خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [98]
الحلقة مفرغة
السؤال: هل السنة التي تصلى قبل الصلاة التي هي تحية المسجد، هل هي ثابتة؟ وهل تصلى بعد صلاة الفجر مباشرة إذا ضاق الوقت ولم تصل قبله؟ أفيدونا.
الجواب: تحية المسجد ليست هي الراتبة، بل الرواتب غير تحية المسجد، ولكن سنن الرواتب تغني عن تحية المسجد، ولا تغني تحية المسجد عن الراتبة، فصلاة الظهر مثلاً لها راتبة قبلها أربع ركعات بتسليمتين، فإذا دخلت المسجد قبل الإقامة وصليت هذه الركعات الأربع بتسليمتين، أجزأ كذلك عن تحية المسجد ولا تحتاج إلى تحية المسجد، ولكن لو صليت تحية المسجد ركعتين لم تجزئك عن الراتبة، بل لابد أن تأتي بالراتبة، وكذلك أيضاً بالنسبة لصلاة الفجر إذا دخلت المسجد بعد الأذان ثم صليت راتبة الفجر ركعتين أجزأ ذلك عن تحية المسجد، وإن نويت بالصلاة تحية المسجد لم تجزئك عن الراتبة.
وعلى هذا فنقول: إذا صليت تنوي الراتبة فتسقط عنك تحية المسجد، وإذا صليت تحية المسجد أولاً ثم الراتبة ثانياً، فلا حرج عليك في هذا.
السؤال: نحن نصلي التراويح ليالي رمضان المبارك، وفيه أناس لا يصلون التراويح إطلاقاً وبينهم وبين المسجد خمسمائة متر ومع ذلك متوفرة لهم سبل الراحة؟
الجواب: صلاة التراويح هي: قيام رمضان، ولكنها سميت بهذا الاسم لأن السلف كانوا إذا صلوا أربع ركعات بتسليمتين جلسوا للاستراحة والفصل لأنهم كانوا يطيلون الركعات فيما سبق.
وقيام رمضان ليس بواجب، فالتراويح إذن ليست بواجبة؛ لأنه لا يجب من الصلوات اليومية سوى الصلوات الخمس وهي: الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء والجمعة في مكان الظهر، فهؤلاء القوم الذين ذكرت أنهم قريبون من المسجد وأنهم لا يصلون التراويح ليس عليهم إثم في ترك صلاة التراويح؛ لأنها ليست بواجبة، ولكننا نقول: إنهم فاتهم خير كثير؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه)، فنصيحتنا لإخواننا هؤلاء أن ينتهزوا فرصة العمر، وأن يأخذوا من الطاعة بنصيب؛ لأنهم سوف يتمنون أنهم زادوا في حسناتهم ركعة أو ركعتين أو تسبيحة أو تسبيحتين، كما قال الله تعالى: حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ [المؤمنون:99-100]، وقال تعالى: وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ [المنافقون:10]، والحديث الصحيح: ( ما من ميت يموت إلا ندم، إن كان محسناً ندم ألا يكون ازداد، وإن كان مسيئاً ندم ألا يكون استعتب).
السؤال: هل بيع الأغنام حوالة بزيادة خمسين في المائة صحيح وحلال؟
الجواب: حوالة إذا كان يقصد بيعها مؤجلة بزيادة خمسين في المائة، فلا حرج في ذلك مادام المشتري رشيداً يُحسن التصرف، وبالغاً عاقلاً، فإنه لا بأس أن يبيعها عليه مؤجلة بزيادة خمسين في المائة أو أكثر أو أقل، لكن لابد أن يكون الأجل معلوماً بأن يقول: اشتريت منك هذه الشاة إلى مدة سنة أو سنتين أو ما أشبه ذلك، فإذا كان المشتري فقيراً ويعرف البائع أنه فقير، فقال: اشتريتها منك إلى ميسرة، يعني: إلى أن ييسر الله علي فهذا لا بأس به؛ لأن هذا هو مقتضى العقد، فإن المشتري إذا كان فقيراً لم يجز للبائع أن يطالبه بالثمن حتى ييسر الله عليه، فكأن هذا الشرط تأكيد لما هو واجب على البائع، وهذا القول هو الصحيح، وقد دل عليه حديث في السنن عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً قدم له بز من الشام، فقالت للنبي صلى الله عليه وسلم: لو بعثت إلى فلان فاشتريت منه ثوبين إلى ميسرة، الحاصل أن التأجيل المجهول لا يجوز، وأما التأجيل المجهول بما هو مقتضى العقد كأن يقول: إلى أن ييسر الله عليَّ فهذا لا بأس به والله أعلم.
السؤال: يسكن بجوارنا أسرة لا يلتزمون بتعاليم الإسلام، وأبناؤهم لا يؤدون فريضة الصلاة وهم ممن تجب عليهم سوى أبيهم فإنه يلتزم بالصلاة في المسجد، ونساؤهم لا يتحجبن عن الرجال الأجانب وغيرهم، وبعض الأحيان يعطونا من الخضروات وغير ذلك، هل يجب علينا أخذها أم لا؟ وهل يجب علينا أن نزورهم أم لا؟
الجواب: من المعلوم أن الجار له حق على جاره، حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ( من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره)، والجار يقول أهل العلم: إن كان قريباً مسلماً فله ثلاثة حقوق: حق الإسلام، وحق القرابة، وحق الجوار، وإن كان جاراً مسلماً غير قريب فله حقان: حق الإسلام وحق الجوار، وإن كان غير مسلم ولا قريب فله حق الجوار، فهؤلاء الجيران لهم عليكم حقوق ولكم عليهم حقوق، وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( إذا طبخت مرقة فأكثر ماءها وتعاهد جيرانك)، فالذي ينبغي بينكما هو تبادل الهدايا يأخذون منكم وتأخذون منهم؛ لأن ذلك أدعى إلى الألفة والمودة، ثم إذا قمتم بما يجب عليكم من إكرام الجار فإن من جملة ما يجب عليكم نحوه أن تنصحوه لله، فتنصحوا هؤلاء القوم المفرطين في الصلاة وفي حجاب نسائهم وتبينوا لهم الواجب في ذلك لعل الله أن يهديهم على أيديكم، وأما مجافاتهم ورد هديتهم والبعد عنهم والإعراض، فهذا لا ينبغي لأنه لا يزيد الأمر إلا شدة.
السؤال: صليت صلاة الجمعة في أحد المساجد وكنت في الصف الثاني، وبعد انتهاء الركعة الأولى رأيت أن الصف الأول فيه فراغ يسع الرجل، فتقدمت بعد الركعة الأولى وأكملت الصلاة في الصف الأول، فهل تكون الصلاة صحيحة؟
الجواب: تكون الصلاة صحيحة، لإنك إذا كنت في الصف الثاني ورأيت فرجة أمامك في الصف الذي يليه، فإن المشروع أن تتقدم إليه؛ لأن هذا من تمام الصلاة، فإن سد الفرج في الصفوف مما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم وهو من مُكملات الصلاة؛ لأنه من تسوية الصفوف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( تسوية الصفوف من تمام الصلاة)، فليس عليك حرج بل هو الأفضل لك إذا رأيت فرجة أمامك أن تتقدم ولو كنت في صلاتك، وصلاتك في هذه الحال صحيحة وليست باطلة.
السؤال: صمت شهر رمضان في العام الماضي وأفطرت يوماً واحداً وأتاني رمضان آخر وأنا لم أقضِ اليوم علماً بأنه ليس هناك ما يمنعني من قضائه، فهل يجوز لي القضاء؟
الجواب: تأخيرك قضاء الصوم بدون عذر حتى يدخل رمضان الثاني خطأ؛ لأن أهل العلم يقولون: لا يجوز للمرء أن يؤخر قضاء رمضان إلى ما بعد رمضان الثاني لما في ذلك من الإهمال وعدم المبالاة، ولأنه عرضة بأن تتراكم عليك الأيام فتعجز عنها، فعليك أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى، وأن تستغفر مما وقع منك، وألا تعود إلى هذا مرة ثانية ثم اقض اليوم الذي فاتك من العام الماضي؛ لقوله تعالى: فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [البقرة:184].
السؤال: اشتغلت سنتين في المملكة العربية السعودية وأنا أعبد الله حتى جاء يوم سفري إلى المغرب وهناك سألت إمام المسجد، وقلت له: لماذا لا تذهب مع الجنازة إلى المقبرة؟ فأجابني وقال: لا يجوز الذهاب مع الجنازة لأنها حرام، وهذا الإمام يصلي بالجماعة في المسجد وليس متزوجاً هل يجوز له الصلاة بالجماعة أم لا؟
الجواب: اتباع الجنازة سنة؛ لأنه من حق المسلم على المسلم، وفيه أجر عظيم حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( من شهد الجنازة حتى يُصلى عليها فله قيراط، ومن شهدها حتى تدفن فله قيراطان، قيل: وما القيراطان يا رسول الله؟ قال: مثل الجبلين العظيمين)، وفي رواية: ( أصغرهما مثل أحد)، فينبغي للإنسان أن يحرص على اتباع الجنائز ولو تكرر ذلك في اليوم أكثر من مرة أو مرتين؛ لأنه كلما عمل ازداد له الأجر، ولهذا لما حُدِّث ابن عمر رضي الله عنهما بهذا الحديث قال: لقد فرطنا في قراريط كثيرة، ثم بدأ يتبع الجنائز رضي الله عنه.
وقول الإمام: إن اتباع الجنازة حرام. لا أدري ما هو السبب في قوله هذا؛ لأني أستبعد أن يكون أحدٌ من المسلمين يجهل حكم هذه المسألة حتى يظن أنه حرام، ولعل الإمام يرى أن هذا الميت ليس مسلماً، ومن المعلوم أن اتباع جنازة غير المسلم محرم لا يجوز، فلعله يرى هذا، ولكني أقول للإمام هذا ولغيره: إذا عُرضَتْ جنازة والإنسان يشك في كونه مسلماً سواء من الأجانب الذين لا نعرف عن حالهم شيئاً إلا أنه مسلم أو كان من المواطنين الذين كثر في بعضهم النفاق وكثر في بعضهم الردة كترك الصلاة مثلاً، فإن الإنسان إذا قدمت له جنازة على هذا الوجه الذي يشك فيه، فإن ثمت طريقاً يتمكن فيه من الخلاص وذلك بأن يشترط، فيقول إذا تقدم للصلاة عليها وأراد الدعاء لها يقول: اللهم إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه وعافه إلى آخره... فيستثني ويشترط، ويدل لهذا أن الاشتراط في الدعاء واقع في القرآن، ففي آيات اللعان يقول الرجل: أَنَّ لَعْنَةَ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كَانَ مِنَ الْكَاذِبِينَ [النور:7]، وتقول المرأة: أَنَّ غَضَبَ اللَّهِ عَلَيْهَا إِنْ كَانَ مِنَ الصَّادِقِينَ [النور:9]، فُعَلِّق الدعاء بالشرط فكذلك هنا، وقد ذكر ابن القيم رحمه الله عن شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وأنه سأله عن أشياء منها: أنه قدم إلى شيخ الإسلام ابن تيمية أموات يجهل حالهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم في المنام: عليك بالشرط يا أحمد ، و أحمد اسم شيخ الإسلام ابن تيمية ومعناه: اشترط عند الدعاء له إن كان مؤمناً فاغفر له وارحمه، وبهذا يتخلص من الشك أو الإثم إن صلى عليه وهو غير مسلم.
إذاً: أجبنا على الشق الأول وهو اتباع الجنازة، وبينا أنه سنة وأن فيه أجراً كبيراً.
السؤال: ما حكم صلاة أو إمامة غير المتزوج؟
الجواب: إمامة غير المتزوج لا بأس بها، فيجوز للإنسان أن يؤم وهو لا يتزوج ويكون المأموم متزوجاً، بل إن القول الراجح أنه يجوز أن يكون الإمام صغيراً لم يبلغ أن يصلي بأناس بالغين فريضة ونافلة؛ لأنه ثبت في صحيح البخاري أن عمرو بن سلمة الجرمي رضي الله عنه أمَّ قومه وهو ابن ست أو سبع سنين في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله)، وهذا عام، واشتراط البلوغ في إمامة الفريضة لا دليل عليه، والصواب أنه يجوز لغير البالغ أن يؤم البالغين.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |