فتاوى نور على الدرب [499]


الحلقة مفرغة

السؤال: هل شراء المصحف ومن ثم بيعه محرم، حيث يقول الله تعالى: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا [البقرة:79] الآية؟

الجواب: بيع المصحف وشراؤه لا بأس به، ولا حرج فيه، وما زال المسلمون يتبايعون المصاحف من غير نكير، ولا يمكن انتشار المصحف بين أيدي الناس إلا بتجويز بيعه وشرائه، أو إيجاب إعارته لمن يستغني عنه كما ذكره بعض أهل العلم.

وأما الآية الكريمة التي ذكرها السائل فإن المراد بذلك من يكتبون الكتاب بأيديهم ويحرفونه بالزيادة والنقص، ليشتروا به ثمناً قليلاً، فهنا يحق عليهم الوعيد؛ لأنهم حرفوا كلام الله من أجل أن يتوصلوا إلى ما يريدون من أغراض الدنيا سواء كانت أموالاً أو جاهاً أو غير ذلك.

السؤال: هل يحوز أخذ الأجرة على الآذان والإقامة؟

الجواب: إن الأذان والإقامة من العبادات، بل هما من فروض الكفاية، والعبادات لا يجوز أخذ الأجرة الدنيوية عليها، ولكن ما يؤخذ الآن من بيت المال للأئمة والمؤذنين فإنه ليس بأجرة، ولكنه رزق من بيت المال خصص لمن قام بهذا العمل العمومي الذي نفعه عام للناس جميعاً، فلا حرج في أخذ الراتب للإمام والمؤذن، ولكن ينبغي للإمام أو المؤذن أن لا يكون همه الراتب، وألا يجعل نيته أنه لولا الراتب لم يؤذن ولم يؤم الناس، بل يجعل الراتب تبعاً، وحينئذٍ لا ينقص من أجره شيء، أما إذا كان ليس له إرادة إلا هذا الراتب الذي يتقاضاه من بيت المال فإنه ربما ينقص أجره كثيراً أو يحرم الأجر بالكلية.

السؤال: ما هو الضابط في لباس المرأة في الصلاة من حيث الستر وعدم الرقاقة، حيث أنه في بعض الأحيان قد تكون الملابس سميكة لكنها تظهر شيء من لون الشعر مثلاً أو لون البشرة؟

الجواب: العلماء يقولون: إن الثوب الساتر هو الذي لا يرى من ورائه لون الجلد، وأما ظل الجلد يعني أن يرى الإنسان ظل الأعضاء من وراء الأكمام فإن ذلك لا يمنع لكنه فيه نقص، فالثياب ثلاثة أقسام: قسم سميك لا يرى منه ظل العضو ولا لون البشرة، فهذا أفضل ما يكون من الثياب، وقسم آخر يرى منه لون البشرة فهذا لا يجزئ، وليس بساتر، والقسم الثالث بين هذا وهذا لا يرى منه اللون ولكن يرى منه الحجم فهذا مجزئ لكنه لا ينبغي.

السؤال: أفيدكم بأنني مبتلى بمرض نفسي، ما هي الأدعية التي تكشف هذا المرض، مع العلم بأنني لا أريد الذهاب إلى الأطباء، والمرض دام معي أكثر من خمس سنوات مع الدعاء لي بالشفاء؟

الجواب: نسأل الله أن يشفيه ويعافيه، أحسن ما يكون أن يقرأ الإنسان المعوذتين قل أعوذ برب الفلق، قل أعوذ برب الناس، وأن يقرأ سورة الإخلاص قل هو الله أحد، ويقرأ آية الكرسي والآيتين في آخر سورة البقرة، وما جاء عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من التعوذات المعروفة في كتب أهل العلم، مثل كتاب الكلم الطيب، والوابل الصيب، والأذكار، ويراجع في هذا العلماء الذين عنده ليروه الأحاديث المناسبة للمرض الذي حل به، نسأل الله لنا وله الشفاء.

السؤال: هل يجوز للمرأة المطلقة أن تسلم وتحكي مع طليقها، علماً بأن بينهما أولاد؟ أرجو من فضيلة الشيخ إجابة مأجورين.

الجواب: المرأة المطلقة إذا كان طلاقها دون الثلاث وعلى غير عوض، ولها أولاد من زوجها أو لم يكن لها أولاد إذا كان قد دخل بها أو جامعها فإنها رجعية، وهي في حكم الزوجات، إلا ما استثني.

وعلى هذا؛ فيجوز لها أن تكلم من طلقها، وأن تتحدث إليه، وأن تتجمل له، وأن تكشف له، وأن يخلو بها، وأن يسافر بها، فهي في حكم الزوجات، هذه المطلقة الرجعية التي له مراجعتها في العدة.

وأما إذا كان ليس لها رجعة بأن تكون الطلقة هذه آخر ثلاث تطليقات، أو يكون الطلاق على عوض، أو يكون الفراق بفسخ بسبب من الأسباب فإنها ليست في حكم الزوجات، ولكن لزوجها أن يتكلم معها، وأن يتحدث إليها بلا خوف فتنة.

وخلاصة الجواب: أن المعتدات من أزواجهن إن كان لأزواجهن الرجعة عليهن فهن في حكم الزوجات في كل شيء إلا ما استثني وهي مسائل قليلة، وإن كانت غير رجعية وهي التي لا يملك الرجوع عليها إلا بعقد أو لا تحل له إلا بعد زوج فإنها تعتبر بائناً منه، وإذا كانت بائناً فإنها ليست في حكم الزوجات لكن له أن يتكلم معها.

السؤال: ذهبت مرة إلى بلد أجنبي، وكنت لا أعرف وقت الصلاة ولا القبلة، ولكن كنت عندما يأتي وقت الصلاة في بلدي أتوضأ وأصلي في الاتجاه الذي ضمنت بأنه القبلة، فهل علي شيء؟

الجواب: الواجب على من كان في بلد وهو لا يعرف القبلة أن يسأل عن القبلة؛ لأنه يمكنه أن يهتدي إلى القبلة بالسؤال، فلو صلى بدون سؤال مع إمكان السؤال ثم تبين أنه ليس على القبلة فإنه يجب عليه إعادة الصلاة؛ لأن استقبال القبلة شرط لصحة الصلاة؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَمِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ [البقرة:144] .

أما إذا كان في مكان لا يمكنه أن يسأل، أو كان في البرية فإنه يتحرى اتجاه القبلة ويصلي إليه، ولا حرج عليه بعد ذلك، وصلاته صحيحة حتى لو تبين فيما بعد أنه على غير القبلة؛ لأن هذا اتقى الله ما استطاع، ومن اتقى الله ما استطاع فإنه لا شيء عليه؛ لأنه فعل ما أمر به في قوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16] ؛ ولأنه ليس في وسعه أكثر مما فعل، وقد قال الله تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286].

السؤال: إذا وافق العيد يوم الجمعة هل تسقط عني صلاة الجمعة؟

الجواب: إذا وافق العيد يوم الجمعة فإنه يجب على أهل البلد أن يقيموا الجمعة، فتكون الجمعة فرض كفاية، ولا تجب على من حضر صلاة العيد، ولكن يجب عليه أن يصلي الظهر؛ لأنه فرض الوقت، أما من لم يصل مع الإمام صلاة العيد فإنه يجب عليه حضور الجمعة، فصلاة الجمعة في حق الإمام ومن تحصل به الكفاية فرض، وأما من سواهم وقد حضر صلاة العيد مع الإمام فهو مخير: إن شاء حضر إلى الجمعة وهو أفضل، وإن شاء صلى ظهراً.

السؤال: من هم العصبة؟

الجواب: العصبة كل من يرث بلا تقدير؛ وذلك لأن الورثة ينقسمون إلى قسمين: قسم قدر لهم نصيبهم كالزوجين، والأبوين، والبنات، وبنات الابن، والأخوات الشقيقات، والأخوات لأب، والأخوات لأم. وقسم لم يقدر لهم النصيب، فمن قدر لهم النصيب فهم أصحاب الفروض، ومن لم يقدر لهم النصيب فهم عصبة، فالعاصب: هو الذي يرث بلا تقدير، وحكمه أنه إذا انفرد أخذ جميع المال، وإن كان معه صاحب فرض أخذ ما بقي بعد فرضه وإن استغرقت الفروض التركة سقط، مثال ذلك: الأخ الشقيق إذا هلك هالك عن أخ شقيق لا وارث له سواه فالمال كله له، وإذا هلك هالك عن بنت وأخ شقيق فللبنت النصف والباقي للأخ الشقيق، وإذا هلك هالك عن زوج وأخت شقيقة وأخ لأب كان للزوج النصف، وللأخت الشقيقة النصف، ولا شيء للأخ لأب، هذا هو العاصب، فالعاصب إذاً من يرث بلا تقدير، وليعلم أنه لا يرث أحد من الحواشي إذا كان أنثى إلا الأخوات لأب أو لأم أو لأب وأم، فإذا هلك هالك عن عم وعمة فالمال للعم ولا شيء للعمة، وإذا هلك هالك عن ابن أخ وأخته التي هي بنت الأخ فلا شيء لبنت الأخ مع أخيها؛ لأنه لا يرث مع الحواشي من الإناث إلا الأخوات فقط.

السؤال: توفي والدنا وعليه ديون كثيرة، وله مجموعة من الأبناء، البعض ميسور الحال والبعض غني، فهل على الأولاد الأغنياء أن يسددوا عن والدهم؟ وهل تسقط عن الأولاد الفقراء؟

الجواب: إذا هلك هالك وعليه ديون للناس، فإن خلف تركة وجب قضاء الديون من التركة، وإن لم يخلف تركة لم يجب على أحد قضاء دينه عنه، لكن ينبغي لأولاده الأغنياء إذا كان له أولاد أغنياء أن يقضوا دينه؛ لأن هذا من البر، وإن لم يقضوا دينه فلا إثم عليهم؛ لقول الله تعالى: وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى [الأنعام:164].

السؤال: لي ولد في عمر حوالي تسع سنوات هل أوقظه لصلاة الفجر؟

الجواب: نعم، إذا كان للإنسان أولاد ذكور أو إناث بلغوا عشر سنين فليوقظهم، وما دون ذلك إن أيقظهم ليصلوا في الوقت فهذا هو الأفضل، وإلا فلا إثم عليه، ولكن الاختيار أن يوقظهم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( مروا أبناءكم للصلاة لسبع، واضربوهم عليها لعشر، وفرقوا بينهم في المضاجع ).


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3648 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3497 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3479 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3439 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3343 استماع