فتاوى نور على الدرب [711]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم وضع القبة في البيوت؟ وهل صحيح ما ذكر بأن الرسول صلى الله عليه وسلم ترك السلام على من وضع القبة؟

الجواب: القبة على المنازل فنٌ من فنون البناء، والأصل في غير العبادات الحل والإباحة حتى يقوم دليلٌ على المنع، ولا أعلم دليلاً على المنع، اللهم إلا أن تبنى القبة على هيئة كنيسة أو ما أشبه ذلك، فمن هنا يأتي المنع، وأما ما ذكره أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم هجر صاحب البيت الذي فيه القبة فلا أعلمه، ولا أظنه يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولا تعرف القباب في ذلك الوقت.

السؤال: ما حكم نظر الرجل للمرأة الأجنبية في حال التعامل في البيع والشراء؟

الجواب: النظر إلى المرأة الأجنبية محرم سواءٌ حال البيع والشراء أم في حالٍ أخرى لعموم الأدلة، ولا ينبغي أن يتمادى الرجل في مخاطبتها عند البيع والشراء، ولا أن تخضع المرأة بالقول حال بيعها وشرائها مع الرجل؛ لأن الله تعالى قال: فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ [الأحزاب:32]، وأما ما تفعله بعض النساء من كثرة الكلام مع أصحاب الدكاكين والمباسط فهذا خلاف المشروع، وفيه فتنة عظيمة، وكذلك ما نشاهده من بعض الناس يأتي بأهله إلى الخياطين أو نحوهم، ثم يبقى في السيارة، ويطلق المرأة تخاطب الخياط أو صاحب الدكان ولا يسمع ما يجري بينهما، وهذا في الحقيقة من فقد الغيرة في هذا الرجل، وإلا فكيف يسمح لنفسه أن يبقى في السيارة والمرأة تخاطب صاحب الدكان من خياطٍ أو غيره، وكان الأولى به إذا كان ولا بد من حضور المرأة أن يقف معها وهي تخاطب الرجل، على أن هناك حالاً أكمل من هذا وهو أن تطلب المرأة ما تريد شراءه من ولي أمرها من زوجٍ أو غيره، يذهب هو بنفسه بعد أن يأخذ المواصفات من المرأة إلى صاحب الدكان أو الخياط، ويتفق معه على ما وصفته المرأة، وتبقى هي في بيتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أخبر أن بيوت النساء خيرٌ لهن حتى من حضور المساجد، فبيوتهن خيرٌ لهن، أسأل الله تبارك وتعالى أن يجنبنا جميعاً أسباب الشر والفتنة، إنه على كل شيءٍ قدير.

السؤال: هل يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وشعرها مكشوف؟

الجواب: نعم يجوز للمرأة أن تقرأ القرآن وشعرها مكشوف، وذراعاها مكشوفتان، وكذلك القدمان؛ لأنه لا يشترط لقراءة القرآن ما يشترط في الصلاة من السترة.

السؤال: ما الفرق بين الهدي والأضحية والفدية؟

الجواب: الأضحية: هي ما يذبح في أيام عيد الأضحى؛ تقرباً إلى الله عز وجل في عامة البلدان في مكة وغيرها.

والهدي: هو ما يهدى إلى الحرم من الإبل والبقر والغنم، بمعنى: أن يبعث الإنسان بشيء من الإبل أو البقر أو الغنم يذبح في مكة، ويتصدق بها على فقراء الحرم، أو يبعث بدراهم ويوكل من يشتري بها هدياً من إبلٍ أو بقرٍ أو غنم ويذبح في مكة، ويتصدق بها على الفقراء.

ومن الهدي أيضاً: ما يقوم به المحرم المتمتع الذي أتى بالعمرة ثم بالحج، فيلزمه هدي، يكون تقرباً إلى الله عز وجل وشكراً لنعمه حيث يسر له العمرة والحج.

أما الفدية: فهي ما كانت عن ترك واجب، أو فعل محظور، مثاله عن ترك الواجب: أن يترك الإنسان رمي الجمرات فيجب عليه فدية يذبحها في مكة ويوزعها على الفقراء، ومثال فعل المحظور: أن يحلق المحرم رأسه، فعليه فدية من صيامٍ أو صدقةٍ أو نسك، هذا هو الفرق.

السؤال: هل يجوز رمي الجمار في وقتٍ غير وقت السنة، أو بعد المغرب مثلاً للذين يخافون من الزحام أو الاختناق والمزاحمة، وللذين لا يستطيعون؟

الجواب: في أيام التشريق يبتدئ رمي الجمرات من زوال الشمس، بل من دخول وقت صلاة الظهر إلى طلوع الفجر من اليوم التالي، إلا اليوم الثالث عشر فإنه من زوال الشمس إلى غروب الشمس؛ لأن أيام الرمي تنتهي بغروب الشمس ليلة الثالث عشر، فالوقت والحمد لله واسع، نبدأ بجمرة العقبة من طلوع الشمس يوم العيد إلى طلوع الفجر يوم الحادي عشر، ولمن يخشى من الزحام والتعب من آخر ليلة النحر إلى طلوع الفجر من اليوم الحادي عشر هذه جمرة العقبة، والجمرات الثلاث: يوم إحدى عشر واثني عشر وثلاثة عشر لمن تأخر، من الزوال إلى طلوع الفجر من اليوم التالي إلا اليوم الثالث عشر فإنه ينتهي بغروب الشمس.

السؤال: ما صفة الصراط عند المرور عليه؟ وهل ورد له صفة معينة؟

الجواب: الصراط: هو جسر يوضع على النار، يعبر منه المؤمنون إلى الجنة -جعلنا الله وإياكم منهم- يمر الناس به على قدر أعمالهم، إما كلمح البصر، أو كالبرق، أو كالريح، أو كالفرس الجواد، أو كالإبل، ومنهم من يزحف زحفاً، ومنهم من يكردس في نار جهنم، ويعذب بقدر ذنوبه.

أما صفته: فقد ورد أنه أحد من السيف، وأدق من الشعر، وذهب بعض أهل العلم إلى أنه طريقٌ واسع، واستدلوا بقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إنه دحض مزلة )، وهذا لا بد أن يكون واسعاً يسلكه الناس، وليس المهم أن نعرف هل هو واسع أو ضيق، المهم أن نعرف كيف يسير الناس عليه، ولماذا اختلف سير الناس عليه، فبعضهم كلمح البصر، وبعضهم كالبرق، وبعضهم يزحف، وبعضهم يلقى في النار؟

والجواب: أن هذا على حسب أعمالهم في الدنيا، وتلقيهم لشريعة الله، فمن كان مسرعاً لتلقي شريعة الله مسارعاً في الخيرات كان عبوره على الصراط يسيراً خفيفاً سريعاً، ومن كان متباطئاً في شريعة الله وقبولها صار سيره على الصراط كعمله جزاءً وفاقاً.

السؤال: نرجو توجيهاً للمصلين في كيفية الفتح على الإمام عند خطئه في التلاوة خصوصاً أن ذلك يربك الإمام؟

الجواب: الفتح على الإمام في الفاتحة واجب، يعني: لو نسي الإمام آية من الفاتحة، أو كلمة من الفاتحة، أو حرفاً من الفاتحة، وجب على من خلفه أن يفتحوا عليه؛ لأن قراءة الفاتحة ركن من أركان الصلاة، لا تصح الصلاة إلا بها؛ لقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب )، فعليهم أن يفتحوا على الإمام ويردوا عليه، ولكن يكون بهدوءٍ، ويكون الراد واحداً؛ لأنه إذا تعدد الذين يردون عليه اختلفت أصواتهم فلم يفهم الإمام ماذا عليه.

أما في غير الفاتحة فإن كان يحيل المعنى وجب الرد أيضاً، وإن كان لا يحيل المعنى فالأمر فيه سهل إن ردوا فهو أفضل وإن لم يردوا فلا حرج عليهم، وينبغي أن لا يتقدم للإمامة إلا من كان أهلاً لها بحيث يؤدي كلام الله عز وجل على اللسان العربي المبين؛ لأن القرآن نزل بلسانٍ عربيٍ مبين، كما قال عز وجل: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:192-195]، ولا يجب أن يقرأه الإنسان بالتجويد حسب القواعد المعروفة، بل إذا أقام الحروف والكلمات مع الإعراب كفى؛ لأن التجويد ما هو إلا تحسين للقراءة وليس بواجب.

السؤال: كيف يتصرف الإمام في المسجد إذا وجد بعض الأطفال والصغار في الصف الأول، سواءٌ كانوا خلف الإمام مباشرة أم في الأطراف؟ وهل يستجيب لطلب المصلين بإبعادهم إلى الخلف، خاصةً وأنهم مبكرون للصلاة، وبعضهم مؤدب لا يوجد منه ضرر أو تشويش، وأعمارهم بين الثامنة إلى العاشرة؟

الجواب: نعم لا يصنع الإمام شيئاً بل يبقي كل صبي في مكانه، لكن إن خشي من العبث بين الطفلين فإنه يفرق بينهما، وأما طردهم عن الصف الأول أو الصف الثاني أو ما أشبه ذلك فليس بصحيح وليس بصواب، والنبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال: ( ليلني منكم أولوا الأحلام والنهى )، وهذا يعني به حث أولي الأحلام والنهى على التقدم حتى يكونوا يلونه، وهو صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يقل: لا يلني إلا أولو الأحلام، لو قال: لا يلني إلا أولو الأحلام، قلنا: إذا وجد في الصف الأول أطفال فإنهم يبعدون، ولم أعلم عنه أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا رأى طفلاً في الصف الأول أمر بتأخيره.

وتأخير الأطفال فيه مفاسد:

المفسدة الأولى: الإرباك لا سيما إذا كان الأطفال كثيرين.

المفسدة الثانية: تكريه الطفل للمسجد وللصلاة؛ لأن الطفل له شعور، فإذا كان قد تقدم وجلس في الصف الأول يقرأ القرآن، ورأى نفسه أنه متأدب، وأنه أهلٌ لأن يتقدم، ثم بعد ذلك نكسره ونقول: اذهب إلى الوراء.

ثالثاً: أننا إذا أخرناه ثم صار في الصف الأول رجال وأخرنا الأطفال اجتمع الأطفال في صفٍ واحد، وإذا اجتمعوا في صفٍ واحد فسوف يكون منهم عبثٌ أكثر، وتشويشٌ أعظم على المصلين.

رابعاً: أنه إذا كان وليه معه ثم قيل للصبي وهو إلى جنب وليه: ارجع إلى الوراء، فسيكون من وليه نزاع، ويقول: هذا ولدي لا أريد أن يذهب عني، وولدي مؤدب، ولم يأتِ منه شر، وإذا قدر أن الولي ملك نفسه، ولم يتكلم فسكون في قلبه شيء على من أزال ابنه عن جنبه، وقد جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن من سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق به )، هذا الحديث أو معناه، فإذا سبق الصبي إلى مكان وهو مؤدب ولم يحصل منه أذى فلا وجه لتأخيره.

مداخلة: ما السن المناسب الذي يؤخذ الصبي فيه إلى المسجد؟

الشيخ: ما قاله النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( مروا صبيانكم بالصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر ).

السؤال: هل من حرجٍ شرعي إذا كان الإمام يقرأ القرآن في صلاة الفجر أو العشاء بتتابع بدءاً من البقرة إلى نهاية القرآن يقصد بذلك أن يتعاهد القرآن، وأن يسمعه للمصلين على مدار السنة تقريباً، علماً بأنه يحرص على قراءة السجدة والإنسان فجر الجمعة، ويقرأ أحياناً من جزء عم في العشاء تحقيقاً للسنة؟

الجواب: لا أرى هذا؛ لأن ذلك لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، ولم يرد عن أصحابه أيضاً، ولا شك أن هذا الإمام ليس أحرص من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم على أن يسمع الناس جميع القرآن.

ثم هل الذين معه يصلون معه كل يوم من أول القرآن إلى آخره؟ الغالب أو الثابت لا، فقد يصلي أحدهم اليوم في هذا المسجد واليوم الثاني في مسجدٍ آخر، وهكذا فلا يحصل إسماع الجميع جميع القرآن، وعلى كل حال أرى أن لا يفعل الإمام هذا فإذا قصد به التعبد صار من البدع؛ لأن البدع هي التعبد لله تبارك وتعالى بما لم يفعله الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم ولا أصحابه، ويكفي إخواننا أن يقرءوا كما جاءت به السنة.

ثم إن هناك شيئاً آخر يعتاده بعض الأئمة تجده دائماً يقرأ من أواسط السور أو أواخرها، وهذا يقول ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد عن إنه لم يرد عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وعلى هذا فليقرأ الإنسان من المفصل لما في ذلك من راحة المصلين؛ ولأنه إذا كرر المفصل على الناس ربما يحفظونه؛ لأن سوره قصيرة وآياته غالباً قصيرة، فإذا تكرر على المصلين حفظوه، ولهذا تجد كثيراً من العوام يحفظون كثيراً من المفصل بواسطة قراءة الإمام له، ثم إن الإمام إذا قرأ من وسط السورة ولا سيما السور الطوال ربما يوجد تشويش على حافظ القرآن؛ لأنه إذا ابتدأ الآية من وسط السورة ولنقل: من وسط سورة البقرة تجد الإنسان يفكر إلى متى يقرأ، هل سيكمل البقرة فيقرأ جزءاً فأكثر، أو سيقرأ آيات قليلة ويقف، سيبقى السامع الذي قد حفظ القرآن مع نفسه في تشويش متى يركع ومتى ينتهي، فلهذا أرى أن ينتبه إخوتنا الأئمة إلى هذه المسألة وأن يحرصوا على القراءة بالمفصل الذي أوله: ق، وآخره: سورة الناس، يقرأ في الفجر من طوال المفصل، وفي المغرب من قصاره غالباً، وفي الباقي من أوساطه، قال العلماء: طواله من ق إلى عم، وقصاره من الضحى إلى الناس، وأوساطه من عم إلى الضحى.

السؤال: هل يجوز للمرأة الحائض أن تحضر محاضرات نافعة للتعلم في المسجد إذا أمنت التلويث، وتوضأت للتخفيف من الحدث، علماً بأن مدة الحيض تتفاوت من امرأةٍ إلى أخرى، ولربما فاتها خير كثير؟

الجواب: لا يحل للمرأة أن تمكث في المسجد وهي حائض، سواءٌ لاستماع درسٍ أو غيره، وفي عصرنا هذا لا حاجة إلى أن تمكث في المسجد؛ لأن مكبر الصوت والحمد لله يعبر عن كلام المتكلم إلى مدىً بعيد، فلتجلس عند باب المسجد وتستمع إلى ما شاءت، وأما دخول المسجد والمكث فيه فهذا حرامٌ على الحائض.