فتاوى نور على الدرب [253]


الحلقة مفرغة

السؤال: أنا أعمل باليمن، والعطلة في نهاية العام الدراسي عندنا تكون دائماً في أواخر شهر شعبان، ونسافر للسودان في شهر رمضان، وبما أن هنالك رخصة فإننا نفطر في الطائرة ثم نصل إلى بلدنا، ولكننا نتأخر يومين أو ثلاثة في الخرطوم لقضاء بعض الأمور هناك ثم نسافر منها إلى بلدنا أو قرانا والتي تبعد عنها مسافة تبيح الفطر، فهل يجوز لنا الإفطار هذه الثلاثة أيام قبل الوصول إلى قريتنا أم لا؟

الجواب: يجوز لكم أن تفطروا هذه الأيام الثلاثة قبل الوصول إلى بلدكم أو إلى قريتكم؛ وذلك أن الإنسان مسافر حتى يصل إلى بلده، وقد قال الله تعالى: فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ [البقرة:185] ، ولكم أيضاً ان تترخصوا برخص السفر الأخرى كالقصر والجمع والمسح على الخفين ثلاثة أيام؛ لأن السفر لا ينقطع إلا بوصولكم إلى وطنكم.

السؤال: ما هي أحكام المسح على الخفين؟

الجواب: المسح على الخفين له حكم واحد وهو: أن الإنسان إذا لبسها على طهارة بالماء فإنه يجوز له أن يمسح عليها، لكن بثلاثة شروط:

الشرط الأول: هو ما أشرنا إليه أن يكون قد لبسها على طهارة بالماء، ودليل ذلك ما ثبت في الصحيحين من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: ( أنه صب على النبي صلى الله عليه وسلم وضوءه فتوضأ النبي صلى الله عليه وسلم فأهوى المغيرة إلى خفيه لينزعهما، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: دعهما فإني أدخلتهما طاهرتين )، فمسح عليهما. فقوله صلى الله عليه وسلم: ( فإني أدخلتهما طاهرتين) تعليل لقوله: ( دعهما) والحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً، فدل هذا على أنه إذا لبسهما الإنسان على طهارة جاز له المسح، وإذا لبسهما على غير طهارة فإنه لا يمسح.

الشرط الثاني: أن يكون ذلك في الحدث الأصغر دون الأكبر، لحديث صفوان بن عسال : ( أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا سفراً ألا ننزع خفافنا ثلاثة أيام بلياليهن إلا من جنابة، ولكن من غائط وبول ونوم )، فقوله: ( إلا من جنابة) يدل على أنه لا يجوز مسحهما مع الجنابة بل يجب نزعهما.

الشرط الثالث: أن يكون في المدة المحددة شرعاً وهي للمقيم: يوماً وليلة، وللمسافر: ثلاثة أيام بلياليها، للمقيم يوم وليلة تبتدئ من أول مرة مسح وليس من اللبس؛ وذلك لأن النصوص جاءت بأن يمسح يوماً وليلة ولا يتحقق المسح إلا بوجوده فعلاً، فالمدة التي تسبق المسح لا تحسب من المدة التي قدرها النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا قدر أن الرجل توضأ لصلاة الفجر ثم بقي على طهارته وانتقض وضوءه قبل الظهر بساعتين ثم توضأ لصلاة الظهر ومسح، فإن ابتداء المدة يكون من مسحه حين مسح لصلاة الظهر وليس من الحدث الذي سبق الظهر بساعتين، فيكمل على هذا المسح يوماً وليلة إن كان مقيماً، وثلاثة أيام بلياليهن إن كان مسافراً، وقد اشتهر عند بعض الناس أن الإنسان يمسح خمسة أوقات إذا كان مقيماً، وهذا ليس بصحيح، وإنما يمسح يوماً وليلة كما جاء به النص، وهذا يمسح وقد يصلي أكثر من خمس صلوات، فلو أنه مسح في الساعة الثانية عشرة ظهراً فلما كان اليوم الثاني مسح في الساعة الثانية عشرة إلا ربعاً ظهراً ثم بقي على طهارته حتى صلى العشاء، فإنه في هذه الحالة يكون صلى تسع صلوات: ظهر اليوم الأول والعصر والمغرب والعشاء والفجر وظهر اليوم الثاني والعصر والمغرب والعشاء؛ وذلك لأن المدة إذا تمت وقد مسحت قبل أن تتم وبقيت على طهارتك فإن طهارتك لا تنتقض، وقول من قال: إن الطهارة تنتقض بتمام المدة لا دليل عليه، والأصل بقاء الطهارة حتى يقوم دليل على انتقاضها؛ لأن القاعدة الشرعية: أن ما ثبت بدليل لا يرتفع إلا بدليل، ولم يرد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من تمت مدة مسحه انتقضت طهارته، فإذا لم يرد ذلك وجب أن يبقى الوضوء على حاله، والنبي عليه الصلاة والسلام إنما وقت المسح ولم يوقت الطهارة لأنه لو كان النبي صلى الله عليه وسلم وقت الطهارة لكانت الطهارة تنتقض بتمام اليوم والليلة وهو إنما وقت المسح، نعم لو مسح الإنسان بعد تمام المدة ولو ناسياً فإنه يجب عليه أن يعيد الوضوء وأن ينزع خفيه ويغسل قدميه حتى لو صلى بهذا الوضوء الذي كان بعد تمام المدة ومسح فيه، فإنه يجب عليه إعادة الصلاة ولو كان ناسياً، وأما إذا كان مسافراً فإنه يمسح ثلاثة أيام بلياليها ويكون ابتداء المدة كما أسلفت من أول مرة مسح، ثم لو مسح في الحضر ثم سافر فإنه يتم مسح مقيم يوماً وليلة، أما لو لبس الخفين في الحضر ولم يمسح إلا في السفر فإنه يتم ثلاثة أيام، ولو أنه ابتدأ المسح في السفر ثم وصل إلى بلده فإنه لا يمسح إلا مسح مقيم، فإن كانت مدة مسح المقيم قد انتهت وجب عليه الخلع وغسل رجله إذا توضأ، وإن كانت لم تنته فإنه يتمها على مسح مقيم يوماً وليلة من أول مرة مسح.

مداخلة: لو كان يلبس أكثر من جورب فالحكم يكون على الأعلى حيث لو فسخ الأعلى ينتفض الحكم؟

الشيخ: نعم، إذا لبس جوربين فأكثر فإن لبس الثاني قبل أن يحدث فله الخيار بين أن يمسح الأعلى أو الذي تحته، لكنه إذا مسح أحدهما تعلق الحكم به.

مداخلة: أول مرة يعني أول مسح؟

الشيخ: نعم. إذا مسح أحدهما أول مرة تعلق الحكم به، فلو خلعه بعد مسحه فإنه لابد أن يخلع الثاني عند الوضوء ليغسل قدميه، وقال بعض أهل العلم: إنه إذا لبس جوربين ومسح الأعلى منهما ثم خلعه فله أن يمسح الثاني مادامت المدة باقية؛ لأن هذين الخفين صارا كخف واحد، فهو كما لو كان عليه خف له بطانة وظهارة، فمسح الظهارة ثم تمزقت الظهارة أو انقلعت فإنه يمسح البطانة؛ لأن الخف واحد، قال هؤلاء العلماء رحمهم الله: فالخفان الملبوسان كأنهما خف واحد.

ولكن الأحوط ما ذكرته آنفاً؛ لأنه إذا مسح الخف الأعلى ثم نزعه فلا بد أن يخلع ما تحته، وبناءً على ذلك نقول: من لبس جورباً وخفاً -يعني: كنادر على الشراب- وصار يمسح الكنادر فإنه إذا خلع الكنادر بعد مسحها لا يعيد المسح عليها مرة أخرى، بل يجب عليه أن يخلع عند الوضوء ويخلع الجوارب ليغسل قدميه، إلا على القول الثاني الذي أشرت إليه، ولكن الأحوط هو القول الأول وهو المشهور من مذهب الإمام أحمد .

السؤال: ما هي الحالات التي يأخذ الطلاق فيها حكم اليمين وتجب فيه الكفارة فقط لأن هذا الموضوع قد أثار جدلاً عندنا وهناك بعض اللبس فيه؟

الجواب: أكثر أهل العلم يرون أن الطلاق المعلق على شرط، طلاق معلق على الشرط مطلقاً سواء أراد به اليمين أو أراد به الطلاق، فإذا قال لزوجته: إن كلمت فلاناً فأنتِ طالق فكلمته فإنها تطلق بكل حال، وفصّل بعض أهل العلم في هذه المسألة، فقال: إذا قال لزوجته: إن كلمت فلاناً فأنت طالق، فإن قصد بذلك وقوع الطلاق، أي: أنها إذا كلمته فلا رغبة له فيها ولا حاجة له فيها وإنما حاجته أن يفارقها في هذه الحال، فإنه يكون شرطاً تطلق به المرأة إذا وجد، وأما إذا قصد معنى اليمين بأن قصد بقولها: إن كلمت فلاناً فأنتِ طالق قصد منعها وتهديدها دون طلاقها، وأن المرأة غالية عنده حتى ولو كلمت فلاناً، فإنه في هذه الحال يكون التعليق له حكم اليمين إذا كلمت هذا الرجل الذي حذرها من كلامه فإنها لا تطلق، ولكن يكفر كفارة يمين، وكفارة اليمين هي ما ذكره الله في قوله: إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ [المائدة:89]، هذه ثلاثة أشياء يخير فيها فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ [المائدة:89] وإطعام المساكين يكون على وجهين:

أحدهما: أن يصنع طعاماً.. غداء أو عشاء فيدعوهم إليه فيأكلوا.

والثاني: أن يعطيهم حباً رزاً أو براً أي: قمحاً أو ما أشبه ذلك من أوسط ما يأكل الناس في مكانه وزمانه، ومقدار ذلك من الرز ستة كيلوات، ولكن ينبغي أن يجعل معها ما يؤدمها من لحم أو غيره ليكون الإطعام كاملاً.

مداخلة: ستة كيلو إطعام العشرة جميعاً؟

الشيخ: نعم ستة كيلو إطعام العشرة جميعاً.

السؤال: إذا بدأت في صلاة فرض ومضى بعضها ثم دخل المسجد متأخر مثلي ولم يدخل معي في صلاتي، فهل يجوز لي أن أشير إليه بيدي للدخول معي لنحظى بفضل الجماعة؟ وهل ذلك أفضل أم صلاته وحده؟

الجواب: يجوز لك إذا دخلت وحدك في الصلاة ودخل رجل آخر أن تشير إليه ليصلي معك ولا حرج في ذلك، وهذه المسألة اختلف فيها أهل العلم:

فمنهم من قال: إنه لا يصح أن يدخل مع المنفرد أحد بعد نية انفراده؛ لأنه يشترط أن ينوي الإمامة قبل الدخول في الصلاة.

ومنهم من قال بجواز ذلك.

ومنهم من فرق بين الفرض والنفل.

والصواب أن ذلك جائز، وأن الرجل إذا صلى وحده منفرداً ثم دخل رجل آخر فللآخر أن يصلي معه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قام يصلي من الليل وكان وحده فقام ابن عباس رضي الله عنهما فصف معه عن يساره، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأسه من ورائه فجعله عن يمينه، وهذا دليل على جواز نية الإمامة بعد الدخول في الصلاة منفرداً وهو في النفل ظاهر، وما ثبت في النفل ثبت في الفرض إلا بدليل، ولا دليل على المنع، وعلى هذا فلك أن تشير إليه ليصلي معك، وإذا صليتما جماعة في هذه الحال وقد أدرك معك ركعة فأكثر حصل لكما أجر الجماعة.

السؤال: إذا صليت بأهل بيتي من النساء في السفر أو الحضر فهل يجوز لهن رفع الصوت عند التأمين، وإذا كان الحكم بالجواز فهل يجوز أيضاً إذا كان معنا رجال غير محارم لهن؟

الجواب: المرأة لا تجهر بشيء من الذكر مما يسن رفع الصوت به، ففي التلبية لا ترفع صوتها وفي الذكر بعد الصلاة لا ترفع صوتها، وفي قول: آمين لا ترفع صوتها، هذا هو المشهور في حق المرأة، سواء كان معها رجال أم لم يكن معها رجال، وعلى هذا فإذا صليت بأهلك في صلاة جهرية وقلت: (ولا الضالين) فإنك تقول: آمين، ترفع بها صوتك، وأما أهلك من النساء فلا يرفعن أصواتهن بذلك.

السؤال: هل يجوز في يوم الجمعة أن يخطب شخص ويصلي آخر وقد تكون حجة من يفعل ذلك أن هذا خطيب ومستواه الدراسي جيد ولكنه يرتكب بعض المعاصي، بينما الإمام الذي يصلي مستقيم وربما قد لا يكون في مستوى ذلك من حيث الدراسة؟

الجواب: نعم يجوز في صلاة الجمعة أن يتولى الخطبة واحد ويتولى الصلاة غيره؛ لأنه ليس من شرط صحة الخطبة أن يتولاها من يتولى الصلاة، وقد ذكر ذلك أهل العلم رحمهم الله، فإذا كان هذا الخطيب أبلغ وأفصح وأعلم فإنه لا حرج أن يتولى الخطبة، ويتولى الإمام الراتب الصلاة، وهذا يفعل كثيراً لكن هاهنا مسألة أحب أن أنبه عليها، وهي: أن بعض الناس يتولى رسمياً الإمامة في هذا المسجد سواء كان يُصلَّى فيه الجمعة أو لا يصلى، ثم لا يصلي إماماً في هذا المسجد بل يقيم غيره مقامه بنصف الراتب أو بربعه أو بأكثر من ذلك أو أقل، ومثل هذا عمل لا يجوز من وجهين:

الوجه الأول: أن فيه أكلاً للمال بالباطل، فإن هذا الراتب الذي يأخذه هذا الذي لا يصلي يأكله بغير حق؛ لأن هذا الراتب إنما جعل لمن يكون إماماً في هذا المسجد وهذا الرجل لا يكون إماماً.

وثانياً: أن في ذلك خيانة للدولة، فإن الدولة إنما كلفتك أنت بشخصك لتكون إماماً في هذا المسجد، وقد تقيم فيه ما لا ترضاه الدولة، وكل عقد يكون المقصود به الشخص العاقد فإنه لا يجوز أن يقيم غيره فيه أو أن يقيم غيره مقامه إلا بعد إذن من تعاقد معه، وعلى هذا فأولئك الذين يأخذون مساجد تقام فيها الجمعة ويقيمون غيرهم يصلي الصلوات الخمس، فإذا جاءت الجمعة جاءوا فخطبوا وصلوا هؤلاء آثمون وعليهم أن يتوبوا إلى الله عز وجل، وأن يقوموا بمقتضى العقد الذي تعاقدوا به مع الدولة حتى يبرئوا بذلك ذممهم ويأكلوا مرتباً حلالاً.

السؤال: تزوج رجل من امرأة وبعد زواجه بمدة قصيرة سافر إلى خارج بلده بحثاً عن عمل، وبعد ذلك بمدة أشيع عنه أنه قد مات ولم يكن هناك من يعرف الحقيقة في هذا الموضوع فصدّق الناس تلك الشائعة فاعتدت زوجته عدة المتوفى عنها وبعد خروجها من العدة تقدم إليها رجل يطلب الزواج منها وفعلاً تزوجها، وبعد ذلك بسنة واحدة عاد زوجها الأول إلى البلد معافىً ووجدها قد تزوجت برجل آخر فكيف العمل في هذه الحالة وما الحكم في زواجها الثاني؟

الجواب: الحكم في زواجها الثاني أنه لا يجوز أن تتزوج بمجرد الإشاعات، وزوجها إذا لم تعلم عن حاله يعتبر في حكم المفقود، وقد ذكر أهل العلم أن المفقود لا يحكم بموته إلا إذا مضى عليه أربع سنوات من فقده إن كان ظاهر غيبته الهلاك، أو تسعون سنة من ولادته إذا كان ظاهر غيبته السلامة، وهذه المرأة لم يمض على زوجها أربع سنين وإنما مضى سنة واحدة، فيكون فعلها هذا محرماً ويكون النكاح الثاني باطلاً؛ لأننا لم نحكم بموت زوجها وحتى على القول بأن تقدير المدة على المفقود يرجع إلى حكم الحاكم، فإن الظاهر من هذه المرأة أنها لم ترفع الأمر إلى المحكمة أو إلى من يختص بهذا الشأن بالبحث عنه، وبكل حال فإنها زوجة الأول، وعقد الثاني عليها محرم وباطل، لكن ما أتت به من أولاد من هذا الزوج الثاني يكونون أولاداً شرعيين لزوجها الثاني؛ وذلك لأن هذا العقد عقد شبهة، أي: أنه قد اشتبه عليهم الأمر فظنوه جائزاً، والأولاد الذين يأتون من وطء الشبهة يلحقون بالواطئ بالإجماع.

والخلاصة أن عقد الرجل الثاني عليها عقد باطل لم تكن به زوجة له وأن نكاح الأول مازال قائماً، فعليها أن ترجع إلى الأول ولكن لابد من أن تعتد للثاني قبل أن يطأها الأول، إما بثلاث حيض إن قلنا: إن الموطوءة بشبهة تعتد عدة المطلقة، وإما باستبراء بحيضة إذا قلنا: إن الموطوءة بشبهة تستبرأ فقط.

السؤال: رجل متزوج وقد حدث خلاف بينه وبين زوجته فاشتد غضبه عليها ولعنها فما الحكم في ذلك وهل هي حلال أم حرام عليه بعد أن لعنها؟

الجواب: الحكم في ذلك أنه ينبغي للإنسان إذا غضب أن يكون شديداً -أي: قوياً- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( ليس الشديد بالصرعة، وإنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب )، وقال له رجل: ( أوصني يا رسول الله قال: له لا تغضب، فردد مراراً قال: لا تغضب ) أخرجه البخاري ، فالذي أنصح به هذا وغيره من إخواني المسلمين أن يملكوا أنفسهم عند الغضب، وإذا أصابهم الغضب فليستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم فإن ذلك مما يذهبه وليتوضئوا فإن ذلك يذهب الغضب أيضاً، وإذا كان الإنسان قائماً فليقعد، وإذا كان قاعداً فليضطجع، كل هذه مما توجب تخفيف الغضب عنه، وأما لعنه لزوجته فإن لعنة المسلم حرام بل لعنة الكافر المعين حرام لا يجوز لأحد أن يلعن شخصاً معيناً لأن اللعن معناه أن تدعو عليه بالطرد والإبعاد من رحمة الله، فعليه أن يتوب إلى الله سبحانه وتعالى من هذه اللعنة وأن يستحل زوجته منها لعل الله أن يتوب عليه، وأما زوجته فلا تحرم بذلك بل هي حلال له، لأن اللعن لا يوجب التحريم.