يوم عرفة والأيام العشر
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
يوم عرفة والأيام العشرقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ لِرَبِّكُمْ عزَّ وجلَّ فِي أَيَّامِ دَهْرِكُمْ نَفَحَاتٍ، فَتَعَرَّضُوا لَهَا، لعله أن يصيبَكم نَفْحَةٌ منها فلا تَشْقَوْنَ بعدها أبدًا»[1].
والله عز وجل يخلق ما يشاء ويختار، فاختار من خلقه أشخاصًا وأزمانًا وأمكنةً جعل لها من الفضل ما لم يجعل لغيره، فخلق البشر وجعل أفضلهم الأنبياء والرسل وأفضل الأنبياء والرسل؛ أولي العزم، وفضَّل مكة على سائر بقاع الأرض وفضَّل بعض الأشهر على سائرها، وعلى المسلم أن يتحين هذه الأزمنة المباركة وهذه النفحات الطيبة التي اختص الله تعالى بها هذه الأيام.
ومن هذه الأزمنة المباركة عشر ذي الحجة ومنها يوم عرفة؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما مِنْ أيامٍ العملُ الصالحُ فيهنَّ أحبُّ إلى اللهِ مِنْ هذهِ الأيامِ العشرِ»، فقالوا: يا رسولَ اللهِ ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ؟ فقال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ: «ولا الجهادُ في سبيلِ اللهِ إلا رجلٌ خرجَ بنفسِهِ ومالِهِ فلمْ يرجعْ مِنْ ذلكَ بشيءٍ»[2]، وقال صلى الله عليه و سلم: « ما مِن أيَّامٍ أعظَمُ عِندَ اللهِ ولا أحَبُّ إليه مِن العَمَلِ فيهنَّ مِن هذه الأيَّامِ العَشرِ، فأكثِروا فيهنَّ مِن التَّهليلِ والتَّكبيرِ والتَّحميدِ»[3].
فعلى المسلم أن يحرص على اغتنام مواسم الخير فإنها تنقضي بسرعة وليقدم لنفسه عملًا صالحًا يجد ثوابه عند الله، فهذه المواس؛ مواسم الطاعات تضاعف فيها الحسنات وتكفر فيها السيئات.
فضائل يوم عرفة:
1- أحد الأيام المعلومات التي يُذكر فيها الله؛ قال تعالى: ﴿ وَيَذْكُرُوااسْمَاللَّهِفِيأَيَّامٍمَّعْلُومَاتٍ ﴾ [الحج: 28].
2- وأحد الأيام التي أقسم الله بها في كتابه، قال تعالى: ﴿ وَالْفَجْرِ *وَلَيَالٍعَشْر ﴾ [الفجر: 1-2].
3- وهو اليوم الذي أكمل الله فيه الدين وأتَّم علينا النعمة ، ففيه نزل قول الله تعالى:
﴿ الْيَوْمَأَكْمَلْتُلَكُمْدِينَكُمْوَأَتْمَمْتُعَلَيْكُمْنِعْمَتِيوَرَضِيتُلَكُمُالْإِسْلَامَدِينًا ﴾ [المائدة: 3].
4- صيام يوم عرفة يكفِّر سنتين، قال صلى الله عليه و سلم: «صِيَامُ يَومِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ علَى اللهِ أَنْ يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتي قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتي بَعْدَهُ»[4].
5- يوم مغفرة الذنوب والعتق من النا، قال صلى الله عليه وسلم: «ما من يومٍ أكثرُ من أن يعتِقَ اللهُ فيه عبيدًا من النَّارِ من يومِ عرفةَ ، وأنه لَيدنو، ثم يباهي بهم الملائكةَ فيقول: ما أراد هؤلاءِ ؟ اشهَدوا ملائكتي أني قد غفرتُ لهم»[5].
ولنحذر في هذا اليوم وفي كل يوم من المعاصي؛ كالكذب والغيبة والنميمة فكيف نطمع في العتق من النار ونحن مصرُّون على الذنوب؟
وكيف نرجو المغفرة وفي نفس الوقت نبارز الله – تعالى - بالمعاصي في هذا اليوم العظيم؟
6- يباهي الله أهل السماء بأهل الأرض، قال صلى الله عليه و سلم:"إنَّ اللهَ تعالى يُباهِي ملائِكتَهُ عشِيَّةَ عرَفةَ بأهلِ عرَفةَ، يقولُ: انظُروا إلى عبادِي، أتوْنِي شُعْثًا غُبْرًا"[6].
هذا اليوم لا يُوَفَّق له إلا من وفَّقَه الله.
ينبغي أن يُعرف لهذا اليوم فضله فيستثمره الناس في الدعاء سواء كانوا من الوقوف بعرفة أَم غيرهم.
الدعاء عام لمن كان حاجًّا أو غير حاجّ.
-عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (خيرُ الدعاءِ دعاءُ يومِ عرفةَ وخيرُ ما قلتُ أنا والنبيونَ مِن قبلي لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له له الملكُ وله الحمدُ وهو على كلِّ شيءٍ قديرٌ)[7]
[1] رواه الطبراني في الكبير عن محمد بن مسلمة برقم: 2398، وحكم عليه السيوطي بالضعف، وكذلك الشيخ الألباني في "ضعيف الجامع الصغير وزيادته" برقم: 1917، وكذلك في "الضعيفة" برقم: 3189.
[2] "عارضة الأحوذي" (2/ 215)، صحيح.
[3] "مسند أحمد" (7/ 224)، إسناده صحيح.
[4] "صحيح مسلم" (1162).
[5] "صحيح الترغيب" (1154)، أخرجه مسلم (1348) باختلاف يسير.
[6] "صحيح الجامع" (1868).
[7] رواه الترمذي ( 3585 ) وحسَّنه الألباني في "صحيح الترغيب" (1536).