في الأفراح وعند نجاح الأولاد جائزة؟

الجواب: الدف الذي يسمح به في الأعراس، وفي مناسبة قدوم الغائب، وفي أيام الأعياد، هو الذي ليس له إلا وجه واحد فقط، وأما ذو الوجهين فيسمى طبلاً ولا يجوز، ومن المعلوم أن الدف من آلة اللهو، والأصل في آلة اللهو التحريم، فلا يخرج عن هذا الأصل إلا ما جاءت به السنة، وما جاءت به السنة يجب أن يتقيد الإنسان به، فإذا جاز الدف لم يجز ما هو أعلى منه في الطرب واللهو، كالطبل والطنبور والموسيقى والرباب والعود، وهذا على سبيل التمثيل.

السؤال: هل الرقص جائز إذا كان بين النساء، وإذا كان مصحوباً بالغناء الحلال؟

الجواب: لا أرى الرقص من فتاة تفتن النساء برقصها، وقد سمعنا أنه جرى أشياء منكرة إذا قامت الفتاة الشابة تتكسر وتتلوى راقصة، وأن بعض النساء قد تقوم تعتنقها وتضمها وتقبلها، وهذه فتنة، أما المرأة الكبيرة العجوز التي لا يؤبه لها كثيراً، فأرجو ألا حرج عليها إذا قامت ترقص.

السؤال: تقول: يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الذي ما معناه: ( من تشبه بقوم فهو منهم )، والأمر قد بلغ حداً كبيرا، فألبستنا من الكفار غالباً، ومتاع البيت أيضاً، فما العمل في هذا؟

الجواب: المراد بالتشبه أن يفعل الإنسان شيئاً خاصاً بالكفار، بمعنى أن من رآه ظن أنه كافر لأن حليته ولباسه حلية الكافر ولباسه، وليس كل ما فعل الكفار يكون تشبهاً إذا فعلناه، وليس كل الأطعمة التي يصنعها الكفار يكون تشبها إذا أكلناها، المراد بالتشبه أن يفعل ما يختص به الكافر، فمن تشبه بقوم فهو منهم، ولهذا لما كان لبس الرجل للبنطلون تشبها بالكفار لأن المسلمين ما كانوا يلبسونه، ثم شاع وانتشر وصار غير خاص بالكفار، صار لبسه جائزاً للرجال، وأما النساء فمعلوم أنه لا يجوز لهن لبس البنطلون، ولو عند الزوج، لأن ذلك من باب التشبه بالرجال.

السؤال: مشكلتي هي أن قلبي قاسٍ حتى أنه من شدة القسوة إذا توفي شخص من أقاربي لا أبكي ولا تدمع عيناي، إلا بعد المحاولات، هل هذه القسوة تمنع عدم قبول صلاتي وصيامي وغير ذلك من الأعمال؟ وهل هذا من نقص إيماني؟ وهل إذا تصدقت على الفقراء تزيل الصدقة هذه القسوة من قلبي؟

الجواب: بعض الناس عندهم قسوة قلب، وليس قلبه ليناً، فتجده لا يخشع، وإن أصيب بأعظم المصائب نسأل الله العافية، قلبه متحجر كالحجارة أو أشد قسوة، ومن أسباب لين القلب: قراءة القرآن الكريم، فإنه يلين القلب، إذا قرأه الإنسان بتدبر وتمعن، ألان قلبه، بدليل قول الله تعالى: لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21]، لَرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ [الحشر:21]، هذا وهو جبل حصى، ويقول ابن عبد القوي رحمه الله في داليته المشهورة:

وحافظ على درس القران فإنه يلين قلباً قاسياً مثل جلمد

ومما يلين القلب: قراءة السيرة النبوية على صاحبها أفضل السلام وأتم التحية، أتم التحية للمخلوق، فإن قراءة السيرة لها تأثير عجيب على القلب؛ لأنه يتذكر الإنسان وكأنه مع الصحابة، فيلين قلبه.

ومن أسباب لين القلب: رحمة الأطفال والتلطف معهم، فإن ذلك يلين القلب وله تأثير عجيب، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ).

ومن أسباب لين القلب: سماع المواعظ والقصائد التي تحيي القلب، ولذلك تجد الرجل إذا سمع قصيدة مؤثرة يخشع قلبه، وتدمع عينه.

ومن أسباب لين القلب: حضور القلب في الصلاة، فإن ذلك من أسباب الخشوع ولين القلب، نسأل الله تعالى أن يلين قلوبنا لذكره، وأن يعيذنا من قسوة القلب.

السؤال: ينتابني شعور في داخلي بأنني إذا عملت أمام الناس أي عمل صالح يكون هذا العمل رياء، فمثلاً: عندما أصلي الظهر في المدرسة أصلي السنة القبلية والبعدية، فيقولون: صلاة هذه المرأة طويلة، هل هذا العمل من الرياء؟ علماً بأنني أصلي السنة في كل مكان، وليس في المدرسة أرشدوني مأجورين؟

الجواب: هذا الشعور بالرياء من الشيطان، ليصد الإنسان عن طاعة الله عز وجل، والشيطان أعاذنا الله وإياكم منه يشم القلب، فإن وجد منه قوة على الطاعة رماه بهذا السهم، سهم الرياء، وقال: إنك مراءٍ، وإن رأى معه ضعفاً في الطاعة رماه بسهم التهاون والإعراض، حتى يدع العمل، فعلى المرء أن يكون لديه قوة ونشاط، وإذا طرأ عليه أنه يصلي رياء أو يتصدق رياء أو يقرأ رياء، فليقل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وليمض ولا يهتم بهذا.

السؤال: البعض يقول بأن السنة يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها، هل هذا صحيح؟ وهل إذا ترك الشخص سنة من السنن المؤكدة يعاقب عليها أم أنه حرم نفسه الأجر العظيم؟

الجواب: هذا الذي ذكره السائل هو حق، وهو الذي عليه أهل العلم، أن ترك السنة لا يوجب الإثم، اللهم إلا إذا تركها كراهة لها، أو زهداً فيها، أو رأى نفسه أنه مستغن عنها أو ما أشبه ذلك فهذا له حكمه، أما مجرد أن يقول: إن الله فرض علي الفرائض والحمد لله الذي هداني لها، وإنني أقمتها على الوجه المطلوب، وأما النوافل فأنا في سعة منها، هذا لا بأس به ولا إثم عليه، لكن قد تكون السنة مؤكدة جداً جداً إلى قريب الوجوب، فهذه كره بعض العلماء أن يدعها خوفاً من الإثم، ومن ذلك ما يذكر عن الإمام أحمد رحمه الله أنه قال: من ترك الوتر فهو رجل سوء لا ينبغي أن تقبل له شهادة، مع أنه يرى أن الوتر سنة وليس بواجب، لكن لتأكد السنية كأن الإمام أحمد رحمه الله رأى أن تهاونه به يدل على عدم مبالاته، ولهذا قال: لا ينبغي أن تقبل له شهادة؛ لأنه إذا كان لا يبالي في الوتر مع أهميته وآكديته، فإنه قد يتهاون بالشهادة أيضاً.

السؤال: إذا صعد الإمام المنبر وقال: السلام عليكم، كما هو معروف يوم الجمعة بصوت مرتفع، يرد عليه المؤذن بنفس الصوت بالميكرفون، فهل في هذا شيء؟

الجواب: أرى أنه لا يفعل، لأن السلام ليس على المؤذن وحده بل على الجميع، لكن لا بد أن يصدر صوت يسمعه الخطيب، ولو من الصف المتقدم يردون عليه، أما أن يسكتوا كلهم فلا يجيبون الخطيب إجابة مسموعة له ففي هذا نظر، أخشى أن يأثموا جميعاً.

السؤال: بالنسبة لاستعمال الساعة في اليد اليمنى كموضة جديدة، أتميز بها عن الآخرين، هل هذا بدعة؟

الجواب: وضع الساعة في اليد اليمنى أو اليسرى على حد سواء، لأن الساعة أشبه ما تكون بالخاتم، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يختتم بيده اليسرى ويده اليمنى، لكن لو أن الإنسان وضعها في اليمنى إشعاراً بأنه ملتزم -أي: ملتزم بالسنة- فهذا ينهى عنه، لأنه لم ترد السنة بوضع الساعة في اليد اليمنى، ووضعها في اليد اليسرى هو الموافق لأكثر الناس، وهو أسلم للساعة، إذ أن اليد اليمنى هي يد العمل والحركة، ولأنه غالباً أسهل للاطلاع عليها، فإذا كان الإنسان يأكل مثلاً وهي بيده اليمنى قد يكون من الصعب أن ينظر إليها، ولكن من السهل أن ينظر إلى يده اليسرى، وعلى كل حال فالأمر واسع إن شاء وضعها في اليمنى وإن شاء وضعها في اليسرى.

مداخلة: ألا يكون هذا يا فضيلة الشيخ من لباس الشهرة؟

الشيخ: هو الآن منتشر بين الناس لا توجد شهرة، الشهرة أن الإنسان يذكر ويشهر به، أما الآن فهي منتشرة.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع