فتاوى نور على الدرب [610]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل يجوز أن نصلي صلاة التراويح كل أربع ركعات بسلام، وهل هذا موافق للسنة؟

الجواب: لا يجوز للإنسان أن يصلي صلاة التراويح أربع ركعات بتسليمة واحدة؛ لأن هذا خلاف هدي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم، فقد قال صلى الله عليه وسلم حين سئل عن صلاة الليل قال: ( مثنى مثنى ) يعني: أن وضعها الشرعي أن تكون مثنى مثنى بدون زيادة، ولهذا قال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله: إذا قام إلى ثالثة يعني: في التطوع في الليل فكأنما قام إلى ثالثة في الفجر، أي: كما أنه لو قام إلى ثالثة في صلاة الفجر بطلت صلاته، فكذلك إذا قام إلى ثالثة في صلاة التهجد فإنه تبطل صلاته إن كان متعمداً، وإن كان ناسياً رجع متى ذكر، وسلم وسجد سجدتين للسهو، وقد ظن بعض الناس أن هذا أعني جمع أربع ركعات بتسليمة واحدة هو ما دل عليه حديث عائشة رضي الله عنها حين سئلت: ( كيف كانت صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في رمضان؟ فقالت: كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشر ركعة، يصلي أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلى أربعاً فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثاً ) فظن بعض الناس أن قولها: يصلي أربعاً تعني: بسلام واحد، وليس الأمر كذلك؛ لأنه قد ثبت عنها هي نفسها أنه كان يصلي إحدى عشر ركعة؛ يسلم من كل اثنتين، وعلى هذا يكون معنى قولها: يصلي أربعاً، ثم يصلي أربعاً، أي: أنه يصلي أربعاً بتسليمتين، ثم يستريح بعض الشيء، ثم يستأنف فيصلي أربعاً بتسليمتين، ثم يستريح بعض الشيء، ثم يصلي ثلاثاً، فمجمل كلامها يفسره مفصله، لكن يستثنى من ذلك الوتر، إذا أوتر بثلاث فإنه يجوز أن يسلم من الركعتين، وأن يأتي بالثلاث كلها بتسليمة واحدة، وتشهد واحد، وإذا أوتر بخمس فإنه يسردها جميعاً بتشهد واحد، وتسليم واحد، وإذا أوتر بسبع فكذلك، وإذا أوتر بتسع فإنه يسرد ثمانياً ثم يجلس في الثامنة، ويتشهد ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة، ويتشهد ويسلم، فهذا مستثنى، وعلى هذا فلو قام في غير ما استثني لو قام إلى الثالثة، ثم ذكر -ولو كان قد قرأ الفاتحة- فإنه يرجع ويجلس للتشهد، ويتشهد ويسلم، ثم يسجد للسهو بعد السلام.

السؤال: سجود السهو هل حكمه في صلاة الفرض والنافلة واحد؟

الجواب: نعم، سجود السهو فيما يوجبه وفي محله لا فرق فيه بين الفريضة والنافلة.

السؤال: هل للربح حد معين في البيع والشراء؟

الجواب: ليس للربح حد معين في البيع والشراء ما دام السوق كله قد ارتفع السعر فيه، والإنسان قد يشتري السلعة بمائة مثلاً، ثم يرتفع السعر طفرة واحدة إلى مائتين، فيبيع بمائتين، فهنا ربح مائة بالمائة، وأما إذا كان يزيد في الربح والسوق راكد لكنه أراد أن يتضرر الناس، أو كان يزيد في السعر لكون المشتري غريراً لا يعرف الأسعار فهذا حرام عليه، ولا يحل له أن يبيع بأكثر مما يبيع به الناس، قد يقول بعض الباعة: أنا لو أذكر السعر المحدد لقام المشتري يماكسني لينزل من السعر، فنقول: لا بأس حينئذٍ أن تزيد في السعر إذا كنت تظن أنه سيماكسك، لكن إذا لم يماكسك فلابد أن تقول له السعر الذي كان في السوق، فمثلاً: إذا جاءك الرجل يشتري سلعة قيمتها مائة فقلت بمائة وعشرين ظناً منك أنه سوف يماكسك حتى تنزل إلى المائة، لكن الرجل لم يماكس، وقبلها بمائة وعشرين، ففي هذه الحال يجب عليك أن تقول له: اصبر، أنا قلت لك بمائة وعشرين؛ لأني ظننت أنك مثل كثير من الناس الذين يماكسون حتى ينزلوا السعر، وما دمت لم تماكس فإن القيمة الحقيقية مائة، فحينئذٍ لا بأس، ويكون هذا دليلاً على صدق معاملته مع الناس وبيانه للواقع، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( البيعان بالخيار، فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما محقت بركة بيعهما ).

