خطب ومحاضرات
/home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 55
/audio/162"> الشيخ محمد بن صالح العثيمين . /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
Warning: Trying to access array offset on value of type null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 58
/audio/162?sub=8855"> فتاوى نور على الدرب
Warning: Undefined array key "Rowslist" in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
Warning: Attempt to read property "value" on null in /home/islamarchivecc/public_html/templates_c/f800c4caaf1f6345c5d1b344c3f9ad5482181c14_0.file.audio_show.tpl.php on line 70
فتاوى نور على الدرب [468]
الحلقة مفرغة
السؤال: اطلعت على كتاب يرى فيه مؤلف هذا الكتاب عدم كفر تارك الصلاة، ورد على من قال بكفر تارك الصلاة بأنه كفر دون كفر مستدلاً بحديث الشفاعة وغيره، فما رأي الشرع في نظركم في ذلك؟
الجواب: هذا السؤال سؤال عن مسألة عظيمة كبيرة، اختلف فيها الناس ولا سيما بعد الصدر الأول: هل كفر تارك الصلاة كفر أكبر مخرج عن الملة أو هو كفر دون كفر؟ والمرجع عند النزاع كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، لقول الله تعالى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [الشورى:10]، وقد أحالنا الله عز وجل عند التنازع إلى كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، فقال: فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ أن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخر ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا [النساء:59] ، ونحن إذا رددنا هذه المسألة إلى كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم رأينا أن الكتاب والسنة يدلان على أن تارك الصلاة كافر كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، وذلك في قوله تعالى عن المشركين: فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ، فاشترط الله تعالى للأخوة في الدين ثلاثة شروط:
الأول: التوبة من الشرك.
والثاني: إقامة الصلاة.
والثالث: إيتاء الزكاة.
ومن المعلوم أن المشروط يتخلف إذا تخلف شرطه، فالأخوة في الدين تتخلف إذا تخلف هذا الشرط المركب من ثلاثة أمور: التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، ولا تتخلف الأخوة في الدين إلا إذا خرج الإنسان من الدين بالكلية وإلا فالأخوة في الدين باقية ولو مع المعاصي والفسوق، ودليل بقاء الأخوة الإيمانية مع المعاصي والفسوق قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنثَى بِالأُنثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:178] .
فأوجب الله تعالى القصاص فيمن قتل أخاه عمداً، ومعلوم أن القتل العمد من أكبر كبائر الذنوب، وأعظم العدوان على البشر، وقد قال الله فيه: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93]، ومع ذلك لم تخرجه هذه المعصية الكبيرة من الأخوة الدينية، حيث قال جل وعلا: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ [البقرة:178]، فجعل الله تعالى المقتول أخاً للقاتل، وكذلك قال سبحانه وتعالى في الطائفتين إذا اقتتلتا من المؤمنين، قال: وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ [الحجرات:9-10]، فجعل الله الطائفتين المقتتلتين إخوةً للطائفة الثالثة المصلحة، مع أن قتال المؤمن كفر كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر )، وهذا هو الذي نقول: إنه كفر دون كفر؛ لأن الله أثبت الإيمان مع الاقتتال، فدل هذا على أن إطلاق الكفر على من قاتل أخاه يراد به كفر دون الكفر.
فأقول: الأخوة الإيمانية لا تنتفي إلا بالخروج من الدين بالكلية، والآية التي سقناها في أول الجواب تدل على أن الأخوة الإيمانية لا تثبت إلا بالشروط الثلاثة، أو بشرط مركب من ثلاثة أوصاف: التوبة من الشرك، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة.
وأما من السنة فقد ثبت في صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة ).
وفي السنن من حديث بريدة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر )، وهذا صريح في أن كفر تارك الصلاة كفر مخرج عن الملة؛ لأنه جعله فاصلاً بين المسلمين والكفار، وبين الكفر والإيمان، والفاصل والحد يخرج المفصول عن الآخر، والمحدود عن الآخر، وقد دل إجماع الصحابة رضي الله عنهم على ذلك، فقد نقل إجماعهم عبد الله بن شقيق أحد التابعين المعروفين، فقال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يرون شيئاً من الأعمال تركه كفر غير الصلاة، ونقل إجماعهم -أي: إجماع الصحابة رضي الله عنهم- على ذلك الإمام المشهور إسحاق بن راهويه ، والنظر والقياس يقتضي ذلك، فإن رجلاً يحافظ على ترك الصلاة، ويشاهد الناس يصلون وهو لا يصلي لا ليلاً ولا نهاراً، لا في المسجد ولا منفرداً، كيف يقول الإنسان: إن هذا مؤمن؟ المؤمن لا يمكن أن يحافظ على ترك الصلاة أبداً، بل المؤمن يحافظ على الصلاة، قال الله تعالى: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ [المؤمنون:1-2] إلى قوله: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ [المؤمنون:9] .
وإذا كان كذلك فهل هناك حديث يقول: إن تارك الصلاة مؤمن؟ أو يقول: إن تارك الصلاة في الجنة؟ أو يقول: إن تارك الصلاة مع المؤمنين؟ بل إن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر أن من لم يحافظ على هذه الصلوات فإنه يحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف ، والأدلة التي استدل بها من قال: إن تارك الصلاة لا يكفر، وأن كفره كفر أصغر كفر دون كفر لا تخرج عن أحوال خمسة: إما ألا يكون فيها دليل أصلاً، مثل استدلال بعضهم بقوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ [النساء:48] ، وإما أن تكون مقيدةً بوصف لا يمكن معه ترك الصلاة، كحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: ( إن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه )، وفي لفظ: ( يبتغي بذلك وجه الله ).
فهل من قال: لا إله إلا الله يبتغي بها وجه الله هل يمكن أن يدع الصلاة وهو يطلب وجه الله؟ لا يمكن أبداً، هذان اثنان.
ثالثاً: أو مقيدة بحال يعذر فيها من لم يصل مثل حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه في قوم اندرس الإسلام في عهدهم ولم يعرفوا من الإسلام إلا قول: لا إله إلا الله، فقالوها فدخلوا الجنة بها؛ لأن هؤلاء لا يعرفون شيئاً، فهم معذورون بعدم معرفة شرائع الإسلام وشعائره، ولا يكلف الله نفساً إلا وسعها.
الرابع: أحاديث ضعيفة لا تقاوم الأدلة الصحيحة الدالة على كفر تارك الصلاة كفراً أكبر مخرجاً عن الملة، ومعلوم أنه عند التعارض يؤخذ بالمتأخر إن علم التاريخ، وإلا فالترجيح والضعيف لا يمكن أن يقاوم القوي، ولا أن يعارض به القوي.
الخامس: أحاديث عامة تخصصها أحاديث ترك الصلاة، وذلك مثل أحاديث الشفاعة التي فيها أن الله يخرج من النار من لم يعمل خيراً قط، فهل قال الرسول عليه الصلاة والسلام في أحاديث الشفاعة أنهم يخرجون من النار من لم يصل؟ لا، بل قال: من لم يعمل خيراً قط، فيقال: يستثنى من ذلك الصلاة؛ لأن النصوص دلت على أن تركها كفر والكافر لا يخرج من النار؛ لقول الله تعالى: فَمَا تَنْفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ [المدثر:48] . ثم نقول لهؤلاء الذين استدلوا بحديث الشفاعة: أنتم لا تقولون بموجبه، فإذا قدر أن الذي في النار لم يقل: لا إله إلا الله فهل يخرج بالشفاعة؟
لا يخرج بالشفاعة مع أنه لم يعمل خيراً قط، فهذا النص ليس على عمومه، بل فيه ما يخصصه، وبهذا تكون أدلة القول: بكفر تارك الصلاة أدلةً قائمة سالمةً من المعارض المقاوم، فوجب الأخذ بها، ونحن نبرأ إلى الله أن نكفر من لم يكفره الله ورسوله، كما نبرأ إلى الله أن نتهيب من تكفير من كفره الله ورسوله، الأمر لله، والحكم لله، فإذا حكم على أحد بالكفر وجب علينا قبوله والرضا به والحكم بالكفر، وإذا نفى الكفر عن أحد وجب علينا الرضا بذلك ونفي الكفر عنه، وليس لنا أن نتعدى حدود الله، وليس لنا أن نعترض على شرعه، وإذا تبين أن كفر تارك الصلاة قد دل عليه الكتاب والسنة وإجماع الصحابة والنظر الصحيح، وأن ما عارضه لا يقاومه وجب الأخذ به.
بقي أن يقال: ما تقولون فيمن ترك الزكاة بخلاً وتهاوناً هل يكفر؟
فالجواب: قال بعض العلماء بكفره، وهو روايه عن الإمام أحمد رحمه الله، واستدلوا بآية التوبة التي سقناها في أول كلامنا، فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ [التوبة:11] ، ولكن الذي يظهر أنه لا يكفر مانع الزكاة بخلاً وتهاوناً؛ لما ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار، وأحمي عليها في نار جهنم، فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره، كلما بردت أعيدت في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة، حتى يقضى بين العباد، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة، وإما إلى النار )، فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: ( إما إلى الجنة وإما إلى النار ) يدل على أنه لا يكفر بذلك؛ لأنه لو كان كافراً لم يكن له سبيل إلى الجنة، وعلى هذا فيكون مفهوم الآية التي سقناها في أول كلامنا مبيناً لحديث أبي هريرة الذي ذكرناه الآن.
فإن قال قائل: ما تقولون فيمن حمل أحاديث كفر تارك الصلاة على من جحد وجوبها؟ قلنا: نقول: إن هذا غير صحيح؛ لأن من حملها على من جحد وجوبها فقد ارتكب أمرين محظورين:
الأمر الأول: صرف اللفظ عن ظاهره.
الأمر الثاني: إيجاد معنىً لا يدل عليه اللفظ، كما ارتكب أيضاً أمراً ثالثاً وهو أن جحد الوجوب موجب للكفر، سواء صلى أم لم يصل، والحديث: ( من تركها فقد كفر، وبين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة )، فكيف نعدل عن الوصف الذي رتب الشرع عليه الكفر إلى وصف لم يذكره الشرع؟ هذا من المخالفة الظاهرة، ويذكر عن الإمام أحمد في آية قتل المؤمن عمداً أن فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا [النساء:93] ، فقيل له: إن قوماً يقولون هذا فيمن استحل القتل، فضحك رحمه الله وقال: من استحل قتل مؤمن فهو كافر سواء قتله أم لم يقتله، وهكذا نقول فيمن حمل أحاديث كفر تارك الصلاة على من جحدها نقول: من جحدها فهو كافر سواء صلى أم لم يصل.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن رأى الحق حقاً واتبعه، ورأى الباطل باطلاً واجتنبه، وأن يهدينا لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم، وإنني عقب هذا أنصح من لعب به الشيطان فترك الصلاة أن يتقي الله عز وجل، وأن يعود إلى رشده، وأن يدخل في دينه الذي خرج منه، وأن يعلم أن ترك الصلاة أكفر من الزنا والخمر، والسرقة، وقطع الطريق، وغيرها من الكبائر التي دون الكفر، فليتق الله في نفسه، وليتق الله في أهله، فإن الأمر خطير، ولا يدري لعله يموت على هذه الحال فيكون من أهل النار، نسأل الله العافية والسلامة.
السؤال: ما رأيكم بمن لا يسلم إلا بصوت منخفض أو لا يسمع منه إلا الصفير، والذي يرد يقول: السلام، ففقدان البشاشة من الطرفين؟
الجواب: ثبت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ( والله لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أفلا أخبركم بشيء إذا فعملتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم ).
وإفشاء السلام إظهاره وإعلانه، ولا شك أن من سلم على وجه لا يسمع منه إلا الصفير لم يفش الإفشاء الذي ينبغي أن يكون عليه السلام، بل الذي ينبغي أن تسلم سلاماً ظاهراً يسمعه صاحبه، ويأنس به، ويطمئن إليك به، ويكون بصدر منشرح، ووجهه طليق، ويرد عليك مثلما رددت عليه أو أحسن؛ لقول الله تعالى: وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86].
وإنني بهذه المناسبة أود أن أنبه على شيء آخر يفعله بعض المجيبين للسلام، تجد الرجل يسلم على أخيه بسلام بين واضح ملء فمه، فيرد عليه الثاني بأنفه، لا يسمع منه إلا الصفير، فنقول: إن هذا لم يرد عليه السلام الواجب؛ لأن الله قال: فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا [النساء:86]، ومن المعلوم أن من سلم عليك بكلام بين فصيح واضح ثم رديت عليه بهذا الرد أنك لم ترد عليه تحيته، ولم ترد عليه بأحسن، فتكون آثماً، وبعض الناس يسلم عليه فيرد أهلاً وسهلاً، أهلاً ومرحباً، وهذا الرد ليس بكافي، ولا تبرأ به الذمة، وليس مثل الذي سلم عليك ولا أحسن منه، فهو سلم عليك: السلام عليكم، بلفظ الدعاء لك بالسلامة، وأنت رددت هذا الرد: أهلاً وسهلاً هذا سلَّم بالدعاء، ولم ترد عليه دعاءه، هذا غاية ما فيه أنه يدل على أنك رحبت به فقط، لذلك يجب على من سلم عليه أخوه فقال: السلام عليكم أن يرد، فيقول: وعليكم السلام، ثم إذا شاء بعد ذلك أردفها بأهلاً وسهلاً ومرحباً، وكيف أنت؟ وكيف حالك؟ وما أشبهه.
السؤال: إذا طاف الإنسان أربعة أشواط ثم قطع الطواف من أجل الصلاة والزحام، ثم أتمه بعد ذلك بعد خمس وعشرين دقيقة من الفصل، فما حكم هذا الطواف؟
الجواب: هذا الطواف قد انقطع بطول الفصل بين أجزائه؛ لأنه إذا قطعه من أجل الصلاة فإن المدة ستكون قليلة، الصلاة لا تستغرق إلا عشر دقائق أو ربع ساعة أو نحو ذلك، أما خمس وعشرون دقيقة فهذا فصل كثير يبطل بناء الأشواط بعضها على بعض، وعلى هذا فليعد طوافه حتى يكون صحيحاً؛ لأن الطواف عبادة واحدة، فلا يمكن أن تفرق أجزاءً وأشلاءً ينفصل بعضها عن بعض بمقدار خمس وعشرين دقيقة أو أكثر، فالموالاة بين أشواط الطواف شرط لابد منه، لكن رخص بعض العلماء بمثل ما قلت صلاة الجنازة، صلاة الفريضة، التعب فيستريح قليلاً ثم يواصل، وما أشبه ذلك.
السؤال: يرى البعض من مدرسي القرآن الكريم بأن الاستعاذة وهي أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفثه خاص بالصلاة، وليس عند قراءة القرآن الكريم، فهل هذا صحيح؟
الجواب: هذا ليس بصحيح، إذا استعاذ الإنسان بالله من الشيطان الرجيم وزاد: أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه فإن ذلك لا بأس به؛ لأن الاستعاذة في الصلاة استعاذة قبل القراءة، فهي داخلة في امتثال أمر الله تعالى بقوله: فَإِذَا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ [النحل:98] ، ومع هذا ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: ( أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه )، فإذا قالها الإنسان فلا حرج عليه، وإذا اقتصر على الجزء الأول منها أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كفى.
السؤال: ما حكم هجر المسلم من أجل أمور دنيوية أو شخصية ولا يتعلق الهجر بالدين؟
الجواب: هجر المسلم من أجل أمور دينية جائز بشرط أن يكون لهذا الهجر فائدة، مثل: أن يؤدي إلى إصلاح حال المهجور واستقامته، وأما إذا لم يؤد إلى هذه المصلحة وإنما أدى إلى شر أكبر وتمادٍ في الطغيان فإنه لا يهجر؛ لأن العاصي مهما عظمت معصيته مؤمن، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: ( لا يحل لأحد أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث، يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام )، إلا إذا كان في الهجر مصلحة وارتداع عن المعصية، وإنابة إلى الله وتوبة إليه، كما حصل للثلاثة الذين خلفوا حين أمر النبي صلى الله عليه وآله سلم بهجرهم، فما زادهم ذلك إلا صلاحاً، لكن لو تهجر في وقتنا هذا أهل المعصية ربما لا يزدادون إلا طغياناً وعتواً وكراهةً لك ولما تجيء به من الحق، فالهجر دواء إن أفاد فافعله، وإن لم يفد فلا تفعله، ما دامت المسألة بينك وبين أخيك المسلم.
أما الهجر على الأمور الدنيوية فإنه لا يجوز إلا في ثلاثة أيام فأقل؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله سلم: ( لا يحل لمؤمن أن يهجر أخاه المؤمن فوق ثلاث يلتقيان فيعرض هذا ويعرض هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام ).
السؤال: توضأت بنية صلاة الجنازة، ثم أذن للعصر، فهل وضوء الجنازة يكفي لصلاة العصر أم أتوضأ لصلاة العصر مرةً ثانية؟
الجواب: إذا توضأت لصلاة الجنازة فلا بأس أن تصلي به صلاة الفريضة، أو توضأت لصلاة نافلة فلا بأس أن تصلي به صلاة الفريضة، أو توضأت لرفع الحدث فلا بأس أن تصلي به صلاة الفريضة، أو توضأت لقراءة القرآن فلا بأس أن تصلي به صلاة الفريضة، أو توضأت لذكر الله فلا بأس أن تصلي به صلاة الفريضة؛ لأن الحدث يرتفع إذا توضأت لهذه الأشياء، وإذا ارتفع الحدث جاز لك فعل الصلاة، ويستمر ذلك إلى دخول وقت الصلاة، ولو طال الوقت ما دمت على طهارتك، حتى لو فرض أنك توضأت لصلاة الفجر وبقيت إلى صلاة العشاء على طهارتك فلا حرج عليك.
السؤال: ما هي طريقة الذبح الصحيحة بالنسبة للطيور، هل تقطع الرقبة بالكامل أو جزء منها؟
الجواب: المهم في الذبح إنهار الدم؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكله )، فإذا حصل إنهار الدم بقطع الشرايين وهما الودجان -العرقان الغليظان المحيطان بالحلقوم- حصل الإجزاء، والطير لا يتمكن الإنسان من معرفة ذلك لصغر رقبته، وعدم الإحاطة بها، فلا يبرأ بيقين إلا إذا قطع الرقبة مرةً واحدة، ولا حرج عليه في قطع الرقبة مرةً واحدة لا سيما لهذا الغرض وهو الاحتياط.
السؤال: لتربية الطيور في الأقفاص ما حكمه؟
الجواب: لا بأس أن يربي الطيور بالأقفاص إذا وفر لها ما تحتاج إليه من طعام وشراب وتدفئة في أيام البرد، وتنفيهم في أيام الحر؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ( دخلت النار امرأة في هرة حبستها، لا هي أطعمتها حين حبستها، ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض )، فدل هذا على أن من حبس حيواناً ولم يقصر فيما يحتاجه فإنه لا حرج عليه فيه.