خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [552]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل طلاق السكران يقع؟
الجواب: اختلف العلماء رحمهم الله في طلاق السكران هل يقع، والمراد بالسكران الذي لا يدري ما يقول من أجل سكره، فقال بعض أهل العلم أنه لا يقع طلاق السكران؛ لأنه لا يدري ما يقول فهو يتكلم بلا قصد وبلا روية، وإذا نفذنا طلاقه لزم من ذلك تحريم زوجته عليه وحلها لغيره، وقد قال الإمام أحمد رحمه الله: كنت أقول بوقوع طلاق السكران حتى تبينته، فتبين أنني إذا قلت بوقوع طلاق السكران أتيت خصلتين: أحللتها لغيره وحرمتها عليه، وإذا لم أقل بوقوعه أتيت خصلة واحدة وهي تحليلها لزوجها. وقال بعض أهل العلم: يقع طلاق السكران؛ لأن سكره هذا سكر محرم غير معذور به، فيقع عليه الطلاق زيادة في عقوبته.
والقول الأول أظهر من حيث النظر، لكن لو كثر هذا في الناس، أي: كثر السكر فيهم بالطلاق، فرأى الحاكم الشرعي تنفيذ هذا الطلاق وإيقاعه فتلك سياسة عمرية، ساس عمر بها الناس في الطلاق الثلاث حين كان الطلاق الثلاث في عهد النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعهد أبي بكر رضي الله عنه وسنتين من خلافة عمر رضي الله عنه طلاق الثلاث واحدة، فلما أكثر الناس منه وهو حرام قال عمر رضي الله عنه: أرى الناس قد تعجلوا في أمر كانت لهم فيه أناة، فلو أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم، ومنع من طلق ثلاثاً من الرجوع إلى زوجته.
وإنني بهذه المناسبة أود أن أوجه نصيحة لإخواني المسلمين الذين ابتلوا بشرب الخمر أن يتقوا الله عز وجل، وأن يعلموا أن الخمر أم الخبائث ومفتاح كل شر، وأن من شربها في الدنيا لم يشربها في الآخرة، وأن الإنسان إذا ابتلي بها فقد يطلق نساءه ويتلف أمواله ويفجر بأقرب الناس إليه؛ ولهذا تسمى الخمرة أم الخبائث ومفتاح كل شر، ومن ابتلي بها فإن باب التوبة مفتوح فليتب إلى الله عز وجل قبل أن يفوت الأوان وليمحو ذكرها من قلبه، وليبتعد عن مخالطة من ابتلوا بها وليستعن الله وليسأله الثبات، فإذا علم الله منه صدق النية قواه على الترك، وإلا فإنه يهلك، نسأل الله العافية لنا ولإخواننا المسلمين.
السؤال: من هم المعتزلة؟
الجواب: المعتزلة هم طائفة مبتدعة يقولون في الله وفي كلام الله وفي أفعال الله ما يخالف مذهب أهل السنة والجماعة، ورئيسهم عمرو بن عبيد وواصل بن عطاء . وسموا معتزلة لأنهم اعتزلوا مجلس الحسن البصري حيث كان يقرر أن فاعل الكبيرة لا يخرج من الإيمان، بل هو مؤمن ناقص الإيمان أو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته، فاعتزلوا مجلس الحسن البصري وقالوا بقولتهم المشهورة: إن فاعل الكبيرة في منزلة بين منزلتين فليس مؤمناً وليس كافراً، لكنه مع ذلك مخلد في النار، فهم يلتقون مع الخوارج في القول بأن فاعل الكبيرة مخلد في النار، لكن الخوارج يصرحون بأنه كافر خارج عن الإسلام، وهؤلاء يصرحون بأنه خارج عن الإسلام لكنهم لا يجرءون أن يقولوا: إنه كافر بل يقولون: إنه في منزلة بين منزلتين، فأثبتوا هذه المنزلة المخالفة لكلام الله عز وجل حيث قال تبارك وتعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ [التغابن:2] ، وليس هناك قسم ثالث ليس بكافر ولا مؤمن إلا على قول هؤلاء المعتزلة الذين ابتدعوا في دين الله وشريعته ما ليس منها.
السؤال: كيف يكون الحب في الله والبغض في الله؟ أرجو منكم الإفادة مأجورين.
الجواب: يكون الحب في الله أن ترى شخصاً صاحب دين وعلم صاحب عبادة صاحب خلق صاحب حسن معاملة فتحبه لما في قلبه؛ لما قام به من طاعة الله والإيمان به، فهذه هي المحبة في الله. والبغض في الله أن ترى شخصاً عاصياً متهاوناً بدينه لا يبالي، فتكرهه وتبغضه لما هو عليه من التهاون بدين الله عز وجل.
والحب في الله والبغض في الله من أوثق عرى الإيمان، ولهذا يجب علينا أن يكون حبنا وبغضنا لله عز وجل، لا نحب إلا من أحبه الله ولا نبغض إلا من أبغضه الله، نحب من أحبه الله وإن كنا لا نميل إليه ميلاً طبيعياً، ونكره من يكرهه الله وإن كنا نميل إليه ميلاً طبيعياً، حتى يحصل لنا التمسك بأوثق عرى الإيمان.
السؤال: عندنا إمام مسجد لا يستدل إلا بالأحاديث التي رواها الشيخان فقط، فهل هذا صحيح يا فضيلة الشيخ؟
الجواب: الصحيح أن كل ما صح عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فهو حجة، سواء كان من الصحيحين أو من غيرهما، والصحيحان لم يستوعبا جميع الأحاديث الصحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم، بل هناك أحاديث صحيحة ليست في الصحيحين ولا في أحدهما وقد قبلها الناس وصححوها وعملوا بها واعتقدوا بمقتضاها، فيقال لهذا الرجل: لماذا كنت تحتج بما رواه الشيخان البخاري ومسلم دون غيرهما؟ فإذا قال: لأن كتابيهما أصح الكتب. قلنا: إذاً المدار على الصحة، فأي كتاب كان فيه حديث صحيح فإنه يجب عليك أن تقبله.
السؤال: ما حكم جلسة التورك؟
الجواب: التورك هو أن ينصب المصلي رجله اليمنى فتكون بطون أصابعها إلى الأرض، ويكون عقبها نحو السماء، ويخرج الرجل اليسرى من الجانب الأيمن، ويقعد على الأرض على مقعدته، هذه صفة.
الصفة الثانية: أن يفرش الرجلين جميعاً ويخرجهما من يساره.
والصفة الثالثة: أن يفرش الرجل اليمنى ويدخل اليسرى بين الفخذ والساق، كل هذه الصفات وردت في التورك، فإذا فعل الإنسان هذا مرة وهذا مرة كان حسناً.
والتورك إنما يكون في التشهد الأخير في كل صلاة فيها تشهدان، وعلى هذا فلا يشرع في صلاة الفجر، ولا في صلاة التطوع لأنها مثنى مثنى.
السؤال: ما هو بيع العينة؟
الجواب: بيع العينة أن يبيع الإنسان شيئاً بثمن مؤجل ثم يشتريه بأقل منه نقداً، مثال ذلك: أن يبيع سيارة بخمسين ألفاً لمدة سنة ثم يشتريها ممن باعها عليه بأربعين ألفاً نقداً، هذه هي مسألة العينة وهي حرام؛ لأنها حيلة على الربا، إذ أن هذا الذي باع السيارة بخمسين ألفاً ثم اشتراها بأربعين نقداً كأنه أعطى هذا الرجل أربعين ألفاً نقداً بخمسين ألفاً إلى سنة، وهذه السيارة حرف جاء لمعنى، ولهذا يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال فيها: إنها دراهم بدراهم دخلت بينهما حريراً يعني ثوباً. وقد ورد ذم التبايع بالعينة في قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم بأذناب البقر ورضيتم بالحرث، وتركتم الجهاد سلط الله عليكم ذلاً لا ينزع من قلوبكم حتى ترجعوا إلى دينكم ).
وهذه المسألة -أعني مسألة العينة- يمكن أن نقول بضابط فيها، وهي كل عقد يتوصل به إلى الربا فإنه من العينة في الواقع.
السؤال: نحن نعلم بأن الدار التي تقرأ فيها سورة البقرة لا يدخلها شيطان، فهل تقرأ مرة واحدة أم كل ثلاثة أيام؟ وهل تقرأ هذه السورة في الغرفة أم يكتفى أن تقرأ في مكان واحد من البيت؟
الجواب: الظاهر أن البيت إذا قرأت فيه البقرة أول مرة اكتفي بها، وأنه لا يشترط أن تقرأ في كل حجرة بل تقرأ في صالة البيت أو في السطح أو في مكان عام من البيت ويكتفى بذلك.
السؤال: أعيش مع عائلة تتكون من ثلاثين شخصاً ما بين رجال ونساء وأطفال، جميعهم لا يصلون إلا الجمعة. فبماذا تنصحونهم مأجورين؟
الجواب: أنصحهم بأن يتقوا الله عز وجل، وأن يعلموا أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، افترضها الله تعالى على رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليلة المعراج وهو فوق السماوات، فقبل صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأبلغ أمته بذلك، وأحذرهم من التهاون بشيء منها؛ لأن الله تعالى قال في كتابه: فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا [مريم:59-60]، وأنصحهم إذا أدوا الصلاة أن يؤدوها بطمأنينة وألا ينقروها نقر الغراب، فإن ( رجلاً دخل المسجد فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل ) لأن الرجل كان لا يطمئن، ( فعاد الرجل فصلى كما صلى، ثم رجع فسلم على النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال له: ارجع فصل فإنك لم تصل، حتى قال الرجل: والذي بعثك بالحق لا أحسن غير هذا فعلمني فعلمه، وقال له: إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء، ثم استقبل القبلة فكبر، ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن، ثم اركع حتى تطمئن راكعاً، ثم ارفع حتى تطمئن قائماً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم ارفع حتى تطمئن قاعداً أو جالساً، ثم اسجد حتى تطمئن ساجداً، ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ).
وأقول لهم: إن الإسلام لا يتجزأ، فهم إذا كانوا يصلون الجمعة ولا يصلون غيرها هل هم لا يقرون بوجوب غيرها، إن كان الأمر كذلك فهم كفرة؛ لأن جحد فريضة الصلوات الخمس كفر بالله عز وجل، وإن قالوا: غيرها واجب لكنهم يتهاونون بها فإنهم على خطر عظيم كما تفيده النصوص من كتاب الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
السؤال: أريد أن أصلي في الليل، لكن طول النهار أكون في خدمة البيت حتى الساعة العاشرة مساءً، مما يجعلني في حالة إرهاق شديد فهل أثاب على نيتي؟
الجواب: نعم يثاب المرء على نيته إذا اشتغل بما هو أفضل مما ترك، وهذه المرأة قامت بواجب من واجبات حياتها وهي خدمة زوجها في البيت وهو أفضل من أن تتهجد، فإذا علم الله من نيتها أنه لولا قيامها بهذا الواجب الذي تخشى أن يكون في إضاعته إثم فإنه يرجى أن يكتب الله لها الأجر كاملاً.
السؤال: هل يجب الاستنجاء والوضوء لكل صلاة؟
الجواب: لا يجب الاستنجاء لكل صلاة ولا الوضوء، فإذا دخل وقت الصلاة وهي على طهارة فلتصل، وإذا بقي دخول الوقت الثاني فلتصل؛ لأن الوضوء لا يجب إلا من حدث، ثم إن بعض الناس يظن أن الاستنجاء تابع للوضوء فتجده لا يتوضأ إلا استنجى قبله وإن لم يحصل منه بول ولا غائط، ويسأل بعض الناس فيما لو حصل منه بول أو غائط قبل صلاة الظهر بساعة ثم قضى حاجته واستنجى استنجاءً تاماً ثم أذن الظهر هل يكتفي بالاستنجاء الأول أم لابد أن يعيد الاستنجاء مرة أخرى؟ فنقول: بل يكتفي بالاستنجاء الأول، ولا حاجة أن يستنجي مرة أخرى؛ لأن الاستنجاء إنما هو لتطهير المحل من الخارج منه، وهذا قد طهر المحل فلا حاجة لأن يعيد مرة ثانية.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3341 استماع |