خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [373]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل يجوز أن يستمع الإنسان للقراءة من المذياع أو خلاف ذلك، على سبيل المثال قيادة السيارة؟ وهل يجوز أن يستمع للقرآن مضطجعاً؟ وهل عليه شيء إن نام أثناء ذلك والقارئ يقرأ؟
الجواب: الاستماع إلى كتاب الله عز وجل عبادة؛ لأن الله تعالى أمر بها، فقال عز وجل: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، وهذه العبادة وهي الاستماع إلى كتاب الله جاءت مطلقة في كتاب الله، ولم تقيد بحالٍ دون أخرى، فيجوز للإنسان أن يستمع إلى كتاب الله عز وجل وهو قائمٌ أو قاعدٌ أو مضطجع، ويجوز أن يستمع إلى كتاب الله وهو يعمل، لكن بشرط أن لا يلهيه العمل عن الاستماع، فإن كان يلهيه عن الاستماع، وذلك حيث يحتاج العمل إلى تفكير، فإنه لا ينبغي أن يستمع إليه، وهذا إذا كان الأمر بيده واختياره، مثل أن يكون مستمعاً إلى القرآن من شريط تسجيل، فإننا نقول له: إذا كنت مشتغلاً بشغلٍ يشغل قلبك، فالأولى أن لا تفتح المسجل لتستمع؛ لأنك في هذه الحال لا يمكنك أن تقبل على عملك، مع إقبالك على كلام الله عز وجل، لكن الذي يظهر لي أن الاستماع إلى القرآن حال قيادة السيارة يمكن؛ لأن القيادة لا تشغل الإنسان كثيراً، لا سيما في الخطوط السريعة التي لا يخشى الإنسان فيها حادثاً أو خطأً يميناً أو شمالاً.
فالقاعدة أنه متى أمكنك الاستماع إلى كتاب الله على وجهٍ تصغي إليه، وتنتفع بما تسمع، فاستمع إليه على أي حالٍ كنت، قائماً أو قاعداً أو مضطجعاً؛ لعموم قوله تعالى: وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الأعراف:204]، أما إذا كان لا يمكنك لانشغال قلبك بما أنت متلبسٌ به، فلا يحسن أن تستمع إليه؛ لأن الله تعالى يقول: مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ [الأحزاب:4].
السؤال: نرى بعض التجار وأصحاب الأعمال يستعملون أجزاء غير مكتملة من الآيات، ويضعونها على مداخل الأبواب، مثل أن يكتب صاحب الطعام: لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ [إبراهيم:7]، ويكتب صاحب الشراب: وَسَقَاهُمْ رَبُّهُمْ شَرَابًا طَهُورًا [الإنسان:21]، ويكتب صاحب المكتبة: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114]، إلى آخر هذه الاستعمالات، والتي تبدو أحياناً قد تجاوزت الحد الكثير، نرجو التوجيه؟
الجواب: نعم تعليق هذه الآيات ينقسم إلى قسمين: فتارةً يقصد بها التحرز والتحصن، مثل الذين يعلقون آية الكرسي أو المعوذات أو نحو ذلك، وهذا لا شك أنه غير مشروع، وأنه أمرٌ لا ينبغي؛ لأنه لم يرد عن السلف الصالح، ولأنه يوجب للإنسان أن يعتمد عليه، ويدع قراءة هذه الآيات التي يكون بها التحصن، اعتماداً على ما علق.
وتارةً يقصد بها التنبيه -كما ذكر السائل- فيكتب أمام الداخل إلى المكتبة: وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا [طه:114] ، وما أشبه ذلك، وهذا قد يقول قائل: إنه غير مشروع؛ لأنه لم يرد عن السلف الصالح ولأنه قد ينتفع به وقد لا ينتفع، وكثيراً ما يعلق آية من القرآن تنهى عن شيء، وقد يكون الجالسون في هذا المكان يفعلون نفس الشيء الذي نهي عنه، كما لو كتب في المجلس: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12]، فإن الجالسين هل ينتفعون بما كتب؟ قد ينتفعون وقد لا ينتفعون، فربما يغتابون الناس وكلام الله عز وجل فوق رءوسهم، يقول الله فيه: وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا [الحجرات:12]، فلا ينتفعون بهذا المكتوب.
وتارةً يعلق القرآن لكونه مكتوباً على وجهٍ مطرز، وكأنه نقوش ووشم، حتى إن بعضهم يكتبه على هيئة قصر، وعلى هيئة منارة، وما أشبه ذلك، فهذا أشبه ما يكون باللعب بكتاب الله عز وجل، والعلماء رحمهم الله اختلفوا هل يجوز أن يكتب القرآن بغير الرسم العثماني، أي: على حسب القواعد المعروفة، أو لا يجوز؟ على ثلاثة أقوال: فمنهم من منعه مطلقاً، ومنهم من أجازه مطلقاً، ومنهم من فصل وقال: إذا كتبناه لمن يجيد قراءة القرآن بالرسم العثماني فلا بأس، وإذا كتبناه بالرسم العثماني لشخصٍ يخشى أن ينطق بالقرآن على حسب الحروف المكتوبة، فإننا لا نكتبه، مثلاً قوله تعالى: وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا [البقرة:275]، مكتوبة بالواو، فإذا كتبناها بالواو لشخصٍ لا يعرف النطق بالقرآن ربما يقول: وحرم الربو، والصلاة كذلك مكتوبة بالواو، ربما إذا كتبناها بالرسم العثماني بالواو لشخصٍ لا يحسن التلاوة لفظاً، ربما يقول: الصلو، وهكذا.
المهم أن بعض العلماء فصل في هذا المقام، وقال: إن كتب لشخصٍ لا يخشى منه تحريف القرآن تبعاً للحروف، فإنه يجب أن يبقى على الرسم العثماني، وإن كتب لشخص يخشى أن يحرف القرآن، بناءً على كتابة الحروف، فإنه يكتب بالقاعدة المعروفة بين الناس، فإذا كان العلماء اختلفوا في الخروج عن الرسم العثماني، فكيف نجوز لشخص أن يكتب كلام الله عز وجل على صفة قصور أو منارات أو ما أشبه ذلك؟! هذا لا شك في تحريمه، والواجب على من عنده شيء مكتوبٌ على هذا الوجه أن يطمسه، وأن يحوله إلى كتابةٍ على حسب الرسم العثماني، هذا إذا قلنا بجواز تعليق الآيات على الجدران.
القسم الرابع: من يعلق آياتٍ لا علاقة لها بالموضوع، وترك تعليق الآيات على الجدر أسلم، وأبرأ للذمة، وأحوط للإنسان، فهو في غنىً عن تعليق الآيات على الجدر، أما تعليق بعض الحكم على الجدران، فهذا لا بأس به ولا حرج فيه.
السؤال: كما تعلمون أن انتشار المدنية والمباني الحديثة قد أدى غالباً إلى وجود الحمامات والأحواض للأيدي والوجوه، ودورات المياه في كل مكان، ودورة المياه في مكانٍ واحد، فهل يجوز الوضوء في هذه الأماكن، أم يجب حمل ماء الوضوء خارج هذا؟
الجواب: نعم. يجوز للإنسان أن يتوضأ في المكان الذي تخلى فيه، من بوله أو غائطه، لكن بشرط أن يأمن من التلوث بالنجاسة، بأن يكون المكان الذي يتوضأ فيه جانباً من الحمام، بعيداً عن مكان التخلي، أو ينظف المكان الذي ينزل فيه الماء من الأعضاء في الوضوء حتى يكون طاهراً نظيفاً.
السؤال: في الصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، أحياناً ونحن نستمع إلى قولٍ أو فعلٍ للرسول صلى الله عليه وسلم نقول معجبين مسرورين: صدقت يا سيدي يا رسول الله! أو عليك الصلاة والسلام يا سيدي يا رسول الله! هل يجوز ذلك؟ أقصد بالتحديد يا النداء أو كاف المخاطب؟
الجواب: لا شك أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره من القيام بحقه صلوات الله وسلامه عليه، وحق رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا أعظم من أي حقٍ لمخلوق، ولهذا يجب على الإنسان أن يفديه بنفسه، فإذا ذكر النبي صلى الله عليه وسلم عندك فصل عليه وسلم عليه، ولا حرج أن تقول: عليك السلام يا رسول الله! فنحن نقول في صلاتنا: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، ومن المعلوم أن (أيها النبي) منادى حذفت منه ياء النداء، وأصلها: يا أيها النبي، وكذلك يجوز أن تقول: صلى الله عليك يا رسول الله! أو أيها النبي! وما أشبه ذلك.
وأما صدقت فالأولى أن تقول: صدق رسول الله، أو صدق الله ورسوله، أو ما أشبه ذلك، حتى تبتعد عن تصور المخاطبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم مخاطبة الحاضر، إلا فيما ورد به النص.
السؤال: هل يجوز أن نقول في دعائنا: اللهم شفع فينا محمداً؟
الجواب: قول القائل: اللهم شفع فيّ رسولك محمداً صلى الله عليه وسلم، فإن ذلك لا بأس به، ولهذا أمرنا أن نقول خلف الأذان إذا تابعنا المؤذن: اللهم صل على محمد، اللهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته إنك لا تخلف الميعاد، أمرنا أن نقول ذلك؛ لأن من قاله حلت له شفاعة الرسول صلى الله عليه وسلم، فنحن مأمورون أن نفعل جميع الأسباب التي تكون بها شفاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك الدعاء، فإن الدعاء من أكبر الأسباب لحصول المقصود، كما قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ [غافر:60]، فإذا سألت الله عز وجل أن يجعل نبيه محمداً صلى الله عليه وسلم شافعاً لك، فإنه لا حرج في هذا.
السؤال: بخصوص سجدة الشكر، حدثونا عن مشروعيتها وعن كيفية أدائها؟ وعن وقتها؟ وهل لها أذكار مخصصة؟
الجواب: سجدة الشكر هي التي تكون بسبب تجدد نعمة، أو اندفاع نقمة، وهي مشروعة؛ لأن من هدي الرسول صلى الله عليه وسلم أنه إذا جاءه أمر يسر به خر ساجداً لله عز وجل، وهذا السجود صفته هو أن تكبر وتسجد على أعضائك السبعة، وتقول: سبحان ربي الأعلى، ثم تثني على الله عز وجل على ما أنعم به عليك، فتقول مثلاً: اللهم لك الحمد على هذه النعمة، وتعينها، اللهم لك الحمد على ما دفعت عني من نقمة، وتعينها، وتكرر هذا، ثم تركع ولا تسلم ولا تكبر.
وتفعل سجدة الشكر كلما وجد سببها من ليل أو نهار، في أي وقت، وعلى أي حال، حتى وإن كان الإنسان على غير وضوء فإنه لا بأس أن يسجد؛ لأن هذا قد يأتي الإنسان وهو على غير طهارة، ولو أمرناه بالطهارة لكان في ذلك تفويت للسجود عند سببه، ولو ثبت أنه لا بد من الطهارة في سجدة الشكر لقلنا بوجوب الطهارة، وقلنا: إن الشرط في شروط الشيء، كالشرط في الشيء نفسه، لكن لم يرد عن النبي صلى الله عليه وسلم اشتراط الطهارة لسجود الشكر.
السؤال: ما مدى صحة قول القائل: إذا ضاقت الصدور فعليكم بزيارة القبور؟ هل هذا حديث عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ وإذا كان حديثاً فنرجو التوضيح له؟
الجواب: الظاهر أن السائل لم يضبط هذه الكلمة، والذي أسمع عن هذه الكلمة أنهم يقولون: إذا ضاقت الأمور فعليكم بأصحاب القبور، يعني: إذا ضاقت عليك الأمور فاذهب إلى أصحاب القبور وادعهم ليغيثوك وينجوك مما وقع بك، ولا شك أن هذا الأمر شركٌ أكبر، أي: أن يذهب الإنسان إلى أصحاب القبور ليدعوهم لينجوه مما وقع به من البلاء، ولا شك أنه شركٌ أكبر يخرج الإنسان عن الإسلام، وموجبٌ للخلود في النار والعياذ بالله، كما قال الله تعالى: إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ [المائدة:72]، فالدعاء لا يكون إلا لله عز وجل، قال الله تعالى: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ [غافر:60]، وقال تعالى: وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ [الأحقاف:5]، فدعاء أصحاب القبور لا يجدي شيئاً، بل يضر الإنسان ويخرجه من الإسلام.
فإن قال قائل: إنه قد حدثت وقائع تدل على انتفاع الداعي بدعوة أصحاب القبور، فيدعو الإنسان صاحب القبر في إنجائه من هلكة، أو في حصول مطلوبٍ له، فينجو من الهلكة ويحصل المطلوب؟
فالجواب على ذلك أن نقول: إن هذا الذي حصل إثر دعاء صاحب القبر لم يحصل بدعاء صاحب القبر قطعاً، وإنما حصل عنده فتنةً له، أي: للداعي، فإن الله تعالى قد يفتن الإنسان بشيء يستمر فيه الإنسان المفتون على معصية الله، والله سبحانه وتعالى حكيم، وأما أن يحصل هذا الشيء، أي: النجاة من المكروب، وحصول المطلوب بدعاء أصحاب القبور، فهذا أمرٌ لا يمكن أبداً؛ لأن الله سبحانه وتعالى أخبر بأن الذي يدعى من دون الله لا يستجيب للداعي إلى يوم القيامة.
وأما الكلمة التي قالها السائل: (إذا ضاقت عليكم الأمور فعليكم بزيارة القبور) فهذا ليس بحديثٍ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا يصح، بل إن زيارة القبور تذكر الآخرة، فينبغي أن يقال: إذا رأيت من نفسك الغفلة عن الآخرة والانغماس في الدنيا والترف فعليك بزيارة القبور؛ لتتعظ ولتعتبر بأصحابها، فإن أصحابها الذين كانوا محبوسين فيها الآن هم قرناؤك بالأمس على ظهر الأرض، وربما يكونون أكثر منك غنى، وأشد منك قوة، وأعظم منك فتوة، ومع ذلك صاروا مرتهنين محبوسين في قبورهم، فالإنسان إذا زار المقبرة تذكر الآخرة، ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكر الآخرة )، وينبغي لمن زار القبور أن يدعو لهم بالدعاء الوارد عن الرسول صلى الله عليه وسلم، مثل: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، يرحم الله المستقدمين منا ومنكم والمستأخرين، نسأل الله لنا ولكم العافية، اللهم لا تحرمنا أجرهم ولا تفتنا بعدهم، واغفر لنا ولهم).
السؤال: شابٌ مسلم ويحمد الله على هذه النعمة، يقول: عمري لا يتجاوز السابعة والعشرين، أصبت منذ أحد عشر عاماً بمرض، وذهبت إلى عدة مستشفيات في اليمن على أمل الشفاء ولكن دون جدوى، وفوضت أمري إلى البارئ عز وجل فهو القادر على شفائي وتفريج كربتي، يقول: وليس للمؤمن إلا ما كتب الله له، يقول: والدي يلح علي بالزواج، ولكنني أرفض خوفاً من تطور المرض، خاصةً ولي هذه المدة الطويلة، فهل في رفضي هذا معصية لوالدي؟
الجواب: كلام هذا السائل كلامٌ طيب، في كونه أثنى على ربه لهدايته إلى الإسلام، وفوض أمره إلى الله بما أصابه من المرض، وهكذا ينبغي للمؤمن إذا من الله عليه بالهداية والاستقامة أن يحمد الله على ذلك، وأن يسأله الثبات عليه حتى يلقى ربه عز وجل، وهكذا ينبغي للمؤمن إذا أصيب بمصيبة أن يفوض أمره إلى الله، ولكن لا يدع الأسباب التي جعلها الله تعالى سبباً في إزالة هذه المصيبة.
وأما إلحاح والده عليه بالزواج، وامتناعه من ذلك، فالذي أرى أن لا يمتنع من الزواج، ما دام مرضه لا يخشى منه أن يتعدى إلى الزوجة، فإن الذي أرى أن يتزوج، فلعله أن يكون في زواجه خير وشفاءٌ من هذا المرض، فإن بعض الأشياء قد لا يخطر بالبال أنها مفيدة مجديةً، ومع ذلك تكون مفيدةً مجدية بإذن الله، فنصيحتي له أن يتزوج امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله: (يا معشر الشباب! من استطاع منكم الباءة فليتزوج )، وطاعةً لوالده الذي كان يلح عليه في الزواج، إلا إذا كان فيه مرض يخشى منه أن ينتقل إلى الزوجة، فيكون جانياً عليها، فهذا له أن يمتنع، ولكن ينبغي أن يبين لوالده السبب حتى يطمئن والده ويرضى.
السؤال: عندما أستمع للأذان وينتهي المؤذن، أقوم لأداء الصلاة، وبعد ذلك أسمع مؤذناً آخر، وبعد ذلك أسمع الإقامة والصلاة في مسجدٍ مجاور، وأنا قد سمعت بأنه لا يجوز للنساء أن يصلين قبل صلاة الرجال، فهل صلاتي هذه جائزة؟
الجواب: أما ما سمعت هذه المرأة من أنه لا يصح للنساء صلاة حتى يصلي الرجال، فإن هذا الذي سمعته ليس بصحيح، أي: أنه يجوز للنساء أن يصلين وإن لم يصلِ الرجال، ولا حرج عليهن في ذلك، ولكن مبادرة المرأة بالصلاة من حين أن تسمع المؤذن هو الذي ينبغي للإنسان أن يحتاط فيه، وأن لا يبادر؛ لأن بعض المؤذنين قد يؤذن قبل الوقت، إما جهلاً منه، وإما أن ساعته غرته، أو لغير ذلك من الأسباب، فالذي ينبغي للإنسان أن يتأنى قليلاً بعد الأذان حتى يتيقن، أو يغلب على ظنه أنه على صوابٍ فيما لو صلى؛ لأنه كما قالت السائلة: نرى بعض المؤذنين يؤذن قبل الوقت.
وبهذه المناسبة أود أن أنصح إخواني المؤذنين عن هذا العمل الذي يكون فيه إضاعةٌ للأمانة، وتغريرٌ بالمسلمين، وأحذرهم من أن يتسرعوا في الأذان، فإن المؤذن لو أذن قبل دخول الوقت بدقيقة واحدة لم يصح أذانه، بل لو كبر تكبيرةً واحدة قبل أذان الوقت لم يصح أذانه؛ لأن من شروط صحة الأذان أن يكون في الوقت، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأذان مشروعاً إذا حضرت الصلاة، أي: إذا دخل وقتها، أما إذا أذن بعد دخول الوقت ولو بدقيقتين أو ثلاث أو خمس، فإنه يصح أذانه، ولهذا نقول للإخوة المؤذنين: احتاطوا لأنفسكم ولإخوانكم المسلمين، ولا تتعجلوا في الأذان قبل الوقت.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |