فزدني من حديثك يا سعد - أحمد البراء الأميري
مدة
قراءة المادة :
6 دقائق
.
1. التأمُل نعمةٌ قلَّ من ينعَمُ بها أو يبحث عنها.
2.
للعناية الإلهية أسرارها، ولكنَّ الجزعَ يُعمي.
3.
لو اتفقتْ رؤى الناس لغدتِ الحياةُ نمطاً مملاً لا يُطاق.
4.
رحيلٌ يُسفِرُ عن رحيل، وسفَرٌ يسفر عن سفر.
5.
للجمال عرائسُ من الأبدان والبُلدان.
6.
الغربة أن تُسافر إلى أعماقِ ذاتك لتُخاطر غريباً مثلك.
7.
ليس بين العِزّةِ والذلّة إلا أن ترفعَ وجهكَ إلى السماء!!.
8.
تحتَ لفح السّراب يغدو الظِلُّ حُلُماً، وظلال الوحي (حقيقةٌ) أجملُ من كل الأحلام.
9.
مَجدٌ قِوامه الكرسيّ والأوراق ينهار عند اهتزاز الكرسيّ وتطايرِ الأوراق.
10.
خليلُكَ ما تراه أنتَ، لا مَنْ هو!.
11.
الوجودُ أحوال: يدقُّ حتى لا يُرى، ويعظُمُ حتى لا يُرى!.
12.
لا يكفي أن تتعشّق الجمال، لا بدّ أن تتمثله وتكونه.
13.
التفاؤل زادُ مَنْ لا زادَ له.
14.
في بلاد النور والحرية يغدو العفافُ جريمةً، والحجاب مبرّراً لسلْب الحرية والتعليم.
15.
للرحيل طعمٌ تذرفه العين، ويصلاه القلب .
سَببُ اختيار العنوان هو: أن الأقوال (أو الحكم) الخمسة عشرة المنتقاة آنفاً هي للدكتور سعيد عطية الغامدي، فهو المنادى المُفردُ العَلَم المقصودُ بقولي: يا سعدُ! وهي (مقدّمات) لبعض القصائد في ديوانه: (شطآن ظامئة)، رأيت فيها من العمق ما يستحقُّ مادةً يَقْدحُ في فهمها القارئ الكريمُ زنادَ فكره، لينظرَ ماذا يخرج منها:
التأمل نعمة، حَرَمنا منها القلق ، والتوتر، والسّعي المحموم خلف الدنيا ، والخللُ المخيف في ترتيب سُلّم أولوياتنا.
والتأمل كلمةٌ مرادفة للتفكر والتدبر، والكلمتان قرآنيتان، وهما عبادة من أجل العبادات:
{كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص:29].
{وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} [النحل من الآية:44].
التأمل نعمةٌ عُظمى أغلى من الملايين، ومع ذلك لا تغري الفقراءَ المحرومين، الأغنياء المساكين!!
لو سلَّم المرءُ أمرَه إلى الله، وبرمَجَ نفسه وقتَ الرخاءِ على التماسك والصّبر والتسليم لما يُمكنُ أن يصيبَه وقتَ الشّدة، لنجا من الجزع إن شاء الله، وما يُسببه الجزع من العمى والطيش.
وصدق الذي لا ينطق عن الهوى: «تعرّفْ إلى الله في الرخاء، يعرْفك في الشدة» (صحيح الجامع [2961]).
لو كان الناس قوالبَ متشابهة لم يَبْقَ لقول شوقي: "كُلُّ مليحةٍ بمذاقِ"!! أي معنى.
ما آبَ من سفرٍ إلاّ إلى سفرٍ ** مُوَكَّلٌ بفضاءِ اللهِ يذرعه
ثم: أليست الحياةُ سفراً؟! وصدق الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما حين قال: "كُنْ في الدنيا كأنك غريبٌ، أو عابر سبيل"، وصدق التابعي الجليل الحسن البصري رحمه الله حين قال: "يا ابنَ آدمَ، إنما أنت أيام: إذا ذهب يومٌ ذهب بعضُك".
ما أحلى أن يلقى الإنسان عرائس الأبدان في عرائس البلدان.
ولمّا نزلنا منزلاً طَلَّهُ الندى ** أنيقاً، وبُستاناً من النَّور حالياً
أجدَّ لنا حُسْنُ المكانِ وطِيْبُهُ *** مُنىً، فتمنينا، فكنتِ الأمانيا
لا غربة مع الأنس بالله، ولا أنس مع الغربة عنه.
اللهم ارو قلوبنا بالأنس بك.
ليس بين العزة والذلة إلا أن ترفع وجهكَ إلى السماء.
هذه مقدمة قصيدة عنوانها: «الفصام»، تقول القصيدة:
قبلُ كنا عرباً..
نئدُ البنتَ، ونستحيي الولدْ
هاجسُ العزة يُطغينا..
فننساق إلى أدنى مماتْ
وسُعار العار يُشقينا..؟ فنغتال أزاهير الحياة
غير أنا..
لم نكن نحسب للعار حِسابا
في قضايانا الخطيرة
لا نرى بأساً بأن يقتتلَ الحيان..
عشرينَ..
ثلاثينَ سنة
حول تيسٍ ضامرٍ...
أو حول شاة
أو كثيبٍ قاحلٍ..
أو طيفِ مرعى..
أو نبات
أو رهان خاسرٍ، أو شجارٍ بين بعض السيّدات!!
لا نرى بأساً بأن يحكمنا الفرسُ..
أو الروم، أو الصِّبْية في ديوانِ بعض الأبرهات.
فلقد كنا جميعاً ننحني للات والعزّى ونجثو لمناة.
ثم جاءتنا رسالة
بَعثتْنا..
أنقذتْنا من براثين الضلالة
فخرجنا بكتاب الله، إذ كان لنا مجداً، وإذ كُنّا رجالَه
وحكمنا الفرسَ والرومَ، وشرّقنا وغرّبنا بناموس العدالة
ورفعنا الحقَّ فوق الشمسِ هالة
وسهرنا..
وسهرنا ليبيتَ الناسُ في أحسنِ حالة.
وللقصيدة بقية، وللحديث بقية إن شاء الله.
بقي أن أقول: إن الحكيم الشاعر الدكتور سعد عطية الغامدي متخصّص في المحاسبة في جامعة ولاية أوكلاهوما، وهو الآن نائب تنفيذي لرئيس مجموعة شركات عبد اللطيف جميل، وكان أستاذا ًبكلية العلوم الإدارية بجامعة الملك سعود، وعميداً لشؤون الطلاب فيها.
هذا لقاء مع فكره، وعسى أن يكون لنا لقاء مع شعره!.