فتاوى نور على الدرب [664]


الحلقة مفرغة

السؤال: ما حكم مصافة الطفل في الصف الغير مميز -أقل من خمس سنوات-؟ وإذا كان لا يجوز فهل يعتبر قاطعاً للصف؟ وإذا كان قاطعاً للصف هل على الإمام أن يؤخره إلى مؤخرة المسجد؟ أفيدونا حفظكم الله، حيث إن ذلك يكثر عندنا في المساجد. مأجورين.

الجواب: تضمن هذا السؤال مسألتين:

المسألة الأولى: مصافة هذا الصبي الذي لا يميز: وجوابها: أن مصافته لا تصح؛ لأن صلاته لا تصح، ومن لا تصح صلاته لا تصح مصافته.

وعلى هذا فلو كان رجلان تقدم أحدهما ليكون إماماً وتأخر الثاني مع هذا الطفل الذي لم يميز فإنه يعتبر مصلياً منفرداً لا تصح صلاته، ويجب عليه أن يصف مع الإمام.

أما المسألة الثانية: فهو قطع الصف، فلا يعتبر وقوف هذا الطفل قاطعاً للصف؛ لأن مسافته قصيرة، فلا يكون قاطعاً للصف.

لكن ينبغي لأولياء الأمور ألا يأتوا بمثل هذا الطفل الصغير؛ لأنه يشغلهم أو يشغل المصلين، فإما أن يعبث حال وجوده في الصف فيشغل من حوله، وإما ألا يعبث ولكن يشغل ولي أمره، نعم إن دعت الضرورة إلى ذلك، مثل ألا يكون في البيت أحد مع هذا الطفل الصغير، أو ليس معه إلا أطفال لا يعتمد الإنسان على حفظهم له، ويخشى وليه أن يعبث هذا الطفل بنار أو غيرها، هذه ضرورة لا بأس أن يحضره، ولكن عليه أن يكف أذاه عن المصلين.

السؤال: يلاحظ من بعض الناس أنه عندما يريد الانصراف من المسجد يقوم بالسلام على الإمام أو المأمومين، وقد يكون ذلك قبل أن يتم قراءة الذكر الذي يقال عقب الصلاة، ما حكم ذلك؟ أرجو توضيح ذلك وفقكم الله لتعم الفائدة. وهل فعله في بعض الأحيان طيب لتأليف القلوب؟

الجواب: أما إذا سلم عند الانصراف من المسجد فلا أرى في هذا بأساً، وإن كنت لا أعلم أن في ذلك سنة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، لكن عموم الأدلة في مشروعية السلام عند الانصراف قد تدخل فيه هذه المسألة.

وأما ما يفعله بعض الناس من أنهم إذا سلموا من الصلاة جعلوا يسلمون على الإمام وهم جلوس من غير انصراف فهذا بدعة وليس بمشروع؛ لأنه ليس له سبب، والسلام من الصلاة كاف عن هذا.

السؤال: ما صحة هذا الحديث: ( إن لله في كل يوم وليلة مائة وعشرين رحمة، تنزل على هذا البيت ستون للطائفين، وأربعون للمصلين، وعشرون للناظرين إليها ). أي: إلى الكعبة؟

الجواب: هذا لا يصح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، والنظر إلى الكعبة ليس بعبادة، بل النظر إلى الكعبة إن قصد الإنسان بذلك أن يتأمل هذا البناء المعظم الذي فرض الله على عباده أن يحجوا إليه، وأزداد بهذا التفكير إيماناً صار مطلوباً من هذه الناحية، وأما مجرد النظر فليس بعبادة.

وبهذا يتبين ضعف قول من يقول: إن المصلي يسن له إذا كان يشاهد الكعبة أن ينظر إليها دون أن ينظر إلى موضع سجوده، فإن هذا القول ضعيف؛ لأنه ليس عليه دليل؛ ولأن الناظر إلى الكعبة والناس يطوفون حولها لا بد أن ينشغل قلبه، والسنة للمصلي أن ينظر إلى موضع سجوده، إلا في حال التشهد فإنه ينظر إلى موضع إشارته -أي إلى إصبعه وهو يشير بها-، وكذلك الجلوس بين السجدتين فإنه يشير بإصبعه عند الدعاء فينظر إليه.

السؤال: هل الخضر عليه السلام ما ورد فيه من الأحاديث صحيح إلى يومنا هذا؟ وهل هو حي؟

الجواب: أما كونه حياً فلا، ليس بحي؛ لأنه لو كان حياً لوجب عليه أن يؤمن بالرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأن يجاهد معه، ولم يكن شيء من ذلك.

فـالخضر كغيره من البشر مات في وقته فيما يظهر لنا، وكذلك ليس الخضر بنبي، وإنما هو رجل آتاه الله تعالى علماً لا يعلمه موسى عليه الصلاة والسلام؛ لأن موسى عليه الصلاة والسلام قال: إنه لا أحد في الأرض أعلم منه، فأراه الله عز وجل هذه الآية: أن موسى عليه الصلاة والسلام وإن كان لديه علم كثير من شريعة الله فإنه قد يفوته شيء من المعلومات الأخرى.

السؤال: أدركت الإمام في الركعة الثانية من صلاة الظهر، وبعد سلام الأمام، وبدلاً من أن أقوم وآتي بالركعة الأولى التي فاتتني سهوت وسلمت مع الإمام، ولكن حالاً تذكرت بأن علي ركعة ويجب الإتيان بها، وقمت وأتيت بالركعة، وجلست للتشهد، ثم سجدت سجدتي سهو، ثم سلمت.

السؤال: هل عملي هذا صحيح؟

الجواب: أما الصلاة فصحيحة، وأما العمل فالأفضل أن يكون سجود السهو بعد السلام؛ لأنه ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: صلى في أصحابه إحدى صلاتي العشي -إما الظهر وإما العصر- وسلم من ركعتين، فنبه على ذلك، فتقدم صلى الله عليه وسلم وصلى الركعتين الباقيتين، ثم سلم، ثم سجد سجدتين، ثم سلم ). فدل هذا على أن من سلم قبل تمام صلاته ثم ذكر عن قرب وأتمها فإنه يجب عليه سجود السهو، وأن محله يكون بعد السلام، أما لو طال الفصل ولم يتذكر إلا بعد طول فصل فإنه يجب عليه أن يعيد الصلاة من أولها، ولا يسجد للسهو.

السؤال: رجل يداه مقطوعتان لا يستطيع الغسل فيهما، هل يسقط عنه الغسل في مثل هذه الحالة إذا لم يجد العذر؟ وكذلك إذا أراد أن يقرأ من المصحف هل له أن يضعه على رجليه؟

الجواب: إذا كانت اليدان المقطوعتان قد قطعتا من فوق المرفق فإن غسلهما يسقط، وأما إذا قطعتا من مفصل المرفق فإنه يجب عليه أن يغسل بطرف العضد، وإذا كانتا قد قطعتا من نصف الذراع مثلاً فإنه يجب عليه أن يغسل ما بقي من الذراع مع المرفق.

فهذه ثلاثة أحوال:

الحالة الأولى: أن يكون القطع من فوق المرفق مما يلي العضد فلا يجب عليه أن يغسل شيئاً.

الثانية: أن يكون القطع من المرفق فيجب عليه أن يغسل رأس العضد.

الثالثة: أن يكون القطع من نصف الذراع مثلاً، فيجب عليه أن يغسل ما بقي من الذراع مع المرفق.

أما مس المصحف فإنه لا بأس أن يضع الرجل المصحف على فخذيه وهو جالس ويقرأ منه.

السؤال: ما حكم التثاؤب أثناء الصلاة؟ وهل حقاً التثاؤب من فعل الشيطان؟

الجواب: التثاؤب هو من الشيطان، صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وينبغي للإنسان إذا تثاءب سواء في الصلاة أم خارج الصلاة ينبغي له أن يكظم تثاؤبه ما استطاع، فإن عجز فليضع يده على فمه سواء في الصلاة أو في خارج الصلاة.

السؤال: هل يجوز أن يدعو الإنسان لنفسه بالتوفيق للزواج من فتاة ويذكر اسمها بقلبه؟

الجواب: نعم، يجوز للإنسان أن يسأل الله تعالى أن ييسر له التزوج بفتاة معينة، ولا حرج عليه في ذلك، ولكني أنصح هذا وأمثاله من أن يتعلق قلبه بها تعلقاً تخشى منه الفتنة.

السؤال: إذا كان الإنسان قد فاته الكثير من الصلوات المفروضة في الماضي، ويقوم الآن بقضاء ما يتيسر له من دون أن يصلي السنن، طبعاً هذا بسبب ضيق الوقت؛ للعمل من أجل ألا يتعب، ومع العلم -يقول- بأنه مصاب بمرض الدسك في الظهر؛ لذلك لا يستطيع الوقوف طويلاً.

الجواب: أولاً: لا بد أن نفصل في هذه المسألة، هذه الصلوات التي فاتته إن كانت لغير عذر فإن القول الراجح أن قضاءها لا ينفعه ولا يفيده، وعليه فلا يقضيها، ولكن يكثر من العمل الصالح الذي يمحو الله به ما حصل منه من سيئات.

أما إذا كانت قد فاتته لعذر -مثل أن ينسى أو ينام ثم لا يقضي ظناً منه أنه إذا خرج الوقت فإنه لا قضاء- فحينئذ يقضيها مرتبة، يبدأ مثلاً بصلاة اليوم الأول، ثم بصلاة اليوم الثاني، ثم بصلاة اليوم الثالث... وهكذا.

أما السنن فهي سنن -على السنة- إن فعلها الإنسان فهو خير، وإن تركها فلا شيء عليه.

السؤال: أرجو من فضيلة الشيخ أن يحدد لنا أوقات النهي بالساعات، وهل يجوز قضاء النوافل في أوقات النهي كالوتر مثلاً؟

الجواب: أوقات النهي لا يمكن تحديدها بالساعات كلها؛ لأنها من طلوع الفجر إلى أن ترتفع الشمس قيد الرمح، ارتفاع الشمس قيد الرمح يكون بعد طلوعها بنحو ثلث ساعة أو ربع ساعة.

عند الزوال -يعني: وسط النهار- تقدر بنحو خمس دقائق إلى عشر دقائق قبل الزوال.

في آخر النهار من صلاة العصر إلى غروب الشمس. هذه أوقات النهي، ولا يجوز أن يتنفل الإنسان فيها نفلاً لغير سبب؛ كأن يقوم يتطوع بدون سبب، فهذا محرم؛ لأن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه، وإذا فعل لم تصح صلاته ولم تقبل منه، بل إن كان متعمداً فهو آثم، وإن لم يكن متعمداً فلا إثم عليه، لكنه لا ثواب له؛ لأنه صلى في غير وقت الصلاة.

أما النوافل ذوات الأسباب فإنه لا بأس بها في أوقات النهي، مثل أن يدخل المسجد بعد صلاة العصر فيصلي تحية المسجد، أو يدخل إنسان بعد صلاة العصر قد فاتته الصلاة فيقوم ويصلي معه يتصدق عليه بذلك فلا بأس، أو تكون استخارة في أمر يفوت قبل انتهاء وقت النهي فيصلي الاستخارة فلا بأس.

وأما قضاء الوتر فلا يقضى في أوقات النهي؛ لأنه -أعني: الوتر- يمكن أن يقضى في غير أوقات النهي، فليس هناك ضرورة ملجئة إلى أن يقضيه في وقت النهي.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع