خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [641]
الحلقة مفرغة
السؤال: سائلة تقول: أنها مرضت ثم نامت في المستشفي لعدة أيام، وعند خروجها أخذت معها ما يقارب من أربعين كوباً زجاجياً وأشياء أخرى معها ولم تكن تعلم بحكم عملها هذا، وانتقلت من منطقتها إلى منطقة أخرى، فماذا يجب عليها؟ هل تقوم بإرجاع ذلك أم تتصدق بثمنها؟ مأجورين.
الجواب: أرجو أن لا يكون على هذه المرأة إثم فيما أخذت من الأكواب الزجاجية حيث ظنت أن أخذها لا بأس به، لكن يجب عليها أن تردها إلى المستشفى سواء انتقلت عن البلد الذي كانت فيه أم بقيت فيه؛ لأن هذا حق لآدمي، وحق الآدمي لابد من إيصاله إليه أو استئذانه منه، وعلى هذا فيجب عليها أن ترد هذه الكؤوس التي أخذتها إلى المستشفى الذي أخذتها منه.
السؤال: فضيلة الشيخ! ما نصيحتكم لطالب علم اجتهد في إصلاح نيته واجتهد في الإخلاص ولكنه لم يقدر، وهو خائف من أن تصدق عليه الأحاديث الواردة في الوعيد الشديد لمن كانت نيته ليست خالصة لله، ويوشك أن يترك طلب العلم؟ وجهونا في ضوء هذا السؤال مأجورين.
الجواب: فإن هذا السؤال سؤال مهم لطالب العلم، وذلك أن العلم عبادة من أفضل العبادات وأجلها وأعظمها، حتى جعله الله تعالى عديلاً للجهاد في سبيله، حيث قال تبارك وتعالى: وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ [التوبة:122] فأخبر سبحانه وتعالى أنه لا يمكن للمؤمنين أن ينفروا في الجهاد في سبيل الله كلهم، ولكن ينفر من كل فرقة طائفة ليتفقه القاعدون في دين الله ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون، والآخرون يقاتلون في سبيل الله.
وقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( من يرد الله به خيراً يفقه في الدين )، فإذا رأى الإنسان أن الله تعالى قد فقهه في دينه فليبشر أن الله تعالى أراد به خيراً.
ويجب إخلاص النية لله في طلب العلم بأن ينوي الإنسان في طلبه للعلم أولاً امتثال أمر الله تبارك وتعالى، لأن الله تعالى قال: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ [محمد:19] قال البخاري رحمه الله: فبدأ بالعلم قبل القول والعمل.
ثانياً: أن ينوي بتعلمه حفظ شريعة الله، فإن الشريعة تحفظ في الصدور وتحفظ في الكتاب المسطور.
ثالثاً: أن ينوي بتعلمه حماية شريعة الله عن أعدائها؛ لأن أعداءها مسلطون عليها منذ بعث الرسول عليه الصلاة والسلام إلى قيام الساعة، فلينوي بطلب العلم حماية هذه الشريعة العظيمة.
رابعاً: أن ينوي بذلك المدافعة عن الشريعة إذا هاجمها أحد، وحينئذ يجب أن يتعلم من العلم السلاح الذي يدافع به، بل ينبغي أن نقول: الذي يهاجم به أعداء الله، ويعامل كل أحد بالسلاح الذي يناسب حاله، والناس يختلفون في هذا الشيء، فمن الناس من يحاج في العقيدة فيحتاج الإنسان إلى تعلم العقيدة التي يدافع بها العقائد الفاسدة، ومن الناس من يهاجم الإسلام بالأخلاق السافلة فيجب على الإنسان أن يتعلم الأخلاق الفاضلة وأن يتعلم مساوئ الأخلاق السافلة وآثارها السيئة، وهلم جرا.
كذلك أيضاً: ينوي طالب العلم بطلبه العلم أن يقيم عبادة الله على ما يرضي الله عز وجل؛ لأن الإنسان بدون التعلم لا يمكن أن يعرف كيف يعبد الله لا في وضوئه ولا صلاته ولا صدقته ولا صيامه ولا حجه، وأيضاً يدعو إلى الله سبحانه وتعالى بعلمه، فيبين الشريعة للناس ويدعوهم إلى التمسك بها.
فالعلم في الحقيقة من أفضل العبادات وأجلها وأعظمها نفعاً، ولهذا تجد الشيطان حريصاً على أن يصد الإنسان عن العلم، فيأتيه مرة بأنه إذا طلب العلم يكون مرائياً لأجل أن يراه الناس ويقولوا: إنه عالم فيستحسر ويقول: مالي وللرياء، أو يقول له: انو بطلبك العلم الشرعي شيئاً من الدنيا حتى يحق عليك الوعيد: ( من طلب علماً مما يبتغي به وجه الله لا يريد إلا أن ينال عرضاً من الدنيا لم ير رائحة الجنة )، ويأتيه بالأشياء الكثيرة التي تصده عن العلم، ولكن على المرء أن يستعيذ بالله من الشيطان الرجيم وأن يمضي لسبيله ولا يهتم بهذه الوساوس التي تعتري قلبه، وكلما أحس بما يثبطه عن العلم بأي وسيلة فليقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وليقل اللهم أعني وما أشبه ذلك.
وأقول لهذا الطالب: امض لسبيلك، اطلب العلم، لا يصدنك الشيطان عن ذكر الله ولا عن طلب العلم واستمر وأنت سوف تلاقي صعوبة ومشقة في تصحيح النية ولكن تصحيح النية أمر سهل، فامض أيها الشاب في سبيلك واستعن بالله عز وجل واستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
السؤال: كيف يكون حال الإنسان عندما يريد أن يعمل شيئاً من الطاعات؟ هل يكون في قلبه أنه يريد رضا الله عز وجل أم الفوز بالجنة والنجاة من النار أم إبراء الذمة؟ وهل عليه أن يتذكر الإخلاص عندما يريد فعل أي شيء؟ أفتونا مأجورين.
الجواب: أما إرادة الإخلاص فلابد منها، أن يريد بعبادته وجه الله لا سواه.
وأما هل يريد إبراء الذمة أو النجاة من العذاب أو حصول الثواب أو رضا رب العباد؟ فإنه ينوي كل هذا، وهو إذا نوى هذه كلها فلا منافاة بينها، يمكن أن ينويها كلها فينوي رضا الله وينوي فضل الله وينوي النجاة من عقاب الله وينوي إبراء الذمة، ولقد قال الله تبارك وتعالى في وصف النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه: تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا [الفتح:29] فجمعوا بين الأمرين: بين نية فضل الله تبارك وتعالى بثوابه والوصول إلى دار كرامته ونية الرضوان رضوان الله سبحانه وتعالى.
السؤال: ما أفضل وسيلة يرشد إليها فضيلتكم لتحصيل الإخلاص والبعد عن كل ما ينقص من ثواب الأعمال؟ وهل من توجيه فضيلة الشيخ؟
الجواب: الوسيلة التي تنجي من هذا هو الاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم والاستعانة به على طاعته، وأن لا يلتفت الإنسان إلى هذه الوساوس التي يلقيها الشيطان في قلبه، فإن الشيطان يلقيها ليفسد عليه عبادته وإرادته فلينبذها وراء ظهره ولا يلتفت إليها، وربما يجد صعوبة في تصحيح النية، ولكن إذا استمر وصبر فالعاقبة للمتقين. لقد قال بعض السلف: ما جاهدت نفسي على شيء مجاهدتها على الإخلاص. لكنه نجح، فإذا استمر الإنسان في عمله واستعاذ بالله من الشيطان الرجيم واستعان به على طاعة الله وصبر وصابر فإن الله تعالى ينجيه، قال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [آل عمران:200].
