فتاوى نور على الدرب [84]


الحلقة مفرغة

السؤال: شاب توفي والده قبل وفاة جده، وللجد ابنة وزوجة وابن ابن، فالمعروف أن للزوجة الثمن، ولكن كم يكون نصيب ابنته وابن ابنه؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين.

المفهوم من هذه المسألة أن الأب توفي ولم يرد السائل أن يسأل عن كيفية توزيع تركة الأب، ثم توفي الجد عن زوجة وابنة وابن ابنٍ، ولعل ابن الابن هو هذا الابن الذي هو الشاب، فللزوجة كما قال السائل: الثمن لوجود البنت، وكذلك لوجود ابن الابن، ويكون للبنت النصف، ويكون لابن الابن الباقي، فالمسألة من ثمانية: للزوجة الثمن واحد، وللبنت النصف أربعة، والباقي ثلاثة تكون لابن الابن.

السؤال: أنا شابٌ أعيش في إحدى قرى اليمن، وتقام كل صلاةٍ في وقتها ما عدا صلاة العصر، فإنهم يصلونها تمام العاشرة بتوقيت غروبي، أي: بعد أذان المدن بساعة، فهل هذا جائزٌ أم لا؟

الجواب: الواجب أن تصلى جميع الصلوات في أوقاتها، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أن صلاة العصر إلى اصفرار الشمس، فلا يجوز تأخير العصر إلى اصفرار الشمس إلا لعذر، فإذا كان ثمة عذرٌ فإنه يدرك وقتها بإدراك ركعةٍ قبل غروب الشمس.

وعلى هذا يلاحظ هؤلاء القوم الشمس إذا صلوها قبل أن تصفر، أي: إذا صلوا العصر قبل أن تصفر الشمس فلا حرج عليهم في ذلك؛ لأنهم صلوها في وقتها، وإن أخروها حتى تصفر الشمس فهذا حرامٌ عليهم.

السؤال: ما الحكم في الرجل يقبل المرأة ويعمل بها كل شيء ما عدا الزنا؟ وما كفارة ذلك؟ كما نرجو من فضيلتكم أن ترشدونا إلى كتبٍ تذكر ذلك حيث أن كثير من الشباب في قريتنا مبتلون بذلك، ومرادي أن أقوم بالنصح لهم أفيدونا جزاكم الله عنا خير الجزاء، وأعانكم على نشر دعوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.

الجواب: هذا العمل الذي ذكرته أيها السائل حرامٌ عليهم؛ لأن الله تعالى يقول: وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ [المؤمنون:5-7].

ويقول سبحانه وتعالى: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا [الإسراء:32]. فتأمل قوله: وَلا تَقْرَبُوا الزِّنَى [الإسراء:32]،لم يقل: ولا تزنوا، لأجل أن يتناول ذلك كل ما كان سبباً ووسيلةً إلى الزنا، وهذا الذي عملوه هو من زنا اليد باللمس، ومن زنا العين بالنظر، ومن زنا الرجل بالمشي، فهذا حرامٌ عليهم، وعليهم أن يتوبوا منه، ويجب على ولاة الأمور تعزير هؤلاء وتأديبهم بما يردعهم وأمثالهم ويحول بينهم وبين هذه المعصية، ولم يحرم الرسول عليه الصلاة والسلام الخلوة بالمرأة الأجنبية إلا خوفاً من هذا وأمثاله، فأنت -وفقك الله- انصحهم بما يجب عليك وحذرهم من هذا. وأما الكتب التي تذكر ذلك فهي كتب التفسير وكتب الأحاديث، وكتب الفقه كلها ولله الحمد مصرحةٌ في تحريم هذا الشيء، وأنه لا يجوز ولا يحل.

السؤال: هل يجوز للرجل أن يؤم النساء من محارمه مثل أمه وزوجته وأخته أم لا؟

الجواب: نقول: نعم، يجوز أن يؤم هؤلاء النساء، ولكن لا يجوز أن يتخلف عن الجماعة من أجل الصلاة بهن، فإن الواجب عليه أن يصلي مع الجماعة، لكن لو تخلف عن الجماعة لعذرٍ وأراد أن يصلي بهن فلا حرج عليه في هذا.

السؤال: هل يجوز للمصلي في بيته أن يصلي بملابس النوم مثل الفوطة والبيجامة والبنطلون ونحو ذلك، وإنني أقصد بذلك قيام الليل؟

الجواب: كل ثيابٍ طاهرة مباحة إذا كانت تستر العورة فإنه تجوز الصلاة بها ولو كانت في ثياب النوم، ولا يشترط ثيابٌ معينة إلا أنه لا بد أن تكون الثياب طاهرةً ومباحة وساترة، فإذا توفرت هذه الشروط فلا بأس أن يصلي بها.

السؤال: الأخوات من الرضاعة، هل هي تمثل كل أبناء الأم المرضعة قبل وبعد الرضاعة، أم هي مقتصرة على الذي بعد الرضاعة فقط؟

الجواب: إذا ارتضع الطفل من امرأة خمس رضعاتٍ فأكثر قبل الفطام صار ولداً لها وولداً لزوجها الذي منه هذا اللبن، فإذا كان كذلك فإن جميع أولاد هذه المرأة التي أرضعته إخوة له الذين قبل والذين بعد، حتى والذين من زوجٍ آخر، لو مات زوجها ثم تزوجت بعده فإنهم يكونون إخوة له، كذلك أيضاً هذا المرتضع يكون أخاً لأولاد زوج المرضعة ولو كانوا من غيرها؛ لأنه صار ابناً للمرضعة وابناً لصاحب اللبن، فجميع أولاد المرضعة إخوة له وجميع أولاد صاحب اللبن إخوة له أيضاً.

السؤال: من المعروف أن تربية اللحية للرجال سنةٌ مؤكدة، ولكن إذا كان زوجته أو كانت زوجة الرجل تقول: لازم تحلق لحيتك وإلا لا أمكنك من نفسي، أرجو أن تتحدثوا عن هذا الموضوع بإمعان، مع العلم أنني ممن هو واقعٌ في ذلك مع زوجتي بحيث أقنعتها ولم تقتنع، وحتى تقول: إنني مستعدة أشارعك في ذلك، هذا مع شكري وتقديري.

الجواب: لا يجوز للرجل أن يراعي أحداً بالطاعة في معصية الله، فلا يطيع زوجته ولا أمه ولا أباه ولا من ولي عليه في معصية الله أبداً؛ لأنه ( لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )، وحلق اللحية محرم مخالفٌ لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي الأنبياء من قبله وهدي المسلمين عموماً، فإنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( خالفوا المجوس وفروا اللحى وحفوا الشوارب). وثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان كث اللحية، وقال هارون لأخيه موسى: يَبْنَؤُمَّ لا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلا بِرَأْسِي [طه:94].

وأخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن إعفاء اللحية من الفطرة التي فطر الناس عليها، فيحرم على الرجل أن يحلق لحيته حتى وإن اعتاد الناس ذلك، حتى وإن طالبته زوجته بهذا، حتى ولو هددته بأن تشارعه، وهو إذا شارعها فإن المحكمة الشرعية التي تحكم بشريعة الله لن تمكنها من أي عملٍ ينافي الزوجية بسبب هذا التمسك بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم.

أما هذه الزوجة: فإني أنصحها بأن تتقي الله عز وجل في زوجها، وأن لا تأمره بمعصية الله عز وجل، فإنها إذا أمرته بمعصية الله كانت آثمة وإن لم يفعل المعصية؛ لأنها تحب منه أن يفعلها وهو لا يجوز له أن يوافقها في ذلك.

السؤال: إذا اتصل الرجل بزوجته ولامسها حيث يكون الاتصال بالزوجة جنسياً، وجاء وقت الصلاة ثم قام وتوضأ ثم صلى، هل تصح صلاته؟ مع أنني اتصلت بزوجتي في الفراش وقمت يعني: في الليل ولامستها، ثم جاء وقت صلاة الصبح فقمت وتوضأت حيث أديت الوضوء بصورة كاملة، ثم صليت، فهل صلاتي صحيحة أم علي إعادتها؟

الجواب: إذا كانت المباشرة موجبة للغسل فإن صلاتك هذه غير صحيحة، وعليك إعادتها بعد الغسل، وإذا كانت هذه المباشرة لا توجب الغسل فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك توضأت في حالٍ لا يجب عليك سوى الوضوء، والمباشرة التي توجب الغسل هي واحدةٌ من أمرين: إما جماع وإن لم يحصل إنزال، فمتى جامع الرجل زوجته فإنه يجب عليه وعليها الغسل سواءٌ حصل الإنزال منهما أو لم يحصل لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل) زاد مسلمٌ : ( وإن لم ينزل) .

الأمر الثاني الذي يجب به الغسل: الإنزال، فمتى أنزل الإنسان وجب عليه الغسل سواءٌ عن جماعٍ أو مباشرة أو تذكر أو أي شيء كان متى أنزل، أي: دفق المني بشهوة فعليه الغسل، وفي هذه الحال قد يجب الغسل على المرأة دون الرجل، وقد يجب على الرجل دون المرأة، وقد يجب عليهما جميعاً، فإذا حصل الإنزال من الرجل دون المرأة فإن عليه الغسل وحده وليس عليها غسل، وإذا أنزلت هي دون الرجل فعليها الغسل دون الرجل، وإذا أنزلا جميعاً فعليهما جميعاً الغسل، وهذه الصورة كما عرفنا سابقاً إذا كانت بدون إيلاج، أما الإيلاج فهو موجبٌ للغسل عليهما جميعاً، وإن لم يحصل إنزال.

السؤال: هل يجوز للمؤمن أن يتزوج أخت زوجته مع أنها راضيةٌ بذلك؟

الجواب: لا يجوز للمسلم أن يتزوج أخت زوجته ولا عمتها ولا خالتها لقول الله تعالى: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ [النساء:23] إلى قوله: وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الأُخْتَيْنِ [النساء:23]، وحتى لو رضيت بذلك فإنه لا يجوز الجمع بينهما، وكذلك لا يجوز الجمع بين المرأة وعمتها، وبين المرأة وخالتها لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها)، حتى لو رضي الجميع بذلك.

السؤال: إذا توفي الإنسان هل يذهب إلى الجنة أو إلى النار بعد وفاته، أو يبقى في القبر إلى يوم القيامة؟ نرجو توضيح ذلك مع إضافة بعض المعلومات عن ذلك، وشكراً لكم.

الجواب: أما جسم الميت فإنه يبقى في الأرض في المكان الذي دفن فيه إلى يوم القيامة، قال الله تعالى: وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُمْ مِنَ الأَجْدَاثِ إِلَى رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ [يس:51]، وقال تعالى: وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ [المؤمنون:100].

فهو باقٍ في الأرض، وأما روحه فإنها تكون في الجنة أو تكون في النار، قال الله تبارك وتعالى: الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ طَيِّبِينَ يَقُولُونَ سَلامٌ عَلَيْكُمُ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]، فبين أن هذا القول يكون عند الوفاة، ومعنى ذلك: أنهم يدخلون الجنة يوم وفاتهم، وهذا لا يكون إلا للروح، لا يكون للبدن، وقد ثبت في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت في قبره المؤمن إذا كان مؤمناً يفتح له باب إلى الجنة ويأتيه من روحها ونعيمها.

وأما الكافر: فإن روحه أيضاً يذهب بها إلى العذاب، قال الله تعالى عن آل فرعون: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا غُدُوًّا وَعَشِيًّا وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46]، وفيها قراءة: (أُدْخُلُوا آلَ فِرْعَوْنَ)، وفيها: وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ [غافر:46].

وقال تعالى: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً [النساء:97].

وقال تعالى: وَلَوْ تَرَى إِذْ يَتَوَفَّى الَّذِينَ كَفَرُوا الْمَلائِكَةُ يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وَأَدْبَارَهُمْ وَذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ * ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ [الأنفال:50-51].

فهذا دليل على أن الميت المؤمن يلقى جزاءه في الجنة من يوم موته، والكافر يلقى عذابه في النار من يوم موته، وهذا بالنسبة للروح، أما البدن فإنه يبقى في الأرض إلى يوم القيامة، وقد تتصل الروح به معذبةً أو منعمة كما تدل على ذلك الأحاديث.