فتاوى نور على الدرب [374]


الحلقة مفرغة

السؤال: رجلٌ له خمسةٌ من الأولاد، منهم ولدٌ كبير في السن، وأما الباقون فهم أطفال في المدارس، الابن الأكبر يعمل موظفاً ويقوم بمساعدة والده بتربية إخوانه، قام الوالد بتسجيل التركة باسم هذا الولد الكبير؛ لأنه يساعده في تربية الأطفال، ووالدهم ما زال على قيد الحياة، فهل له الحق في هذا التخصيص؟

الجواب: لا يجوز لهذا الوالد أن يكتب التركة باسم ولده الأكبر؛ لأن هذا يتضمن وصيةً لوارث، وقد حدد الله عز وجل للورثة نصيبهم بعد موت مورثهم، وقال في آيةٍ من آيات المواريث: آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا [النساء:11]، وقال في الآية الثانية بعد ذكر المواريث: تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ * وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا خَالِدًا فِيهَا وَلَهُ عَذَابٌ مُهِينٌ [النساء:13-14]، وقال في الآية الثالثة بعد ذكر مواريث الإخوة الأشقاء أو لأب: يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ [النساء:176]، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا وصية لوارث ).

وعلى هذا؛ فلا يحل لهذا الوالد أن يكتب تركته باسم ولده الأكبر، بل ولا يحل له أن يخصص ولده في حياته بشيءٍ دون إخوته؛ لأن بشير بن سعد رضي الله عنه نحل ابنه النعمان بن بشير نحلة، فقالت له أم النعمان: لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذهب بشير بن سعد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشهده، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (أشهد على هذا غيري، فإني لا أشهد على جور)، وقال: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )، وعلى هذا؛ فلا يجوز لهذا الوالد أن يخصص ولده الأكبر بشيء، لا في حياته ولا بعد مماته، نعم لو فرض أن ولده الأكبر تفرغ للعمل معه في تجارته، فله أن يجعل له أجرة شهرية على حسب أجرة المثل، وله أن يشركه معه في الربح، فيعطيه نصف الربح أو ثلث الربح أو ما أشبه ذلك، مما جرت العادة بمثله، أما بالنسبة لهذا الابن الأكبر الذي أعان والده بتربية إخوانه فإن له أجراً عند الله عز وجل من وجهين: من جهة البر بوالده، ومن جهة صلة الرحم بإخوانه، وهذا خيرٌ من الدنيا وما فيها.

وإنني بهذه المناسبة أود أن أشير إلى مسألةٍ نبهت عليها من هذا المنبر كثيراً، وهي أن بعض الناس يكون له أولاد صغارٌ وكبار، فيبلغ الأولاد الكبار سن الزواج، فيزوجهم الأب، ثم يكتب وصية للأولاد الصغار الذين لم يبلغوا سن الزواج في حياته، فيكتب لهم وصية بقدر المهر الذي أعطاه المتزوج لكل واحد، وهذا لا يجوز، لأن الزواج من جملة الإنفاق، فيعطى كل واحدٍ من الأولاد ما يحتاجه، وإذا كان هؤلاء الأولاد الصغار لم يحتاجوا ذلك في حياة والدهم، فإنه لا يحل له أن يوصي لهم بشيء، فإن فعل فقد أوصى لوارث، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا وصية لوارث).

السؤال: هناك بعض المسلمين في صلاة العشاء بعد انتهائهم من الفريضة يقوم واحد منهم فيقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام! ثم يقوم الجميع قبل التسبيح ويأتون بالسنة والوتر، بعد ذلك يبدأ واحد منهم بالتسبيح، وهم يرددون وراءه، هل هذا العمل صحيح أم أنه بدعة؟

الجواب: هذا عملٌ مبتدع منكر لم يكن عليه الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، وإنما المشهور أن يسبح كل إنسانٍ بنفسه، فيقول بعد السلام: أستغفر الله ثلاثاً، اللهم أنت السلام ومنك السلام وإليك السلام تباركت وتعاليت يا ذا الجلال والإكرام! ويذكر الله تعالى ثلاثاً فيقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، إلا في صلاتي المغرب والفجر فإنه يذكر الله عشر مرات: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، ويذكر الأذكار الواردة في هذا، وهي على أربعة أوجه: فالوجه الأول: أن يقول: سبحان الله والحمد لله والله أكبر ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعة وتسعون، ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، والوجه الثاني: أن يقول: سبحان الله سبحان الله سبحان الله حتى يكمل ثلاثاً وثلاثين، ثم يقول: الحمد لله الحمد لله حتى يكمل ثلاثاً وثلاثين، ثم يقول: الله أكبر الله أكبر أربعاً وثلاثين، فيكون الجميع مائة، والوجه الثالث: أن يقول: سبحان الله سبحان الله عشر مرات، والحمد لله الحمد لله عشر مرات، والله أكبر الله أكبر عشر مرات، فالجميع ثلاثون، والوجه الرابع: أن يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمساً وعشرين مرة، فيكون الجميع مائة، فتارةً يقول هذا وتارةٌ يقول هذا، ثم بعد هذا يصلي الراتبة إن أحب أن أن يصليها في المسجد، وإن أحب يصليها في البيت فهو أفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، حتى وإن كان في المسجد الحرام أو المسجد النبوي فإن الأفضل أن يصلي الراتبة في بيته؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي الرواتب في بيته، ولا يصليها في مسجده، مع أن الصلاة في مسجده خير من ألف صلاة فيما عداه إلا المسجد الحرام، بل يقول لأصحابه: (أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة )، يكلمهم في ذلك، وعندهم المسجد النبوي، وهو دليلٌ على أن صلاة النافلة في البيت أفضل، حتى وإن كنت في المسجد الحرام أو في المسجد النبوي؛ لما في الصلاة في البيت من المصالح الكثيرة، فمن الفضائل الكثيرة للصلاة في البيت، أن الإنسان يتبع الأفضل دون ما يهواه، واتباع الإنسان ما هو أفضل مع دعاء نفسه إلى خلافه أعظم أجراً، فكثيرٌ من الناس يهوى ويرغب أن يصلي في المسجد الحرام حتى الرواتب وحتى النوافل، أو أن يصلي في المسجد النبوي حتى الرواتب والنوافل فتدعوه نفسه إلى ذلك دعاءً حثيثاً، فإذا ترك هذا إلى ما هو أفضل كان له في ذلك أجر.

ثانياً: أن في الصلاة في البيت صلاة النوافل اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم.

ثالثاً: أن في الصلاة في البيت خيراً للبيت؛ لأن العبادة في مكان يكون فيها تأثير في هذا المكان، ولهذا قال النبي عليه الصلاة والسلام: (لا تجعلوا بيوتكم قبوراً )، أي: لا تخلوها من الصلاة كما تخلى القبور من الصلاة.

رابعاً: أن العائلة والأولاد الصغار إذا رأوك تصلي ألفوا الصلاة وأحبوها وفهموها وعلموها، وفيها أيضاً فضائل أخرى لا تحضرني الآن، لكن المهم أن الصلاة في البيت أفضل من الصلاة في المسجد بالنوافل فقط، إلا إذا دل الدليل على أن النافلة في المسجد أفضل فليتبع الدليل، كالقيام في رمضان مثلاً، فإن صلاتها في المساجد أفضل؛ لأن هذا هو هدي السلف الصالح، بل لأن هذا هو الذي جاءت به سنة الرسول عليه الصلاة والسلام، فإن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في المسجد جماعة ثلاث ليالٍ في رمضان، ثم تركها خوفاً من أن تفرض على الناس، المهم أن الصلاة في البيت أفضل، أعد السؤال.

السؤال: هناك البعض من المسلمين بعد صلاة العشاء بعد انتهائهم من صلاة الفريضة يقوم واحدٍ منهم فيقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام! ثم يقوم الجميع قبل التسبيح ويأتون بالسنة والوتر، ثم يقوم بعد ذلك واحد منهم بالتسبيح وهم يرددون وراءه ذلك، هل هذا صحيح؟

الجواب: نعم بينت في أول الجواب أنه بدعة منكرة، وأن السنة أن يسبح كل إنسانٍ بنفسه دون أن يكون بصوتٍ جماعي، وقلت: إن الأفضل في الراتبة أن تكون في البيت؛ لأن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة، وكذلك أيضاً كونهم يصلون الراتبة قبل أن يسبحوا، هذا أيضاً ليس بصواب؛ لأن التسبيح تبعٌ لصلاة الفريضة، فلا ينبغي أن يفصل بينه وبين الفريضة بنافلة.

السؤال: ماذا يفعل المؤمن إذا كان قلبه لا يخشع عند ذكر الله أو في الصلاة؟

الجواب: إذا كان القلب لا يخشع عند ذكر الله أو في الصلاة، فهو دليلٌ على أن القلب فيه مرض، فعلى الإنسان أن يعالج هذا المرض بكثرة الإنابة إلى الله عز وجل، ودعائه سبحانه وتعالى، وصدق النية في طلب الوصول إلى مرضاته، والاستعاذة بالله من الشيطان الرجيم، إذا أراد الشيطان أن يحول بينه وبين عبادته، وإذا رغب إلى الله عز وجل في أن يلين قلبه لذكره وما نزل من الحق، ودعا الله عز وجل بصدق وإخلاص، فإن الله سبحانه وتعالى قريبٌ مجيب يجيب دعوته، ويحصل له مطلوبه، ومن أكبر الأسباب لاستقامة القلب وسلامته كثرة قراءة القرآن، فإنه يلين القلوب ويزيدها ثباتاً، خصوصاً إذا قرأه الإنسان بتدبر، وقرأه وهو يشعر أنه يقرأ كلام الله عز وجل، وقرأه وهو يصدق بأخباره، وقرأه وهو يلتزم بفعل أوامره وترك نواهيه، فإنه يرجى أن يحصل على خيرٍ كثير.

السؤال: هل تجوز الصلاة لشخصٍ متوفى كان قد فاتته بعض الفروض من الصلوات؟

الجواب: الميت إذا مات فإنه لا يقضى عنه شيء من العبادات، إلا ما جاء به النص، والنص جاء بقضاء الحج عنه، وقضاء الصوم، أما الحج فإن امرأةً جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: (يا رسول الله! إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت، أفأحج عنها؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أرأيت لو كان على أمك دينٌ أكنت قاضيته؟ قالت: نعم، قال: اقضوا الله فالله أحق بالوفاء )، وأما الصوم فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه )، وكذلك لو فرض أن الميت مات ولم يخرج الزكاة فإنها تخرج من تركته؛ لأن الزكاة دين، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام: (اقضوا الله فالله أحق بالوفاء )، فهذه ثلاثةٌ من أركان الإسلام دل الدليل على أنها تقضى عن الميت، وهي الزكاة والصوم والحج، على أن الزكاة في الحقيقة لم تقضَ عن الميت قضاءً كاملاً، وإنما أخرجت من تركته، وأما الصلاة فلم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم الأمر بقضائها، فإذا مات الإنسان وعليه صلوات لم يصلها، فإنها لا تقضى عنه، ولا يطعم عنه بدلاً عن الصلاة؛ لأن ذلك لم يرد، والعبادات توقيفية، إذا لم ترد عن الشرع فليس لنا أن نشرع منها شيئاً.

السؤال: نستفسر عن صلاة اسمها: صلاة الاستغفار، ما صحة هذه؟

الجواب: لا أعلم أن هناك صلاةً تسمى صلاة استغفار، لكن إذا توضأ الإنسان وأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين لا يحدث فيها نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه، كما صح ذلك من حديث عثمان بن عفان رضي الله عنه، فإذا أسبغت الوضوء وصليت صلاةً لا تحدث فيها نفسك، فإنه يغفر لك ما تقدم من ذنبك، حتى الذنب الذي فعلته آخر شيء.

مداخلة: كيف التحديث مع النفس؟

الشيخ: التحديث مع النفس هي الوساوس التي نسميها الهواجس.

السؤال: إذا انتهى المأموم من الصلاة في التشهد الأول والإمام لم ينتهِ بعد، فهل يكمل باقي التشهد أم يصمت، أم يدعو بعض الأدعية في هذه الفترة؟

الجواب: أضف عليه قسماً رابعاً، نقول: إذا انتهى المأموم من التشهد الأول قبل أن يقوم الإمام، فأمامه أربعة أشياء: إما أن يعيد التشهد مرةً أخرى، وإما أن يكمله، وإما أن يسكت، وإما أن يدعو بأدعيةٍ يختارها، وأقرب شيء أن يكمل التشهد ولا حرج عليه؛ فإن كثيراً من أهل العلم يرون أن التشهد الأول يشرع فيه أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وهي اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميدٌ مجيد، وهذا خيرٌ من السكوت أو الدعاء بأدعيةٍ لم ترد بها السنة، وأحسن من تكرار التشهد الأول.

وقولي: خيرٌ من الأدعية التي لم ترد بها السنة ليس مقتضاه أن الإنسان لا يدعو في صلاته إلا بدعاءٍ جاءت به السنة، بل الإنسان يدعو في صلاته بما شاء، لكن يحافظ أولاً على الأدعية الواردة، ثم يدعو بما شاء، والدعاء لله عز وجل عبادة، حتى وإن دعوت بأمرٍ يتعلق بالدنيا، ولهذا جاء في الحديث: (الدعاء هو العبادة )، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وقول بعض الفقهاء: إن الإنسان لا يدعو في صلاته بأمرٍ من أمور الدنيا، قولٌ ضعيف. والصواب أنه يجوز أن تدعو في صلاتك بما شئت، ما لم تدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحم، فإذا دعوت بشيء يتعلق بالدنيا، فلا حرج عليك، كما لو دعوت بشيء يتعلق بالآخرة.

السؤال: من عادتي -والحمد لله- بأنني لا أنام حتى أوتر، وفي ليلة نمت ولم أوتر نسياناً مني، وتذكرت ذلك في اليوم الثاني، هل أصلي وتر تلك الليلة بعد أن تذكرت؟

الجواب: نعم، إذا نسيت الوتر ولم تذكره إلا في النهار فصله؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من نام عن صلاةٍ أو نسيها فليصلها إذا ذكرها)، ولكن لا تصلها وتراً؛ لأن الوتر إنما شرع لتختم به صلاة الليل، وصلاة الليل انتهت بطلوع الفجر، وإنما تصليها شفعاً، فإذا كان من عادتك أن توتر بثلاث ونسيت ولم تذكر إلا في ضحى اليوم الثاني، فصل أربع ركعات، وإذا كان من عادتك أن توتر بخمس فصل ستاً، وإذا كان من عادتك أن توتر بسبع فصل ثمانياً، وإذا كان من عادتك أن توتر بتسع فصل عشراً، وإذا كان من عادتك أن توتر بإحدى عشرة فصل اثنتي عشرة، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا غلبه نومٌ أو وجع صلى من النهار اثنتي عشرة ركعة.

السؤال: ما معنى حديث: (لا وتران في ليلة

الجواب: معناه أنه لا يشرع للإنسان أن يوتر مرتين في الليلة الواحدة؛ لأن الوتر إنما يقصد به ختم الصلاة بالوتر، وإذا ختم بالوتر فلا وجه للإيتار مرة ثانية.

السؤال: هل يصح أن تصلي المرأة إذا طهرت قبل إتمام الأربعين يوماً بعد الوضع؟ وهل يجوز للزوج أن يعاشرها؟

الجواب: نعم، إذا طهرت المرأة النفساء قبل تمام الأربعين، فإن حكمها حكم الطاهرات من كل وجه، فيجب عليها أن تصلي، ويجب عليها أن تصوم إن كان ذلك في رمضان، ويصح منها الصوم، ويجوز لزوجها أن يجامعها، ولو قبل تمام الأربعين، لأنه إذا جازت الصلاة فالجماع من باب أولى، وكراهة بعض أهل العلم لذلك ليس عليها دليل، والأصل أن النفاس أذى كالحيض، فإذا زال هذا الأذى وطهرت منه المرأة حل لزوجها أن يجامعها كما لو طهرت من الحيض، ولهذا لو كانت المرأة من عادتها أن تحيض سبعة أيام فطهرت لخمسة أيام، فإنه يجب عليها أن تصلي، وأن تصوم إن كانت في رمضان، ولزوجها أن يجامعها وإن كانت أيام عادتها سبعة أيام وقد طهرت قبل العادة بيومين.

السؤال: هل قراءة سورة الفاتحة في التعزية جائزة؟

الجواب: قراءة سورة الفاتحة في التعزية بدعة لا أصل لها، وليعلم أن التعزية معناها التقوية، أي: تقوية المصاب على الصبر، فإذا أصيب الإنسان بمصيبة بموت قريب أو صديق أو فقد مال أو غير ذلك من المصائب، ورأيته متأثراً، فإنه ينبغي لك أن تعزيه، أي: أن تقويه على تحمل الصبر على هذه المصيبة بما يناسب المقام، وليس للتعزية ألفاظٌ مخصوصة، ولكن يكون هذا على حسب المقام، ومن أحسن ما يعزى به ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث أرسل إلى إحدى بناته، فقال: (مرها فلتصبر ولتحتسب؛ فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى )، وذلك أن أحد بناته كان عندها طفلٌ أو طفلة، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولاً تطلب منه أن يحضر، فقال النبي عليه الصلاة والسلام للرسول الذي جاء إليه: (مرها فلتصبر ولتحتسب؛ فإن لله ما أخذ وله ما أبقى وكل شيء عنده بأجلٍ مسمى )، وأما التزام صيغةٍ معينة وهي قول: عظم الله أجرك وأحسن عزاءك وغفر لميتك، فإن هذا لا أصل له.