السؤال: سائلة تقول: ما حكم التلفظ بآيات من القرآن الكريم شفهياً عند النوم أو غير ذلك وهي على جنابة أو حيض يا شيخ؟
الجواب: إذا كان الإنسان على جنابة فإنه لا يقرأ القرآن إلا إذا اغتسل، لكن لو دعا بأدعية من القرآن قاصداً الدعاء دون التلاوة فلا بأس، مثل لو قال: رَبَّنَا لا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ [آل عمران:8]، رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ [البقرة:201]، رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالإِيمَانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ [الحشر:10] وهو يريد بذلك الدعاء دون التلاوة فلا حرج.
السؤال: ما حكم خروج زوجة الأب على زوج ابنته؟
الجواب: لا يجوز لزوجة الأب أن تخرج على زوج ابنته من غيرها؛ لأنه لا محرمية بينهما، فهي منه أجنبية.
السؤال: هل يجوز للمرأة أن تقصر من شعرها وأظافرها وغيرها خلال أيام العشر بحيث أن الحكم يمشي على الزوج بصفته المضحي عن أهله؟
الجواب: خلاصة هذا السؤال: أنه إذا دخلت عشر ذي الحجة وأراد الإنسان أن يضحي فإنه لا يأخذ من شعره ولا من بشرته ولا من ظفره شيئاً، فهل هذا الحكم يتناول أهل البيت؟ بمعنى: أن الزوجة لا تأخذ من شعرها وبشرتها وظفرها شيئاً وكذلك بقية العائلة؟
والجواب: لا، فللمضحى عنه من الزوجات والأولاد بنين وبنات والأمهات وكل مَنْ في البيت ممن يضحي عنهم قيم البيت لهم أن يأخذوا من شعورهم وأظفارهم وأبشارهم؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( وأراد أحدكم أن يضحي ) ولم يقل أو يضحى عنه، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته ولم يرد أنه يقول لهم امتنعوا من أخذ ذلك، ولو كان امتناعهم واجباً لبينه الرسول صلى الله عليه وسلم.
السؤال: ما حكم الخروج من مزدلفة بعد الساعة الواحدة والنصف ليلاً لرمي جمرة العقبة خوفاً من الزحام الشديد؟
الجواب: لا بأس بذلك، إذا غاب القمر -وهو لا يغيب إلا إذا مضى أكثر الليل في ليلة العاشر- فإنه لا بأس أن يدفع من مزدلفة إلى منى ليرمي جمرة العقبة، لكن إذا كان الإنسان قوياً لا يشق عليه الزحام فإنه يبقى حتى يصلي الفجر ويدعو الله تعالى بعد الصلاة ثم ينصرف قبل أن تطلع الشمس إلى منى، والذين يرخص لهم أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل لهم أن يرموا إذا وصلوا منى ولو قبل الفجر، وأما حديث النهي عن رميها -أي رمي جمرة العقبة حتى تطلع الشمس- ففي إسناده نظر.
السؤال: هل تحية دخول المسجد الحرام صلاة ركعتين أم الطواف؟
الجواب: المسجد الحرام كغيره من المساجد من دخل ليصلي أو ليستمع الذكر أو ما أشبه ذلك من الإيرادات فإنه يصلي ركعتين كغيره من المساجد، لعموم قول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين ).
أما مَنْ دخل ليطوف كإنسان معتمر دخل ليطوف طواف العمرة أو ليطوف تطوعاً فهنا يغني الطواف عن ركعتي تحية المسجد؛ لأنه إذا طاف فسوف يصلي ركعتين بعد الطواف.
السؤال: هل صيام يوم عرفة مكفر للكبائر؟
الجواب: ظاهر قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( إنه يكفر السنة التي قبله والتي بعده ) لكن كثير من العلماء رحمهم الله قالوا: إنه لا يكفر الكبائر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن ما لم تغش الكبائر ). قالوا: فإذا كانت الصلاة المفروضة وهي أفضل أعمال البدن لا تكفر إلا إذا تركت الكبائر فغيرها من باب أولى، وعلى هذا فنقول: صيام يوم عرفة يكفر السنة التي قبله والتي بعده بالنسبة للصغائر فقط، أما الكبائر فلابد فيها من توبة مستقلة.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |