فتاوى نور على الدرب [487]


الحلقة مفرغة

السؤال: نحن نشتغل في المملكة وبعد فترة من الزمن نرسل مصاريف للأهل بالسودان مع بعض الإخوة السودانيين، ونقوم ببيع الريالات لهم مقابل الجنيه السوداني، ويقوم هؤلاء بتسليم المبلغ بالجنيهات السودانية إلى الأهل، فهل في ذلك ربا، أرجو التوضيح مأجورين؟

الجواب: قبل الكلام في الجواب عن هذا السؤال: أود أن أبين أن الله سبحانه وتعالى حرم في كتابه الربا وقال الله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275] ، وجاء فيه من الوعيد الشديد ما لم يأت في ذنب سواه إلا الشرك فقال الله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَا أَضْعَافًا مُضَاعَفَةً وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكَافِرِينَ * وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [آل عمران:130-132].

وقال الله سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ * فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ [البقرة:278-279] .

وقال الله سبحانه وتعالى: فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ وَأَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَمَنْ عَادَ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ * يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ [البقرة:275-276].

وثبت عن النبي صلي الله علية وآله وسلم أنه: ( لعن آكل الربا، وموكله، وشاهديه، وكاتبه، وقال: هم سواء ).

فالربا أمره عظيم، وشأنه خطير، ومن نبت جسمه على الربا فقد نبت جسمه على السحت والعياذ بالله، والمرابون من هذه الأمة مشابهون لليهود الذين قال الله فيهم: فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا * وَأَخْذِهِمُ الرِّبَا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ وَأَكْلِهِمْ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ مِنْهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا [النساء:160-161]، ولا أظن مسلما يرضى لنفسه أن يكون مشابهاً لليهود، بل لو قلت لأي واحد من المسلمين: أنت يهودي لنفر من ذلك أشد النفور، ولخاصمك على هذه الكلمة التي وصمته بها، وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا أين يكون، وكيف يكون فقال عليه الصلاة والسلام: ( الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والتمر بالتمر، والشعير بالشعير، والملح بالملح مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد، فمن زاد أو استزاد فقد أربا ).

فهذه الأصناف الستة هي التي يكون فيها الربا إذا باع الإنسان جنساً منها بمثله، فإنه يجري فيهما ربا الفضل وربا النسيئة، ولابد لتوقي هذين النوعين من الربا من التساوي بينهما وزناً فيما يوزن، وكيلاً فيما يكال، والتقابض قبل التفرق لقوله علية الصلاة والسلام: ( مثلاً بمثل، سواء بسواء، يداً بيد ).

وإذا بيع جنس بآخر موافقٍ له في علة الربا، فلابد من شرط واحد وهو: التقابض قبل التفرق، لقوله عليه الصلاة والسلام: ( فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد ).

أما إذا كان لا يوافقه في علة الربا كبيع البر بالذهب أو الفضة فإنه لا يجري الربا بينهما، فلا يشترط فيهما تقابض ولا يشترط فيهما تماثل، ولهذا يجوز أن تبيع صاعاً من البر بدرهم أو درهمين، أو دينار أو دينارين، وإن لم تقبض العوض؛ لأنه لا ربا بين مكيل وموزون، وعلى هذا يتنزل التبادل في العملات كالجنية السوداني والريال السعودي، فانه لا باس أن يحصل التفاضل بينهما، ولكن لابد من التقابض في مجلس العقد قبل التفرق، فإذا كان عند الإنسان السوداني في السعودية دراهم سعودية، وأراد أن يحولها إلى جنيهات سودانية، فإنه يذهب إلى أهل الصرف، ويعطيهم الدراهم السعودية، ويأخذ بدلها في الحال جنيهات سودانية، ثم يرسلها إلى أهله أو يرسل دراهم سعودية إلى أهله، وهم هناك يصرفونها إلى جنيهات سودانية، ويأخذون العوض فوراً، هذه هي الطريقة السليمة، إما هذا وإما هذا.

وأما أن يعطي دراهم سعودية هنا ويأخذ عنها عوضاً جنيهات سودانية في السودان، فإن هذا لا يجوز؛ لأنه ربا نسيئة، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( إذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يداً بيد ).

السؤال: هل يجوز لنا إذا كنا جماعة أن نصوم صوماً جماعياً مثلاً: يوم الإثنين نأتي ونقول: نصوم هذا اليوم جماعة؟

الجواب: ليس من عادة السلف أن يتفقوا على فعل عبادة معينة فيقولوا مثلاً: سنجعل يوماً نصوم فيه جميعاً إما يوم الإثنين أو يوم الخميس، أو وقتاً نصلي فيه جميعاً، أو ما أشبه ذلك، ويخشى من هذا العمل -الاتفاق على أن نصوم اليوم جميعاً، وما أشبه ذلك ونجعل ذلك عادة- أن يترتب من هذا عبادات أخرى يتفق عليها هؤلاء وهي مما ينهى عن الاتفاق فيه.

أما لو كان هذا غير معتاد عندهم، وأنهم يقولون مثلاً: من صام غداً يعني: يوم الإثنين أو يوم الخميس فإننا سنفطر عند فلان أو فلان أو نفطر في البر، فهذا لا بأس به، وأما اتخاذ ذلك سنة راتبة يحافظون عليه، ويجتمعون عليه، فإني أخشى أن يكون هذا من البدعة.

السؤال: ما حكم السبحة في الإسلام مع ذكر الأدلة الصحيحة؟

الجواب: السبحة يريد بها السائل الخرز التي تنظم في سلك بعدد معين يحسب به الإنسان ما يقوله من ذكر وتسبيح واستغفار وغير ذلك، وهذه جائزة لا بأس بها، لكن بشروط:

ألا تحمل الفاعل على الرياء، أي: على مراءات الناس كما يفعله بعض الناس الذين يجعلون لهم مسابح تبلغ ألف خرزة، ثم يضعونها قلادة في أعناقهم كأنما يقولون للناس: انظروا إلينا نسبح بمقدار هذه السبحة أو ما أشبه ذلك.

الشرط الثاني: ألا يتخذها على وجه مماثل لأهل البدع الذين ابتدعوا في دين الله ما لم يشرعه من الأذكار القولية أو الاهتزازات الفعلية، لأن من تشبه بقوم فهو منهم، ومع ذلك فإننا نقول: إن التسبيح بالأصابع أفضل لأن النبي صلى الله عليه وسلم أرشد إلى ذلك فقال: ( اعقدن بالأنامل فإنهن مستنطقات ) أي: سوف يشهدن يوم القيامة بما حصل، فالأفضل للإنسان أن يسبح بالأصابع لوجوه ثلاث:

الأول: أن هذا هو الذي أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: أنه أقرب إلى حضور القلب، لأن الإنسان لابد أن يستحضر العدد الذي يعقده بأصابعه بخلاف من كان يسبح بالسبحة فإنه قد يمرر يده على هذه الخرزات وقلبه ساه غافل.

الثالث: أنه أبعد عن الرياء كما أشرنا إليه آنفاً.

السؤال: ما هي أنواع الشرك المخرج من الملة، وهل كل من عمل بها يكون مشركاً، أو الذي يقوم عليه الدليل الشرعي فقط؟

الجواب: الشرك المخرج عن الملة: هو أن يتخذ الإنسان إلهاً مع الله يعبده ويتقرب إليه بالركوع والسجود والذبح والصوم، وما أشبه ذلك، أو يتخذ مع الله رباً يستغيث به ويستنصر به ويستنجد به، فالأول: شرك في الألوهية، والثاني: شرك في الربوبية، فمن فعل شيئاً من ذلك فهو مشرك هذا هو الأصل، لكن قد يقوم بالشخص مانع يمنع من الحكم عليه بالشرك مثل: أن يكون الإنسان جاهلاً لا يدري رأى الناس يفعلون شيئاً ففعله، فإذا نبهناه ترك ما هو عليه، واهتدى فإن هذا لا يكون مشركاً مخلداً في النار؛ لأنه جاهل، إلا أنه ربما يكون غير معذور بهذا الجهل مثل: أن يفرط في طلب العلم فيقال له مثلاً: هذا شرك ولا يجوز، ولكنه يتهاون، ولا يسأل فإن هذا ليس بمعذور في جهله، لأنه مفرط ومتهاون.

السؤال: هل البسملة من سورة الفاتحة؟

الجواب: الصحيح أن البسملة ليست آية من سورة الفاتحة، والدليل على ذلك أمران: دليل قولي، ودليل فعلي.

أما الدليل القولي: فهو ما ثبت في الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عن أن النبي صلى الله وعليه وآله وسلم قال: ( قال الله تعالى: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين: فإذا قال الحمد لله رب العالمين، قال الله: حمدني عبدي، وإذا قال الرحمن الرحيم قال: أثنى علي عبدي، وإذا قال مالك يوم الدين قال: مجدني عبدي، وإذا قال: إياك نعبد وإياك نستعين قال الله: هذا بيني وبين عبدي نصفين، وإذا قال: اهدنا الصراط المستقيم قال الله: هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ).

وهذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة، لأن الله ابتدأها بالحمد لله رب العالمين، ولم يذكر البسملة، ومن المعلوم بالاتفاق أن الفاتحة سبع آيات، وعلى هذا فلا تكون البسملة منها، هذا هو الدليل القولي.

أما الدليل الفعلي: فهو أن النبي صلى الله الله عليه وآله وسلم كان لا يجهر بالبسملة في الصلاة الجهرية، وهذا يدل علي أنها ليست من الفاتحة، إذ لو كانت منها لجهر بها صلى الله عليه وآله وسلم.

السؤال: رجل متزوج وله عدد من الأطفال، يقول: كنت غير مهتدٍ إلى الطريق المستقيم، وأفسدني أصحابي حيث علموني الميسر وشرب الخمر، وأقول: بأنني لعبت الميسر وشربت الخمر، وأسرفت على نفسي وعلى أولادي، وبعد ذلك هداني الله إلى الطريق المستقيم، وقراءة القران، والصلاة والصوم بعد أن كنت لا أصوم رمضان، فهل من كفارة على ذلك العمل الذي عملته وبدر مني في الأيام السالفة؟

الجواب: لاشك أن هذا سؤال عظيم مهم، وفيه ما ذكره السائل من المنكرات العظيمة: كالخمر، والميسر، وما أشار السائل إلى عظمه من الذنوب، ولكني أقول: إن باب التوبة لم يزل مفتوحاً ولله الحمد، فقد فتح الله بابه للتائبين في كل وقت يبسط جل وعلا يده في الليل ليتوب مسيء النهار، وبالنهار ليتوب مسيء الليل، وقد بين الله سبحانه وتعالى في كتابه أنه يغفر الذنوب جميعاً لمن تاب فقال: الله تعالى: قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ [الزمر:53] .

وقال الله تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا * يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا * إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا [الفرقان:68-70] .

فذكر الله في هذه الآية الشرك وقتل النفس بغير الحق، والزنا عدوان على الله وعدوان على النفوس وعدوان على الأعراض، ومع ذلك بين أن من تاب من هذه الذنوب العظيمة فإن الله سبحانه وتعالى يبدل سيئاته حسنات، وقال تعالى: قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ مَا قَدْ سَلَفَ وَإِنْ يَعُودُوا فَقَدْ مَضَتْ سُنَّةُ الأَوَّلِينَ [الأنفال:38] ، وإذا كان الكافر إذا انتهى عن كفره وتاب إلى الله منه غفر الله له ما سلف، فكذلك العاصي إذا انتهى عن معصيته وتاب منها غفر الله له ما قد سلف، ولكن الحقوق المتعلقة بالعباد: كغصب الأموال، وأخذها بغير حق يجب على التائب أن يردها إلى أصحابها، فإن كانوا قد ماتوا ردها إلى ورثتهم، فإن جهلهم فإنه يتصدق بها عنهم وتصل إليهم، وتبرأ بها ذمته، هذا إن لم يكن أخذ هذه الأموال بمعاوضة وعقد بمعاملة مع أصحابها، فإذا كان أخذ هذه الأموال بعقد ومعاملة ومعاوضة مع أصحابها، فإنه لا يردها إليهم مثل: الميسر الذي ذكره السائل أنه كان يأخذه، فإن هذا بعقد صادر عن رضا من الآخر، فلا يلزمه أن يعيد إليه ما أخذه منه، ولكن يتصدق به تخلصاً منه، ولا يرده إلى صاحبه، لأنه لو رده إلى صاحبه لجمع له بين العوض والمعوض، أو لو رده إلى صاحبه لرده إليه، وهو راضٍ بخروجه منه على وجه محرم، نعم لو فرض أن صاحبه جاهل بأن الميسر حرام، فهنا نقول: رده على صاحبه لأنه أعطاك إياه معذوراً.

وخلاصة القول: أن من تاب من أي ذنب، فإن الله يتوب عليه، لكن إذا كان الذنب متعلق بحقوق الآدميين التي يجب ردها إليهم فإنه لا تتم التوبة إلا برد هذه الحقوق إلى أهلها.

السؤال: يوجد في بلدي عدة مساجد، وفي يوم الجمعة أكثر هذه المساجد تؤذن أذانين، وأغلب هذه المساجد للإخوة السلفيين الذين يؤذنون أذاناً واحداً، فسألت أحد الإخوة: لماذا لا يكون الأذان مرتين؟ فقال لي: الآن المساجد كثيرة، ولا داعي للأذانين، فأرجو من سماحتكم أن تفتونا في هذا مأجورين؟

الجواب: الأذان الأول لصلاة الجمعة ليس معروفاً في عهد النبي صلي الله عليه وسلم، وإنما كان الأذان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم واحداً، وكذلك الحال في عهد أبي بكر وعمر ، وفي عهد عثمان رضي الله عنه زاد الأذان الأول فصار للجمعة أذانان: الأول، والثاني، فالثاني: هو الذي يكون عند حضور الإمام أي: بين يدي الإمام، والأول يكون قبل ذلك وهو من سنة الخليفة الراشد عثمان رضي الله عنه، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضو عليها بالنواجذ ).

وإذا كان في البلد واحد يقوم بهذا الأذان الأول ويسمعه أهل البلد كما هو الحال حينما وجدت مكبرات الصوت فإنه يكفي عن بقية البلد، وتحصل به الكفاية، فإن قال قائل: إذاً قولوا: بأنه تحصل به الكفاية في الأذان الثاني لأن الناس يسمعون الآذان من المساجد الأخرى قلنا: لا سواء، فإن الأذان الثاني إنما يكون عند حضور الإمام وحضور الإمام يختلف من مسجد لآخر.

السؤال: لي أخ متوفى وعليه دين، ونحن مع ظروف الحياة لا نستطيع أن نسدد هذا الدين، ونحن نعلم أيضاً أن الميت لا يدخل الجنة إلا بعد سداد دينه، وللعلم صاحب المبلغ يطالب به، فنرجو من فضيلتكم أن تفتونا في هذا مأجورين؟

الجواب: أما قول السائل: نحن نعلم أن من عليه دين لا يدخل الجنة حتى يقضى دينه، فغير صحيح، ولا أصل له، لكن في حديث عن الرسول عليه الصلاة والسلام: ( أن نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه )، ولكن في هذا الحديث مقال، فإن من العلماء من ضعفه، وقال: ها هو النبي صلى الله عليه وآله وسلم توفي ودرعه مرهونة بدين كان عليه صلى الله عليه وسلم.

ولكن يجب على الورثة إذا مات مورثهم وعليه دين وله تركة يمكن قضاء الدين منها أن يبادروا بقضاء دينه من تركته، لأنه لا حق لهم في التركة إلا بعد الدين والوصية كما جاء ذلك في آيات المواريث: مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا [النساء:11]، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصَى بِهَا أَوْ دَيْنٍ [النساء:12]، فلا حق للورثة في المال الموروث إلا بعد قضاء الدين، وأما إذا لم يخلف تركة فإن قاموا بالوفاء عنه فهم على خير وهم مأجورون على ذلك، وان لم يوفوا عنه فإنه لا إثم عليهم.

أما الميت الذي لم نجد له تركة نوفي منها، فإن كان قد أخذ أموال الناس يريد أداءها فإن الله يؤدي عنه يوم القيامة ويرضي الغرماء، وإن كان قد أخذها يريد إتلافها، فإن الله يتلفه كما جاء ذلك في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله علية وسلم أنه قال: ( من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله ).

وإنني بهذه المناسبة أحذر إخواني المسلمين من التهاون بالدين أخذاً وقضاءً، فإن من الناس من لا يهمه أن يستدين لأمور ليس بحاجة إليها، وإنما هي أمور كمالية لا تدعو الحاجة إليها، ومن الناس من يستدين لأمور ضرورية، ويكون عنده الوفاء، ولكنه لا يوفي يماطل يقول لصاحب الحق: أعطيك غداً بعد غدٍ، كلما جاء قال: غداً بعد غدٍ، فيأثم بذلك لقول النبي صلى الله علية وسلم: ( مطل الغني ظلم ).


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع