فتاوى نور على الدرب [533]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل خروج المرأة إلى العمل حلال أم حرام؟ علماً بأنني قد خرجت إلى العمل بعد التخرج ولكن كثيراً ما أحاسب نفسي على خروجي هذا, وأقول: هل ربي عز وجل راضٍ عني أم لا؟ أفيدوني وانصحوني مأجورين؟

الجواب: خروج المرأة من بيتها للحاجة لا بأس به ولاسيما إذا كان خروجها لدفع حاجة غيرها مثل أن تخرج إلى المدرسة لتعلم نساء المسلمين, فإنها تكون في هذه الحال مثابةً على خروجها؛ لأنها خرجت لقضاء حاجة غيرها وتحصيل مصلحته, ولكن يجب إذا خرجت من بيتها أن لا تخرج متبرجةً متطيبةً, وأن تكون متحجبةً الحجاب الشرعي, وهو تغطية الوجه وما يحصل بكشفه الفتنة, وأن لا تختلط بالرجال؛ لأن الاختلاط بالرجال سببٌ للفتنة, ولهذا قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها, وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) وإنما كان خير صفوف النساء أخرها لأنه أبعد عن الاختلاط من الرجال والدنو منهم, وهذه إشارة من النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أنه كلما بعدت المرأة عن مخالطة الرجال كان خيراً لها, فلتخرجي أيتها المرأة من بيتك للعمل في المدرسة وكذلك لأعمالٍ أخرى إذا احتجت إلى الخروج, ولم يكن في ذلك اختلاط ولا تبرج أو تطيب.

السؤال: ماذا نقول للأب الذي لا يتحمل مسئولية البيت, وكثيراً ما يقول: أنا قد تحملت المسئولية وأنتم صغار, وقد جاء الوقت الذي أرتاح فيه, انصحونا وأفتونا في ذلك مأجورين؟

الجواب: أوجه النصيحة أولاً إلى الرجل راعي البيت, وأقول: إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قد جعل الرجل راعياً في بيته, وأخبر أنه مسئولٌ عن رعيته, ولم يحدد النبي صلى الله عليه وسلم هذا بسنٍ دون سن, فما دام الرجل قادراً على رعاية بيته, فإن الواجب عليه رعايته وهو مسئولٌ عن أهله.

أما ما يتعلق بالنفقة فيجب عليه الإنفاق إذا كان المنفق عليه من أهل البيت محتاجاً, أما إذا كان عنده ما ينفق به على نفسه فإن نفقته على نفسه لأن النفقة دفع حاجة, فإذا لم يكن المنفق عليه محتاجاً إليها وكان عنده من المال ما يكفي نفقته فإنه لا يلزم غيره أن ينفق عليه سواءٌ كان أباه أم غيره.

وأما الأولاد فإن الإنفاق عليهم لدفع الحاجة, وعلى هذا فأقول للأولاد إذا كان عندكم مال يمكنكم أن تنفقوا على أنفسكم منه فإنه لا يلزم الوالد أن ينفق عليكم إلا على سبيل التبرع, فإذا قال أنا الآن لا أنفق وأنتم قد أغناكم الله فأنفقوا على أنفسكم فله الحق في هذا.

السؤال: أتيت يوم العيد كي أؤدي زكاة الفطر فلم أجد أحداً من المساكين, فماذا أفعل؟ وهل علي إثم في هذه الحالة إن تركت الزكاة؟

الجواب: الواجب على من أراد أن يخرج زكاة الفطر أن يعرف من يخرجها إليه قبل يوم العيد، حتى إذا جاء يوم العيد إذا هو قد عرف من يعطيها, ومعلومٌ أن الأفضل في دفع زكاة الفطر أن يكون يوم العيد قبل الخروج إلى الصلاة, لكن الذي يظهر من حال هذا السائل أنه قد فرط وأهمل، ولم يهيئ في فكره أحداً يدفع إليه زكاة الفطر، حتى إذا صار يوم العيد ذهب يبحث, وهذا خطأ منه.

والواجب عليه أن يتوب إلى الله, ويستغفر الله, ويقضي زكاة الفطر أي: يدفعها إلى مستحقيها ولو بعد فوات يوم العيد, أما من تعمد أن يترك دفعها حتى انتهت الصلاة فإنها لا تجزئه عن زكاة الفطر؛ لحديث ابن عباس رضي الله عنهما: ( من أداها قبل الصلاة فهي زكاةٌ مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقةٌ من الصدقات ).

