خطب ومحاضرات
فتاوى نور على الدرب [40]
الحلقة مفرغة
السؤال: الرجل إذا توفي وضعوا عند قبره قراءٌ للقرآن بالأجرة إلى يوم الجمعة هل يستفيد الميت من هذه القراءة على قبره وهل هذه القراءة جائزة أم لا؟
الجواب: هذا العمل من الأمور المنكرة التي لم تكن معروفةً في عهد السلف الصالح وهو الاجتماع عند القبر والقراءة.
وأما كون الميت ينتفع بها، فإننا نقول: إن كان المقصود انتفاعه بالاستماع فهذا منتفٍ؛ لأنه قد مات، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ( إذا مات العبد انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به من بعده، أو ولد صالح يدعو له)، فهو وإن كان يسمع -إذا قلنا: بأنه يسمع في هذه الحال- فإنه لا ينتفع؛ لأنه لو انتفع لزم منه ألا ينقطع عمله، والحديث صريح في حصر انتفاع الميت بعمله بالثلاث التي سبق وسقنا الحديث بها.
وأما إذا كان المقصود انتفاع الميت بالثواب الحاصل للقارئ، بمعنى: أن القارئ ينوي بثوابه أن يكون لهذا الميت، فإذا تقرر أن هذا من البدع فالبدع لا أجر فيها بل ( كل بدعةٍ ضلالة) كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يمكن أن تنقلب الضلالة هداية.
ثم إن هذه القراءة وحسب فحوى السؤال تكون بأجرة، والأجرة على الأعمال المقربة إلى الله باطلة، والمستأجر للعمل الصالح إذا نوى بعمله الصالح هذا الصالح من حيث الجنس، وإن كان من حيث النوع ليس بصالح كما سأبين إن شاء الله.
إذا نوى بالعمل الصالح أجراً في الدنيا فإن عمله هذا لا ينفعه ولا يقربه إلى الله ولا يثاب عليه؛ لقوله تعالى: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ [هود:15-16].
فهذا القارئ الذي نوى بقراءته أن يحصل على أجرٍ دنيوي نقول له: هذه القراءة غير مقبولة بل هي حابطة ليس فيها أجرٌ ولا ثواب، وحينئذٍ لا ينتفع الميت بما أهدي إليه من ثوابها لأنه لا ثواب فيها.
إذاً: فالعملية إضاعة مال وإتلاف وقت وخروجٌ عن سبيل السلف الصالح رضي الله عنهم، لا سيما إن كان هذا المال المبذول من تركة الميت وفيها قصار وصغار وسفهاء، فيؤخذ من أموالهم ما ليس بحق فيزداد الإثم إثماً. والله المستعان.
السؤال: هناك بعض الناس بعد أن يدفن الميت يبقون عند قبره مدة، يستغفرون الله ويذكرون الله ويتكلمون أيضاً مع الميت، ويتمسكون بقصة عمرو بن العاص الذي طلب من مشيعيه أن يبقوا عند قبره مدة نحر الجزور، فما حكم هذا العمل؟
الجواب: أما الوقوف عند القبر والاستغفار له وسؤال التثبيت للميت، فهذا كان من هدي النبي صلى الله عليه وسلم، أنه إذا فرغ من دفنه وقف عليه وقال: ( استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل).
وأما ما ذكر عن عمرو بن العاص رضي الله عنه فإن هذا من الأمور الاجتهادية الذي يعتبر هدي غيره مخالفاً لها؛ لأن ذلك لم يفعله أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي فهو رضي الله عنه يقول لمن خاطبهم بالبقاء عنده: لعلي أستأنس بكم حتى أراجع رسل ربي -يعني: الملائكة الذين يسألون الميت- فهذا مجرد اجتهادٍ منه رضي الله عنه قد يوافق عليه وقد لا يوافق، لكن ليس على الصورة التي سأل عنها هذا السائل.
مداخلة: هل صحيح أنهم إذا ظلوا يقرءون على قبره إلى يوم الجمعة فإن الجمعة تعطيه للأخرى إلى يوم القيامة ولم يعد يحاسب في القبر؟
الشيخ: هذا ليس بصحيح؛ لأن أصل هذا العمل -كما أسلفنا- ليس من السنن بل هو من البدع، والبدعة لا تفيد شيئاً لا تقرباً إلى الله ولا نتائج في الثواب والأجر.
السؤال: إذا توفي الرجل فإن أهله يعطون صدقة قمحاً أو دراهم ويدعون بأنها سقوط للصلاة، فهذه الصدقة التي يدفعها أهل الميت هل تسقط من فروضه الخمسة في اليوم والليلة شيئاً أم لا؟
الجواب: لا تسقط شيئاً، وكونه يتصدق عما فرط فيه من الصلوات هذا أيضاً أمرٌ بدعي، لأن الصلاة لا تقضى عن الميت لا بعينها ولا ببدلها، وإنما يستغفر له إذا كان فرط فيها ولم يصل إلى حد الكفر، فإنه يستغفر له لعل الله أن يتوب عليه.
أما الصدقة للميت لا من أجل أنها بدلٌ عن الصلاة فهذه جائزة، ولكنها ليست من الأمور المطلوبة، ففي صحيح البخاري : ( أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله! إن أمي افتلتت نفسها وأظنها لو تكلمت لتصدقت أفأتصدق عنها؟ قال: نعم).
فهذا دليل على أن الصدقة ينتفع بها الميت، لكن لا تجعل -كما ذكر السائل- بديلاً عن صلاة مفروضة عنه.
السؤال: إن زوجتي تلبس ملابس زينتها إذا أرادت أن تذهب لأحد أو يأتينا أحد رغم أني أنهاها عن ذلك ولكن بدون فائدة، فما حكم ذلك؟
الجواب: لا بأس للمرأة أن تتجمل وتتزين لنظيراتها من النساء إذا لم يخشَ من ذلك فتنة، ولا ينبغي لك أن تنهاها عن هذا الأمر؛ لأن هذا أمرٌ جبلت عليه النساء بل وحتى الرجال؛ فإن الرجل يحب أن يظهر بمظهر الجمال في ثوبه، فكذلك المرأة.
أما إن خشي الفتنة بذلك مثل: أن يكون حولها من يشاهدها من الرجال، أو تكون بعض النساء تنعتها لزوجها -يعني: المرأة تنعت هذه المرأة لزوج المرأة الناعتة- فهذا أيضاً محظور، مثل: أن تقول لزوجها: فلانة عليها كذا وعليها كذا وعليها كذا تنعتها لزوجها كأنما ينظر إليها، فأما إذا لم يكن فيه محظور فليس لك حقٌ في منعها من أن تتجمل بما جرت به العادة أمام صاحباتها.
المقدم: تقول أيضاً إذا أمرتها تقول: إن شاء الله أفعل ولا تفعل فما حكم هذا منها؟
الشيخ: يجب عليها أن تمتثل ما أمرتها به ما لم يكن في ذلك ضررٌ عليها أو معصيةٌ لله ورسوله، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( لو أمرت أحداً أن يسجد لأحدٍ لأمرت الزوجة أن تسجد لزوجها لعظم حقه عليها) ولكن بشرط ألا يكون عليها ضررٌ في ذلك ولا معصيةٌ لله ورسوله، فإن كان في ذلك معصيةٌ لله ورسوله فلا يجوز لها أن توافقك، ولا يجوز لك أيضاً أن تأمرها بذلك، وكذلك إذا كان عليها ضرر فإنه لا يجوز، لأنه ليس من العشرة بالمعروف.
السؤال: ما حكم الشريعة الإسلامية في إنسان تزوج من فتاة وقبل الزواج بشهر تقريباً اجتمع بها وكانت في هذه الحالة قبل زواجها إنسانة خاطئة، وكذلك هو الآخر، فأرجو معرفة حكم الشريعة الإسلامية، وهل يجوز أو يصح زواجهم أم لا؟
الجواب: إذا كان اتصاله بها قبل الدخول وبعد العقد -يعني: قبل إجراء حفل الزواج لكنه بعد العقد- فهذا لا بأس به لأنها زوجته حيث عقد عليها.
وإن كانت مخطوبة وإلى الآن لم يتم العقد فإن هذا حرامٌ عليه وهو زنا؛ لأنها أجنبيةٌ منه حتى يتم عليها العقد.
وفي هذه الحال يجب عليهما جميعاً أن يتوبا إلى الله، فإذا تابا إلى الله ورجعا عما فعلا حلت له، ولكن في هذه الحال لو تزوجها يجب أن يستبرئها بحيضة بمعنى: ألا يجامعها حتى تحيض؛ لأنه يحتمل أن تحمل من الجماع الأول السابق على عقد النكاح، وهذا الولد الذي أتى من الجماع الأول السابق على عقد النكاح يعتبر ولد زنا لا يلحق والده؛ لأنه ليس على عقدٍ شرعي، اللهم إلا أن يكون لهذا الواطئ أو لهذا الرجل شبهة ويعتقد أنه يطؤها على وجهٍ حلال، فإنه يكون حينئذٍ مولوداً من وطئ شبهة وينسب إلى أبيه.
السؤال: ما رأي العلماء في المرأة التي تفطر في رمضان بسبب العادة الشهرية هل يحق لها الإعادة لتلك الأيام التي أفطرتها؟
الجواب: نعم، يجب عليها أن تقضي الأيام التي أفطرتها.
السؤال: ما حكم المرأة التي تسب أولادها ووالدهم غائب؟
الجواب: سب الأولاد من الوالد أو الأم: إن كان على وجهٍ غير محرم كما لو قالت: يا بليد! يا أخرق! وما أشبه ذلك من الكلمات التي لا تصل إلى درجة التحريم فهذا لا بأس به مع وجود سببه.
وإن كان السب على وجهٍ محرم كما لو لعنته أو قذفته فهذا حرامٌ عليها، سواءٌ كان أبوهم حاضراً أم غائباً، وكذلك النسبة للوالد لا يجوز أن يسب أولاده بلفظٍ محرم كأن يقول: لعنكم الله أو يا أولاد الزنا، وما أشبه ذلك، لأن هذا حرام فلا يجوز.
السؤال: ما حكم المرأة التي تخرج دون إذنٍ من زوجها؟
الجواب: إذا كان زوجها حاضراً فلا يجوز لها أن تخرج إلا بإذنه، وإذا كان غائباً فلها أن تخرج ما لم يمنعها ويقول لها: لا تخرجي فإذا منعها فله الحق.
المقدم: هل لها أن تستأذن من أبيه أو أمه في الخروج إذا كان غائباً؟
الشيخ: الأصل أن تخرج ما لم يمنعها، وإذا كان قد منعها قبل أن يسافر قال: لا تخرجي من البيت، أو قال: لا تخرجين لكذا وكذا وعين فإنها لا تخرج ولو أذن لها أبوه وأمه؛ لأن حكمها بيد زوجها لا بيد أبيه وأمه.
المقدم: مثلاً يقول: لا تخرجي إلا لمشورتي، فهل يحل للوالد أو الوالدة إذا غاب محله أم لا؟
الشيخ: لا يحلون محله إلا إذا فوض الأمر عليهما.
استمع المزيد من الشيخ محمد بن صالح العثيمين - عنوان الحلقة | اسٌتمع |
---|---|
فتاوى نور على الدرب [707] | 3913 استماع |
فتاوى نور على الدرب [182] | 3693 استماع |
فتاوى نور على الدرب [460] | 3647 استماع |
فتاوى نور على الدرب [380] | 3501 استماع |
فتاوى نور على الدرب [221] | 3496 استماع |
فتاوى نور على الدرب [411] | 3478 استماع |
فتاوى نور على الدرب [21] | 3440 استماع |
فتاوى نور على الدرب [82] | 3438 استماع |
فتاوى نور على الدرب [348] | 3419 استماع |
فتاوى نور على الدرب [708] | 3342 استماع |