فتاوى نور على الدرب [410]


الحلقة مفرغة

السؤال: صامت امرأة التاسع من محرم، وحاضت يوم عاشوراء، فهل يجب عليها القضاء أو يلزمها كفارة. أرجو الإفادة؟

الجواب: من المعلوم أنه لا يجب الصيام على المرء المسلم إلا صيام رمضان، وصيام رمضان أحد أركان الإسلام الخمسة؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج بيت الله الحرام )، أما صوم محرّم فقد كان واجباً في أول الأمر ثم نسخ بصوم رمضان، وصار صومه تطوعاً؛ أعني: صوم محرم، وصوم العاشر منه أوكد من صوم بقية الأيام منه.

وبناء على هذا فنقول في الجواب على سؤال هذه المرأة: إنها لما صامت اليوم التاسع ومن نيتها أن تصوم اليوم العاشر ولكن حال بينها وبينه ما حصل لها من الحيض، فإنه يرجى أن يكتب لها أجر صوم اليوم العاشر؛ لأنها قد عزمت النية على صومه لولا المانع، والإنسان إذا نوى العمل الصالح وسعى في أسبابه، ولكن حال بينه وبينه ما لا يمكن دفعه، فإنه يكتب له أجره؛ لقول الله تبارك وتعالى: وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهَاجِرًا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ [النساء:100]، وهذه المرأة التي حصل لها ما يمنع صوم اليوم العاشر وهو الحيض، لا يشرع لها أن تقضي اليوم العاشر؛ لأن صوم اليوم العاشر مقيد بيومه، فإن حصل منه مانع شرعي فإنه لا يقضى؛ لأنه سنة فات وقتها.

السؤال: ما حكم الشرع في نظركم في لبس الكم القصير، خاصة عند المحارم بالنسبة للمرأة؟

الجواب: ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (صنفان من أهل النار لم أرهما بعد، قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس )، يعني: يضربونهم عدواناً وظلماً، لا تأديباً وتقويماً، ولهذا لم يقل: يؤدبون بها الناس، بل قال: يضربون بها الناس، (ونساء كاسيات عاريات، مائلات مميلات، رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة، لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا )، قال أهل العلم في جملة ما قالوه في معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (كاسيات عاريات ) إن المراد بذلك: الكسوة التي لا تستر، إما لضيقها، وإما لخفتها ورقتها، وإما لقصرها، وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن نساء الصحابة كن يلبسن الثياب والقمص الساترات من الكف إلى الكعب أي: من كف اليد إلى كعب الرجل، وهذا هو اللباس المشروع الذي ينبغي للمرأة أن تتحلى به. ولكن لا حرج عليها أن تسفر كمها عند الحاجة إذا لم يكن عندها إلا نساء أو محارم، وكذلك أن ترفع ثوبها عند الحاجة لبعض الساق إذا لم يكن عندها إلا رجال محارم أو نساء.

وأما تقصير اللباس قصداً حتى يكون دون الذراع أو حتى يكون إلى الركبة، فإن هذا يدخل في قوله صلى الله عليه وسلم: (كاسيات عاريات )، ثم إنه يفتح للنساء باب التوسع حتى يذهبن إلى أكثر من ذلك، فسد الباب أولى وأحسن.

فلتكن ثياب المرأة طويلة الأكمام سابغة إلى حد الكعب، ولكن إذا خرجت إلى السوق فإنها تستر حتى الكفين والقدمين.

وها هنا مسألة يتوهم فيها بعض الناس ما ليس بمقصود من الشارع، وذلك أن بعض الناس توهم من قوله صلى الله عليه وسلم: (لا تنظر المرأة إلى عورة المرأة، ولا الرجل إلى عورة الرجل) أن ذلك يعني: أنه يجوز للمرأة أن تكشف من بدنها ما ليس بين السرة والركبة، وهذا فهم خاطئ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخاطب اللابسة المنظورة، وإنما خاطب الناظرة، يقول: لا تنظر إلى عورة المرأة، المرأة لا تنظر إلى عورة المرأة، وليس يعني ذلك أن المرأة ليس عليها من الثياب إلا ما بين السرة والركبة فإن هذا لم يفهمه أحد، وأي واحد يستطيع أن يقول: إن نساء المسلمين كن يقتصرن على لبس السروال أو إزار يستر ما بين السرة والركبة والباقي يكون خارجاً، من يقول هذا؟ بل نساء الصحابة كما أسلفت عن شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: يلبسن من القمص ما يستر ما بين الكف والكعب، لكن مراد النبي عليه الصلاة والسلام أن المرأة اللابسة إذا بدا شيء من عورتها عند قضاء الحاجة أو غير ذلك، فإنه لا يجوز للمرأة أن تنظر إلى عورتها، وهكذا يقال في الرجل، فإن الناس في عهد الرسول عليه الصلاة والسلام يلبسون الإزار والرداء فيسترون جميع البدن، ولم يكن أحد يلبس إزاراً دون رداء إلا إذا كان فقيراً، كما في قصة الرجل الذي قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين عرضت عليه المرأة يردها فقال رجل: إن لم يكن لك بها حاجة فزوجنيها، وليس عنده إلا إزار، فهذا فقير وإلا فإن الناس الذين يجدون الإزار والرداء يلبسون إزاراً ورداءً.

وعلى كل حال الحديث توهم فيه بعض الناس بأنه يجوز للمرأة أن تخرج صدرها وما على بطنها، وأن تخرج ثدييها للنساء وهذا خطأ، لكن الأمر كما قلت: الخطاب موجه للناظرة لا للمنظورة، أما المنظورة فإنها قد لبست ثياباً ساترة عادية، لكن قد تبدو عورتها لسبب من الأسباب فلا يجوز للمرأة أن تنظر إليها.

السؤال: يقول في سؤاله يستفسر عن الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر:32]، أرجو إيضاح هذه الثلاثة الأقسام؟

الجواب: يقول الله عز وجل: ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا [فاطر:32] يعني بهم هذه الأمة أورثهم الله الكتاب، فكان كتابهم وهو القرآن الكريم آخر كتاب أنزله الله تعالى على أهل الأرض؛ لأنه نزل على محمد صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين، أورثهم الله الكتاب وبين الله في هذه الآية أنه اصطفى هذه الأمة على غيرها من الأمم، وقسم هذه الأمة إلى ثلاثة أقسام: ظالم لنفسه، ومقتصد، وسابق بالخيرات.

فالظالم لنفسه: هو الذي ظلم نفسه بفعل ما لا يجوز أو بترك ما يجب.

والمقتصد: هو الذي اقتصر على فعل الواجب وترك المحرم.

والسابق للخيرات: هو الذي قام بالواجب وبما زاد عليه من التطوع، وتجنب المكروه، وتجنب الحرام، والمكروه والمباح الذي لا يستفيد منه شيئاً.

مثال الأول الظالم لنفسه: رجل كان يصلي لكنه لا يأتي بما يجب في الصلاة من شروط وأركان أو واجبات فهذا ظالم لنفسه، أو رجل يزكي لكنه لا يحتاط ولا يزكي جميع ما تجب فيه الزكاة من ماله فهذا ظالم لنفسه.

ومثال الثاني: رجل يصلي لكنه يؤخر الصلاة إلى آخر الوقت ولا يأتي بمكملاتها، يقتصر في التسبيح على واحدة، ويقتصر في القراءة على الفاتحة، ويقتصر في الركوع والسجود على أدنى ما يجب وهكذا، وفي الصدقة يأتي بالواجب من الزكاة ولا يزيد عليه.

وأما الثالث: السابق بالخيرات فهو الذي يأتي بالواجبات ويفعل ما يكملها من المستحبات، فيصلي الصلاة على أكمل وجه وأتمه، ويأتي بالرواتب التابعة لها ويصلي التطوع، وكذلك يؤدي الزكاة ويتصدق بما زاد على ذلك، هذا هو السابق بالخيرات.

ثم ختم الآية بقوله: ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر:32] أي: ذلك السبق في الخيرات هو الفضل الكبير، فإنه لا فضل أكبر من أن يمن الله تعالى على الإنسان بالمسابقة إلى الخير، وفعل ما يستطيع من الطاعات الواجبة والمستحبة.

السؤال: ثلاثة إخوة يسكنون في بيت واحد، ويعملون في مكان واحد، مأكلهم ومشربهم واحد، وفي عيد الأضحى يضحون بأضحية واحدة، ومعنى ذلك: أن الثلاثة يذبحون أضحية كما ذكرت، ويقولون: بأنه يجزئ عنهم الثلاثة؛ لأن أموالنا واحدة، ونحن نشترك في كل شيء، ما الحكم في هذا بارك الله فيكم؟

الجواب: الظاهر لي أن الحكم في هذا أن أضحيتهم هذه مجزئة؛ لأن مالهم بمنزلة المال الواحد، فتجزئ عنهم الأضحية الواحدة؛ لأنهم بيت واحد؛ وكان الصحابة رضي الله عنهم يضحون بالشاة عنهم وعن أهل بيتهم، بخلاف ما لو كان كل واحد منهم مختصاً بماله، فإن الأضحية الواحدة لا تجزئ عنهم، ولهذا لو اشترك ثلاثة جيران في أضحية واحدة فإن ذلك لا يجزئ، ولا تكون الشاة هذه شاة أضحية بل هي شاة لحم؛ لأن من شروط الأضحية: أن تكون على وفق الشرع، ولم ترد الشريعة باشتراك اثنين فأكثر في شاة واحدة، وإنما كان الاشتراك في البقر والإبل، يشترك السبعة في بقرة، والسبعة في بعير.

ومن المعلوم أن من شرط العمل الصالح أن يكون على وفق الشريعة، فمن عمل عملاً ليس عليه أمر الله ورسوله فهو مردود عليه، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).

أما هؤلاء الجماعة فهم في بيت واحد ومالهم واحد فهم بمنزلة رجل واحد، فتجزئ الشاة عنهم جميعاً.

السؤال: رجل أعطاني جمرات في اليوم الثاني عشر لكي أرمي بدلاً عنه بحجة أنه مسافر والمسافة بعيدة، ولعلمكم بأنه ليس مريضاً، فما حكم الشرع في نظركم في هذا العمل؟

الجواب: نَظَرُنا أن هذا العمل لا يجزئه؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الحج، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إنما جعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله )، ومن وكّل غيره بذلك فإنه لم يقم بذكر الله في هذه الجمرات.

وعلى هذا فإن رمي هذا الوكيل لا يجزئ عن موكله، والواجب على موكله الآن أن يستغفر الله ويتوب إليه مما صنع، وأن يذبح فدية توزع على الفقراء في مكة؛ لأنه ترك واجباً من واجبات الحج، وقد قال أهل العلم: إن الإنسان إذا ترك واجباً من واجبات الحج وجبت عليه فدية تذبح في مكة وتوزع جميعها على الفقراء هناك.

وليعلم أن الحج عبادة يتقرب بها الإنسان إلى ربه، وأن الإنسان نفسه مكلف بها وبإتمامها، كما قال الله تعالى: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196].

فالواجب على من شرع في حج أو عمرة أن يتمها بنفسه، ولا يجوز أن يوكِّل فيها لا في الطواف ولا في السعي ولا في المبيت ولا في الرمي ولا في الوقوف بعرفة، لابد أن تباشر أنت بنفسك هذه الأعمال، ولولا أن الصحابة كانوا يرمون عن الصبيان لقلنا: إن من عجز عن رمي الجمرات فإنه لا يستنيب أحداً؛ لأنها عبادة متعلقة ببدن الفاعل، فإن قدر فذاك وإن لم يقدر سقطت عنه، فإن كان لها بدل أتى ببدلها وإن لم يكن لها بدل سقطت بالكلية.

وأما تهاون بعض الناس اليوم في التوكيل في رمي الجمرات فإنه يدل على أحد أمرين: إما على نقص في العلم، أو على ضعف في الدين، وأما من كان عنده علم بشريعة الله فإنه يتبين له أن رمي الجمرات كغيرها من واجبات الحج، لا بد أن يقوم الإنسان به، بنفسه ولا يجوز أن يوكل غيره، فإن الله تعالى قال: وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ [البقرة:196]، والإتمام يشمل إتمام جميع أعمالهما، فإن قال قائل: إذا كان معي نساء فإن النساء ضعيفات لا يستطعن مقاومة هذا الزحام الشديد الذي قد يحصل به الموت أحياناً، وذلك لغشم الناس وعدم معرفتهم بما ينبغي أن يكونوا عليه في هذه المناسك من الرفق والرحمة بإخوانهم، فإذا ذهبنا بالنساء للرمي سار عليهن المشقة وربما يحصل عليهن ضرر.

فالجواب عن هذا أن نقول: إن هذا الزحام ليس دائماً، بل هذا الزحام يكون عند ابتداء وقت الرمي في الغالب ثم يخف الناس شيئاً فشيئاً، فانتظر وقت خفة الناس ولو أن ترمي في الليل فإن الرمي في الليل جائز ولاسيما عند هذا الزحام الشديد. ولا يجوز أن يوكل النساء من يرمي عنهن من أجل الزحام، ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة في آخر الليل ليرموا الجمرات قبل زحمة الناس، فأمرهم أن يقتطعوا جزءاً من المبيت في مزدلفة، مع أن المبيت بمزدلفة من شعائر الله ومن المشاعر العظيمة، قال الله تعالى: فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرَامِ [البقرة:198]، ومع هذا أمرهم النبي عليه الصلاة والسلام أن يقتطعوا جزءاً من هذه العبادة من أجل أن يسلموا من الزحام، ولم يقل صلى الله عليه وسلم: اجلسوا لا تجهروا إلا معنا ووكلوا من يرمي عنكم، ولو كان هناك مسار للتوكيل لكان التوكيل أهون من أن يقتطعوا جزءاً من المبيت في مزدلفة، ورخص لهم أن يتقدموا وأن يرموا قبل الوقت الذي رمى فيه، والصحيح أنه يجوز أن يرموا ولو قبل الفجر، ومتى أبيح لهم الدفع من مزدلفة أبيح لهم الرمي، ومتى وصلوا إلى منى؛ لأن رمي الجمرات تحية منى، وكذلك الرعاة أذِنَ لهم الرسول عليه الصلاة والسلام أن يرموا يوماً ويدعوا يوماً، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمى عنهم في اليوم الذي هم فيه غائبون عن منى.

فلهذا يجب على المسلم أن يتقي الله في نفسه وأن يؤدي أفعال النسك بنفسه، إلا ما عجز عنه وورد فيه التوكيل.

السؤال: صليت الخمسة فروض يوم التروية يوم الثامن من ذي الحجة، كل فرض أربع ركعات والمغرب ثلاث، ولكن أعلمني أحد الإخوان بأنه لا بد أن يكون قصراً، فما حكم ذلك أيضاً؟

الجواب: صلاتك صحيحة؛ لأنك أتممت في موضع القصر، ولكن السنة أن المسافر يقصر الصلاة الرباعية إلى ركعتين، وإن أتم فإن صلاته ناقصة وليست بباطلة، ولكن إذا كان الإنسان جاهلاً كحالك، فإننا نرجو أن يوفيك الله أجرك كاملاً؛ لأنك مجتهد، ولم تفعل شيئاً محرماً وإنما فعلت شيئاً مفضولاً فقط.

السؤال: بعد السعي للعمرة قمت بقص شعرات من رأسي هل يصح ذلك أو يكون التقصير للشعر كله؟

الجواب: الواجب أن يكون التقصير للشعر كله في العمرة وفي الحج، بأن يكون التقصير شاملاً لجميع الرأس لا لكل شعرة بعينها، وما يفعله بعض الناس من كونه يقص عند المروة شعرات إما ثلاث أو أربعاً فإن ذلك لا يجزئ؛ لأن الله تعالى قال: مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ [الفتح:27].

ومعلوم أن أخذ شعرات ثلاث أو أربع من الرأس لا يترك فيه أبداً أثر التقصير ولا كأن الرجل قصّر، فلا بد من تقصير يظهر له أثر على الرأس، وهذا لا يمكن إلا إذا عم التقصير جميع الرأس وتبين أثره.

وعليه: فالذي أرى أن من الأحوط لك أن تذبح فديه في مكة توزع على الفقراء هناك؛ لأنك تركت واجباً وهو التقصير، وقد ذكر أهل العلم أن ترك الواجب فيه فدية تذبح في مكة وتوزع على الفقراء هنالك.

السؤال: إنسان جاهل لا يكتب ولا يقرأ، ويريد أن يصلي ولم يحفظ من القرآن الكريم إلا الفاتحة فقط، هل تجوز صلاته بدون قراءة التحيات وبعض آيات من القرآن وبذلك تكون صلاته مقبولة لله عز وجل، أرجو التفضل بالإجابة مشكورين؟

الجواب: لدينا قاعدة ثابتة في كتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين، وهي أن الإنسان يجب عليه أن يتقي الله ما استطاع، وأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها، قال الله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [التغابن:16]، وقال تعالى: لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [البقرة:286]، وقال تعالى: أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ * وَلا نُكَلِّفُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا [المؤمنون:61-62]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )، وهذا السائل ذكر أنه لا يعرف من أقوال الصلاة المشروعة إلا الفاتحة، فعليه أن يقرأ الفاتحة؛ لأنها ركن، ولكن لا أدري كيف يعرف الفاتحة ولا يعرف أن يقول: سبحان ربي العظيم في الركوع، وسبحان ربي الأعلى في السجود، والله أكبر في الانتقالات، وسمع الله لمن حمده وربنا ولك الحمد في الرفع من الركوع، كيف يكون هذا، فلعل السؤال كان فيه شيء من الالتباس، نعم ربما لا يعرف التحيات لأنها طويلة، فإذا كان لا يعرفها فإنها تسقط عنه، لكن يجب عليه أن يتعلمها بقدر المستطاع، ولا يحل له أن يفرط ويدعها، والذي سهل عليه قراءة الفاتحة فإنه سيسهل عليه قراءة التشهد، ولكن يظهر أن الرجل لم يتيسر له من يعلمه التشهد فليطلب من يعلمه التشهد، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسراً.


استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة اسٌتمع
فتاوى نور على الدرب [707] 3913 استماع
فتاوى نور على الدرب [182] 3693 استماع
فتاوى نور على الدرب [460] 3647 استماع
فتاوى نور على الدرب [380] 3501 استماع
فتاوى نور على الدرب [221] 3496 استماع
فتاوى نور على الدرب [411] 3478 استماع
فتاوى نور على الدرب [21] 3440 استماع
فتاوى نور على الدرب [82] 3438 استماع
فتاوى نور على الدرب [348] 3419 استماع
فتاوى نور على الدرب [708] 3342 استماع