فتاوى نور على الدرب [679]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل صحيح أن الصالحين والأولياء تنكشف لهم من أسرار القرآن ما لا ينكشف لغيرهم وما ليس بموجود في كتب التفاسير؟

الجواب: ليس هناك أحد مخصوص في فهم القرآن، بل فهم القرآن يكون لكل أحد، لكن كل من كان بالله أعلم وله أتقى كان أقرب إلى فهم القرآن؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْواهُمْ [محمد:17] .

ولما قيل لـعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: هل عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بشيء يعني من جهة الخلافة، قال: لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة، إلا فهماً يؤتيه الله تعالى أحداً من عباده في كتاب الله وما في هذه الصحيفة. قالوا: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، وأن لا يقتل المسلم بالكافر.

لكن هناك أناس يدعون أنهم أولياء، وأنه يفتح لهم في القرآن معانٍ باطنة لا يعرفها أحد، ويجعلون ألفاظ القرآن رموزاً وإشارات لمعانٍ لا تفهم من ألفاظ القرآن بمقتضى اللغة العربية ولا بمقتضى الحقيقة الشرعية، وهم الذين يسمون أنفسهم أهل العلم بالباطن، فهؤلاء لا يقبل قولهم في تفسير القرآن؛ لأنه كذب على الله تبارك وتعالى، هل فسروا كلامه بما لا يدل عليه باللسان الذي نزل به وهو اللغة العربية؟ قال الله تبارك وتعالى: إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ [الزخرف:3]، وقال الله تبارك وتعالى في القرآن الكريم: وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ * نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الأَمِينُ * عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ * بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ [الشعراء:192-195] أي: بلغة عربية فصيحة.

وإنني بهذه المناسبة أحث إخواني ولا سيما طلبة العلم على الحرص على فهم معاني القرآن الكريم؛ لأن القرآن الكريم نزل للتعبد بتلاوته ولتدبر معناه والعمل به، قال الله تبارك وتعالى: كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ [ص:29]. وكثير من طلاب العلم حريصون على فهم السنة التي وردت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بحثاً وتدقيقاً ومراجعة لكلام العلماء، ولكنهم مقصرون في تفسير القرآن وفهمه، وكان الصحابة رضي الله عنهم إذا قرؤوا عشر آيات من كتاب الله لا يتجاوزونها حتى يتعلموها وما فيها من العلم والعمل، فتعلموا القرآن والعلم والعمل جميعاً، إني أكرر الوصية لإخواني طلاب العلم أن يعتنوا بفهم القرآن الكريم، وأن يراجعوا عليه كلام العلماء في تفاسيرهم، وأعني بالعلماء العلماء الموثوق بهم، كتفسير ابن جرير ، وابن كثير ، والقرطبي ، والشوكاني … وما أشبههم، وكذلك تفسير شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله، وإن كان يوجد في مثل تفسير القرطبي بعض الشيء الذي ليس على ما ينبغي، وكذلك يوجد في تفسير ابن جرير آثار ضعيفة، لكن البصير يعرف كيف يتصرف.

مداخلة: ما رأيكم يا شيخ في تفسير البغوي ؟

الجواب: تفسير البغوي جيد، ولا بأس به، لكن أحث إخواني السامعين على مراجعة مقدمة التفسير لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، تكلم عن التفاسير التي مرت به كلاماً جيداً، فلتراجع.

السؤال: هل بسم الله الرحمن الرحيم آية من الفاتحة؟

الجواب: الصحيح أنها ليست من الفاتحة، لكنها آية من كتاب الله عز وجل مستقلة، ويدل لهذا الخبر والعمل.

أما الخبر فقد أخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أن الله تعالى قال: قسمت الصلاة بيني وبين العبد نصفين، فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ [الفاتحة:2]. قال: حمدني عبدي، وإذا قال: الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [الفاتحة:3]. قال: أثنى عليّ عبدي. وإذا قال: مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ [الفاتحة:4]. قال: مجدني عبدي. وإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [الفاتحة:5]. قال: هذا بيني وبين عبدي نصفين، وإذا قال: اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ * صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ [الفاتحة:6-7]. قال: وهذا لعبدي ولعبدي ما سأل )، ولم يذكر البسملة.