السؤال: هناك البعض من الرجال يحلفون بالطلاق ويقولون مثلاً: عليّ الطلاق أن تفعل كذا وكذا، فهل في هذه الحالة تكون الزوجة طالقاً أم لا، علماً بأنه لم يذكر الاسم أو اسم الزوجة، وهذه حجة من يقول هذا القول، نرجو الإفادة؟

الجواب: أقول: إن الحلف بالطلاق أمر محدث، وهو وقوع في مخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت ) فإذا قال الرجل: علي الطلاق لأفعلن كذا وكذا، ولم يفعله، أو قال لامرأته: إن لم تفعلي كذا فأنت طالق فلم تفعله، فأكثر العلماء على أن الطلاق يقع، ولا يمين عندهم في الطلاق في مثل هذه الصيغة، وذهب بعض أهل العلم إلى أن مثل هذه الصيغة يمكن أن تكون للطلاق، وأن تكون لليمين على حسب نية المطلق، فإذا قال: قلت لزوجتي: إن فعلت كذا فأنت طالق أقصد بذلك تأكيد منعها، وتهديدها بالطلاق إن فعلت ففعلت، فإننا في هذه الحال نقول: عليك كفارة يمين، وهي على التخيير: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو تحرير رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاث أيام، وإن قال: أردت الطلاق حقيقة، وأن المرأة إذا خالفتني لم يعد لي فيها رغبة فحينئذٍ يكون طلاقاً معلقاً متى وقع فيه الشرط وقع الطلاق؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل أمري ما نوى ).

السؤال: هناك البعض من الناس يخرجون من بلادهم لطلب الرزق في البلاد الأحسن وهم المغتربون، والواحد يكون بعيداً عن زوجته فترة طويلة ثلاث أو أربع سنوات، فهل هناك حق يسأله الله عز وجل عن أولاده؟

الجواب: إذا كانت غيبته عن أولاده وأهله تستلزم ضياعهم فإنه لا شك مسئول عن ذلك؛ لقول الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ [التحريم:6] ولقول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته ) ولا يصح تمسكه بأنه يريد بذلك طلب الرزق؛ لأنه يريد طلب الرزق لأهله لكن يضيعهم في الآداب والأخلاق والتوجيه، وأما إذا غاب هذه الغيبة وكان عند أهله من يقوم بواجب تربيتهم كالعم والأخ، ولم تطالب الزوجة بحقها في رجوعه إليها فإنه لا بأس به ما دام آمنا على أولاده وأهله.

السؤال: هل لبس الثياب البيضاء وارد في السنة؟

الجواب: الألوان في الثياب كلها جائزة ما عدا الأحمر الخالص فإن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نهى عنه، لكن اللباس الأبيض أفضل من غيره، ولا بأس أن يعدل الإنسان عنه إلى لباس شيء ملون بلون آخر، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يلبس الحلة الحمراء، يعني: التي كانت تشكلها بالأحمر، وأعلامها أي: الخطوط التي فيها حمر.

السؤال: ما حكم القطرة التي توضع في العين بالنسبة للصائم هل تفطر؟

الجواب: القطرة التي توضع في العين في حال الصيام لا تفطر حتى لو وجد طعمها في حلقه فأنها لا تفطر؛ وذلك لأن العين ليست منفذاً، أي: لم تجر العادة بأن الإنسان يأكل من عينه، أو يدخل الطعام إلى بدنه من عينه، ولهذا يفرق بين وضع الدواء في العين حتى يصل إلى الحلق، وبين أن يضع الدواء في الأنف حتى يصل إلى الحلق أو إلى المعدة؛ لأن الأنف منفذ ينفذ منه الطعام بخلاف العين، ولهذا قال أهل العلم رحمهم الله: إن الإنسان لو وطئ على شيء حاد فأحس بطعمه في حلقه فإنه لا يفطر، فيقال: وكذلك إذا كحل عينه بكحل حاد ووجد طعمه في حلقه فإنه لا يفطر، وهذا القول هو القول الراجح الذي اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهو المطابق لما تقتضيه الأدلة الشرعية.

السؤال: إذا كانت المرأة طبيعة حيضها خمسة أيام، وزادت هذه المدة إلى عشرة أيام عند استخدامها لإحدى وسائل منع الحمل، فهل ما زاد على خمسة أيام يعتبر من الحيض أم لا، وهل لها أن تصلي رغم نزول الدم بعد اليوم الخامس؟ أفيدونا بذلك.

الجواب: أولا نقول: إن استعمال هذه الحبوب لمنع الحيض أو منع الحمل أمر غير مرغوب فيه، وهو من الناحية الطبية مضر، وإذا كان كذلك فإنا ننصح أخواتنا بعدم استعمال هذه الحبوب، ومن مساوئ هذه الحبوب أنها توجب اضطراب العادة على المرأة فتوقعها في الشك والحيرة، وكذلك توقع المفتين في الشك والحيرة؛ لأنهم لا يدرون عن هذا الدم الذي تغير عليها أهو حيض أم لا، وعلى هذا فنقول: إنه إذا كان من عادتها أن تحيض خمسة أيام، واستعملت الحبوب التي لمنع الحمل ثم زادت عادتها فإن هذه الزيادة تبع الأصل، بمعنى: أنه يحكم بأنه حيض ما لم تتجاوز خمسة عشر يوماً، فإن تجاوزت خمسة عشر يوماً صارت استحاضة، وحينئذٍ ترجع إلى عادتها الأولى التي هي خمسة أيام.

السؤال: ما حكم الزوجة التي ترفع صوتها على الزوج في أمور حياتهم الزوجية؟

الجواب: إن رفع صوتها على زوجها من سوء الأدب؛ وذلك لأن الزوج هو القوام عليها، وهو الراعي لها، فينبغي أن تحترمه وأن تخاطبه بالأدب؛ لأن ذلك أحرى أن يؤدم بينهما، وأن تبقى الألفة بينهما، كما أن الزوج أيضاً يعاشرها كذلك، فالعشرة متبادلة، قال الله تبارك وتعالى: وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا [النساء:19] فنصيحتي لهذه الزوجة أن تتقي الله عز وجل في نفسها وزوجها، وألا ترفع صوتها عليه، لا سيما إذا كان هو يخاطبها بهدوء وخفض الصوت.

السؤال: مجموعة من الأشخاص يشتركون في جمعية في آخر كل شهر يستلم كل شخص بمبلغ من المال يسمونها الجمعية، فما رأيكم هل هذا يعتبر ربا أم حلال؟ أرجو من فضيلتكم إيضاح ذلك.

الجواب: صورة المسألة فيما نعلم عن هذه الجمعية أن يكون هناك جماعة موظفون يعطون كل واحد منهم ألف ريال من الراتب مثلاً، فيعطون رقم واحد، كل واحد منهم يعطيه ألف ريال، فإذا قدرنا أنهم عشرة صار هذا الواحد يأخذ في أول شهر عشرة آلاف ريال، راتبه وتسعة من زملائه، ثم في الشهر الثاني يكون هذا للثاني إلى أن يتم العشرة، وهذا جائز ولا إشكال في جوازه، وهو من التعاون على البر والتقوى، ومن سد حاجات الإخوان، وليس هذا من باب: ( كل قرض جر منفعة فهو ربا )؛ لأنه لم يجر للمقرض شيئاً، إذ أنه لم يأته أكثر مما أقرض، فهو أقرض تسعة آلاف كل شهر ألف، وسيأخذ منهم تسعة آلاف فقط، وأما كونه انتفع باجتماع العشرة آلاف في أول شهر عنده فهو حق كل إنسان يقرض شخصاً ثم يستوفي منه سوف يحصل له الشيء مجموعاً في آن واحد، ولا يضر، وعلى كل حال هذه المعاملة جائزة ولا إشكال فيها.

مداخلة: وقد يتفقون بأن يكون هذا الأول، وهذا الثاني، وهذا الثالث، وقد يضعون قرعة في اختيار الأول.

الشيخ: أي نعم، هم إذا اتفقوا على أن فلان هو الأول، وفلان هو الثاني، فالأمر واضح، وإذا اقترعوا فإنهم في الشهر الثاني لا يدخلون الأول معهم في القرعة لأنه قد أخذ حقه.