فتاوى نور على الدرب [567]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل ترك الأذان الأول في الجمعة أولى إذا كان لا يحصل منه فائدة حيث إن العادة عندنا في بلادنا بأن الفاصل بين الأذانين لا يجاور خمساً أو سبع دقائق ويقوم المصلون فيصلون بين الأذانين ركعتين يعتقدون بأنها سنة للجمعة أفتونا بهذا مأجورين؟

الجواب: هذا العمل الذي ذكره السائل عن أهل بلده ليس هو العمل المشروع، إذ إن الأذان الأول في صلاة الجمعة يكون بينه وبين مجي الإمام فترة؛ لأن أمير المؤمنين عثمان بن عفان لما سنه للمسلمين سنه من أجل أن يأتي إلى المسجد من كان بعيداً منه، فإنه إنما سنه رضي الله عنه حين اتسعت المدينة وكثر أهلها رأى بثاقب فقهه أن يؤذن أذان أول سابق على الأذان الذي يكون عند حضور الإمام، فلو جعل بينه وبين الأذان الذي يكون عند حضور الإمام فترة طويلة يتمكن بها الناس البعيدون من الحضور لكان أولى، يعني: لو جعل بين الأول والثاني نحو ساعة أو ساعة وعشر دقائق أو ساعة إلا عشر دقائق كان هذا أولى وأرفق بالناس حتى ينتبهوا للجمعة ويتأهبوا لها ويحضروا إليها قبل مجيء الإمام، هذا هو الأفضل، أما ما ذكره عن بلاده فلا أعلم له أصلا.

السؤال: إذا أصابت رجلي أو يدي نجاسة فغسلتها فهل أبقى على طهارتي بذلك أم أن النجاسة نقضت وضوئي؟ جزاكم الله خيراً.

الجواب: النجاسة لا تنقض الوضوء، فإذا أصاب الإنسان نجاسة فإن وضوءه باق ولكن يغسل هذه النجاسة، وبهذه المناسبة أود أن أنبه إلى أن جميع الخارج من البدن لا ينقض الوضوء إلا البول والغائط، فأما الدم إذا خرج من الأنف أو إذا خرج من جرح أو نحو ذلك فإنه ليس بنجس ولا ينقض الوضوء سواء كان قليلا أم كثيراً.

السؤال: هل قول العقيدة الطحاوية أو العقيدة الواسطية فيه شيء فقد ذكر لي أحد الزملاء بأن ذلك لا يجوز؛ لأنه يخالف السنة والتوحيد؟ ولماذا لا يقال: عقيدة المسلمين أو عقيدة أهل السنة مثلا أرجو توضيح ذلك بالتفصيل مأجورين؟

الجواب: نعم لا حرج أن يقال: العقيدة الواسطية أو العقيدة الطحاوية؛ لأنها من باب نسبة المصنف إلى مصنفه، وليس المراد بذلك عقيدة الطحاوي أو عقيدة ابن تيمية رحمه الله، المراد العقيدة التي كتبها الطحاوي والعقيدة التي كتبها شيخ الإسلام رحمه الله إجابة لأحد قضاة واسط، ولا حرج في ذلك، ونظيرها سورة البقرة مثلاً ما هي سورة البقرة هي سورة ذكرت فيها البقرة، ولهذا لما كان الحجاج يقول: السورة التي تذكر فيها البقرة، السورة التي تذكر فيها النساء بدلاً عن سورة البقرة والنساء ردوا عليه فقالوا: إن النبي صلى الله عليه وسلم سماها سورة البقرة وكذلك سماها الصحابة وسموا سورة النساء وما أشبه ذلك، المهم أن أنه ليس المراد بذلك عقيدة الطحاوي المراد العقيدة التي كتبها الطحاوي وهي عقيدة المسلمين وكذلك العقيدة الواسطية.

السؤال: أنا طالب وكثيراً ما أذاكر ليلاً إلى الفجر ثم أنام بعد الشروق، وأحياناً أصحو وقد بقي على العصر حوالي عشر دقائق مما لا يكفي في بعض الأحيان للاغتسال وقضاء الحاجة فهل يشرع لي في مثل هذه الحالة أن أجمع الظهر مع العصر جمع تأخير فقد قرأت بأن النبي صلى الله عليه وسلم جمع في المدينة مرة دون عذر فلما سأل ابن عباس عن ذلك قال: أراد ألا يحرج أمته؟ أفتونا بذلك.

الجواب: أما قول القائل: إنه سمع عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم جمع في المدينة مرة من غير عذر فهذا ليس بصحيح، فالوارد في الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: جمع في المدينة من غير خوف ولا مطر، فنفى شيئا معيناً وهو الخوف والمطر، فدل ذلك على أن الرسول صلى الله عليه وسلم يجمع للخوف ويجمع للمطر لكن ابن عباس سئل عن ذلك فقال: أراد ألا يحرج أمته، وهذا دليل على أنه لا يجوز الجمع إلا إذا كان في تركه حرج، وأما إذا لم يكن في تركه حرج فالواجب أن يصلي الصلاة في وقتها بدون تأخير وبدون تقديم، وما ذكره السائل عن نفسه فإنا ننصحه أن يغير هذا، وأن يصلي الصلاة في وقتها وإني أظن أنه لو كان له موعد مع صاحب له في وقت الظهر ما نام عن هذا الموعد أو في وقت العصر ما نام عن هذا الموعد، فليستعن بالله عز وجل وليكن حازماً نشيطاً في أداء عبادة الله، وليجعل عنده منبهاً ينبهه إما ساعة رنانة وإما شخصاً يوكله فيقول: أيقظني في الساعة الفلانية.

السؤال: من مات وعليه دية هل يمكن مطالبة الأولياء بذلك وهل يجب عليهم الأداء؟

الجواب: الدية إن كانت عوضاً عن مقتول عمداً فهي عليه هو فتكون في تركته بعد موته؛ لأنها دين عليه، وإن كانت الدية من قتل خطأ أو شبه عمد فإنها على عاقلته سواء كان حياً أو ميتاً.

السؤال: يقول السائل: ما هو السر من تغسيل الميت؟

الجواب: السر في ذلك أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أمر بذلك فقال في النساء الآتي يغسلن ابنته: ( اغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك أن رأيتن ذلك )، وأمر به أيضا في قصة الرجل الذي وقصته ناقته وهو واقف في حجة الوداع فقال صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( اغسلوه بماء وسدر )؛ ولأنه يغسل من أجل أن ينظف فيقدم على ربه عز وجل وهو في غاية النظافة، ولهذا قال الرسول عليه الصلاة والسلام للنساء اللاتي يغسلن ابنته: ( ثلاثا أو خمسا أو سبعا أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك )، يعني: متى ما دعت الحاجة إلى الزيادة على السبع فإنه يزاد على السبع ولكن يقتصر بذلك على الوتر بمعنى أن تكون الغسلة الأخيرة وتراً.

السؤال: القاتل عمدا أو خطأ إذا دفع الدية وقبل الأولياء هل تبرأ ذمته من الدم؟

الجواب: تبرأ ذمته من الدم في الحياة الدنيا لا شك في ذلك؛ لأنه أدى ما عليه، أما بالنسبة للمقتول فإن تاب توبة نصوحاً خالصة فأرجو من الله تعالى أن الله تعالى يتحمل عنه بالنسبة للمقتول ويعطي المقتول جزاءً على ما فاته من الدنيا لعموم قول الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70] فذكر في هذه الذنوب العظائم قتل النفس، وظاهر الآيات العموم، وأن الله تعالى يكفر عنه بتوبته الصادقة فيتحمل عنه تبارك وتعالى ما وجب للمقتول من الحق، وقال بعض العلماء: بل إن حق المقتول يكون باقياً فيؤخذ من حسنات القاتل لكنه قول مرجوح؛ لأنه مخالف لظاهر الآية، وإذا كان المستدين إذا استدان شيئاً يريد الأداء أدى الله عنه أي: يسر له الأداء في الدنيا أو أداه عنه في الآخرة فهذا مثله إذا تاب الله عليه.

السؤال: كم مقدار الفدية بالكيلو لمن لم يستطع الصوم؟

الجواب: قال العلماء: إنه يطعم عن كل يوم مسكيناً وإطعام المسكين عن كل يوم إما أن يغديه أو يعشيه، وإما أن يعطيه مداً من الرز أو من البر، وأما الكيلو فيختلف؛ لأن بعض الحبوب أثقل من بعض فلا يمكن تحديده بالكيلو لهذا الاختلاف، لكن الفقهاء رحمهم الله قدروا الصاع النبوي بالمثاقيل إلا أنهم قالوا: إن هذا باعتبار البر الرزين أي الجيد.

السؤال: طلق أبي أمي ثلاث مرات متقطعة في كل مرة يقول لها: لو حصل كذا أو كذا فأنت طالق ثم يردها بشهادة شهود ثم كانت المرة الثالثة أي الطلقة الثالثة ويريد أن يراجعها قبل أن تكتمل العدة فهل يجوز له مراجعتها خلال فترة العدة أم أنها حرمت عليه منذ وقوع الطلاق ولا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره؟

الجواب: أحيل الجواب على هذا السؤال إلى القاضي عندهم في مكة أو إذا كان في بلدهم.

السؤال: هل يجوز للمطلقة الخروج من البيت لقضاء حاجاتها أو الزيارة لأحد من الأقارب خلال فترة العدة أم أنها بحكم الأرملة لا يجوز لها الخروج حتى تنقضي العدة؟

الجواب: القول الراجح أن المرأة المطلقة إذا كان الطلاق رجعياً فهي كالزوجة التي لم تتطلق أي: أن لها أن تخرج إلى جيرانها أو أقاربها أو إلى المسجد لسماع المواعظ أو ما أشبه ذلك، وليست كالتي مات عنها زوجها وأما قوله تعالى: لا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلا يَخْرُجْنَ [الطلاق:1] فالمراد بالإخراج المفارقة يعني: لا تفارق البيت وتخرج وتسكن في بيت آخر وكذلك لا تخرجوهن منه حتى تسكن في بيت آخر، وأما الخروج لمجرد الزيارة فهذا لا بأس به، وعلى هذا فالخروج نوعان: خروج مفارقة بمعنى: أنها تخرج من البيت إلى بيت آخر فهذا لا يجوز سواء خرجت بنفسها أو أخرجت منه.

والثاني خروج لعارض وترجع فهذا لا بأس به.