السؤال: هل هناك تسمية تسمى بدعة حسنة وبدعة سيئة أم لا؟

الجواب: لا يمكن أن يقال عن البدعة في دين الله: إنها بدعةٌ حسنة أبداً مع قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( كل بدعةٍ ضلالة ) فإن هذه الجملة أعني كل بدعةٍ ضلالة صدرت من أفصح الخلق محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلم، وأنصح الخلق، وأعلم الخلق بشرع الله وأعلم الخلق بمدلول خطابه, وقد قال هذه الجملة العامة ( كل بدعةٍ ضلالة ) فكيف يأتي إنسانٌ بعد ذلك ثم يقول: البدعة منها ما هو بدعةٌ سيئة, ومنها ما هو بدعةٌ حسنة, وهل هذا إلا خروجٌ بقول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عن ظاهره؟

فالبدعة كلها بدعةٌ سيئة, والبدعة كلها ضلالة, لكن قد يستحسن الإنسان شيئاً يظنه بدعة وما هو ببدعة, وقد يستحسن شيئاً وهو بدعة يظنه حسناً وما هو بحسن, أما أن يجتمع كونه بدعة وكونه حسناً فهذا لا يمكن أبداً, فمثلاً: قد يقول القائل بناء المدارس بدعة؛ لأنه لم تكن معروفة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لكنه بدعةٌ حسنة, فنقول: لا شك أن بناء المدارس حسن, لكنه ليس البدعة التي أرادها الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم, إذ إن بناء المدارس وسيلة لتنظيم الدراسة, وتهيئة الدروس للدارسين, وليس مقصوداً في ذاته بمعنى أننا لسنا نتعبد لله تعالى ببناء المدارس على أن البناء نفس العبادة, ولكن نتعبد لله تعالى ببناء المدارس على أنها وسيلةٌ لحفظ العلم وتنظيم العلم, ووسيلة المقصود مقصودة، ولهذا كان من القواعد المقررة عند العلماء أن للوسائل أحكام المقاصد.

وربما يحتج محتج بقوله إن من البدعة ما هو حسن؛ بما صح عن أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين جمع الناس في قيام رمضان على إمامٍ واحد, وكانوا قبل ذلك يصلون أفراداً، أو على اثنين اثنين، أو ثلاثة ثلاثة أوزاعاً, فجمعهم عمر رضي الله عنه على إمامٍ واحد, فخرج ذات ليلةٍ وهم يصلون، فقال: نعمت البدعة هذه, فإن هذه البدعة التي سماها عمر بدعة ليست بدعة جديدة, ولكنها بدعةٌ نسبية, فإنها كانت سنة فتركت، ثم استجدت في عهد عمر , وذلك ( أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلى بأصحابه في رمضان جماعة ثلاث ليال ثم ترك ذلك, وقال: خشيت أن تفرض عليكم ) فترك الناس الجماعة على إمام واحد، وصاروا يصلون أفراداً وأوزاعاً إلى عهد عمر رضي الله عنه.

وعلى هذا فيكون عمر قد أعاد ما كان موجوداً في عهد الرسول صلى الله عليه وعلى آله وسلم وجدده ولم ينشئ الجماعة لقيام رمضان إنشاءً جديداً, وعلى هذا فتكون هذه البدعة بدعةً بالنسبة لما سبقها من تركها لا بالنسبة لإنشاء مشروعيتها؛ لأن عمر رضي الله عنه أفقه وأورع وأبعد عن أن يشرع في دين الله ما لم يشرعه الله ورسوله.

وخلاصة القول: أنه لا يمكن أن تكون بدعة شرعية تنقسم إلى قسمين: حسنة وسيئة, مع قول الرسول عليه الصلاة والسلام: ( كل بدعةٍ ضلالة ) وأن ما ظنه بعض الناس بدعةً وهو حسن فإن ظنه إياه بدعة خطأ, وما ظنه الإنسان حسناً وهو بدعة حقيقةً فإن ظنه أنه حسن خطأ.

السؤال: حدث أن وقعت هرة في بئر ولم يخرجها أحد, وتغيرت رائحة الماء, وبعد أكثر من شهر أخذنا من هذا الماء وتوضأنا منه للصلاة ولا تزال الرائحة متغيرة, فهل هذا الماء نجس أم لا؟ وإن كان نجساً, فهل علينا أن نعيد تلك الصلوات أفيدونا؟

الجواب: إذا سقطت في البئر هرة وماتت ثم تغير الماء برائحتها فإنه يكون تغيراً بنجاسة, وإذا تغير الماء بنجاسة فهو نجس بالإجماع, وإذا كان نجساً فإنه لا يمكن أن يُطَهّر به بل النجس يُتَطَهّر منه ولا يتطهر به, وعلى هذا فيكون وضوءكم من هذا الماء المتغير بالنجاسة وضوءاً فاسداً غير صحيح, وتكون صلاتكم غير صحيحة؛ لأنكم صليتم بغير وضوءٍ صحيح, وتكون ثيابكم التي تلطخت بهذا الماء نجسة, وصليتم بثيابٍ نجسة, وتكون أبدانكم التي تلطخت بهذا الماء نجسة أيضاً, وتكونون قد صليتم وعليكم نجاسة في أعضائكم.

فالواجب إذاً: أن تحصوا الصلوات التي صليتم بها بهذا الوضوء الذي كان من هذا الماء النجس, وأن تعيدوا تلك الصلوات.

وليعلم أن الميتة نوعان: ميتة طاهرة؛ فهذه إذا تغير الماء بها لم يكن نجساً كميتة الجراد مثلاً وميتة السمك؛ لأن ميتة السمك طاهرة, ولو سقط آدميٌ في ماء وأنتن الماء من رائحته بعد موته فإن الماء يكون طاهراً غير نجس؛ لأن ميتة الآدمي طاهرة, وعلى هذا فنقول: إذا تغير الماء بميتةٍ نجسة فهو نجس, وإن تغير بميتة طاهرة فهو طاهرٌ مطهر.

السؤال: يوجد لدي ذهب مقداره سبعمائة جرام, مع العلم بأن أهلي قدموه لي للزينة, وأنا ألبسه في المناسبات وفي البيت, فهل عليه زكاة أم لا؟ وإن كان عليه زكاة فما مقدار ذلك بالريال اليمني مأجورين؟

الجواب: حلي الذهب أو الفضة تجب فيه الزكاة إذا بلغ نصاباً, ونصاب الذهب خمسةٌ وثمانون جراماً, ونصاب الفضة خمسمائة وخمسةٌ وتسعون جراماً, فإذا كان عند المرأة من الذهب ما يبلغ النصاب وجبت عليها زكاته, وكذلك إذا كان عند المرأة من الفضة ما يبلغ النصاب وجب عليها زكاته.

والسائلة تقول: إن عندها من الذهب سبعمائة جرام وهذه بالغة للنصاب, فيجب عليها أن تزكي هذا الذهب, ولو كانت تعده للبس سواءٌ لبسته أم ادخرته لحاجةٍ تطرأ, هذا هو القول الراجح في المسألة, وهو مذهب أبي حنيفة رحمه الله ورواية عن الإمام أحمد واختيار مفتي عام المملكة الشيخ عبد العزيز بن باز وذلك لدلالة الكتاب والسنة على ذلك.

فأما الكتاب: ففي قوله تعالى: وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ [التوبة:34] وكنز الذهب والفضة أن لا تنفق في سبيل الله وإخراجها للزكاة من الإنفاق في سبيل الله بلا شك, بل هو أفضل الإنفاق في سبيل الله.

وأما السنة: فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال: ( ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت صفائح من نار, وأحمي عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره, كلما بردت أعيدت في يومٍ كان مقداره خمسون ألف سنة ) وروى أهل السنن من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: ( أن امرأةً أتت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وفي يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب, فقال: أتؤدين زكاة هذا؟ قالت: لا, قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار -يعني: إن لم تؤدي زكاته- فخلعتهما وألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم, وقالت: هما لله ورسوله ).

وهذا الحديث قال عنه الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام إسناده قوي, وصححه الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز , ويؤيده ما ذكرناه أولاً من قول النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( ما من صاحب ذهبٍ ولا فضة لا يؤدي منها زكاتها ) فقد أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

وما اعتل به من يرى أن لا زكاة في الحلي فإنه لا يقاوم الأدلة التي تثبت وجوب الزكاة في الحلي.

أما مقدار الزكاة فهو ربع العشر؛ لأن الذهب والفضة وعروض التجارة زكاتها ربع عشرها أي واحد في الأربعين, وإن شئت فقل اثنين ونصف في المائة, وإن شئت فقل خمسةٌ وعشرون في الألف, المهم أنه ربع العشر.

وكيفية استخراج ذلك: أن تقسم ما عندك على أربعين فما حصل بالقسمة فهو الزكاة, ثم إن كان عند المرأة ما تؤدي منه الزكاة فلتؤد, وإن لم يكن لديها شيء تؤدي منه الزكاة فإن تبرع عنها للزكاة زوجها أو أحدٌ من أقاربها بإذنها فلا بأس, وإن لم يكن ذلك وجب عليها أن تبيع من حليها بقدر الزكاة وتخرجها.

فإن قال قائل: إذا عملت هذا العمل أصبحت بلا حلي؛ لأنه سوف ينفد بالزكاة؟

فالجواب عنه: أنه لا يمكن أن ينفد بالزكاة؛ لأنه إذا بلغ حداً ينقص به النصاب لم تجب الزكاة, فمثلاً: إذا كانت تنفق منه كل عام حتى وصل إلى أربعة وثمانين جراماً من الذهب فإنه لا زكاة عليها في هذه الحال؛ لأن الذهب الذي عندها لا يبلغ النصاب.

فإن قال قائل: إذا كان عندها من الذهب دون النصاب, ولنقل عندها من الذهب ما يبلغ نصف النصاب لكن عندها من الفضة ما يكمل هذا النقص أي: عندها من الفضة نصف النصاب مثلاً, وبمجموعها يكون النصاب تاماً.

قلنا: لا يجب عليها أن تضم الذهب إلى الفضة في تكميل النصاب؛ لأنهما جنسان مختلفان, كما لا يضم البر إلى الشعير في تكميل النصاب في باب زكاة الثمار والحبوب, وفي هذه الحال نقول: ليس عليها زكاة فيما عندها من الذهب؛ لأنه نصف نصاب, ولا فيما عندها من الفضة لأنه نصف نصاب.

السؤال: هل يجوز للرجل أن يتزوج أخت زوجته التي طلقها قبل أن تكمل عدتها أم أنه لا يجوز؟

الجواب: لا يجوز للرجل أن يتزوج أخت زوجته التي طلقها حتى تنتهي العدة؛ لأنها أي: المطلقة إن كانت رجعية فهي في حكم الزوجة إلا فيما استثني, وإن كانت غير رجعية فإن علائق نكاحها مع زوجها الذي طلقها قد بقي شيءٌ منها, فلا يجوز أن يتزوج عليها أختها, ولكن يجب أن نعلم الفرق بين الرجعية وبين غير الرجعية؛ فالرجعية من يملك زوجها إرجاعها بلا عقد, وغير الرجعية من لا يملك إرجاعها إلا بعقد, ثم إن كانت بائنةً منه بطلاق ثلاث لم يملك إرجاعها إلا بعقدٍ بعد أن تنكح زوجاً غيره, ويطأها الزوج الثاني ثم يفارقها, وتنقضي عدتها, فتحل للزوج الأول بعقدٍ جديد, ولكن يجب أن يكون نكاح الثاني لها نكاح رغبة لا نكاح تحليل, فإن نكاح التحليل باطل, ولا يحلها لزوجها الأول.

مثال ذلك: رجلٌ طلق زوجته ثلاث مرات فلا تحل له حتى تنكح زوجاً غيره ويطأها ويفارقها, فرآه أحد أصدقائه نادماً فأراد أن يحسن إليه بزعمه, فتزوج امرأته التي طلقها ثلاث مرات بنية أنه إذا جامعها طلقها لتحل للزوج الأول, ثم جامعها ثم طلقها ففي هذه الحال لا تحل للزوج الأول؛ لأن نكاح الثاني لها نكاحٌ فاسد حيث قصد به التحليل؛ وقد روي عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم: ( أنه لعن المحلل والمحلل له ).

وخلاصة الجواب أن نقول: لا يحل للرجل أن يتزوج أخت زوجته إذا طلقها حتى تنتهي عدتها, فإذا قال قائلٌ: وهل يحرم على الإنسان أن يجمع بين زوجته وبين امرأةٍ أخرى سوى أختها؟

قلنا: نعم لا يجمع بينها وبين عمتها ولا بينها وبين خالتها, وأما أمها وجداتها أي أم زوجته وجداتها فإنهن حرامٌ عليه على التأبيد, لا يحللن له ولو طلق البنت, وكذلك بنات الزوجة وبنات بناتها وبنات أبنائها لا يحللن للزوج إذا كان قد دخل بزوجته التي هي أمهن أو جدتهن.

ومعنى قولنا: دخل بها أي: جامعها؛ لأن ذرية المرأة أعني ذرية الزوجة حرامٌ على الزوج إذا كان قد جامع أمهن, فإن عقد عليها ولم يجامعها ثم طلقها وتزوجت بآخر فإن بناتها من الزوج الآخر حلالٌ له؛ لأن الله تعالى قال: وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ [النساء:23] قال هذا في سياق المحرمات إلى الأبد.