وأما العمل فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يجهر بالفاتحة في الصلاة الجهرية ولا يجهر بالبسملة، ولو كانت منها لجهر بها كما يجهر في بقية آياتها.

فالصواب أنها ليست من الفاتحة ولا من غيرها، بل هي آية مستقلة تبتدأ بها السور إلا سورة براءة.

السؤال: ما حكم إطالة الأظافر بالنسبة للنساء؟ هل يجوز ذلك؟

الجواب: إطالة الأظافر للنساء أو الرجال خلاف الفطرة التي فطر الله الناس عليها، وقد وقت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لأمته في الأظافر والشارب والعانة والإبط أن لا تترك فوق أربعين يوماً، هذا صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، إذاً لا تطوّل الأظافر لا بالنسبة للنساء ولا بالنسبة للرجال، بل لا تترك فوق أربعين يوماً.

السؤال: قال الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ [البقرة:165] ، ما هي المحبة المقصودة في الآية؟ هل هي فعل ما أمر الله به وترك ما نهى عنه؟

الجواب: المحبة في القلب، وكل أحد يعرف المحبة والبغض والكراهة، لكن من آثار محبة الله أن يقوم الإنسان بطاعة الله عز وجل طلباً للوصول إليه تبارك وتعالى، فالذين أمنوا أشد حباً لله من هؤلاء الكفار لأصنامهم؛ لأنهم يعبدون الله على بصيرة، أو أنه أشد حباً لله من هؤلاء لله إن كان في قلوب هؤلاء العابدين للأصنام محبة لله عز وجل.

السؤال: توفيت لي ابنة تبلغ من العمر ثلاثة أشهر، وعندما أتيت إلى القبور وجدت جنازة امرأة، فقال لي الحضور: ادفن ابنتك مع هذه مع المرأة في قبر واحد، فدفنتها. هل يجوز ذلك؟

الجواب: الذي مضى لا يسأل عنه، وأرجو الله تعالى أن يحشرهم مع أهل البر والصلاح.

والسنة أن يكون كل إنسان في قبر على حده، اللهم إلا عند الضرورة، كما لو كثر الموتى وقل من يحفر القبور فلا بأس أن يجمع الاثنان أو أكثر في قبر واحد، كما فعل في شهداء أحد رضي الله عنهم، ويقدم إلى القبلة أكثرهم قرآناً.

السؤال: توفيت والدتي التي تسكن في البر مع أولادها، ولم أكن عندها عند الوفاة؛ نظراً لظروف العمل وبعد الموقع، وعندما علمت بنبأ وفاتها ذهبت فوجدتهم قد دفنوها قبل وصولي بيوم، فسلمت وصليت عليها عند القبر ثاني يوم من دفنها، هل يجوز ذلك؟

الجواب: نعم يجوز، يجوز أن يصلي الإنسان على القبر إذا لم يصلي عليه قبل الدفن؛ لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في المرأة التي كانت تقم المسجد حين ماتت في الليل ولم يخبروا النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بذلك، فقال: ( دلوني على قبرها، فدلوه على قبرها، فصلى عليها صلى الله عليه وسلم ) صلى على قبرها.

ولكن لا يصلى على القبر في وقت النهي؛ لأنه ليس هناك ما يوجب هذا، يعني ليس هناك ما يدعو إلى أن يصلى عليه في وقت النهي، إذ من الممكن أن يصلي عليه إذا انتهى وقت النهي.

السؤال: ما هي أركان الإيمان؟ وما حكم الإيمان بها؟

الجواب: أركان الإيمان هي ما أخبر به النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جبريل حين سأله عن الإيمان، فقال: ( أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره ). ومن لم يؤمن بها جميعاً فهو كافر، يعني لو أمن ببعض وكفر ببعض فهو كافر؛ لأن الذي يؤمن ببعض الشريعة ويكفر ببعضها فهو كافر بالجميع، والذي يؤمن ببعض الرسل ويكفر ببعضهم كافر بالجميع، كما قال الله تعالى موبخاً بني إسرائيل: أَفَتُؤْمِنُونَ بِبَعْضِ الْكِتَابِ وَتَكْفُرُونَ بِبَعْضٍ [البقرة:85]. وقال تعالى إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللَّهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا * أُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقًّا [النساء:150-151] ، فبين الله تعالى أن هؤلاء الذين يؤمنون ببعض الرسل دون بعض هم الكافرون حقاً.

فأركان الإيمان إذن ستة: أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره.

فأما الإيمان بالله فأن يؤمن الإنسان بأن الله تعالى حي عليم قادر منفرد بالربوبية وبالألوهية وبأسمائه وصفاته، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ويؤمن بأنه على كل شيء قدير، وأن أمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون.

والإيمان بالملائكة أن تؤمن بهذا العالم من الخلق، وهم أعني: الملائكة عالم غيبي لا نشاهده، إلا إذا أراد الله أن نشاهده لحكمة فهذا يقع، هذا العالم من المخلوقات خلقوا من نور -أعني الملائكة-، وهم مطيعون لله تعالى دائماً، يسبحون الليل والنهار لا يفترون، نعلم منهم جبريل وميكائيل وإسرافيل، أما جبريل فهو موكل بالوحي، يأتي به من الله عز وجل إلى من أوحاه الله إليه، وأما اسرافيل فإنه موكل بالنفخ في الصور، وأما ميكائيل فإنه موكل بالقطر والنبات، ومنهم أي: من الملائكة من وكلوا بحفظ بني آدم، كما قال تعالى لهم: لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ [الرعد:11]. ومنهم من هو موكل بإحصاء أعمال ابن آدم يكتبها عليه، كما قال الله تبارك وتعالى: وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ * إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ * مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ [ق:16-18]. فهم عن أيماننا وعن شمائلنا لكن لا نراهم، وقد يرى الملك بصورة إنسان مثلاً، كما جاء جبريل عليه السلام إلى النبي صلى الله عليه وسلم في صورة رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه أحد من الصحابة، جلس إلى النبي صلى الله عليه وسلم جلسة المتأدب، وأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفيه على فخذيه، ثم سأل النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن الإسلام والإيمان والإحسان والساعة وأشراطها.

والملائكة عليهم الصلاة والسلام صمد لا يأكلون ولا يشربون، وهم عدد لا يحصيهم إلا الله عز وجل، كما جاء في الحديث: ( أطت السماء وحق لها أن تأط، ما من موضع أربع أصابع إلا وفيه ملك قائم لله أو راكع أو ساجد ). وأخبر النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن البيت المعمور أنه يدخله كل يوم سبعون ألف ملك ثم لا يعودون إليه، وهذا يدل على كثرتهم العظيمة.

الإيمان بالله وكتبه، الإيمان بكتب الله، هذا الركن الثالث من أركان الإيمان، كتب الله المنزلة نعرف منها التوراة والإنجيل والزبور وصحف إبراهيم وموسى، وخاتمها القرآن الكريم المنزل على محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

ورسله: جمع رسول، وهم الذين أرسلهم الله تبارك وتعالى إلى البشر، وهم من بني آدم، يلحقهم من العوارض الجسدية ما يلحق بني آدم، وهم أفضل من بني آدم بما أعطاهم الله من النبوة والأخلاق والشمائل، نعرف منهم عدداً كبيراً، ومنهم من لم نعلم لم يقصه الله علينا، لكن يكفينا الإجمال أن نؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله، ومن علمناه بعينه آمنا به بعينه.

اليوم الآخر: هو يوم القيامة، وسمي آخراً لأنه لا يوم بعده، قال شيخ الإسلام رحمه الله: ويدخل في الإيمان باليوم الآخر كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم مما يكون بعد الموت، كفتنة القبر وعذابه أو نعيمه؛ لأن كل من مات فقد قامت قيامته، انتهى، انتقل إلى اليوم الآخر، ويدخل في ذلك الإيمان بما يكون في ذلك اليوم من حشر العالم كلهم في صعيد واحد، يسمعهم الداعي، وينفذهم البصر، وما ذكر في ذلك اليوم من الميزان وحوض النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصراط المنصوب على جهنم والجنة والنار وغير ذلك مما جاء به القرآن وصحت به السنة.

والقدر خيره وشره: القدر يعني تقدير الله عز وجل، والله تبارك وتعالى قدر كل شيء، قال الله تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2] . ومراتب القدر أربع:

الأولى: أن تؤمن بعلم الله تعالى المحيط بكل شيء جملة وتفصيلاً، فإن الله تعالى عالم بكل شيء كان أم لم يكن، لا يخفى على شيء في الأرض ولا في السماء، قال الله تعالى: وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ [الأنعام:59] .

المرتبة الثانية: الكتابة، فإن الله تعالى كتب في اللوح المحفوظ مقادير كل شيء إلى قيام الساعة، ودليل ذلك: أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاءِ وَالأَرْضِ إِنَّ ذَلِكَ فِي كِتَابٍ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحج:70]، وقال تعالى: مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الأَرْضِ وَلا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ [الحديد:22]. فما كتب في اللوح المحفوظ فلابد أن يقع كما جاء في الحديث: ( جفت الأقلام، وطويت الصحف ).

المرتبة الثالثة: أن تؤمن بعموم مشيئة الله عز وجل، وأنه ما في الكون من موجود ولا معدوم إلا بمشيئة الله، فهو الذي يحي ويميت، ويعز ويذل، ويؤتي الملك من يشاء، وينزع الملك ممن يشاء، حتى أفعالنا نحن كائنة بمشيئة الله.

المرتبة الرابعة: الإيمان بخلق الله أي بأن الله تعالى خالق كل شيء، وأن له مقاليد السماوات والأرض، حتى أعمال العباد مخلوقه لله عز وجل، قال الله تعالى: وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا [الفرقان:2]، وقال تعالى: وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ [الصافات:96].

هذه المراتب الأربعة لابد من الإيمان بها، فمن نقص منها مرتبة واحدة لم يتم إيمانه بالقدر.

وقوله: خيره وشره: إذا قال قائل إذا كان القدر من الله كيف يكون فيه شر؟! فالجواب: أن الشر ليس في تقدير الله، ولكن فيما قدره الله أي في المقدورات، أما قدر الله لها بالشر فإنه لحكمة بالغة، وبهذا الاعتبار يكون خيراً.

السؤال: هل يجوز لمن نوى السفر أن يترخص برخص السفر قبل أن يغادر البنيان، أم أنه يشترط في ذلك الخروج من حدود البنيان؟

الجواب: نعم، يشترط لذلك الخروج من حدود البينان، ولا يترخص المسافر برخص السفر إلا إذا خرج من البلد وإن كانت قريبةً، حتى ولو لم يكن بينه وبين حدود البلد إلا مسافة قصيرة فإنه يقصر ويفطر في رمضان، لكن في مسألة الجمع لو كان الإنسان سيسافر في رحلة لا يمكنه أن يصلي الصلاة في وقتها فهنا له أن يجمع قبل أن يسافر، لكنه يجمع ولا يقصر؛ وذلك لأن الجمع أوسع من القصر، القصر ليس له إلا سبب واحد وهو السفر، والجمع له أسباب كثيرة، ولها ضابط يحيط بها وهو المشقة، فمتى شق على الإنسان أن يصلي كل صلاة في وقتها فله الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء؛ ولهذا يجوز الجمع للمرض وللمطر الذي يبل الثياب وللوحل في الأسواق ولغير ذلك من الأسباب التي لو لم يجمع شق عليه، ففي صحيح مسلم رحمه الله: أن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ( جمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء في المدينة من غير خوف ولا مطر، قالوا: ما أراد إلى ذلك؟ قال: أراد أن لا يحرج أمته ).


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع