عنوان الفتوى : أذية الجن للإنس
أسأل الله أن يبارك فيكم أجمعين، وأن يجعل هذا الموقع في ميزان حسناتكم.
لي أخت تلبّسها جنّ منذ 15 سنة، والجنيّ حاليًّا يمزق ملابسها كلها، وعندما أسأل أختي: لماذا يفعل هذا معك؟ تقول: إنه يريد أن ينام معي، ويلمسني، فأتعجب من هذا الأمر؛ لأني سمعت أحدا من أهل العلم يقول: إن الجن مخلوقون من النار، والملائكة مخلوقون من النور، والإنس مخلوقون من الطين والماء، وقال باستحالة أن يلمس الجني المرأة، أو ينام معها في الفراش، وقال أيضًا: لو كان الأمر كذلك؛ لكان من الممكن أن تحمل منه، فلماذا يفعل الجني مع أختي هذه الأفاعيل!؟ فهو يضرب أختي على جسدها، وآثار الضرب تظهر على جسمها، وقد مزّق ملابسها كلها، فهل يوجد في السنة النبوية عن النبي صلى الله عليه وسلم دعاء للتحرز والوقاية من الجن؛ لئلا يضرّ أختي بشيء؟ فالجن يجعل أختي تتشنج، ويغمى عليها في الشارع، فما الحل؟ جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم.
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمعاشرة الجني للإنسية لا يمنع إمكان وقوعها بما ذُكِر في السؤال! والراجح أنه ممكن، وراجع في ذلك الفتاوى: 262318، 70368، 52563، 118664.
وكذلك يمكن للجني أن يؤذي الإنسية، ويحملها على التكشف، فعن عطاء بن أبي رباح، قال: قال لي ابن عباس: ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قلت: بلى، قال: هذه المرأة السوداء، أتت النبي صلى الله عليه وسلم، قالت: إني أصرع وإني أَتَكَشَّفُ، فادع الله لي، قال: «إن شئت صبرتِ ولكِ الجنة، وإن شئتِ دعوت الله أن يعافيك» قالت: أصبر، قالت: فإني أتكشف، فادع الله أن لا أتكشف، فدعا لها. رواه البخاري ومسلم.
قال الحافظ ابن حجر في «فتح الباري»: وعند البزار من وجه آخر عن ابن عباس في نحو هذه القصة، أنها قالت: إني أخاف الخبيث أن يجردني، فدعا لها .. اهـ.
وقال ابن القيم في «زاد المعاد»: الصرع صرعان: صرع من الأرواح الخبيثة الأرضية، وصرع من الأخلاط الرديئة، والثاني هو الذي يتكلم فيه الأطباء في سببه وعلاجه.
وأما صرع الأرواح، فأئمتهم وعقلاؤهم يعترفون به، ولا يدفعونه، ويعترفون بأن علاجه بمقابلة الأرواح الشريفة الخيرة العلوية لتلك الأرواح الشريرة الخبيثة، فتدافع آثارها، وتعارض أفعالها وتبطلها ..
وعلاج هذا النوع يكون بأمرين: أمر من جهة المصروع، وأمر من جهة المعالج:
فالذي من جهة المصروع، يكون بقوة نفسه، وصدق توجهه إلى فاطر هذه الأرواح وبارئها، والتعوذ الصحيح الذي قد تواطأ عليه القلب واللسان؛ فإن هذا نوع محاربة، والمحارب لا يتم له الانتصاف من عدوه بالسلاح إلا بأمرين:
أن يكون السلاح صحيحًا في نفسه جيدًا.
وأن يكون الساعد قويًّا.
فمتى تخلف أحدهما، لم يغنِ السلاح كثير طائل، فكيف إذا عدم الأمران جميعًا -يكون القلب خرابًا من التوحيد، والتوكل، والتقوى، والتوجه، ولا سلاح له-!؟ اهـ.
وراجع في التعوذات والرقى النبوية المتعلقة بالتحصن من الجن، وعلاج المس الفتاوى: 80694، 233668، 279013.
والله أعلم.