العبادة في رمضان


الحلقة مفرغة

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده:

إن شهر رمضان هو شهر القرآن، فيه يفتح الناس المصاحف بعد هجر طويل، وفيه ينفض الغبار عن تلك المصاحف التي ركنت في البيوت، وعلى الأرفف، وفي بعض المساجد، فتفتح بعد غلق طويل، وينفض الغبار عنها، فإذا الصائمون يفتحون المصاحف؛ ليستعيذوا بالله من الشيطان الرجيم ثم يعكفون على قراءته، وللناس في قراءة القرآن أخطاء ومثالب سوف أنبه عليها.

أولاً: يا عبد الله! اعلم أن شهر رمضان شهر قرآن لا شهر جرائد وقصص، ولا حكايات وأخبار لا معنى لها ولا فوائد منها، رمضان شهر القرآن، قال تعالى: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ [البقرة:185] لِمَ؟ هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185] هدى للناس.

يا عبد الله: كم من رجل وكم من امرأة سمع آية من كتاب الله فهداه الله، قال تعالى: هُدىً لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ [البقرة:185].

هذا أحد الصحابة يسلم بعد أن كان مشركاً، أتى إلى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن في الخلق أبغض عنده من رسول الله عليه الصلاة والسلام، فاقترب فإذا النبي عليه الصلاة والسلام يصلي في الناس صلاة المغرب، وهذا المشرك ينتظره متى يتم الصلاة، فينفرد به ليقتله، والنبي عليه الصلاة والسلام يقرأ سورة الطور في صلاة المغرب فيصل إلى قوله جل وعلا: أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخَالِقُونَ [الطور:35] ففكر جبير.. إي والله أم خلقوا من غير شيء .. فكر بنفسك -يا عبد الله- هل خلقت من عدم؟ لا. أم خلقت نفسك؟ أَمْ خَلَقُوا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بَلْ لا يُوقِنُونَ [الطور:36] أم أنت الذي خلقت السماوات، أم أنت الذي خلقت الأرض؟ كلا.

إذاً لا بد أن هناك خالقاً، فإذا به يسمع هذه الآية فيطير قلبه ويتعلق بالله فيؤمن به جل علا، ويعلن الشهادتين ثم يقول عن نفسه: [فما كان مخلوق أحب إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم].

يا عبد الله: إنه القرآن الذي فتح الله به قلوباً غلفاً، وأعيناً عمياً، وآذاناً صماً، إنه القرآن الذي هدى الله به البشرية.

حال السلف مع القرآن في رمضان

كان الإمام أحمد إذا أقبل رمضان جلس في بيت الله واعتكف على قراءة القرآن، وكلما مر وقت ذهب وتوضأ ثم رجع إلى القرآن يقرؤه ويتلوه.

يا عبد الله: كان الإمام أحمد يترك فتاواه ومسائله ومجالس العلم ليعكف على كتاب الله، أما الإمام مالك فإنه إذا أقبل رمضان هجر جميع المجالس حتى مجالس الحديث؛ ليعكف على كتاب الله، وهذا الإمام الشافعي عليه رحمة الله كان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. وهذا الإمام الزهري يقول: شهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام لا ثالث.

فشهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام لا غير هذا.

فضل تدبر القرآن والعمل بأحكامه

عبد الله: إن كثيراً من الناس -وهذه بعض أخطائهم- ليقرأ القرآن فيكون همه أن يختم القرآن ختمتين أو ثلاثاً في رمضان، هذا هو همه. فهل استفاد من قراءته؟ لا. هل اعتبر من قراءته؟ لا. هل ترسل وتدبر؟ لا. هل فهم وعقل؟ لا والله.

تجد بعض الناس يقرأ القرآن والقرآن يلعنه، يقرأ قول الله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] وتجده يعق والديه، يقرأ قول الله: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] وإذا به يقطع أرحامه. يقرأ قول الله: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:278] ثم يخرج من المسجد إلى بنوك ربوية يتعامل معها. يقرأ قول الله: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم [الحجرات:11] ثم يسخر من أصحابه وزملائه.. يقرأ قول الله ويخالفه، ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه.

عبد الله: والله لأن تقرأ في رمضان جزءاً واحداً بتدبر وتعقل وتفهم، وتطبيق لأحكامه خير لك من أن تختم القرآن عشرين ختمة ولم تعقل منه شيئاً، يقول الله: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] فالله أنزل القرآن لنتدبر الآيات ونتذكر ونتعقل، أما أن نقرأ القرآن هذاً وننثره نثراً، فلم ينزل الله القرآن لهذا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

كان بعض السلف يقوم الليل كله بآية واحدة يتدبرها ويعقلها ويفهم معناها، وهذا سيد الأنبياء وإمام المرسلين عليه الصلاة والسلام يقوم الليل كله بآية واحدة: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118].

القرآن يقرأ للتدبر، ويسمع بإنصات للتعقل والاستجابة لأحكامه والعمل بها. فكم من الناس يتدبر بل لعله يبكي ثم لا يستجيب لآيات الله وأحكامه، ولا يطبق كلام الله على نفسه وأهل بيته ومجتمعه.

يا عبد الله: ما أنزل الله عز وجل القرآن لهذا، فهذا ابن عمر عليه رحمة الله درس سورة البقرة وحفظها وعقلها في ثماني سنوات، فثماني سنوات يتدارس سورة البقرة، وهي سورة واحدة لعل بعضنا يقرؤها في ساعة أو ساعتين وابن عمر درسها في ثمان سنوات؛ فكان إماماً فقيهاً عالماً عابداً زاهداً، عقل معنى سورة البقرة، وسورة البقرة ليست كأي سورة فإنها من أعظم السور، وهي التي لا تستطيعها البطلة، يعني: السحرة.

يا عبد الله: القرآن يقرأ بتمهل وتدبر وتعقل واعلم -يا عبد الله- أن لك بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ومن الناس من تضاعف الحسنة إلى أكثر من عشر حسنات، فإذا حسبت بعض السور لربما تكون لك بالملايين لو عقلت وتدبرت.

فرمضان شهر قرآن لا شهر لعب، وزمر وطرب، ومباريات ونوادٍ، ولهو ورقص ومجون، وفسق وفجور، وتجول في الأسواق وأكل وشرب، ثم يخرج رمضان ولم نستفد منه شيء.

رمضان شهر القرآن -يا عباد الله- فالله الله أن نعتكف في بيوت الله، وأن نتدارس كلام الله، وأن نستمع آيات الله، وأن نعرف معاني كلام الله، وأن نطبق كلام الله في بيوتنا وأهلينا وعلى أنفسنا، فإذا خرج رمضان نكون حقاً قد استفدنا من رمضان، ومن كلام الله جل وعلا.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

كان الإمام أحمد إذا أقبل رمضان جلس في بيت الله واعتكف على قراءة القرآن، وكلما مر وقت ذهب وتوضأ ثم رجع إلى القرآن يقرؤه ويتلوه.

يا عبد الله: كان الإمام أحمد يترك فتاواه ومسائله ومجالس العلم ليعكف على كتاب الله، أما الإمام مالك فإنه إذا أقبل رمضان هجر جميع المجالس حتى مجالس الحديث؛ ليعكف على كتاب الله، وهذا الإمام الشافعي عليه رحمة الله كان يختم القرآن في رمضان ستين ختمة. وهذا الإمام الزهري يقول: شهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام لا ثالث.

فشهر رمضان شهر قرآن وإطعام طعام لا غير هذا.

عبد الله: إن كثيراً من الناس -وهذه بعض أخطائهم- ليقرأ القرآن فيكون همه أن يختم القرآن ختمتين أو ثلاثاً في رمضان، هذا هو همه. فهل استفاد من قراءته؟ لا. هل اعتبر من قراءته؟ لا. هل ترسل وتدبر؟ لا. هل فهم وعقل؟ لا والله.

تجد بعض الناس يقرأ القرآن والقرآن يلعنه، يقرأ قول الله: وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً [البقرة:83] وتجده يعق والديه، يقرأ قول الله: فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ [محمد:22] وإذا به يقطع أرحامه. يقرأ قول الله: وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبا [البقرة:278] ثم يخرج من المسجد إلى بنوك ربوية يتعامل معها. يقرأ قول الله: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْم [الحجرات:11] ثم يسخر من أصحابه وزملائه.. يقرأ قول الله ويخالفه، ورب قارئ للقرآن والقرآن يلعنه.

عبد الله: والله لأن تقرأ في رمضان جزءاً واحداً بتدبر وتعقل وتفهم، وتطبيق لأحكامه خير لك من أن تختم القرآن عشرين ختمة ولم تعقل منه شيئاً، يقول الله: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ [ص:29] فالله أنزل القرآن لنتدبر الآيات ونتذكر ونتعقل، أما أن نقرأ القرآن هذاً وننثره نثراً، فلم ينزل الله القرآن لهذا: أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَى قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا [محمد:24].

كان بعض السلف يقوم الليل كله بآية واحدة يتدبرها ويعقلها ويفهم معناها، وهذا سيد الأنبياء وإمام المرسلين عليه الصلاة والسلام يقوم الليل كله بآية واحدة: إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [المائدة:118].

القرآن يقرأ للتدبر، ويسمع بإنصات للتعقل والاستجابة لأحكامه والعمل بها. فكم من الناس يتدبر بل لعله يبكي ثم لا يستجيب لآيات الله وأحكامه، ولا يطبق كلام الله على نفسه وأهل بيته ومجتمعه.

يا عبد الله: ما أنزل الله عز وجل القرآن لهذا، فهذا ابن عمر عليه رحمة الله درس سورة البقرة وحفظها وعقلها في ثماني سنوات، فثماني سنوات يتدارس سورة البقرة، وهي سورة واحدة لعل بعضنا يقرؤها في ساعة أو ساعتين وابن عمر درسها في ثمان سنوات؛ فكان إماماً فقيهاً عالماً عابداً زاهداً، عقل معنى سورة البقرة، وسورة البقرة ليست كأي سورة فإنها من أعظم السور، وهي التي لا تستطيعها البطلة، يعني: السحرة.

يا عبد الله: القرآن يقرأ بتمهل وتدبر وتعقل واعلم -يا عبد الله- أن لك بكل حرف حسنة والحسنة بعشر أمثالها، ومن الناس من تضاعف الحسنة إلى أكثر من عشر حسنات، فإذا حسبت بعض السور لربما تكون لك بالملايين لو عقلت وتدبرت.

فرمضان شهر قرآن لا شهر لعب، وزمر وطرب، ومباريات ونوادٍ، ولهو ورقص ومجون، وفسق وفجور، وتجول في الأسواق وأكل وشرب، ثم يخرج رمضان ولم نستفد منه شيء.

رمضان شهر القرآن -يا عباد الله- فالله الله أن نعتكف في بيوت الله، وأن نتدارس كلام الله، وأن نستمع آيات الله، وأن نعرف معاني كلام الله، وأن نطبق كلام الله في بيوتنا وأهلينا وعلى أنفسنا، فإذا خرج رمضان نكون حقاً قد استفدنا من رمضان، ومن كلام الله جل وعلا.

أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.

الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده.

أما بعد:

أيها الإخوة في الله: كان عليه الصلاة والسلام من أحسن الناس خلقاً، وكان خلقه في رمضان يزداد حسناً، فقد كان عليه الصلاة والسلام أجود وأكرم الناس بماله وخلقه وسعة صدره، وكان أجود ما يكون في رمضان، وكان جبريل يأتيه فيدارسه القرآن، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة، وكان يقول لأصحابه: (الصوم جنة، فإذا كان صوم يوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب) يحفظ لسانه ولا يرفع صوته ولا يشتم ولا يكذب ولا يغتاب قال صلى الله عليه وسلم: (فإن سابه أحد، أو شتمه -اعترض عليك إنسان أو ظلمك أو سبك- فإن سابه أحد أو شتمه فليقل إني امرؤ صائم) إني امرؤ صائم.. حدث بها نفسك يا عبد الله، فكلما نظرت إلى امرأة حدث نفسك وقل: إني صائم ألا تستحي؟ ألا تتقي الله؟ إذا دعتك نفسك لسماع الأغنية أو النظر إلى فيلم أو مسلسل أو بعض المحرمات فحدث نفسك وقل: إني امرؤ صائم.

يا عبد الله: إذا دعتك نفسك إلى فجور أو معصية فحدثها وقل إني امرؤ صائم.

كم من الناس أثناء نهار رمضان لا يتحمل أحداً؛ فإذا عارضه أحد سبه وشتمه بحجة أنه صائم! وإذا كان في عمله فأتاه مراجع يسأله فإذا به يغلظ عليه بالكلام ولربما يطرده من مكتبه، وكم من الناس من يأتي إلى زوجته فإذا رأى خطأً في البيت أو الأولاد فلربما يتعدى من اللسانه إلى الضرب باليد، ولربما يشتم، ولربما يغضب وكأنه لم يصم أحد قبله ولا بعده، وكأنه الصائم الأول والأخير.