فتاوى نور على الدرب [724]


الحلقة مفرغة

السؤال: معلمة تدرس القرآن الكريم، وسبب تدريسها هو ترشيح الإدارة المدرسية لها؛ لشدة حاجة المدرسة للمعلمات، وأخرى تدرس من أجل المال، فليس لديهن النية التي يقرأن ويسمعن عنها من ابتغاء وجه الله عز وجل، فهل تثابان على هذه النية أم عليهما وزر؟

الجواب: إنه لا يمتنع أن يريد الإنسان بتعليم القرآن ما يحصل له من مكافأة، وما يرشح له من عمل، مع إخلاص النية لله تعالى، فتكون النية مركبة من هذا ومن هذا، وقد قال الله تعالى في الحج: لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلًا مِنْ رَبِّكُمْ [البقرة:198]، يعني: بالتجارة، فأشير على هاتين المرأتين أن يجعلا الأصل هو منفعة الدارسات، وتعليمهن كتاب الله عز وجل، وهذا لا يفوت عليهن المكافأة ولا القيام بما رشحت له.

السؤال: تستفسر عن الآية الكريمة في قوله تعالى: وَلِيَبْتَلِيَ اللَّهُ مَا فِي صُدُورِكُمْ وَلِيُمَحِّصَ مَا فِي قُلُوبِكُمْ [آل عمران:154]، والسؤال: ما الفرق بين القلب والصدر؟

الجواب: الظاهر أنه لا فرق بينهما، لكن القرآن الكريم جاء على أوسع ما يكون من البلاغة، فيعبر عن المعنى الواحد بألفاظٍ مختلفة حسب ما تقتضيه البلاغة في اللغة العربية؛ لأن القرآن كما قال الله عز وجل نزل بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:195].

السؤال: هل يعتبر أعمام وأخوال الأب أو الأم من المحارم لي؟ وهل يجوز كشف الوجه أمامهم والسلام عليهم ومصافحتهم؟

الجواب: أعمام الأب أو الأم أعمامٌ لذريتهم، وكذلك الأخوال، فمثلاً: إذا كان هذا الرجل عماً لهذه الأم صار عماً لبناتها، أو عماً لهذا الأب صار عماً لأبنائه وبناته، فكل من كان عماً لأبيك أو لأجدادك فهو عمٌ لك، وكل من كان خالاً لأبيك أو أجدادك فهو خالٌ لك.

السؤال: لقد سمعت وقرأت في كتبٍ شرعية بأن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد الأذان مباشرة جهراً بدعة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم، بالرغم من أن بعض المؤذنين في المساجد أصلحهم الله يفعلون ذلك، فما رأي فضيلتكم في ذلك؟

الجواب: أما فعل المؤذنين الذين يجهرون بالصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بعد الفراغ من الأذان، وكذلك يجهرون بالدعاء المأثور: ( اللهم رب هذه الدعوة التامة )، فهذا لا شك أنه بدعة، ولم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأما إذا قاله الإنسان سراً فلا شك أنه مسنون؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بإجابة المؤذن ثم الصلاة على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ثم دعاء الله تعالى أن يجعل الوسيلة لرسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأخبر عليه الصلاة والسلام أن من فعل ذلك حلت له شفاعته يوم القيامة، أما الجهر بها في المآذن وصلته بالأذان فهذا بدعة.

السؤال: سائل يذكر بأن له خالات كبار في السن قد تصل أعمارهن إلى الخمسين والستين، يقول: هل يجوز لهن الكشف على والدي؟ وهل هن من القواعد من النساء؟

الجواب: لا يحل لهن أن يكشفن لوالدك؛ لأنه لا محرمية بينه وبينهن، لكن هو ذكر عمات وخالات، الخالات أخوات أمه لا علاقة لهن بأبيه، والعمات أخوات أبيه فيكشفن له؛ لأنه أخوهن، وأما أنهن من القواعد، فالمرأة إذا بلغت الخمسين قد تكون من القواعد وقد لا تكون حسب حالها وصحتها، والضابط ما ذكره الله عز وجل في قوله: اللَّاتِي لا يَرْجُونَ نِكَاحًا [النور:60]، يعني: إنها بلغت من السن مبلغاً صارت فيه هزيلة، وزال ماء وجهها، وصارت لا ترجو أن يتزوجها أحد، هذه هي التي ليس عليها جناحٌ أن تكشف وجهها وكفيها لغير المحارم.

السؤال: امرأة توفي زوجها منذ سبع سنوات، ومنذ وفاته وهي ترتدي اللباس الأسود، سواء داخل البيت أو خارج ذلك، وهي تقول: لم ألبس هذه الثياب من قبل، ولكن لشدة حزني عليه لبست الأسودـ، واستمريت في لبسه بعد انتهاء فترة الحداد المفروضة، إلى هذه اللحظة التي أكتب لكم فيها، ونيتي بأن ذلك تجنباً لإظهار الزينة، لأن اللون الأسود ليس فيه لفت الأنظار حسب اعتقادي، لذلك أود من فضيلتكم بيان الحكم الشرعي؟

الجواب: الذي نرى أن هذه المرأة مبتدعة، ولا يحل لها أن تحد أكثر مما جاء به الشرع أربعة أشهر وعشراً إن لم تكن حاملاً، وإلى وضع الحمل إن كانت حاملاً، وحتى المرأة المحادة ليس من شرط الإحداد أن تقتصر على السواد، بل تلبس ما شاءت إلا أنها لا تلبس ثياب الزينة، فنصيحتي لهذه السائلة أن تتقي الله عز وجل، وأن تعود إلى الحياة الطبيعية في ملابسها، وكذلك في الطيب وغيره؛ لأن الشرع حدد مدة الإحداد بأربعة أشهر وعشرة أيام لمن لم تكن حاملاً، وبوضع الحمل لمن كانت حاملاً، وهذه الثياب التي أبقتها سوف تجدد لها الأحزان، كلما أرادت أن تنسى المصيبة جددتها هذه الملابس، فلتتق الله في نفسها، ولتتمشى على ما جاءت به الشريعة، ولتلبس الآن ما شاءت من الثياب.

السؤال: نرجو توضيح معنى الحديث: ( إن الله خلق آدم على صورته )، وهذه الهاء تعود على من؟

الجواب: الهاء تعود على الله عز وجل، أي: أن الله خلق آدم على صورته تبارك وتعالى كما جاء ذلك مفسراً في بعض الروايات: ( على صورة الرحمن )، ولا يلزم من هذا أن يكون مماثلاً لله عز وجل؛ لأن الله قال: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [الشورى:11]، فنقول: إن الله خلق آدم على صورته دون مماثلة، وهذا ليس بغريب، فهؤلاء الزمرة الأولى من أهل الجنة يدخلون الجنة على صورة القمر ليلة البدر بدون مماثلة، فإذا جاز هذا بين المخلوقين فبين الخالق والمخلوق من باب أولى، واعلم أن ما ورد في الكتاب والسنة من صفات الله، فالواجب إجراؤه على ظاهره بدون تمثيل، ولا يحل لنا أن نتصرف فيه بتحريفٍ عن معناه، بل نقول بإثبات المعنى وننفي المماثلة، وبذلك نسلم من الشر، ومن تحريف الكلم عن مواضعه.

السؤال: هل يجوز للمرأة إذا كان بها عذر يوم عرفة أو يوم عاشوراء أن تقضي هذه الأيام بعد أن تطهر؟ وإذا كانت المرأة نفساء في رمضان ثم قضت ما عليها في شوال، ولم يبقَ من شوال سوى يومين، هل لها أن تكمل الستة من شوال في ذي القعدة؟

الجواب: هذا السؤال تضمن شيئين؛ الأول: إذا صادف يوم عرفة المرأة وهي حائض، فهل تقضي هذا إذا طهرت؟ فالجواب: لا؛ لأن هذا مقيدٌ بيومٍ معين، إذا فات فات به، وكذلك عاشوراء، أما الثاني الذي تضمنه السؤال: فهو المرأة يكون عليها قضاء رمضان ولا تتمكن من صوم أيام الست من شوال إلا بعد ذلك، فنقول: هذه يحصل لها الأجر؛ لأن هذه الست تابعة لرمضان، فهي كالرواتب التابعة للصلوات المكتوبة، فنقول: إذا لم تتمكن المرأة من صيام رمضان وستٍ من شوال في شوال فإنها تقضي الست مع قضاء رمضان.

السؤال: كثيراً ما أجد إحراجاً من قبل طلابي في أسئلةٍ كثيرة، فما حكم الإجابة على أسئلتهم إذا كانت خارج المنهج؟

الجواب: الإجابة على أسئلةٍ خارج المنهج، يعني: خارج المقرر لا تلزمك وأنت في الفصل، بل يقال للطالب: لا تسأل إلا عن المقرر فقط؛ لأن السؤال عن غير المقرر تشاغل بما لا يجب عما يجب، أما إذا كان خارج الفصل، يعني: خارج الحصة، فأجبهم بما تعلم، وتوقف عما لا تعلم، وإذا كان السؤال مما لا يليق فأنصح الطالب عن سؤاله، ووجهه إلى ما هو خير.

السؤال: أهل زوجتي يكدرون علي وعلى زوجتي، فما حكم هجرهم وترك زيارتهم؟

الجواب: لك أن تهجرهم وأن لا تزورهم إذا كان في زيارتهم مفسدة عليك، أو إفسادٌ لزوجتك، فلك أن تمتنع من زيارتهم، ولك أن تمنع زوجتك من زيارتهم أيضاً، وإني لأنصح بعض الناس الذين يفسدون بين المرء وزوجه، وأقول: إن فعلهم هذا كفعل السحرة والعياذ بالله، فالواجب الكف عما يكون بين الزوجين، وإذا قدر أن أحد الزوجين تساهل في الواجب عليه، فلينصح دون أن يذكر لصاحبه، فيكون في قلبه غيرة عليه وحقد، والإصلاح واجبٌ بقدر المستطاع، وهو خيرٌ على كل حال.