فتاوى نور على الدرب [625]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل يجوز للزوج أن يمنع زوجته من صلة أرحامها؟

الجواب: لا يحل للزوج أن يمنع الزوجة من صلة أرحامها؛ لأن صلة الرحم واجبة, والقطيعة من كبائر الذنوب, ولا طاعة لمخلوق في معصية الخالق, إلا إذا كانت صلتها لأقاربها تتضمن ضرراً على زوجها, مثل: أن يكون الأقارب أهل شر وفساد ونميمة فيفسدوا بين المرأة وزوجها فحينئذٍ له أن يمنعها منهم، أي: من زيارتهم وصلتهم, ويمكن أن يقال: الصلة ليست خاصة بالزيارة ربما تصلهم بالهدايا أو غيرها مما يؤلف قلوبهم ويوجب المحبة, على كل حال ليس للزوج أن يمنع امرأته من صلة رحمها الصلة المعروفة, إلا إذا كانت صلتها لأقاربها تتضمن ضرراً عليها أو عليه فله أن يمنع ذلك.

السؤال: أيهما أفضل للمسلم الذي أنعم الله عليه, هل يقوم ببناء المساجد أم يتصدق على الفقراء والمساكين والمحتاجين, وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

الجواب: ينظر إلى أيهم أحوج, فإذا كان في الناس مسغبة شديدة يحتاجون إلى المال فالصدقة عليهم أفضل؛ لأن فيها فك رقاب, وأما إذا كان الناس في خير وهم محتاجون إلى المساجد فالمساجد أفضل، فينظر أيهما أحوج أن تبنى المساجد أو أن يتصدق على الفقراء, فدفع الحاجة مقيد بالشدة, كلما كان الناس أشد حاجة إلى الشيء كان بذل المال فيه أفضل, على أن المساجد فيها مزية, وهي أنها من الصدقة الجارية؛ لأن أجرها يستمر ما دام الناس ينتفعون بها.

السؤال: السائلة تقول: أمي تعتبرني مقصرة في عدم حفظي للقرآن الكريم, ولكنني دائماً أقرأ والحمد لله, ولكن لا يوجد من يقوم بتشجيعي على الحفظ, فهل علي إثم في ذلك, مع أنني والحمد لله ملتزمة بالحديث الذي ما معناه إذا صلت امرأة خمسها وصامت شهرها وحصنت فرجها وأطاعت زوجها قيل: لها أدخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت؟

الجواب: السؤال يعني أن أمها تلومها تقول: ليش ما تحفظ القرآن.

أقول: إذا كانت المرأة لم تقصر في تعهد القرآن حفظاً عن ظهر قلب أو قراءة بالنظر فلا إثم عليها, ويقال للأم: ما دامت الزوجة مطيعة لله عز وجل ولرسوله, قائمة بما يجب عليها من حقوق الأقربين وحقوق الزوج فلا لوم عليها, ولا ينبغي أن تلومها في عدم حفظها للقرآن, وحفظ القرآن قد يكون صعباً على بعض الناس, لاسيما المرأة المتزوجة التي تكون مشغولة بزوجها وشئون بيتها.

السؤال: يوجد في البيت أخو زوجي, وهو متزوج أيضاً وله أولاد, ونحن نأكل سوياً، وسؤالي: هل يجوز ذلك مع أننا والحمد لله نلبس الشارب أو الجلباب نسميه, ولكن لا نلبس الشرابات لما في ذلك من الحرج, حيث إن المطبخ هناك ونحتاج كثيراً للدخول عليه, ويأتي إخوة زوجي لزيارة أهلهم, فهل يجوز لنا ذلك الفعل وهو أن نكشف عن وجوهنا مع العلم بأن زوجي أصغر الإخوان, وسوف يظل يسكن مع أهلة دائماً، وجهونا في ضوء هذا السؤال؟

الجواب: أوجه هذه السائلة أنه لا يجوز لها أن تكشف وجهها لإخوان زوجها؛ لأن أخوان زوجها ومن كان في الشارع على حد سواء, كلهم ليسوا من محارمها, فلا يحل لها أن تكشف وجهها لأخوان زوجها أبداً, ولا يحل لهم أن يجلسوا جميعاً على مائدة واحدة؛ لأن ذلك يستلزم كشف الأكف, وكشف الوجوه, ولكن يكونوا في حجرة واحدة لا بأس والنساء في جانب والرجال في جانب, أما أن يكونوا جميعاً على سماط واحد, فإن ذلك لا يجوز، وهذه العادات التي توجد من بعض الناس عادات سيئة، مخالفة لهدي السلف الصالح, فعلينا أن نقتدي بمن سبقنا بالإيمان لقول الله تبارك وتعالى: وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ [التوبة:100].

السؤال: يقول: ما هي أسباب قسوة القلب, والعلاج في ذلك مأجورين؟

الجواب: أسباب قسوة القلب الإعراض عن الله عز وجل, والبعد عن تلاوة القرآن, واشتغال الإنسان بالدنيا, وأن تكون الدنيا أكبر همه, ولا يهتم بأمور دينه؛ لأن طاعة الله تعالى توجب لين القلب ورقته ورجوعه إلى الله تبارك وتعالى, ودواء ذلك بالإقبال على الله, والإنابة إليه, وكثرة ذكره, وكثرة قراءة القرآن, وكثرة الطاعات بحسب المستطاع, نسال الله لنا ولإخواننا أن يلين قلوبنا لذكره, وأن يعمرها بطاعته إن الله على كل شي قدير.

السؤال: فضيلة الشيخ! المسلم الذي يريد أن يدعو إلى الله عز وجل على علم وبصيرة ورفق ولين, ما هي الصفات التي يجب أن تتوفر في هذا الشخص؟

الجواب: الصفات التي يجب أن تتوفر هي الحلم والأناة, وأن يكون قلبه منشرحاً للناس, وأن يجعل ثواب الآخرة نصب عينه, وأن يتصف بما قال الله تبارك وتعالى: ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ * وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ [فصلت:34-35].

والمسألة هنا, أعني: كون الإنسان حليماً ذا أناة وسعة, تنقسم إلى قسمين: قسم غريزي يجبل الله العبد عليه, وقسم آخر مكتسب, يكون بالتمرن, فإذا تمرن الإنسان على مثل هذه الأمور حصل على خير كثير.

السؤال: هل ضيق الصدر وانشراحه عقب صلاة الاستخارة ليس له علاقة بالإقدام على الأمر أو عدم الإقدام عليه؟

الجواب: نعم, إذا استخار الإنسان ربه في شيء وانشرح صدره له فهذا دليل على أنه هو الذي اختاره الله تعالى, وأما إذا بقي متردداً فإنه يعيد الاستخارة مرة ثانية وثالثة, فإن تبين له وإلا استشار غيره, ثم ليمض فيما هو عليه ويكون ما قدره الله له هو الخير إن شاء الله.

السؤال: تخرجت من الثانوية, ولكنني قد غشيت في بعض المواد الإنجليزية, وأنا الآن على مشارف الجامعة ماذا يلزمني في ذلك؟ هل يلزم التوبة في مثل هذه الحالة؟

الجواب: نعم، يلزم عليك التوبة إلى الله عز وجل, وأن لا تعود لمثل هذا, وذلك لأن الغش في الامتحان في أي مادة, يعتبر غشاً كما هو لفظه, وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( مَنْ غش فليس منا ). فعليك أن تتوب إلى الله، وادخل الجامعة الآن مع التوبة, واستمر في مجانبة الغش, وإذا قدر لك شهادة جامعية بدون غش فإن الله سبحانه وتعالى يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات.

السؤال: شاب خطب فتاة وعقد عليها وهو خاطبها بدبلة, وليس بعقد شرعي فما رأيكم بهذا العمل؟

الجواب: رأينا أن العبرة بالعقد, فإذا عقد عليها عقداً شرعياً كان نكاحه صحيحاً, وذلك أن يكون العقد بولي, وأن يحضره شاهدان عدلان, وأن تعين الزوجة عند العقد, وأن ترضى بذلك, فيقول الولي للخاطب: زوجتك بنتي فلانة, ويقول الخاطب: قبلت هذا النكاح, وبذلك يتم النكاح ويكون عقداً صحيحاً، أما الدبلة فهذه إن كان يصحبها اعتقاد بأن المرأة إذا لبست الخاتم المكتوب عليه اسم زوجها كان ذلك سبباً لبقائها معه فإن هذا عقيدة فاسدة باطلة, ولا يجوز للإنسان أن يحمل هذا الفكر السيئ, وإذا كان مجرد خاتم معهود لكن الزوج لا يتولى إلباسه المخطوبة فلا بأس بذلك.

السؤال: ما الحكم في لباس المرأة الشرعي, حيث إن هناك أخوات يتركن الوجه مكشوفاً ويقلن: بأن الرسول صلى الله عليه وسلم عندما دخلت عليه أسماء أعرض عنها, وقال: لها المرأة إذا بلغت المحيض لا يظهر منها إلا الوجه والكفين, هل هذا الحديث صحيح أم لا؟

الجواب: هذا الحديث ليس بصحيح, وهو حديث ضعيف سنداً وضعيف متناً, وفيه انقطاع أيضاً, فلا يجوز أن يكون حجة تثبت به أحكام شرعية مهمة كهذا الحكم, وليس من المعقول أن تدخل عليه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنها بثياب رقيقة يرى من ورائها الجلد, وهي مَنْ هي في دينها وعقلها, والمدخول عليه هو مَنْ هو؟ هو رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, فنقول: إن هذا الحديث باطل متناً وضعيف سنداً وليس بحجة.